ذكرى "هبّة أكتوبر" انتصارا للأقصى.. تعرّف على أبرز محطات نضال فلسطينيي 48 ضد إسرائيل
تمرد فلسطينيو 48 على الحكم العسكري بعد النكبة، وأعطت إسرائيل الأوامر بإطلاق النار على كل فلسطيني هُجّر من مناطقه وحاول العودة، وصادرت مليون دونم من أراضيهم، وأعلنتها مناطق عسكرية مغلقة حوّلت لاحقا للاستيطان.
مظاهرات في مدينة أم الفحم بالمناطق المحتلة عام 1948 (الجزيرة)
2/10/2021
القدس المحتلة- تعود أحداث "هبّة أكتوبر" مطلع أكتوبر/تشرين الأول عام 2000، لتذكّر بمحطة مفصلية في نضال "فلسطينيي 48" ضد إسرائيل، حين قدموا 13 شهيدا، خلال قمع الاحتلال احتجاجاتهم على اقتحام رئيس المعارضة -آنذاك- أرييل شارون لساحات المسجد الأقصى.
وجاءت هذه المظاهرات لتحطم سقف العمل السياسي لفلسطينيي 48 (الفلسطينيون الذين بقوا في أراضيهم المحتلة إبان النكبة عام 1948)، والذين تمردوا على سياسة العصا والجزرة التي اعتمدتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لاحتوائهم وسلخهم عن الشعب الفلسطيني وقضيته.
ورسّخت "هبّة أكتوبر" -قبل 21 عاما- وعي فلسطينيي 48 بهويتهم الوطنية، رغم تهميشهم في اتفاق أوسلو للسلام بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1993، واستثنائهم من أي حل مستقبلي بين الطرفين.
وهنا، ترصد الجزيرة نت أبرز محطات النضال لفلسطينيي 48:
صورة من إحياء فعاليات ومراسم ذكرى شهداء "هبة أكتوبر 2000" (الجزيرة)
من النكبة إلى الحكم العسكري 1966
عاش من تبقى من الفلسطينيين في الأراضي التي احتلتها إسرائيل في نكبة عام 1948 -وبلغ تعدادهم 150 ألفا حينها- تحت أنظمة الطوارئ الانتدابية والحكم العسكري حتى 1966، حيث شرعت إسرائيل في تفكيكه ونقل صلاحياته لجهاز المخابرات والشرطة التي تحكمت بالأمور الاجتماعية والاقتصادية للفلسطينيين، ومنعتهم من تشكيل أي تنظيم سياسي أو جماهيري أو ثقافي.
وتمرد فلسطينيو 48 على الحكم العسكري، وأعطت الحكومة الإسرائيلية الأوامر بإطلاق النار على كل فلسطيني هُجّر ويحاول العودة لبلده، مع مصادرة نحو مليون دونم من أراضيهم، واعتبارها مناطق عسكرية مغلقة حوّلت لاحقا للاستيطان.
فلسطينيو 48 يحيون الذكرى الـ 60 لمجزرة كفر قاسم عام 2016 (الجزيرة)
مجزرة كفر قاسم لتنفيذ الترانسفير
تزامنا مع العدوان الثلاثي على مصر، ارتكبت إسرائيل مجزرة كفر قاسم، إحدى البلدات في الداخل (المناطق المحتلة عام 1948)، وذلك في 29 أكتوبر/تشرين الأول 1956، وأسفرت عن استشهاد 51 من سكان البلدة، بحجة أنهم خرقوا أمر حظر التجوال الذي فُرض على منطقة المثلث الممتدة من أم الفحم إلى كفر قاسم.
وهدفت المجزرة لترهيب فلسطينيي 48، من خلال خطة "ترانسفير" سرية إسرائيلية باسم "عملية الخلد"، لتهجير الفلسطينيين في المثلث إلى الضفة الغربية التي كانت تحت حكم الأردن. بيد أن فضح كواليس المجزرة والتمرد على منظومة الحكم العسكري حال دون ذلك.
وبين الأعوام 1949 و1956، قتلت إسرائيل نحو 3 آلاف فلسطيني غالبيتهم ممن يوصفون بـ"الغائبين الحاضرين" الذين حاولوا العودة إلى قراهم التي هجروا منها بالنكبة، حيث تولت فرقة عسكرية بقيادة أرييل شارون مهمة تنفيذ هذه المجازر.
حرب 1967 والانخراط بالحركة الوطنية
مع حرب يونيو/حزيران 1967 واحتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء والجولان، كسر فلسطينيو 48 حاجز الخوف، بعد أن عزلتهم إسرائيل -منذ النكبة- عن محيطهم العربي، وصادرت علاقتهم بالوطن.
ووجد الفلسـطينيون في الأراضي التي صارت تسمى "إسرائيل" أنفسهم بصلب النضال الفلسطيني وتشـكيلاته الاجتماعية والسياسـية، ومنهم من انخرط في الحركة الوطنية التي تشـكلت في المنفى، فيما انضم آخرون للمقاومة المسلحة، تحت مظلة فصائل منظمة التحرير.
وأطلقوا مبادرات لتنظيم أنفسهم سياسيا وواجهوا بذلك أحزاب سلطة إسرائيل التي حاولت الهيمنة والسطو عليهم، وهو ما أفرز فيما بعد حركات وأحزاب سياسية عربية مستقلة عملت على تعبئة شعبية تمثلت بحركة الأرض، وهي المسيرة التي مهدت لأحداث يوم الأرض.
يوم الأرض
في 30 مارس/آذار 1976، اندلعت أول مواجهة مباشرة لفلسطينيي الداخل مع إسرائيل منذ النكبة، حيث استشهد 6 منهم برصاص القوات الإسرائيلية، واستعانت حينها حكومة إسحاق رابين بقوات من الجيش التي أدخلتها للبلدات العربية لقمع الاحتجاجات.
وجاء ذلك في إطار إضراب شامل أعلنته لجنة الدفاع عن الأراضي التي تشكلت عام 1975، لمواجهة ما عرف بمخطط "تهويد الجليل" وتكثيف الاستيطان بين التجمعات السكنية الفلسطينية بمصادرة 21 ألف دونم منها.
الانتفاضة الأولى
في التاسع من ديسمبر/كانون الأول 1987، انطلقت الانتفاضة الفلسطينية الأولى عقب استشهاد 4 عمال فلسطينيين دهسهم مستوطن إسرائيلي بشاحنته على حاجز بيت حانون "إيريز" شمال غزة.
واختار فلسطينيو 48 مسارا سلميا لدعم الانتفاضة، إذ نظموا مظاهرات وإضرابات لفضح ممارسات الاحتلال. وسيّروا شاحنات إغاثية إلى مناطق الضفة والقدس وقطاع غزة، وقدموا الدعم المالي لعائلات الشهداء والأسرى.
رئيس الحركة الإسلامية بالداخل الفلسطيني الشيخ رائد صلاح (الجزيرة)
الأقصى في خطر
سارعت الحركة الإسلامية في الداخل برئاسة الشيخ رائد صلاح في يوليو/تموز 1996 بافتتاح المصلى المرواني في المسجد الأقصى بالقدس وترميم ساحاته رغم مضايقات الاحتلال. وأطلقت مهرجانا سنويا بعنوان "الأقصى في خطر"، وكشفت النقاب عن وثيقة سرية تدعو لتقسيم الأقصى على أساس طبقي؛ أي ما تحت الأرض لليهود وما فوقها للمسلمين.
وفي 25 سبتمبر/أيلول 1996، شارك فلسطينيو 48 فيما عرف بـ"هبّة النفق"، بعد فتح الاحتلال نفقا أسفل المسجد الأقصى بطول 330 مترا، وامتدت المواجهات مع الاحتلال من شمال فلسطين إلى الضفة وغزة والجنوب، واستمرت 6 أشهر استشهد خلالها 100 فلسطيني.
أحداث الروحة
في 27 سبتمبر/أيلول 1998، قمعت الشرطة الإسرائيلية احتجاجات -لأهالي أم الفحم وبلدات وادي عارة في المثلث الشمالي- على مصادرة أكثر من 20 ألف دونم، تمهيدا لإقامة مستوطنة وكلية عسكرية للجيش الإسرائيلي عليها.
واستمرت المواجهات 4 أيام، حتى تراجعت وزارة الأمن الإسرائيلية عن القرار، وأُرغِمت على توقيع اتفاقية مع الجهات العربية تقضي بإلغاء مصادرة الأراضي، وضم ما يقارب 12 ألف دونم لبلدات وادي عارة، وتفكيك معسكرات التدريب الإسرائيلية في المنطقة.
هبة القدس والأقصى
في 28 سبتمبر/أيلول 2000، اقتحم رئيس المعارضة الإسرائيلية أرييل شارون -برفقة العشرات من عناصر وشرطة الاحتلال- المسجد الأقصى، وكان ذلك الشرارة لاندلاع مواجهات واسعة في الداخل الفلسطيني استمرت 8 أيام، وقتلت إسرائيل برصاصها 13 شابا من الجليل والمثلث.
وشكلت هذه المواجهات الوقود الذي أشعل الانتفاضة الثانية، والتي استمرت 5 أعوام، واستشهد خلالها 4464 فلسطينيا واعتقل قرابة 10 آلاف.
قوانين تمييزية
تصاعد تشريع قوانين عنصرية وتمييزية إسرائيلية ضد فلسطينيي 48، خصوصا بكل ما يتعلق في قضايا الأرض والمسكن، وبرز قانون "برافر" عام 2015 الذي استهدف مصادرة 800 ألف دونم من أراضي النقب، وترحيل سكان 22 قرية بدوية لا تعترف بها إسرائيل.
وشُرّع قانون "كامينتس" عام 2016 الذي يسرع هدم البيوت العربية، ومضاعفة الغرامات وتشديد العقوبات على البناء غير المرخص، وباتت 60 ألف وحدة سكنية عربية تواجه أوامر الهدم الإسرائيلية من أصل 120 ألفا شيدت دون ترخيص.
معركة البوابات في الأقصى
شرعت حكومة الاحتلال في 14 يوليو/تموز 2017 بوضع بوابات إلكترونية على مداخل المسجد الأقصى، ومنعت إقامة صلاة الجمعة فيه لأول مرة منذ احتلاله. وذلك بعد قيام شبان من أم الفحم في الداخل بتنفيذ عملية إطلاق نار أدت إلى مقتل وإصابة جنود إسرائيليين داخل الأقصى.
وبعد اعتصام وحراك شعبي -شارك به المقدسيون وأهالي الداخل واستمر على مدار 14 يوما عند أسوار القدس القديمة- اضطر الاحتلال للتراجع وأزال البوابات الإلكترونية.
اعتصام لعائلة الشهيد موسى حسونة من مدينة اللد (الجزيرة)
هبة مايو/أيار 2021
تصاعد الاعتصام رفضا لإخلاء حي الشيخ جراح في مايو/أيار 2021، وسرعان ما امتد خلال شهر رمضان الأخير، على شكل مواجهات مع الاحتلال إلى بلدات الداخل الفلسطيني التي وقعت على مدار أسبوعين تحت إرهاب عصابات المستوطنين بحماية قوات الأمن الإسرائيلية، ما أسفر عن استشهاد شابين من أم الفحم واللد وجرح المئات، واعتقال قرابة 2500 من فلسطيني 48، وفرض الإقامة الجبرية على العشرات في معركة بقيت دون حسم.
المصدر : الجزيرة نت - محمد وتد