المحاكاة هي تقليد لبيئة معينة من خلال تصور للأنشطة والإجراءات التي تتم في الواقع من فرض العوامل المتغيرة المؤثرة على سير هذه الأحداث، وبما يتوافق مع مثيلتها على الطبيعة، وذلك للوصول إلى أكثر النتائج التي يتوقع حدوثها بطريقة واقعية، وبدون خسائر مادية، من خلال استخدام الأجهزة والوسائل والمعدات، وتقوم المحاكاة بتقديم الحلول للمشكلات التي يصعب حلها رياضياً لكثرة المتغيرات، أو لعدم وجود بيانات وقيم دقيقة، أو لصعوبة قياس هذه المتغيرات على الطبيعة، ويستخدم أسلوب المحاكاة وسيلة لحل مشكلة فرعية، مثل إيجاد قيمة لأحد العوامل المتغيرة، التي يصعب تقديرها، كما يستخدم أسلوب المحاكاة مباشرة في تصوير نظام متكامل مثل المباريات الحربية بجميع أبعادها يتوافق مع شكل المعركة الحقيقية وطبيعتها، وأياً كان الأسلوب المستخدم في تقييم نتيجة أعمال القتال وتحليلها فإنه يتطلب العمل في نموذج بهدف تسجيل مجموعة الإجراءات أو الخطوات أو الأحداث السياسية التي تتبع من وقت استقبال المدخلات الخاصة بكل موضوع يتم تقييمه حتى الوصول إلى المخرج النهائي/ النتيجة لهذا الموضوع، ويستخدم في النموذج الأساليب الرياضية أو أسلوب المحاكاة في تقييم العوامل المؤثرة على أعمال القتال أو الاشتباك، ويتم إجراء هذه الخطوات في النموذج إما يدوياً في حالة توافر الوقت، وبساطة نوع الاشتباك، أو باستخدام الحواسب الآلية؛ والتي تساعد على سرعة الوصول إلى النتائج. وأياً كان الأسلوب المستخدم في إيجاد قيم للعوامل المتغيرة سواء الحل الرياضي أو المحاكاة أو المزج بينهما، فإن الطرق التي تتبع في الأسلوبين تتمثل في:
1. طريقة التقييم الكمي لتحليل بيانات المعارك السابقة.
2. طريقة استخدام معادلات لانكستر المعدلة.
3. إتباع قواعد تقييم لعبة الحرب اليدوية.
ولكل من هذه الطرق خصائصه، ومدى اعتماده على الأسلوب الرياضي، أو أسلوب المحاكاة، وقد تستخدم كل طريقة على حدة في إيجاد نتيجة الاشتباك؛ إلا أنه في كثير من الأحيان يتم استخدام مزيج من هذه الطرق للتقييم والوصول إلى نتيجة الاشتباك، ويتم استخدام الوسائل اليدوية في حالة توافر الوقت، وعدم تعدد المتغيرات المؤثرة على نتيجة الاشتباك، ونظراً للتطور الهائل في إنتاج الحواسب فقد أصبحت حالياً هي الوسيلة الرئيسة لإيجاد نتائج جميع أنواع الاشتباكات خلال فترة زمنية محددة .
(1) طريقة التقييم الكمي.
(أ) يتم حساب معادلات التدمير للأسلحة المختلفة في قوات كل جانب في مسرح العمليات من خلال استخدام معاملات التدمير المحتملة الآتية:
1.معادلة تدمير الأسلحة الثابتة.
معامل التدمير المحتمل = معدل النيران × عدد الأهداف المحتمل قصفها في المرة الواحدة × نسبة التدمير× درجة الدقة للسلاح × معامل نسبة التأخير الناتج عن تأثير العوامل المحيطة على استخدام السلاح.
2.معادلة تدمير الأسلحة ذاتية الحركة.
تضاف مجموعة المعاملات الخاصة بكفاءة الحركة وتأثيرها على استخدام السلاح، وهي:
معامل التدمير المحتمل للمعدة ذاتية الحركة = مجموعة معاملات التدمير للأسلحة الموجودة بالمركبة × معامل خفة الحركة× معامل مدى العمل × معامل تقليل التعرض× معامل إعادة تعمير السلاح × كفاءة السيطرة على النيران × معامل الإمداد بالذخيرة.
(ب) يتم تحديد العوامل المتغيرة التي تؤثر في المعركة، وتنقسم إلى:
3. الظروف المحيطة.
وهي تؤثر على فاعلية الأسلحة مثل أرض المعركة – الطقس ـ مدى الرؤية ـ السيطرة الجوية.
4. موقف العمليات.
وهي تؤثر على استخدامات القوات والأسلحة لكل جانب وتنقسم إلى عوامل ملموسة يسهل وضع معاملات لها، وعوامل غير ملموسة يصعب تقديرها، ويتمثل ذلك في الآتي:
5. العوامل المحسوسة.
وتشمل تأثير الأرض ـ الطقس ـ التفوق الجوي – شكل المعركة هجومي/ دفاعي – الفصل من السنة ـ القدرة على الحركة ـ مدى التعرض ـ عامل المفاجأة.
6. العوامل غير المحسوسة.
تأثير العوامل المختلفة مثل مهارة القادة ـ التدريب ـ الروح المعنوية.
(ج) يتم تغيير معاملات التدمير للأسلحة المختلفة في قوات كل جانب بإدخال عامل تأثير الظروف المحيطة على عامل التدمير للأسلحة، ثم حساب القوة التدميرية المحتملة الإجمالية للقوات المتضادة، ويتوقف ذلك علي الخبرة العملية.
(د) حساب القدرة القتالية النسبية لتحديد الجانب المنتصر نظرياً وفقاً لنسبة التفوق.
(هـ) حساب النتائج الفعلية للمعركة.
(و) المقارنة بين النتائج النظرية التي تم التوصل إليها والنتائج الفعلية التي تحققت.
(ز) إذا كان هناك اختلاف ملموس في النتائج يتم مراجعة المعاملات المختلفة وتعديلها وإعادة التحليل والحسابات حتى الوصول إلى نتائج متقاربة.
(2) طريقة معادلات لانكستر المعدلة.
كانت دراسة لانكستر التي أجراها في غضون الحرب العالمية الأولى تهدف إلى تحليل صورة الحروب في الماضي، خلال تلك الفترة، من أجل تصويرها في معادلات رياضية، وكان هدف هذه الدراسة هو التوصل إلى علاقة بين عدد أفراد القوات المتحاربة ونسبة الكفاءة؛ لإمكان استنتاج الخسائر المتوقعة أثناء سير المعارك وبعدها، وقد أظهرت الدراسة أثر نوع السلاح على تلك العلاقة، وتعذر تطبيق قانون واحد فقط في ظروف استخدام أسلحة مختلفة. وقد وضع لانكستر نتيجة لدراسة قانونين أحدهما القانون الخطي، عندما كان السلاح لا يزيد على السيف، والقانون الآخر هو التربيعي عندما ظهرت الأسلحة النارية، وقد أبرزت دراسة هذه القوانين أهمية استخدام مبدأ الحشد، وهو تركيز عدد كبير من القوات في مواجهة قوة معادية معينة على أساس العلاقة المستنتجة، وكونها خطية أو تربيعية، وقد تناول كثير من العلماء معادلات لانكستر بالتعديل لإبراز الآتي:
(أ) العلاقة بين حجم الخسائر، وحجم القوات التي حدثت بها الخسائر، وخصائص أسلحة الجانب الآخر.
(ب) العلاقة بين حجم الخسائر ودرجة التعرض.
(ج) العلاقة بين حجم الخسائر في الجانب ودرجة تفوق الجانب المضاد.
(د) إدخال الأسلوب الاحتمالي على معادلات لانكستر، والذي يهدف إلى تحديد نهاية صغرى ونهاية كبرى لاحتمالات النصر.
(هـ) تطبيق معادلات لانكستر على القدرات غير المتجانسة.
(د) تطبيق معادلات القتل الثابتة في معادلات لانكستر لإبراز التغير في كفاءة السلاح أثناء المعركة .
(و) تعديل معدلات لانكستر الأصلية لمقابلة ديناميكية المعركة.
(3) الأسلوب اليدوي لتقييم المباريات الحربية.
هو أسلوب عملي وواقعي يتميز بالبساطة، ويحقق الاقتصاد في التكاليف، وعلى الرغم من بساطة هذا الأسلوب إلا أن له بعض الجوانب السلبية، والتي تتمثل في الآتي:
(أ) يستغرق وقتاً طويلاً لإجرائه.
(ب) يتطلب إشراك عدد كبير من القيادات كمحكمين.
(ج) صعوبة الحصول على تحليل إحصائي كامل.
(د) صعوبة الوصول إلى الحل الأمثل للموقف المطلوب تحليله/ دراسته.
(هـ) الاعتماد في نتائجه على مستوى المحكمين وكفاءتهم.
6. نماذج التقييم وبرامج المحاكاة.
يتم تصميم نموذج برنامج التقييم لتحدد الخطوات التي سيتم تنفيذها، إذ يتم تدوين أوامر الاشتباك الصادرة من المتبارين ـ مدخلات النموذج ـ ثم يتم إجراء خطوات الحل الرياضي لتحديد تأثير الأوامر المدخلة على النموذج وعلى البيانات الثابتة، والمخزنة بالحواسب، وبذلك يتم التوصل إلى النتائج النهائية، والذي يمثل نتيجة الاشتباك، ولهذا فإن إمكانات النموذج يجب أن تشمل عـدة بيانات تتمثل في:
أ. بيانات ثابتة.
وتشمل بيانات عن قدرات وإمكانات الأسلحة والمعدات الموجودة لدى القوات المتصارعة والمنظمة طبقاً لتشكيل المعركة، بالإضافة إلى البيانات الثابتة عن الظروف البيئية المحيطة مثل تأثير طبيعة الأرض ـ الطقس ـ المفاجآت ـ الهجوم على دفاعات مجهزة وعاجلة، وعند استخدام الحواسب الآلية لإجراء عملية التقييم يتم تخزين هذه المعاملات في قاعدة البيانات، أما عند الإدارة يدوياً فيتم وضعها في صورة جداول.
ب. بيانات متغيرة.
وتتضمن الاختيارات/القرارات التي يتخذها القائد وهيئة القيادة في تنفيذ مهمة محددة، وتشمل حجم القوة ـ اتجـاه حركتها ـ منقطة الهجوم/الدفاع ـ توقيت الهجوم/الدفاع.
يجب أن تكون مكونات نموذج التقييم والبرامج متضمنة الآتي:
1. تشغيل البيانات عن الموقف أو المعركة.
2. محاكاة الأعمال القتالية .
تنقسم عملية تشغيل البيانات إلى خمس عمليات مرتبطة ببعضها كالآتي:
3. حفظ البيانات الثابتة – البيانات المدخلة.
4. استقبال أوامر المتبارين – الأوامر المدخلة.
5. تحويل الأوامر إلى نتائج،وذلك بمحاكاة الأنشطة العسكرية العملياتية.
6. استقبال النتائج وتسجيلها.
7. تحليل النتائج.
الخلاصة
وبصفة عامة فإن عملية تشغيل البيانات يتم فيها تجميع النتائج التفصيلية والتحليل الإحصائي لكل من البيانات المدخلة والنتائج.أما عن عملية محاكاة الأعمال القتالية فتتم بغرض محاكاة الأنشطة العسكرية المختلفة التي تتم على أرض المعركة وفق ظروف محيطة معينة في صورة نماذج مختلفة تهدف إلى الإمداد بالمعلومات، وتحديد ناتج الأنشطة القتالية لعناصر القتال، ووسائل الاستطلاع المختلفة.
ولتقييم فاعلية القوة كدالة للمتغيرات المؤثرة على أنظمة الأسلحة الرئيسة المختلفة، يجب أن يشمل النموذج جميع أوجه المعركة من محاكاة الصور النيرانية المختلفة سواء كانت للرمي المباشر أو الرمي غير المباشر أو أي أسلحة أخرى، وأيضاً،المساندة الجوية.