مسودة قانون لتجنيد الحريديم في الجيش يثير الجدل بإسرائيل (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي - عضو مجلس السيادة الانتقالي في السودان (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 1 - عددالزوار : 21 )           »          مقال في "نيويورك تايمز": ترامب فوق القانون (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الجنرال محمد إدريس ديبي - رئيس المجلس الانتقالي في تشاد (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 2417 )           »          الجيش الأحمر.. قصة منظمة زرعت الرعب في ألمانيا واغتالت شخصيات هامة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          البنتاغون: إسرائيل ستشارك في تأمين الميناء المؤقت بغزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          جرائم الحرب (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          جرائم ضد الإنسانية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          التطهير العرقي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          تنظيم الدولة يتبنى هجوم موسكو وسط إدانات دولية ونفي أوكراني بالضلوع فيه (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 63 )           »          احتكاك عسكري بين روسيا وأميركا في القطب الشمالي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          صحيفة روسية: الناتو مستعد للحرب ضد روسيا منذ 10 سنوات (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          ولاية ألاسكا.. تنازلت عنها الإمبراطورية الروسية واشترتها أميركا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 65 )           »          حزب الله يستهدف موقع رادار ومنصتين للقبة الحديدية الإسرائيلية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          بعد عامين من إنشائه.. ما هو حال قراصنة "جيش أوكرانيا الإلكتروني"؟ (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »         



 
العودة   ..[ البســـالة ].. > جـناح الدراســات والبـحوث والقانون > قســــــم الدراســـــات والتـقـاريــر
التعليمـــات قائمة الأعضاء وسام التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة
 


حلف شمال الأطلسي في عامه الستين

قســــــم الدراســـــات والتـقـاريــر


إضافة رد
 
أدوات الموضوع

قديم 05-08-09, 07:56 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي حلف شمال الأطلسي في عامه الستين



 

نظرة استشرافية.. وموقع العالم الإسلامي فيها

حلف شمال الأطلسي في عامه الستين
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

يضع مركز الجزيرة للدراسات بين يدي المتصفح العربي هذا التقرير المعمق عن حلف شمال الأطلسي (الناتو) وموقع العالم العربي والإسلامي منها، وذلك بمناسبة مرور الذكرى الستين على تأسيس هذا الحلف العسكري، على أمل أن يوفر هذا التقرير فهما أعمق وأشمل لدور الناتو على الصعيد العالمي، أو على صعيد المنطقة العربية الإسلامية التي أضحت موضع اهتمام الحلف، خصوصا خلال العشرية الأخيرة.

وحرصا على تقديم مقاربة جادة وبعيون "محلية" لحلف الناتو، كلف المركز ثلاثة باحثين عرب من ذوي الخبرة والاختصاص وهم الدكتور عبد النور بن عنتر، والعميد موسى القلاب، والأستاذ نبيل شبيب، لتناول هذا الموضوع بالبحث والتحليل المعمقين سواء من الزاوية العسكرية الإستراتيجية، أو من زاوية الهوية العامة المؤسسة لحلف الناتو وما طرأ عليه من متغيرات منذ نهاية الحرب الباردة إلى اليوم، إضافة إلى تناول موقع العالم الإسلامي في هذا الحلف.

وقد خلص التقرير إلى مجموعة من الاستنتاجات والتوصيات العامة، علما بأنها لا تعبر بالضرورة عن آراء رسمية بقدر ما هي استنتاجات بحثية عامة يمكن أن يستفيد منها الباحثون وصناع القرار في العالم العربي.

ومن بين الخلاصات التي انتهى إليها التقرير أن الحلف الأطلسي الذي فقد عدوا تقليديا (وارسو) كانت تحشد في وجهه مقدرات القوة العسكرية وتمارس ضده التعبئة الأيدولوجية على امتداد حقبة الحرب الباردة، اتجه فيما بعد إلى تحديد مواطن خطر جديدة لخصها اليوم في: الإرهاب، وأسلحة الدمار الشامل، وانتشار الصواريخ البعيدة المدى، إضافة إلى مصادر خطر أخرى تتجاوز الجانب الأمني العسكري لتطال الجانب الاقتصادي، مثل: الخلل في التوازنات البيئية، وطرق إمدادات الطاقة والمواد الخام، والطرق التجارية، والهجرات الجماعية، وغيرها. وعند التحقيق المدقق يتبين أن جميع هذه المحاور أو معظمها واقع -على نحو ما- في نطاق الرقعة الإسلامية.

كما أن التقرير لفت الانتباه إلى أن مجمل القيم العامة التي يختزنها العالم الإسلامي، وبغض النظر عن تقييمنا لها، تعد من بين العوامل التي جعلت منه موضع استهداف من طرف القوى الغربية بوجهيها الصلب والناعم، إذ بات ينظر اليوم إلى هذه القيم العامة على أنها دافعة للإرهاب وعدم الاستقرار العالمي، ولعل هذا ما يفسر وجود شعور متنامٍ بين فئات واسعة من أبناء المنطقة بأن الغرب يتجه إلى صنع عدو إسلامي، جنبا إلى جنب مع نسج صورة متخيلة عن آخر إسلامي باتت تضفى عليه كل الأوصاف المخيفة والمرعبة، مقابل غرب موصوف بأنه ديمقراطي ومستنير ومتسامح.

ورغم أن المعطيات العسكرية والإستراتيجية ترجح اعتبار الصين العدو والمنافس الحقيقي للغرب، وليس العالم الإسلامي والعربي المنقسم على نفسه والغارق في أزماته الداخلية، فالغرب ككتلة متراصة ومنسجمة نسبيا وكتحالف عسكري واسع، لا يمكن أن تقابله إلا الصين كقوة عسكرية واقتصادية صاعدة. بيد أن إدخال موضوع الهوية في إستراتيجيات الصراع، جعل من الرقعة العربية الإسلامية الموصوفة بقوس الأزمات تدخل ضمن الأولويات العسكرية لحلف الناتو.

كما لم يتجاهل التقرير في مقاربته لهوية الحلف وتوجهاته المستقبلية، الرأي القائل بأن حالة الضعف والتفكك التي تتسم بها المنطقة الإسلامية، فضلا عما تختزنه من ثروات طبيعية إلى جانب الفراغ الذي تعيشه، هي من بين العوامل الرئيسية المغرية بتدخلات القوى الأجنبية الطامحة لتحقيق مصالحها، أو لدفع ما تعتبره مخاطر محتملة متأتية من هذه المناطق الرخوة من العالم.
وفي النهاية، يهمنا أن نلفت انتباه القارئ إلى أن مركز الجزيرة للدراسات إنما يهدف من وراء إعداد هذا التقرير إلى تقديم مقاربة بحثية متخصصة تستند إلى المعطيات والوقائع ما أمكن، بعيدا عن الأهواء والرغبات. وقد حرص على إبراز تعدد الرؤى لهذا الموضوع بين الباحثين أنفسهم، وألا يتجاوز دوره الإشراف والتوجيه العام.

وإذ يقدم المركز هذه المادة بين يدي القارئ العربي فإنه يأمل أن تكون إضافة بحثية متميزة لموضوع بالغ الحيوية والخطورة على أمن منطقتنا واستقرارها وعلى مستقبل أجيالها، وإضافة جدية في ساحة العمل البحثي والإستراتيجي العربي، راجيا أن تسد قدرا من الفراغ الحاصل على هذا الصعيد.

وفي الأخير تجدر الإشارة إلى أننا عملنا على التواصل المستمر والدؤوب مع فريق العمل الذي ساهم في إعداد هذا التقرير، إلى أن استوى على صورته الحالية، ونأمل أن تكون هذه التجربة فاتحة لأعمال مستقبلية تنحو منحى التخصص والتعمق بما يخدم العمل البحثي الجاد في عالمنا العربي الواسع.

 

 


 

الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 05-08-09, 07:59 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

تمهيد
مع مضي ستين عاما على تأسيس حلف شمال الأطلسي عام 1949، يتجدد السؤال عن المغزى من بقائه بعد غياب حلف وارسو، غريمه الشيوعي أثناء الحرب الباردة.
ويعتبر هذا السؤال الذي سبق طرحه فور نهاية الحرب الباردة بحدةٍ أشدّ، سؤالا جوهريا عن مستقبل الحلف وعن المهام التي يراد له أن يقوم بها، وهل يمكن اعتبارها عسكرية محضة أم مرتبطة بوصف الحلف نفسه أنه "حلف قيم ومبادئ"، ثم عن العلاقة بين توسعه جغرافيا وتطويره عسكريا وبين تلك المهام.

وتندرج كل هذه القضايا في إطار تبدل المعطيات الدولية تبدلا جذريا عما كانت عليه عند تأسيس الحلف، إضافة إلى ازدياد التركيز على مستقبل العلاقات الغربية مع المنطقة الإسلامية التي تمثل دائرة حضارية مختلفة عن الدائرة الحضارية الغربية، مما يؤكد تنامي مفعول منظومة القيم مستقبلا من وراء الأبعاد الاقتصادية والسياسية والأمنية المحضة.

ولا يخفى أن ذلك يجري على أرضية أطروحات متناقضة بين صدام الحضارات كما تنبّأ بها صموئيل هنتنغتون، والانفتاح الغربي على العالم الإسلامي على أساس الحوار والتعاون والمصالح المشتركة، وهو ما ترمز إليه صياغة كلمة الرئيس الأميركي باراك أوباما التي وجهها من جامعة القاهرة إلى العالم الإسلامي، وأصداؤها المبدئية في دول الحلف من العالم الغربي.

السؤال عن مستقبل الحلف وما يتوقع أن يستقر عليه تعامله مع العالم الإسلامي، يستدعي أيضا الحديث عن تفاعل هذا العالم مع الحلف على ضوء واقعه الراهن، حيث لا يشكل كتلة متماسكة كالكتلة الغربية الآخذة في الاتساع شرقا في الشريط الشمالي من الكرة الأرضية، والامتداد عالميا عبر علاقات الشراكة، بغض النظر عن وجود نقاط خلاف بين نقاط التوافق والتماسك بين دولها.


وتبعا لما سبق، تستهدف هذه النظرة الاستشرافية طرح إجابات مبدئية على الأسئلة التالية:
  1. ما هو موقع منظومة القيم والمبادئ من وجود حلف شمال الأطلسي كما يراها منذ نشأته؟ وما هي مواطن التبدل التي طرأت على هذه المنظومة مع تعديل مهام الحلف وبنيته الهيكلية العسكرية؟
  2. أين تكمن عناصر الاستمرارية وعناصر التطور في ظل توسع الحلف الجغرافي وتطوير مهامه دوليا؟
  3. ما هو موقع المنطقة الإسلامية في المسيرة الأطلسية المستقبلية؟ هل يمكن التمييز بين نقاط التقاء ونقاط صدام بين المصالح الأطلسية ومصالح العالم الإسلامي رغم غياب التكتل إسلاميا؟
  4. ما هي الإمكانات المتاحة أمام الدول الإسلامية والخطوات الضرورية للتعامل مع الحلف مستقبلا في ظل تطويره المتواصل، والواقع القائم في العالم الإسلامي؟

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 05-08-09, 08:05 PM

  رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

منظومة القيم في حلف شمال الأطلسي

في مقدمة الوثيقة التأسيسية للحلف عام 1949، يأتي تأكيد جانب القيم أولا بعبارة تقول "إن الدول الأعضاء عازمة على حماية الحرية والميراث والحضارة عن طريق تشجيع الاستقرار والرفاهية، في المجال الجغرافي لشمال الأطلسي"، وبعد ذلك يأتي تأكيد الجانب الأمني العسكري بأن الدول الأعضاء عازمة "على توحيد جهودها من أجل دفاعها الجماعي والحفاظ على السلام والأمن".

ولا شك أن الارتباط التاريخي الحضاري الثقافي الديني الوثيق بين مجتمعات جناحي شمالي الأطلسي -أي أوروبا وأميريكا الشمالية- لعب دورا في تشكيل الأرضية المشتركة على الصعيد الأمني العسكري كما يمثلها الحلف، بما جعل نوعا من التواؤم بين منظومة القيم الثقافية والسياسية الليبرالية وبين المصالح الإستراتيجية الكبرى.

على أن هذه المقولة العامة تستدعي طرح تساؤلات محورية، في مقدمتها:
  1. باستثناءات محدودة، سادت العالم الغربي على ساحلي الأطلسي منظومة قيم متشابهة إن لم تكن متطابقة ومتجانسة، بدءاً بعالم الفلسفة، مرورا بالنهج الديمقراطي الحديث، وانتهاء بنشأة الرأسمالية منبثقة عن الفكر "الليبرالي". وسبق وجود هذه العناصر قيامَ حلف شمال الأطلسي، إذ يمكن القول إنه تأسس على أرضيتها، ولكن هل يمكن القول إنه كان المصدر لتحديد ملامحها وتثبيتها أثناء الحرب الباردة وبعدها، أو كان العنصر الفاعل في صنع "هوية" الدول الأعضاء فيه؟
  2. هل كانت منظومة القيم في أدبيات الحلف السياسية هي المنطلق لرسم سياساته وإستراتيجياته الأمنية، أم كانت توضع تبعا للاحتياجات الأمنية العسكرية، فكان ربطها بمنظومة القيم من وسائل إقناع المجتمعات الغربية لدوله الأعضاء بضرورة ممارساته العسكرية وفي الدرجة الثانية من وسائل الترويج لها عالميا؟
لا تسهل الإجابة على مثل هذه الأسئلة، إنما تساعد عليها المقارنة بين ما يقوله الحلف عن نفسه، وما يمارسه على أرض الواقع. نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
لا يرى الحلف نفسه مجرد حلف عسكري، بل يؤكد أنه مجموعة ديمقراطية ليبرالية مؤسسة على مجموعة من القيم أهمُّها الديمقراطية، وعليه فقوامه دعامتان: هوياتية وعسكرية. وقد تعززت الدعامة الهوياتية بمرور الزمن، خاصة مع تحول كل أعضاء الحلف إلى ديمقراطيات. كما أن توازن الرعب النووي فتح المجال للتركيز على الصراع السياسي والأيدولوجي لاستحالة المواجهة العسكرية المباشرة، فكان تعزيز القيم الديمقراطية الليبرالية في حد ذاته تعزيزاً للحلف.

تقسيم العالم إلى "أمم حرة" و"دكتاتوريات" الموروث عن الحرب الباردة، استمر بعد نهايتها ليترسخ في النسق العقدي للقادة الغربيين. ولم يكن الخوف من التهديد السوفياتي يخص الجوانب العسكرية فقط، بل كان يشمل إمكانية تخريب الأنظمة الديمقراطية من الداخل (أعمال انقلابية لأحزاب شيوعية). وهذا ما يعزز فكرة غلبة الدعامة الهوياتية على العسكرية، على الأقل من حيث مدركات التهديد. ويدل استمرار الحلف بعد اختفاء هذا التهديد على قوة الروابط الهوياتية، إذ لولا السند الهوياتي لما تمكنت المصالح الإستراتيجية وحدها من الإبقاء على الحلف.

بالمقابل لا تكفي منظومة القيم المشتركة، بل يجب توافر مصلحة مشتركة. واختلاف مصالح الحلفاء سبب حالة الارتياب الهوياتي التي يمر بها الحلف أحيانا، إلا أن الدعامة الهوياتية تبقي دائما على خط التضامن الضروري. وللحلف وظيفة أمنية، فهو يحافظ على استقرار أوروبا حائلاً دون عودتها إلى صراعاتها التقليدية، وبالتالي فإمكانية تعبئة المرجعية الهوياتية للمجموعة الديمقراطية الأوروأطلسية هي التي أعطت معنى جديداً للحلف الذي ينحو لتكون الغلبة فيه للبعد الهوياتي على الوظيفة العسكرية التقليدية.

وربما يكمن نجاح حلف شمال الأطلسي في أنه شدد على القيم المشتركة بين الدول الأعضاء لأنه لا جدال فيها، بينما المصالح قد تختلف، لذا كانت القيم المشتركة المحرك الأساسي للحلف ومبرره الشرعي، فأثر في سلوك أعضائه لأنه يذكرها بعمق هذه القيم المشتركة التي تُستدعى كلما اقتضت ضرورة الخلافات ذلك للإبقاء عليها تحت سقف منخفض ومحدود.

وهكذا يعمق الحلف وعي دوله بالانتماء إلى مجموعة أطلسية ذات هوية واحدة، مساهماً بذلك في صياغة وصقل الذات الأطلسية وبالتالي صياغة علاقتها البينية وعلاقتها مع الآخر. وحتى حينما تصل الخلافات إلى مستويات عالية (كما كان في غزو العراق)، فإن الحد الأدنى من التضامن الغربي البيني يبقى قائماً بفضل هذه الأرضية المشتركة من القيم والهوية الواحدة. فدول الحلف المناوئة للتدخل الأميركي في العراق لم تتمنَّ هزيمة الولايات المتحدة هناك، لأنها لا تريد ولا تتصور دعم هزيمة قيم الحرية والديمقراطية أمام الدكتاتورية بغض النظر عن الأهداف الإستراتيجية الأميركية. وقد ساهم الحلف بشكل كبير في هذا الوعي والهوية الإستراتيجيين.

إنما يلفت النظر ظهورُ انفصام بين النظرية والتطبيق على صعيد منظومة القيم منذ نشأة الحلف الأولى، فقيمة الديمقراطية في وثيقة تأسيسه لم تمنع أن تكون البرتغال من الدول المؤسسة له رغم طبيعة الحكم الاستبدادي العنيف فيها آنذاك، ويصعب تفسير ذلك بمقولة إن ذلك كان مدخلا لدفع البرتغال في اتجاه الديمقراطية، فمثل ذلك لم يُتّبع مثلا مع الدولة الإسبانية المجاورة، وكان استبعادها عن المشاركة في تأسيس الحلف في عهد حكم فرانكو الاستبدادي بذريعة عدم توافق هذا الحكم مع قيم الحلف.

هذا التناقض يزول عند النظر في متطلبات الجانب العسكري، أي حاجة الحلف عسكريا إلى موقع البرتغال على ساحل الأطلسي، بينما كان وجود الأسطول الأميركي في البحر الأبيض المتوسط مع اعتماده على السواحل الإيطالية، يغني إستراتيجياً عن موقع إسبانيا البحري.

ويسري شبيه ذلك على التعامل مع عضوية تركيا واليونان في الحلف، فقد كان العامل الحاسم هو الموقع الجغرافي من وجهة نظر أمنية عسكرية، ولم تلعب أوضاع تطبيق الديمقراطية في البلدين دورا كبيرا.
ويظهر الربط السببي بين منظومة القيم كما يراها الحلف وبين شبكة تطوير صيغه الأمنية العسكرية في مواجهة العدو، من خلال شعاره الدائم "اليقظة ثمن الحرية"، والمقصود هو اليقظة الأمنية العسكرية.




يمكن إذن تثبيت حقيقتين اثنتين:

أولاهما


أن منظومة القيم لعبت فعلا دورا حيويا في إحداث الانسجام الداخلي بين أعضاء الحلف وتعزيز جبهته، خصوصا خلال الحرب الباردة في مواجهة حلفٍ مقابل (حلف وارسو) يقوم على صرامة الأيدولوجية. كما أن هناك اليوم رغبة في استعادة مقولة القيم الثقافية والسياسية ضمن سياق سعي الحلف إلى التوسع شرقا في الفضاء الإسلامي وعلى تخوم روسيا والصين، إلا أن منظومة القيم تظل في نهاية المطاف خادمة -بشكل أو بآخر- للإستراتيجيات العسكرية والمصالح السياسية الكبرى، فالحلف الأطلسي في جوهره مظلة عسكرية إستراتيجية -وليس ناديا ثقافيا أو فكريا- تشغلها قضايا الأمن وتعزيز التفوق العسكري أكثر من سواها.

الثانية
أن الهويات لا تولد مكتملة بداية، بل هي صيرورة تاريخية تختلط فيها الثقافة والقيم بالمصالح السياسية والعسكرية. وعلى هذا الأساس، فمع التسليم بوجود هوية مشتركة بين دول الحلف، فإنها عند التحقيق نتيجة سياسات وخيارات كبرى للدول الفاعلة والمؤثرة في الحلف، وليست مجرد انعكاس آلي لمنظومة الثقافة والقيم السياسية. ففرنسا ديغول مثلا التي رفضت الانضمام إلى الحلف منذ تشكيله ليست مختلفة من ناحية الهوية والقيم عن بقية الدول الأعضاء، بقدر ما كانت مختلفة من جهة سياساتها الدفاعية والأمنية. كما أن تركيا حينما تم ضمها إلى الحلف لم تكن ليبرالية بمقاييس السياسة والاقتصاد، بقدر ما حكمت الحلف اعتباراتُ الإستراتيجية العسكرية الكبرى، وفي مقدمة ذلك جعلها بمثابة منطقة عازلة للخطر الشيوعي السوفياتي.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 05-08-09, 08:10 PM

  رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

توسعة الحلف ومعيار منظومة القيم
ما يسري على فترة التأسيس وحقبة الحرب الباردة يسري على ما بعدها، بما في ذلك التوسعة الجغرافية لحلف شمال الأطلسي، وهذا ما يسمح بالنظر إليها من أكثر من زاوية أيضا:
  1. الحلف الذي ضم خصومه السابقين في حلف وارسو -أي دول أوروبا الشرقية- صاغ أيضاً هويتها، وكان أداة أساسية في دمقرطتها إذ التوسع شرقا أكد الهوية الديمقراطية للحلف، ذلك أن الانضمام إليه كان مشروطاً بـ (مبادئ الديمقراطية، احترام الحريات الفردية وحقوق الإنسان، دولة القانون، فض النزاعات بالطرق السلمية، قدسية الحدود، مبدأ التحكم الديمقراطي في القوات المسلحة). وتعتبر هذه الدول الشرقية انضمامها إلى الحلف اعترافاً بانتمائها للعالم الديمقراطي.

    وكان قبول عضوية الدول الشرقية محكوماً بمعايير ديمقراطية وليس بمراعاة ما يمكن أن تقدمه للأمن الأطلسي فقط، وبالتالي تراجعت المعايير العسكرية لصالح المعايير القيمية الهوياتية، وفي هذا دلالة على تحول الحلف حتى في هويته، فهو لم يعد يقوم على البعد العسكري بالدرجة الأولى، وإنما على هوية ومنظومة قيمية تساهم في تحديد السلوك العسكري.

    وهذا يتوافق مع المقاربة البنائية القائلة بأن الهوية هي التي تحدد المصالح، إذ رغم دوافع الحلف الإستراتيجية فإن تدخلاته هوياتية المحتوى أيضا، بمعنى أنه يتدخل لأن هويته تجعله يتصرف بهذا الشكل، فالتدخل في أفغانستان مثلا هو في نظر دول الحلف تعزيز للتضامن بين الديمقراطيات، وفي نهاية المطاف الدفاع عن قيمها وهويتها.
  2. غير أن قائمة شروط انضمام دول جديدة والتي تفرض ترسيخ الديمقراطية ودولة القانون واحترام حريات الإنسان وحقوقه وحقوق الأقليات مع إجراءات عملية على الصعيد التطبيقي، لم تكن دوما هي العنصر الحاسم في خيارات التوسعة، ولم تكن موضع التزام بدرجة دقيقة.

    لقد كانت الدعوات الصادرة عن الأمين العام للحلف في مطلع تسعينيات القرن الميلادي العشرين مانفريد فورنر باتجاه الدول المستقلة عن الاتحاد السوفياتي، دعوات صريحة من حيث عدم ذكر قيم الحلف والتركيزُ على عنصر الأمن، كقوله: "اتجهوا إلى حلف شمال الأطلسي، وستجدون أنفسكم في ميناء سياسي أمني يحفظكم من أي عاصفة تهددكم".
    نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
صحيح أن ذكر القيم تواتر أثناء عملية التوسعة، ولكن يبقى السؤال قائما عن مدى تطابق الممارسات مع الصياغات، ويشهد على ذلك:
  • نص البيان الختامي لقمة بوخارست الأطلسية (3/4/2008) الذي حمل مع كل فقرة من فقراته الموزعة على بضع صفحات عبارة "قيمنا الديمقراطية المشتركة" فترددت أكثر من عشر مرات. ولكن تزامن انعقاد تلك القمة مع اكتمال انضمام بلغاريا ورومانيا إلى الحلف ومع انتقادات في الدول الأعضاء آنذاك بصدد عدم اكتمال الشروط ذات العلاقة بمنظومة قيم الحريات والحقوق وسيادة القانون في الدولتين العضوين الجديدين، إذ كانت الأولوية للعامل الأمني واقعيا، المتمثل في الانتشار العسكري في البلقان وباتجاه الشرق الآسيوي.

    كما كان العامل الأمني العسكري (تحديدا: تجنب ضم دولة فيها مشكلات أمنية) وراء الخلاف الداخلي الأطلسي حول ضم جورجيا وأوكرانيا. كما أن قرار الحلف عام 2009 بالتمهل بشأن هذه التوسعة، لم يرتبط بمنظومة القيم في البلدين، وإنما بالمخاوف الأمنية المنبثقة عن أحداث جورجيا 2008/2009.
  • أثناء عملية التوسعة بعد الحرب الباردة نشرت جامعة شتوتغارت الألمانية (11/6/2004) دراسة ميّز عدد من الأساتذة المشاركين فيها بين اتجاهين رئيسيين لتعليل التوسعة وتسويغها:
    • اتجاه مَن يطلق عليهم وصف "الإيجابيين"، وينطلقون من "الفرضية" القائلة إن انضمام أي دولة إلى منظمة عالمية يصدر عن رغبتها في تحديد هويتها ومشروعيتها، ويستنتجون من ذلك سريان مفعول هذه الفرضية على الانضمام إلى الحلف أيضا.
    • اتجاه "الواقعيين" الذين يرون التوسعة لتحقيق الأمن الجماعي انطلاقا من معادلة المكاسب والخسائر، وهو الاتجاه الأوسع انتشارا ويشهد الواقع على صحته، ففي مقدمة ما كانت الدول الشيوعية سابقا تطرحه من أسباب لتعليل رغبتها في الانضمام إلى الحلف، الخشية من تجدد المطامع والمخاطر الروسية، وهذا معروف عن دول البلطيق وبولندا والتشيك وسلوفاكيا والمجر وغيرها.
وهذا ما يؤخذ أيضا من نصوص الكلمات التي تلقى في القمم الأطلسية، أو تلقى في لقاءات أخرى بتعبير أكثر صراحة، نظرا إلى عدم صدور قرارات رسمية عنها مثل المؤتمر السنوي للشؤون الأمنية الدولية في ميونيخ، فهنا يندر الربط بين منظومة القيم التي تُذكر في عبارات جانبية فحسب، وبين السياسات الجديدة أو المقترحة للحلف فضلا عن ممارساته العسكرية.

وقد شهدت حالة الحرب ضد صربيا (1998) بحجة الدفاع عن كوسوفا استثناء واضحا، فطُرح عنوان الدفاع عن حقوق الإنسان والأقليات بقوة أكثر من ذي قبل. ولكن السؤال المطروح في الأوساط الفكرية (والجامعية التخصصية) بإلحاح: ألم يكن هذا التعليل للتأثير على الرأي العام الغربي، ليتقبل خرق مبدأ سيادة الدولة لصالح ما يمكن وصفه بالعولمة الأمنية للحلف الأطلسي؟
يعزز ذلك أن إعادة النظر في موقع سيادة الدولة من القانون الدولي العام، بدأت تُطرح في تلك الفترة على نطاق غربي أوسع من الحلف، دون أن تجد حتى الآن تأييدا كافيا لتعديل ميثاق الأمم المتحدة.

وبالمقابل ثبت في هذه الأثناء، أن تلك الحرب كانت بوابة الحلف للخروج من مجاله الجغرافي إلى الساحة الدولية، وهذا قبل تثبيت ذلك رسميا في تعديل صياغة مهام الحلف خلال قمته الخمسينية عام 1999، وبقي الخلاف قائما من بعدها في ما إذا كان خوض حرب خارج المجال الأطلسي يتطلب قرارا واضحا من مجلس الأمن الدولي أو لا يتطلب.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 05-08-09, 08:13 PM

  رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

عولمة القيم الأطلسية
إذا كان نهج الديمقراطية سياسيا من أسس منظومة القيم الأطلسية، فلا ريب أن نهج الرأسمالية المنبثق عن الفكر الليبرالي اقتصاديا كان -ولا يزال- العنصر الأهم في هذه المنظومة، والسبب كامن في تغليب عامل المصالح المادية كما تراها الرأسمالية.

ومع التأكيد أن الفكر الكامن في تطوير حلف شمالي الأطلسي فكر غربي، يظهر ما استقر عليه الحلف في نهاية القرن الميلادي العشرين بوضوح أكبر عند وضعه على أرضية معالم تطور جذري في سلّم أولويات القيم الغربية عموما خلال الفترة نفسها.
إن محور هذا التطور هو تقدم العنصر المادي على عنصر الإنسان أكثر مما مضى. ولبيان ذلك يُطرح السؤال عن الاختلاف القائم في النهج الغربي -وبالتالي الأطلسي- على أرض الواقع بين قطاع "نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان" من جهة، وقطاع "انتشار العولمة" ببعدها المالي والاقتصادي من جهة أخرى. ومعالم ذلك بإيجاز شديد:
  1. طرح الغرب تطوير العلاقة بين حقوق الإنسان والأقليات وسيادة الدولة تحت عنوان تطوير الأمم المتحدة، وبقي ذلك متعثرا على امتداد عقدين حتى الآن. وطرح الغرب العولمة -أو تحرك مباشرة على طريقها- عبر بوابتي المال والاقتصاد، فأوجد الرأسمالية المتشددة (أو المتوحشة كما أطلق عليها بعض المفكرين الغربيين)، ومارس الليبرالية الجديدة التي أصبحت في هذه الأثناء تُحمّل المسؤولية عن الأزمة الرأسمالية العالمية وعواقبها.
  2. يقول الغربيون إن الاستبداد في بلدان عديدة هو العقبة في وجه الجهود الغربية لنشر الديمقراطية وحقوق الإنسان وإعطائها الأولوية تجاه سيادة الدولة، ويبدو هذا التعليل ضعيفا، والأصح أن الحرص على المصالح الاقتصادية والمالية وضع المطالبة بالديمقراطية وحقوق الإنسان في مرتبة متأخرة، ومن المؤشرات على ذلك فتح الأبواب أمام ما تطلّبه نشر العولمة وفق الرغبات الغربية في بلدان ينتشر فيها الاستبداد والفساد.
  3. مثال نموذجي على ذلك: ما آل إليه الإلحاح الغربي على تطبيق الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان فيما سُمي "الشرق الأوسط الكبير"، فقد اقترن التراجع بانتشار الاقتناع في البلدان الغربية بأن الحصيلة لن تثبّت في السلطة أنظمة تحقق المصالح الغربية، بغض النظر عن تطبيق منظومة قيم غربية، إضافة إلى الاقتناع بخطورة أن توصل الديمقراطية إلى السلطة اتجاهات قد لا تراعي المصالح الغربية، لا سيما الاتجاه الإسلامي.
  4. إن أولوية المصالح المادية على القيم الأخرى في السياسات الغربية عالميا، انعكست في تطوير الحلف لنفسه بوضوح. تشهد على ذلك نصوص وثيقة المهام الجديدة الصادرة عن قمته الخمسينية بعد إعداد دام عشرة أعوام. صحيح أن الجانب الديمقراطي فيها لم ينحسر، ولكن تراجع لحساب الجانب الرأسمالي الليبرالي القائم على المصالح المادية. نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
تذكر وثيقة تعديل المهام الأطلسية الصادرة عن قمة الحلف في واشنطن عام 1999 أسبابا للتدخلات الأطلسية المحتملة، من قبيل قطع الإمدادات بالمواد الحيوية كالنفط والخامات، وتفاقم تيارات الهجرة والتشريد، وحتى الإخفاق في تحقيق إصلاحات اقتصادية -كناية عن الأخذ بالنظام الرأسمالي- إلى جانب الأخطار الناجمة وفق معايير الحلف عن أزمات ذات أسباب اقتصادية، أو اجتماعية، أو عرقية، أو دينية، أو من جرّاء صراع على الأرض، أو بسبب خرق حقوق الإنسان، أو العمل على نشر أسلحة نووية أو كيمياوية أو حيوية، وكذلك الأعمال الإرهابية، والجرائم التخريبية والجريمة المنظمة.

بمنظور موقع منظومة القيم أطلسيا، لا يتبدل المغزى الأساسي في هذا التطور من خلال وضعه تحت منظور أمني أطلسي متبدل، وهو تراجع التهديدات العسكرية المباشرة (الأمن الصلب) وتوسع نطاق التهديدات الأخرى (ما يسمّى الأمن اللين أو الناعم).

إن جوهر تطور موقع منظومة القيم بعد الحرب الباردة في حلف شمال الأطلسي منبثق عن جوهر ما انتشر بهذا الصدد على المستوى الغربي عموما. والشاهد على ذلك: عندما سقط المعسكر الشرقي وظهرت سلسلة من النظريات الغربية المستقبلية، ورد الحديث عن انتصار العالم "الديمقراطي" لماماً، مقابل التركيز الكبير على اعتبار نهاية الحرب الباردة انتصارا للعالم "الرأسمالي"، وهو ما بلغ مداه في نظرية فوكوياما عن "نهاية التاريخ"، ليقول إن الرأسمالية الليبرالية ستنتشر نهائيا في أنحاء الأرض.

هذا الطرح النظري هو ما رافقته أو انبثقت عنه الدعواتُ إلى تثبيت وجود الحلف أداةً عسكرية لحماية مكتسبات الحضارة الغربية وثقافتها، وهو ما انعكس في وثيقة تعديل مهام الحلف في قمته الخمسينية. ثم مضى المحافظون الجدد أميركياً إلى ما لم يمض الحلف إليه سابقا، من حيث شرعنة استخدام القوة باسم نشر منظومة القيم على دعامتي الديمقراطية والرأسمالية، وأضافوا إلى ذلك صيغة الإملاء على الحلفاء الآخرين، أي إما أن يتبع الحلف (والأمم المتحدة أيضا) هذا الطريق بزعامة أميركية، أو تتجاوزهم الولايات المتحدة الأميركية في صناعة القرار وتنفيذه.

ويتطلب تحديد موقع منظومة القيم أطلسيا، وتفسير ما يظهر أحيانا في شكل تناقضات بين التأكيد عليها والممارسات التطبيقية، استيعاب ما تعنيه كلمة القيم اصطلاحيا على الأرضية المعرفية الغربية. ففي الدائرة الحضارية العربية الإسلامية تبدو كلمات معينة من قبيل: الحق، والعدالة، والمساواة، والحرية، وما شابهها هي الغالبة على فهم كلمة "القيم" مصطلحا، وبالمقابل نجد مفهوم الكلمة نفسها في الدائرة الحضارية الغربية يتداخل مع مفاهيم أخرى نعرفها تحت عناوين "مبادئ ومناهج ونظم"، كالديمقراطية والرأسمالية الليبرالية.

باختصار..نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نشأ حلف شمال الأطلسي حلفا عسكريا دفاعيا، وشمل ذلك أرضية ترتبط بمنظومة القيم كما يراها العالم الغربي، وفي مقدمتها الديمقراطية سياسيا والرأسمالية اقتصاديا، إنما بقيت الأولوية في مرحلة التأسيس وطوال الحرب الباردة للجانب الأمني العسكري ومقتضياته، ولم يختلف ذلك كثيرا في مرحلة توسعه الجغرافي شرقا وتوسيع نطاق مهامه العسكرية دوليا، في حين اتخذت المصالح المادية مكانة متقدمة أكثر من ذي قبل، تحت عنوان النهج الرأسمالي الليبرالي في منظومة القيم كما يراها الحلف.

في هذه الأثناء تطورت العلاقة السببية بين القيم والأمن العسكري، فإضافة إلى المهام الأمنية العسكرية وحماية مصالح مادية، بدأ تطوير صياغة المهام الأطلسية يتجه إلى توظيف الحلف "دفاعا" عن منظومة القيم الغربية الأطلسية، و"سعيا" لنشرها عالميا.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 05-08-09, 08:27 PM

  رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

تطور إستراتيجيات الحلف
لا خلاف في أن حلف شمال الأطلسي عام 2009 غير ما كان عليه عند تأسيسه عام 1949 أو عند سقوط غريمه في الشرق عام 1991، وقد مر تطوره بعدة مراحل على طريق بحثه عن أدوار عالمية جديدة، وعبَر منعطفات جوهرية لانتشار عسكري ميداني وتوسع جغرافي. إنما يبقى السؤال مطروحا حول مواطن التطور الأهم والمعالم النهائية التي ستستقر عليها مهام الحلف المستقبلية، ومدى قدرته على التلاؤم مع المتغيرات الدولية خارج نطاقه.

في البداية ظهرت معالم باتجاه التعاون والثقة المتبادلة مع الشرق كما يستفاد من "إعلان لندن.. بُعْدٌ جديد لعصر جديد" عام 1990. وفي الاتجاه نفسه صدر "إعلان روما.. السلام والتعاون" عام 1991، فأسس لعلاقات "الشراكة من أجل السلام" مع دول من خارج الحلف، وهو ما اتخذ صيغا تطبيقية شملت 22 دولة أوروبية وآسيوية عام 1994، واقترنت في العام نفسه بما سمّي "مبادرة الحوار المتوسطي" بمشاركة مصر والمغرب وتونس والجزائر وموريتانيا والأردن، إضافة إلى إسرائيل.

وظهر التوسع العسكري الميداني عبر التدخل في البلقان منذ عام 1995 بمشاركة روسية، ثم تعثرت العلاقات مع روسيا تدريجيا حتى بلغت مرحلة المواجهة السياسية مع استقلال كوسوفا ثم الحرب الجورجية. ومن الدلالات الإستراتيجية الهامة على التوسع الميداني الشامل للحلف في البلقان، أنه كان يهدف إلى توظيف قدراته العسكرية والقتالية في إطار مهام حفظ السلام والأمن والاستقرار على الساحة الأوروبية أولاً، وبالتنسيق مع أطراف أخرى كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا، حتى لا يشكل بعض حلقات التعاون المفقودة أية عقبات أو تأثيرات سلبية على مهامه الحالية والمستقبلية، وذلك حرصاً من الحلف على تلافي أي قصور أو فشل ميداني يؤدي إلى تراجعه وانحسار دوره وتقلصه، وربما إلى إلغائه كلياً من الخريطة العالمية، ما سهل للحلف انطلاقته العسكرية في وقت لاحق كمرحلة ثانية نحو الشرق الأوسط وآسيا.

وتجاوباً مع التهديدات الجديدة التي طرأت بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 في الولايات المتحدة الأميركية، فعّل الحلف المادة الخامسة من معاهدته المتعلقة باعتبار أن "أي عدوان على إحدى الدول الأعضاء في الحلف يمثل عدواناً على بقية الأعضاء". وبتفعيل هذه المادة بات واضحاً أن الحلف أصبح ملزما بتنفيذ توجهات ورغبات واشنطن التي أعلنتها من خلال إستراتيجية "شن الحرب على الإرهاب العالمي". وبذلك وجد الحلف المبرر السياسي وآلية الانتقال الإستراتيجية من المسرح الأوروبي إلى المسرح الآسيوي نحو أفغانستان والشرق الأوسط.

وربما جاء تجاوب الحلف التلقائي والسريع مع واشنطن بسبب الثقل الإستراتيجي والسياسي والعسكري الأميركي، بالإضافة إلى أنه كان يبحث عن أدوار عسكرية جديدة على الساحة العالمية.
واستمرت خريطة الحلف بالتوسع شرقاً فضمّ أعضاء جددا من منطقة البلقان وأوروبا الشرقية، حيث وصلت حدوده إلى مسافة 400 كلم عن حدود روسيا. وقد دل ذلك التوسع الإستراتيجي على أن الحلف لا يبالي بأي طرف أو جهة أخرى -مثل روسيا في المرحلة الحالية- عندما تقتضي مصلحته ضم دول جديدة، وإن مثلت تلك الدول كأعضاء جدد من وجهة نظر روسيا خنجراً حاداً في خاصرتها من الصعب إزالته أو التعايش معه.

تماسك الحلف وتعدد الرؤى الأمنية داخله
يرتبط تماسك الحلف مستقبلا بمهام دولية جديدة على أرضية أمنية مشتركة، ولا يسهل ذلك بعدما تضاعف عدد أعضائه وامتد نطاق تطلعاته المستقبلية إلى ميادين دولية لم تكن مطروحة في برامجه. ويواجه الحلف في تحديد الأرضية الجديدة أزمة أساسية بدأت بالظهور منذ عامه الخمسين وتجسدت في التعدد الملحوظ للنظرات الإستراتيجية الأمنية لدوله، أو مجموعات دوله الأعضاء. ومن ذلك:
  1. المحور الأميركي الكندي البريطاني أحرص على التحرك العسكري في ما وراء البحار، والعنوان هو "الحرب ضد الإرهاب"، وأهم صورها التطبيقية الحرب في أفغانستان دون ظهور مؤشرات لحسم نهائي في ساحة القتال. ورغم مشاركة الدول الأخرى في الحرب، فإن جميع القمم الأطلسية أبرزت تباين النظرة إلى التعامل معها على أرض القتال.
  2. معظم الدول الأوروبية الغربية حريصة على علاقات الود والتعاون مع الدولة الروسية المترامية الأطراف شرقا (وبدأت معالم تحرك أميركي في الاتجاه نفسه في عهد أوباما كما يظهر من مجرى مفاوضات الحد من التسلح). أما الدول الأوروبية الشرقية فتعيش على "المخاوف" من عودة الهيمنة الروسية بشكل ما، والتي ضاعفها التحرك الروسي ومظاهر التراجع الغربي نسبيا في التعامل مع حرب جورجيا.
  3. عودة فرنسا إلى الحلف عسكريا مقترنة بالأمل في تقوية جناحه الأوروبي على حساب جناحه الأميركي، بينما ترى ألمانيا استقرارها الأمني مرتبطا بالتوازن بين الحلف والاتحاد الأوروبي. أما بريطانيا فلم تتجاوز دورها الأشبه بامتداد الأرض الأميركية إلى قلب الساحة الأوروبية.
  4. منظور الأمن السائد في الجنوب الأوروبي بين البرتغال وإيطاليا يخشى "ضعفا إفريقيا" يتحول إلى "هجمة لاجئين كبرى" أو خطر أمني "إرهابي"، بينما تغلب النزاعات الإقليمية على تحديد منظور أمني آخر في جنوب أوروبا الشرقي بين اليونان وقبرص وتركيا.
  5. ظهور عوامل جديدة في الساحة التركية انعكست مبدئيا في القمة الستينية عبر ممانعة تركيا -قبل الحصول على ضمانات معينة- أن يتولّى رئيس الوزراء الدانماركي راسموسن الأمانة العامة للحلف. والمهم هنا عدم تردد أنقرة في التصريح بالأسباب، ومحورها موقفه السلبي في التعامل مع الإساءة الكاريكاتيرية الدانماركية لمقام النبوة، وبالتالي نظرتها إلى ما ينبغي أن تكون عليه علاقة الحلف مع العالم الإسلامي.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 05-08-09, 08:30 PM

  رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

عودة فرنسا إلى الحلفنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
لم تكن فرنسا غائبة عن حلف شمال الأطلسي بصورة كلية طوال فترة الحرب الباردة، إذ رغم انسحابها من قيادته العسكرية عام 1966، فإنها بقيت عضواً أساسياً في الحلف، ومن أبرز الدول المساهمة فيه من حيث الرجال والمال منذ نهاية الحرب الباردة، كما تولت قيادة عمليات أطلسية (كوسوفو وأفغانستان)، واستعاد وزير دفاعها وقائد أركان جيشها عام 1996 مقعديهما في اجتماعات الحلف.

ومن هنا فإن عودة فرنسا إلى القيادة الأطلسية الموحدة ليست إلا مجرد ترسيم لوضع قائم منذ سنوات. وقد تمت عودتها رسمياً في قمة 2009، ويثير هذا القرار جدلاً محليا بسبب تبعاته (تخلي فرنسا عن مبادئ صقلت هويتها وصاغت سياستها خلال عقود من الزمن).

تنازلت فرنسا في هذه القضية لأن الحلف لم يمنح قيادة الجنوب لقائد أوروبي، لكن باريس حصلت بالمقابل على قيادتين أطلسيتين: قيادة الحلفاء في نورثفولك بفرجينيا (قيادة مكلفة بالتفكير في مستقبل الحلف)، وقيادة الحلفاء الإقليمية في لشبونة وهي المسؤولة عن الوضع في منطقة الأطلسي وإفريقيا (دلالة على اعتراف بدور فرنسا في إفريقيا). بيد أن فرنسا ستبقى خارج لجنة التخطيط النووي الأطلسية حفاظاً على استقلال ردعها النووي، وهي ثاني هيئة أطلسية كانت غائبة عنها، وإن كانت هذه اللجنة قد أصبحت جسداً بلا روح لأنها لم تجتمع منذ أزيد من عقد من الزمن بسبب اختفاء الرعب الذي كان قائماً إبان الحرب الباردة.

تطبيع فرنسا لوضعها في حلف شمال الأطلسي سيتسبب في "خسائر" لبريطانيا وألمانيا وإيطاليا الحاضرة بقوة في قيادة الحلف، وبالتالي فستكون مجبرة على ترك مناصب للفرنسيين، مما قد يتسبب في تنافس أوروبي داخل الحلف في إطار "صراع" المناصب القيادية.

وتوجد دول أوروبية شرقية أعضاء، حريصة على أن يكون الحلف أساس إستراتيجيتها الأمنية، وتتخوّف تبعا لذلك من تحرك دول أوروبية غربية رئيسية -في مقدمتها فرنسا وألمانيا- لتكوين قوة عسكرية أوروبية مشتركة خارج نطاق الحلف. ولتبديد هذه المخاوف تؤكد فرنسا أن عودتها إلى الحلف تعني ارتباطها به، وبالتالي لا يوجد ما يستدعي المخاوف والشكوك بشأن القوة الأوروبية التي تسعى إليها، هذا مقابل تعزيز تأثير باريس على قرارات الحلف الإستراتيجية وقيادة عملياته دون التخلي عن مواقفها الذاتية، فهي مكفولة عبر قاعدة الإجماع في التصويت.

وإذا كان الحلف يتطلع إلى دعم فرنسا الكبير في مجالات تعزيز القوى البشرية الأطلسية والقدرات العسكرية الميدانية، لاسيما اللوجستية منها، فلا يغيب في المقابل سعي فرنسا لدور إستراتيجي عسكري عالمي، أبعد من دورها الحالي السياسي عبر الاتحاد الأوروبي أو دورها الوطني (كفرنسا مستقلة القرار). كما تتطلع في هذا الإطار إلى دور كبير في منطقة الشرق الأوسط (ليس تحت المظلة الأطلسية فقط) لا سيما في الدول العربية والإسلامية، وربما تطمح إلى تجاوز ذلك نحو بناء علاقات إستراتيجية جديدة مع دول شرق وجنوب شرق آسيا في المستقبل، من خلال الأدوار الإستراتيجية للحلف إذا ما وصلت قواته إلى تلك المناطق في المستقبل.

العلاقات الأطلسية الروسية
بعد نهاية الحرب الباردة لعب الحلف دوراً أساسياً في صناعة هوية دول أوروبا الشرقية، ليضيف هذا النجاح إلى نجاحه في الحفاظ على استقرار العلاقات بين ضفتي الأطلسي -الأوروبية والأميركية- رغم الزوابع السياسية، لا سيما في فترة الاستقواء الأميركي بالأعضاء الجدد في الخلاف مع "أوروبا القديمة" حول غزو العراق.

كما أثارت المعادلة الجديدة إشكالات أخرى، منها أن بعض الأعضاء القدماء لا يشاطرون الأعضاء الجدد مدركاتهم للتهديد الروسي. وإذا كان توسيع الحلف منحه فرصة تاريخية لتجديد مسوِّغاته وجدواه كأداة استقرار وسلام في أوروبا، فإن هذه الفروق في المدركات بين أعضائه تزعزع بنيانه كحلف عسكري (تحديد مشترك للتهديد). ومن هذه الزاوية يمكن القول إن أزمة هوية الحلف مرتبطة جزئياً بصعوبة الحسم بين الحلفاء في طبيعة العلاقة مع روسيا، حتى وإن كان الاتجاه العام هو نحو اعتبارها شريكاً أكثر من خصم.

ساهم في تطور الموقف من العلاقات الأطلسية بروسيا تراجع مفعول منظومة القيم داخل الحلف أمام النظرة الأمنية (خروج السياسة الأميركية تجاه العراق على إجماع الحلف)، ويضاف إلى ذلك ظهور اختلاف المصالح بين أقطاب الحلف الغربيين أكثر مما كان عليه في حقبة الحرب الباردة، فحاجة الأوروبيين إلى مظلة نووية أميركية واقية من الخطر السوفياتي القريب، بقيت لأربعين عاما عنصرا ضاغطا على الأعضاء الأوروبيين في علاقاتهم المصلحية ولاسيما الاقتصادية والمالية مع الأميركيين. ومع سقوط معادلة الحرب العسكرية ووصول الدول الأوروبية الرئيسية إلى مستوى اقتصادي وتقني متقدم، بدأت الخلافات السياسية الأمنية تظهر على السطح تدريجيا، وازداد ذوبان "فارق الهوية" تدريجيا بين الدول الأوروبية وروسيا، وليس بين الدول الأعضاء في الحلف فقط.

بلغت أزمة العلاقات الأطلسية أقصى مداها في قضيتي كوسوفا وجورجيا، وبدأت نذر المواجهة تطفو على مفعول علاقات المشاركة، إلا أن لقاءات عام 2009 بعد وصول أوباما إلى منصب الرئاسة أوجدت -رغم استمرار الخلاف حول جورجيا وغيرها- بوادر وفاق أطلسي روسي جديد، قد يصبح أوسع نطاقا وأكثر ثباتا من علاقة "المشاركة" القائمة من قبل.

العولمة العسكرية
كان من المشكلات التي واجهت الحلف بعد الحرب الباردة مشكلة إعادة صياغة مهامه بتوسيع نطاقها دوليا، مع تثبيت حصيلة سقوط المعسكر الشرقي. وهنا برزت صعوبات جديدة لم تقتصر على الأبعاد العسكرية من حيث تطوير القيادات ونوعية التسلح فقط، وإنما شملت تحديد هوية الحلف على أرضية منظومة القيم كما يراها.

ولعل أبرز نقاط ضعف الحلف بعد الحرب الباردة كامنة في "قوته"، مع انفراده عالميا بموقع العملاق العسكري. وما يبدو تناقضا في هذه العبارة يضمحل عند إدراك أن عنصر الردع المتبادل في الحرب الباردة لعب دورا كبيرا في تجدد حقن الحلف الغربي بدوافع البقاء والنماء والتسلح (سباق التسلح ومواراة الخلافات الداخلية).

لم يدخل الحلف في مواجهة عسكرية مباشرة مع خصمه الشرقي طوال أربعين عاما، وبالتالي لم يُثبت على أرض الواقع ما تعنيه طاقاته العسكرية الضخمة، ورغم ذلك انتهت الحرب الباردة بانتصاره المتمثل في مجرد البقاء مقابل "زوال العدو". وفرض هدف "البقاء والاستمرار" تثبيت مهمة بديلة اتخذت صيغة عولمة الحلف، واقترنت بدخول ساحات القتال لأول مرة عموما، وخارج المجال الجغرافي الأطلسي تخصيصا، ولم تظهر نتيجة إيجابية بالمنظور الأطلسي لهذا التطور، فساحة أفغانستان -وهي الساحة الرئيسية الأولى للقتال دوليا- لم تسفر عن نصر عسكري ونهائي يتلاءم مع فارق القوى الكبير، بغض النظر عن تعدد التفسيرات لذلك.

"العولمة العسكرية" للحلف على هذا النحو -مهما كانت دوافعها المباشرة- هي ما يعارضه أكثر من طرف أوروبي، والأصح هو القول إن المعارضة تنصب على "الإفراط والتسرع" في تلك العولمة، كما يؤخذ مثلا من تصريحات رسمية -فرنسية وألمانية بالخصوص- رافقت انعقاد القمة الستينية للحلف، وكشفت أن جوهر المعارضة هو رفض "عولمة الحلف بهيمنة أميركية" كما بدأت في عهد جورج بوش الابن، ولهذا كان تعقيب الرئيس الأميركي باراك أوباما متكررا خلال القمة الستينية بأسلوب "إثارة الاطمئنان" لدى الحلفاء، ولكن دون الوصول إلى صيغة حاسمة، مما دفع إلى تكرار القرار المشترك مجددا -بعدما سبق اتخاذه في عدة قمم سابقة- بتشكيل لجنة تطرح مقترحات جديدة لتعديل المهام الدولية الجديدة نسبيا، والمقررة قبل عشرة أعوام في واشنطن.

باختصار..
اقتصر تطوير الحلف خلال الحرب الباردة على زيادة تسلحه كما ونوعا، ولم يخرج به عن دور القوة الدفاعية الرادعة، بينما اتخذ التطوير في المرحلة التالية اتجاهين متكاملين:
  • أحدهما التحول من حيث الأساس إلى حلف غربي يتوسع شرقا بمهام دولية خارج نطاقه الجغرافي، وانعكس ذلك في عبور ساحة القتال في البلقان إلى ساحة القتال في أفغانستان.
  • والثاني إعادة تشكيلاته العسكرية وقياداتها ونوعية تسلحها في اتجاه القيام بمهام عسكرية على مسافات بعيدة، وبما يتلاءم مع متطلبات مواجهة ما يسمى التهديدات الأمنية اللينة أو الناعمة.
ولم تستقر الصورة الجامعة بين مهام جديدة والطاقة العسكرية المتطورة على صيغة نهائية، في حين بدأت عوامل جديدة بالظهور على الساحة الدولية، لاسيما في الشرق الآسيوي (روسيا والصين والهند) وفي العالم الإسلامي بازدياد أثر وجود المقاومة المسلحة رغم استمرار حالة التجزئة والضعف عموما.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 05-08-09, 08:33 PM

  رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

أبعاد اقتصادية في الصياغات الأمنية

لا يعتمد تفسير نهاية الحرب الباردة بانتصار الغرب على الشرق على تأكيد التفوق العسكري بقدر ما يعتمد على تأكيد العنصر الاقتصادي، إذ كان هو العامل الحاسم لتمييز العالمين الرأسمالي والشيوعي. حتى سباق التسلّح الذي بلغ درجة قصوى ابتداء من سبعينيات القرن الميلادي العشرين، كان يسير في نظر معظم الدارسين الغربيين باتجاه مرحلتي الانفراج فالوفاق دوليا، إذ كان سبب إنهاك العالم الشرقي ماليا واقتصاديا. من هنا كان في مقدمة العلامات الفارقة عقب الحرب الباردة، أن العالم الغربي أصبح مصدر القسط الأعظم من ديون الدولة الروسية الوليدة على أنقاض الاتحاد السوفياتي.

مع نهاية الحرب الباردة حملت العلاقات الغربية مع الشرق عنصرين متوازيين:
أولهما، استيعاب التوسعة تنظيميا في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، وبالتالي ربط هذه الدول سياسيا وأمنيا بالغرب، دون أن يشمل ذلك الاتحاد الروسي بما يتجاوز علاقة "الشراكة" الأشبه بالتنسيق غير الملزم أمنيا وسياسيا، وقام عنصر التوسعة على خلفية الديمقراطية ودولة القانون وحقوق الإنسان في إطار منظومة القيم الغربية.

أما العنصر الثاني فيدور حول تطوير الأوضاع الاقتصادية في الدول الشرقية باتجاه تبني النظام الرأسمالي الغربي، وهذا ما لم يقف عند الحدود الروسية، واستهدف تكوين شبكة من المصالح المالية والاقتصادية مع الدول الشرقية، على غرار ما تكوّن بين ساحلي الأطلسي بعد الحرب العالمية الثانية وأصبح الأساس للبنية السياسية الأمنية المشتركة، وفي مقدمتها حلف شمال الأطلسي، وقام هذا العنصر الاقتصادي على خلفية الليبرالية، أو الرأسمالية المنبثقة عنها في منظومة القيم الغربية.

ويظهر في العنصرين ازدياد مفعول منظومة القيم الغربية القائمة على دعامتي الديمقراطية والرأسمالية (الليبرالية).
بين زعامة أميركية وتعدد الأقطابنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
لم يكن الخلاف داخل حلف شمال الأطلسي غائبا في هذه الصورة الإجمالية للمسيرة الأطلسية، بل غلب على مظاهرها منذ عام 1989 حتى عام 2009 دون انقطاع، وبلغ درجة مواجهة علنية في حالات معدودة.
ويمكن تعداد عناوين رئيسية لذلك في حدود ما يتطلبه استشراف ما ينتظر في المرحلة التالية، مع السؤال المطروح حول القمة الستينية تخصيصا: هل وضعت نهاية لهذا الخلاف، أم ستبقى محطة على الطريق دون تغيير كبير؟

1- هل يوجد ما يستدعي بقاء الحلف؟
سؤال سيطر على العلاقات الأوروبية الأميركية عامي 1989 و1990، ورافقته مساعٍ فرنسية (وروسية) لتحويل ثقل السياسات الأمنية من حلف شمال الأطلسي إلى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا المنبثقة عما حمل الاسم نفسه في صيغة "مؤتمر" من قبل، وكانت ساحة تحقيق الانفراج بين الشرق والغرب. ولم يضمحل هذا الخلاف إلا عبر حرب البلقان بعد سنوات، واستعراض تجدد الحاجة الأوروبية إلى الولايات المتحدة الأميركية عسكريا.


2- من هو العدو البديل؟


أُعلنت أطروحة "الإسلام عدو بديل" لأول مرة على لسان ديك تشيني في مؤتمر ميونيخ للشؤون الأمنية عام 1990 (كان وزيرا للدفاع في عهد بوش الأول)، فشهدت رفضا أوروبيا مباشرا اضمحل عبر حلول وسطية بدلت العنوان من الإسلام إلى الأصولية الإسلامية خلال السنوات التالية.

3- هل يتحقق التميز الأوروبي أمنيا؟
كانت المعارضة الأميركية شديدة في البداية لتكوين طاقة عسكرية أوروبية متميزة وفق مشروع بدأ بين فرنسا وألمانيا وشمل دولا أوروبية أخرى لاحقا، مقابل تأكيد واشنطن أن تكون الأولوية الأمنية المطلقة للحلف. وبلغ الخلاف درجة التهديد الأميركي علناً على هامش قمة روما الأطلسية عام 1991 بتحويل مركز ثقل العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية إلى جنوب شرق آسيا ومنطقة المحيط الهادي.


4- هل يتوسع الحلف على حساب العلاقات مع روسيا؟
بقي هذا السؤال مطروحا باستمرار، أثناء المعارضة الأميركية المبدئية لخطوات التوسع الأطلسي والأوروبي شرقا، مراعاة لتطوير العلاقات الأميركية الروسية عقب الحرب الباردة، ثم كان تبني هذه التوسعة منذ حرب البلقان، مع عدم مراعاة المصالح الأمنية الروسية، وعادت العلاقات الأطلسية الروسية إلى مجراها (أو بدأت عودتها) عام 2009.


5- ما هي المهام الجديدة للحلف؟
استدعى الخلاف على صياغة مهام جديدة سلسلة مفاوضات بدأت عام 1991 وأوصلت عام 1999 إلى اتفاق وسطي على بنود أساسية، مع اختلاف علني في تفسيرها، ظهر في تناقضاتٍ حملتها تصريحات الرئيس الأميركي بيل كلينتون، والفرنسي جاك شيراك، والمستشار الألماني غيرهارد شرودر، والأمين العام للحلف الأطلسي مانفريد فورنر، وسرعان ما تكررت المطالبة بتعديلات جديدة تحت تأثير الحروب الأميركية، ولا تزال مطروحة وموضع مفاوضات إلى الآن.


6- أين تقع حدود ساحات القتال أطلسياً؟
انطلقت بعد البلقان مسيرة خوض القتال خارج نطاق المجال الجغرافي للحلف، وبدأت بتوافق شامل بعد تفجيرات نيويورك وواشنطن عام 2001، واستهدفت أفغانستان، ولكن سرعان ما اضمحل التوافق بغزو العراق عام 2003 واندلاع المواجهة السياسية العلنية الأكبر في تاريخ الحلف. ومنذ الغزو حتى عام 2009 لم تنقطع الخلافات بشأن تفاصيل التعامل مع الحربين، ولا تزال تهدئة هذه الخلافات عبر القمة الستينية على محك التجربة العملية للمرحلة المقبلة.


في إطار هذه الصورة الإجمالية توجد خلافات فرعية عديدة، مثل تعثر التنسيق مرارا بين تشكيل أكثر من قوة تدخل سريع، وإعادة تشكيل البنية الهيكلية للقيادات الأطلسية، والبحث عن حل وسطي للعلاقة العسكرية -قرارا وتنفيذا- بين القوى الأوروبية والحلف، وغير ذلك. لكن يمكن القول إن القاسم المشترك بين جميع الخلافات الرئيسية والفرعية، يقوم على أمرين:
  • الأول: سعي واشنطن لتثبيت زعامة انفرادية دولية أمنيا وسياسيا بما يشمل الجانب الاقتصادي.
  • الثاني: الإصرار الأوروبي على المشاركة "الندّية" أطلسيا، مع متابعة التنافس الاقتصادي عالميا.
الشواهد على السعي الأميركي للزعامة معروفة، وتابعها عدد كبير من المؤلفات الأميركية والأوروبية على مدى سنوات تحت عنوان "إمبراطورية أميركية جديدة". إنما الأهم من ذلك بمنظور المخاوف الأوروبية، ما أوردته وثيقة المحافظين الجدد تحت عنوان "الإستراتيجيات الأميركية للقرن الـ21"، وقد وُضعت بصيغتها المبدئية عام 1991، ونُشرت رسميا مع وصول جورج بوش الابن إلى منصب الرئاسة. وكان مما تضمنته نصًّا الحيلولة دون بروز دول منافسة اقتصاديا، لاسيما ألمانيا واليابان، والسيطرة على منابع الطاقة عالميا، ونشر القواعد العسكرية الأميركية حتى أواسط آسيا، بالإضافة إلى الهدف المشترك مع القوى الدولية الأخرى تحت عنوان حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل.
كما لم تنقطع الشواهد على المواقف الأوروبية بشأن المشاركة الندية أطلسيا عبر جميع القمم الأطلسية، خاصةً قمم إسطنبول وريغا وبوخارست أعوام 2004 و2006 و2008، وكذلك في مؤتمرات دولية أمنية -لاسيما المؤتمر السنوي في ميونيخ- وبقي ذلك مستمرا حتى القمة الأطلسية عام 2009.

السؤال المفتوح حاليا:
هل ستستمر المساعي الأميركية لتثبيت زعامة انفرادية ولكن بصيغة جديدة، أم ستقبل بتحقيق ما يردده الساسة الأوروبيون بصدد نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، وهو ما يلتقي مع التطلعات الروسية والصينية، ويفترق عند رغبة الأوروبيين في بقاء الحلف في هذا الإطار ساحة مشتركة لصناعة القرار الأوروبي والأميركي على قدم المساواة، وفي أن يجاوره وجود قوة عسكرية أوروبية متميزة؟


الصين الشعبية بمنظور أطلسينقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
كان من معالم الحرب الباردة أيضا سعي الولايات المتحدة الأميركية لموازنة بدايات الانفراج الغربي عبر ما عرف بمؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا مع موسكو والدول الأوروبية الشرقية، فخطت خطوة موازية وحاسمة (في السبعينيات) باتجاه الانفتاح على الصين الشعبية أيضا التي كانت على خصومة شديدة مع الاتحاد السوفياتي، ويُستبعد أن تكون المنطلقات الأميركية قد وضعت في حسابها آنذاك صعود الصين السريع نسبيا إلى مستوى قطب اقتصادي دولي بقدرات عسكرية متنامية.

الموقع الجديد للصين الشعبية عالميا، وقدراتها الاقتصادية التي اخترقت الأسواق التقليدية للغرب خارج حدوده وداخلها، والطاقات العسكرية المتنامية، جميع ذلك يرجح في الأصل أن تكون هي العدو المستقبلي المحتمل للحلف.

وعليه فإن الخطر الصيني بالمنطق الإستراتيجي هو الخطر المستقبلي على الغرب، وبالتالي على حلفه الأطلسي، لأن قدرات الصين الذاتية مع وحدة أراضيها يمكن أن تضع حداً لهيمنة الغرب على العالم.
أما الخطر الروسي فهو نسبي وظرفي، ولهذا تتجه العلاقات الغربية الروسية عموماً نحو المزيد من التعاون والتكامل، علاوة على أن روسيا قوة تقليدية مثلها مثل القوى الغربية بمنظور موازين القوى العالمية. أما الصين فتنتمي إلى جيل جديد من القوى، إذ تزداد قوتها دون أن تظهر لها طموحات إستراتيجية أو أن تطرح بدائل للمنظومة القيمية (الديمقراطية والليبرالية) الغربية.
الجدير بالذكر أن رؤية الصين عدوّاً إستراتيجياً بعيد المدى للغرب بزعامته الأميركية على مدى القرن الواحد والعشرين وربما أبعد من ذلك، لا تنفي أنها ما زالت من الناحية الواقعية بعيدة المنال عن إمكانيات وقدرات الحلف الحالية والمستقبلية، ما لم ينضم إلى عضويته كل من اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا في وقت لاحق، أو في إطار ما يسمى الشراكة المباشرة، بالإضافة إلى دول مختارة من منطقة جنوب شرق آسيا، المتميزة بعلاقات قوية (مع الولايات المتحدة وأوروبا) بهدف الإحاطة الإستراتيجية بالصين وإحكام الطوق عليها من الشرق والجنوب، وإضعاف خياراتها الإستراتيجية مستقبلا.

إنما حتى في حال تحقيق ذلك ستبقى اعتبارات إستراتيجية أخرى حاسمة في تقدير موازين المواجهة المحتملة، فحسم المواجهات المباشرة لا ينفصل في المدارس الإستراتيجية الحديثة عن تقدير موازين القوى غير العسكرية أيضا، والعنصر الحاسم هنا هو أن الصين لا تسعى ولا تفسح المجال لمواجهة بقوى عسكرية غير متكافئة توظف فيها قدراتها الاقتصادية أثناء المواجهة، بل هي توظف هذه القدرات "استباقيا" في مواجهة "ناعمة" على الساحة العالمية، مما يمكن أن يصبح لاحقا سندا كبيرا إذا وقعت مواجهة عسكرية ما.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 05-08-09, 08:37 PM

  رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

المنطقة الإسلامية بمنظور أطلسي
إذا كان المنطق الإستراتيجي يفرض على الحلف أن يضع الصين في خططه المستقبلية، فإن التطور الجاري على أرض الواقع، وترجيح أن يكون لمنظومة القيم دور أكبر في توظيف الحلف غربيا، يدفعان للسؤال عما إذا كان يستهدف المنطقة الإسلامية أو لا وعلى المدى البعيد.
  1. أثناء الحرب الباردة كان الحلف معتادا على وجود عدو معروف ومحدد جغرافيا، يمكن تقدير خططه وتحركاته مسبقا لأن له نفس الثقافة الأمنية والعقلانية الإستراتيجية الغربية (ينفع معه مثلاً الردع النووي).
  2. مع نهاية الحرب بدأ الحلف يرصد مصادر أخطار تختلف بطبيعتها عن العدو التقليدي، فأعداء اليوم هم من جيل جديد، دون قاعدة جغرافية واضحة الحدود، ويمزجون بين أدوات صراع تقليدية وربما غير تقليدية (التخوف من حيازة جماعات إرهابية لمواد انشطارية).
  3. هذا ما أوجد حالة ارتباك إستراتيجية في الحلف، لاعتياده في وضع إستراتيجياته على أساس تحديد دقيق لهوية العدو وتموقعه جغرافيا وسياسيا (ضمن حدود سياسية دولية).
  4. عناوين مصادر الخطر (العدو) التي حددها الحلف تركزت على: الإرهاب، وأسلحة الدمار الشامل، وانتشار الصواريخ البعيدة المدى، إضافة إلى مصادر أخرى تتجاوز الجانب الأمني العسكري إلى الجانب الاقتصادي، مثل الخلل في التوازنات البيئية، وطرق إمدادات الطاقة والمواد الخام، والطرق التجارية، والهجرات الجماعية، وغيرها.
  5. جميع ذلك (أو معظمه) واقع في نطاق المنطقة الإسلامية (والجدير بالذكر أن دول الحلف اعتبرت امتداد الوجود البشري الإسلامي في دول أوروبية كمنطقة البلقان، وداخل دوله الأعضاء امتدادا لمواطن الخطر) فسعت للسيطرة عليها أو ضبطها في معادلات خاصة بها.
  6. في إطار اختلاف منظومة القيم بين منطقة وأخرى (حددها هنتنغتون بثماني مناطق في العالم)، لا تبلغ درجة التناقضات مستوى الخطر المباشر كما كان بعضها تاريخيا، يسري ذلك على المنطقة الجغرافية التي تتركز فيها المسيحية الأرثوذكسية مثلا، أو لا تصل التناقضات إلى مستوى توظيف اختلاف القيم كعوامل فاعلة في المواجهة، كما في منطقة الديانات والثقافات الشرقية، الكونفوشيوسية والهندوسية.
  7. لا يسري ذلك على المنطقة الإسلامية، لاعتبارات تاريخية لها عناوينها المعروفة (الأتراك على أبواب فيينا، الأندلس، الحروب الصليبية، الاستعمار التقليدي)، إضافة إلى أن الاختلاف قائم في أساس منظومتي القيم الإسلامية والغربية وما ينبثق عنها تطبيقيا من اختلاف في أنماط الحياة وفي الخيارات الثقافية والمجتمعية.
  8. ساهمت الحقبة التاريخية الأخيرة في إيجاد وعي معرفي وثقافي عدائي متبادل، في الغرب تجاه المنطقة الإسلامية وبالعكس، بغض النظر عن أسباب نشأته وتعليلاته.
  9. أصبح العالم العربي الإسلامي يمثل بحكم التاريخ والجغرافيا والقيم، الآخر الحضاري والثقافي بالنسبة للغرب، بينما تمثل روسيا والصين الآخر الإستراتيجي، مع التمييز بين قابلية إعادة صياغة الهندسة الأمنية في أوروبا بالتعاون مع روسيا، وليس ضدها أو على حسابها، وبقاء العلاقات مع الصين مفتوحة تجاه تطورات مستقبلية.
تطرح هذه المعطيات السؤال التالي:
هل تكتسب المدرسة التقليدية في صياغة الإستراتيجيات العسكرية للأحلاف مكانة مركزية في حلف شمال الأطلسي، فيغلب على صياغة مهامه وخططه المستقبلية وضع الخطر الإستراتيجي الصيني الأكبر اقتصاديا وعسكريا في محورها، أم يكتسب مفعول منظومة القيم والحرص الغربي على نشرها عالميا، وتقليص احتمالات مواجهتها بمنظومة مغايرة، المكانةَ المركزية في تلك الصياغة، مما يجعل المنطقة الإسلامية هي المستهدفة؟

إن الإجابة على هذا السؤال تتطلب دراسات متعمقة، يمكن طرحها على ثلاثة محاور: أولها تطور نظرة الحلف نفسه إلى طبيعة "العدو"، وثانيها ما يشهده الواقع التطبيقي في سياسات الحلف وممارساته في المرحلة الراهنة، وثالثها التمييز الدقيق بين نقاط التلاقي ونقاط المواجهة في علاقات الحلف مع المنطقة الإسلامية، باعتبارها لا تشكل تكتلا سياسيا أو عسكريا أو دولا متجانسة على الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية.

العدو المستقبلينقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
كان العامل الاقتصادي أبرز من سواه في تحديد توجهات الحلف في المرحلة الأولى وتطوره عقب الحرب الباردة، بينما غلب العامل العسكري على "محاولات" توجيهه في المرحلة الثانية أثناء الحروب الأميركية، ومن المرجح أن يكون ميدان القيم (ونشرها) بمنظورها الغربي عنصرا مؤثرا في صياغة الإستراتيجيات الأمنية في المرحلة التالية، التي يمكن تأريخ بدايتها بقمته الستينية عام 2009.

وقد هيمنت توسعة الحلف على معالم تطوره في المرحلتين الأولى والثانية، ولم تصل إلى نهايتها بعد، إلا أن التطلع إلى تثبيت جملة من التصورات لعلاقات الحلف بمناطق أخرى من العالم، سيهيمن غالبا على المرحلة التالية في المسيرة الأطلسية، وستتأرجح هذه التصورات بين السعي لعقد تحالفات مشاركة وتنسيق دون مستوى العضوية، وبين العمل للسيطرة على الوضع الأمني خارج المجال الجغرافي للحلف وما يقتضيه ذلك على الأصعدة السياسية والاقتصادية وعلى صعيد نشر منظومة القيم الغربية، وهذا ما يشمل بشقيه المنطقة العربية والإسلامية.

لا يمكن الفصل بين تطوير البنية الهيكلية لحلف شمال الأطلسي تطويرا كبيرا خلال السنوات العشرين الماضية، وتحويله من حلف دفاعي في الحرب الباردة، إلى حلف ردع وتدخل على المستوى الدولي، وبين ما شاع وصفه بالعدو البديل عن العدو الشيوعي القديم، إذ لا توجد صيغة إستراتيجية عسكرية جديدة اعتباطيا، وكل تغيير إستراتيجي أطلسي كان يعني ترجمة قرار سياسي إلى خطة عسكرية وتنفيذها، وهو القرار الذي يُتخذ على مستوى اللقاءات الدورية لوزراء الخارجية والدفاع، ولقاءات القمة.

يسري ذلك على إلغاء مراكز قيادات وتشكيل بديل عنها، وتخفيف الاعتماد على نوع من التسلح وتنشيط صناعة نوع آخر، وتعديل ما يسمى "الكتاب الأبيض" الذي يحدد عقيدة القوات العسكرية ومهامها على المستويات الوطنية لعدد من الدول الأعضاء في الحلف وغير ذلك من الإجراءات، فجميع ذلك يعتمد على لجان عسكرية متخصصة دائمة وأخرى تتشكل خصيصا لمهمة محددة.
في هذا الإطار:
  • أولا: تبدل مفهوم العدو أطلسياً من صراع اقتصادي بين رأسمالية وشيوعية إلى صراع قيم حضارية، وازداد التخوّف من خطر أمني مستقبلي، أي أن "يصبح" الآخر حضاريا قادرا على توظيف ما يوصف بمصادر التهديد الليّنة.

    بالمقابل بدأ يتطور مفعول التفوق العسكري التقليدي، فلم تعد التجهيزات وحجم القوة الضاربة كافية كمعيار للحسم، كما يؤخذ من التجارب الأطلسية والأميركية في أفغانستان والعراق.
  • ثانيا: مع التسليم بأن الرؤى الأطلسية على المدى المتوسط والبعيد قابلة للتبدل إذا تبدلت المعطيات التي ترتكز عليها، ففي استشراف ما يستهدفه الحلف في المستقبل المنظور كعدو، لا بد من الاعتماد على معطيات الواقع الآني.
وتشمل هذه المعطيات حاليا:
  1. التنظير، أي ما يصدر عن الحلف مباشرة أو عن دائرة الغرب الحضارية الحاضنة له من توجهات معلنة.
  2. التخطيط والتطوير، وهما في الوقت الحاضر متوافقان مع الصياغات الموثقة أطلسياً بشأن استهداف المنطقة الإسلامية (وليس الصين بالضرورة).
يتبين ما سبق في العناصر التالية:
  1. وثائقيا: بقي القاسم المشترك فيما صدر عن الحلف حتى قمة 2009 متركزا على أطروحة "الإسلام عدوّ بديل"، ولئن أثارت اعتراضا أوروبيا عام 1990، فقد كان تجاه الصياغة وليس المضمون، كما تبين في القمم الأطلسية التالية (روما 1991، وبروكسل 1994، وواشنطن 1999)، فاستقر استهداف "الأصولية" الإسلامية، بدلا عن ذكر "الإسلام" مباشرة، واستخدم هذا التعبير في السنوات التالية في تعديل صياغات "الكتاب الأبيض" حول المهام العسكرية على المستويات الوطنية -لاسيما في ألمانيا وفرنسا- ووصل إلى وزارة الدفاع الروسية لاحقا. أما استخدام تعبير الإرهاب، وتحديدا "الحرب ضدّ الإرهاب الإسلامي"، فبدأ في أواخر القرن الميلادي العشرين ومطلع الحادي والعشرين، واستقر نهائيا منذ تفجيرات نيويورك وواشنطن عام 2001.
  2. عسكريا: مع تثبيت استهداف "الأصولية" ثبتت قمة بروكسل (1994) تعديل البنية الهيكلية العسكرية للحلف، بما يشمل توجيه رأس حربته جنوبا بعدما كانت متجهة شرقا (مثل البرمجة الإلكترونية لأهداف الصواريخ العابرة للقارات)، ورافق ذلك تشكيل عدة فرق أوروبية وأطلسية للتدخل السريع في المنطقة الإسلامية تحديدا، مثل قوّة تدخل رباعية من فرنسا وأسبانيا وإيطاليا والبرتغال، هدفها الرسمي "مواجهة الأزمات المحتملة في الشمال الإفريقي"، كما كشفت صحيفة لوموندو الإسبانية في 4/12/1997 النقاب عن وثيقة أطلسية إسبانية حدّدت ما يجب أن تضطلع به إسبانيا من مهامّ عسكرية بما فيها ضمان إنزال عسكري بري في منطقة الشمال الإفريقي.

    ولا ينفصل عن ذلك تطور "إستراتيجي" يتمثل في ازدياد الاستعداد لاستخدام أسلحة نووية ميدانية "ضد الإرهاب"، وأول ما ظهر للعلن من ذلك هو الكشف عن قرار أميركي في فبراير/شباط 1996 (أي قبل تفجير السفارتين الأميركيتين في إفريقيا بعامين وتفجيرات نيويورك وواشنطن بخمسة أعوام) شمل برامج جديدة لتدريب الجنود الأميركيين على استخدام السلاح النووي عند الحاجة، حسبما نشرته وكالة الأنباء الألمانية وصحيفة "زود دويتشه" في ميونيخ يوم 24/8/1998، نقلا عن دراسة قام بها "مركز المعلومات عن الأمن الأطلسي" في برلين و"المجلس البريطاني الأميركي للمعلومات السرية" في لندن.

    وتزداد خطورة هذا المجال عند ربطه بالسياسة الرسمية المعلنة لأقطاب الشمال، لمنع التسلّح المتطور عن أي بلد خارج ما يسمى النادي النووي (وهذا ما يشمل البلدان الإسلامية عموما)، وهو ما اتخذ صيغة "العنصر الأبيض تحت السلاح" حسب تعبير جريدة ذي غارديان البريطانية، بمعنى احتكار أسلحة الدمار الشامل والأسلحة المتطوّرة، أو الحيلولة دون امتلاك قوة رادعة تجاه هجوم خارجي محتمل.
  3. تطبيقيا: بغض النظر عن التفاصيل والأحداث المرحلية التي استهدفت جميع التحركات العسكرية بعد الحرب الباردة (أي الأطلسية والأميركية المقترنة بمحاولة دفع الحلفاء الأطلسيين واستجابة بعضهم للمشاركة فيها) مواقعَ في المنطقة الجغرافية الإسلامية، بدءاً بالقصف الصاروخي للسودان وأفغانستان، مرورا بالتدخل في البلقان، ثم الحرب في أفغانستان، فحرب احتلال العراق، وحتى التدخل الأطلسي البحري لمكافحة القرصنة قرب سواحل الصومال وفي البحر العربي، فبغض النظر عما يقوله قادة الحلف أو يصرحون به، تشهد حركة الجيوش والقواعد العسكرية على اتجاه الحلف نحو تركيز أولوياته في الرقعة الإسلامية.
  4. جغرافيا: شمل تحديد العدو البديل المجال الجغرافي لمصدر التهديدات المتعددة البديلة بمنظور الأطلسي، وهو ما أطلق عليه "هلال الأزمات". ولهذا التعبير جذور فكرية أميركية مبكّرة، وأوّل من أعطاه مضمونا سياسيا المستشار السابق لشؤون الأمن القومي الأميركي بريجنسكي، وأوّل من أعلن نقله إلى مستوى التخطيط العسكري، الأمين العام الأسبق للحلف مانفريد فورنر، في مقابلة له مع مجلة "دير شبيغل" الألمانية عام 1991، وعندما سئل عن المقصود، ذكر المنطقة الممتدة ما بين المغرب وإندونيسيا.
  5. حضاريا (أو بمعيار منظومة القيم): تعزيزا لما سبق يلاحظ (خارج نطاق الأمن والسياسة) كيف تعددت مظاهر التعبير عن توجهات العلاقة الغربية والأطلسية بالعالم الإسلامي، مثل حملات "تعديل المناهج" وما سمي "مشروع الشرق الأوسط الكبير"، ودعوات التغيير تحت عنوان الديمقراطية وحقوق الإنسان والتراجع عنها مع ظهور المخاوف من التغيير باتجاه ما سمي "الإسلام السياسي".
الجدير بالذكر أن الأطروحات الأطلسية تحت عنوان المشاركة منذ قمة إسطنبول 2004 (لاسيما مع الشمال الإفريقي ومنطقة الخليج) تجمع بين البعد السياسي الأمني وبُعْدِ التقسيم الإقليمي للمنطقة الإسلامية جغرافيا تبعا لذلك. ويلاحظ أن ما عُرف من قبل (منذ 1994) بالحوار الأطلسي المتوسطي، لم يسفر خلال 15 عاما تالية عن نتيجة مرئية أمنيا في الشمال الإفريقي من حيث تطوير الطاقات العسكرية الذاتية كما في شرق أوروبا، أو من حيث منظومة القيم تحت عنوان تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان. ويسري شبيه ذلك على منطقة الخليج حديثا، مع إضافة ما تعنيه المشاركة الأطلسية في الإطار الأوسع في خريطة التطورات الأمنية أطلسياً، والتي تركز على ثلاثة عناوين: العراق وأفغانستان وإيران.

ومن الملاحظ أن استهداف المنطقة الإسلامية يجد على صعيد الرأي والتحليل في الدول الأطلسية تأييدا ومعارضة، ولكن من زاوية الاستشراف المستقبلي دون نفي أنه جزء من الواقع القائم في الوقت الحاضر، وهنا لا يُقارَن "العدو البديل" بالعدو الشيوعي الشرقي القديم من ناحية القدرات العسكرية، بل ينطلق الاستهداف من اعتبار المنطقة الإسلامية منطقة أزمات، أو منطقة تجمع مصادر "التهديدات الأمنية اللينة"، أي رغم افتقاد عنصري التكتل والقوة العسكرية الرادعة.

هذا ما بدأ اعتماده في وقت مبكر، كما يشير إلى ذلك الحديث عن "حرب المستقبل" على لسان وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت، وهي حرب تريد واشنطن أن تستخدم فيها "جميع الوسائل المتوافرة" على حدّ تعبير وكيلها الوزاري توماس بركرينغ آنذاك، ويمكن أن تسبّب في المستقبل خسائر أكبر ممّا كان حتى الآن، كما تنبّأ مدير المخابرات المركزية الأميركية السابق روبرت غيتس مؤكدا أنه "يجب إعطاؤها الأولوية على سائر ما عداها في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والمالية والأمنية".

ونظرا لتفاوت موازين القوى وافتقاد الخطر العسكري الفعلي على الغرب، ظهرت أطروحات "الحروب الوقائية" أميركياً والتي وجدت المعارضة أوروبياً، في حين تطلّب تسويغها تصعيدَ الخلط بين الإرهاب والمقاومة. ويصل تعبير بعض الجهات الغربية عن واقع التعامل مع "العدو البديل" إلى أبعد من ذلك، كقول الأستاذ الجامعي في جامعة كاليفورنيا سابقا فرانس شورمان إن ما يجري "حرب كبرى ضد الإسلام والمسلمين، بدأت في السودان وأفغانستان".

العلاقات الأطلسية مع دول عربية وإسلامية
بغض النظر عن ترجيح استهداف المنطقة الإسلامية أطلسياً، ينبغي أن لا يغيب التساؤل عن موقع نموذج العضوية التركية، وحديثاً الألبانية أيضا، إضافة إلى بعض ميادين التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي والدول المتوسطية.
بحكم موقعها وتاريخها وهويتها، تعتبر تركيا همزة وصل بين حلف شمال الأطلسي والعالم العربي والإسلامي، لكنها في الوقت نفسه همزة فصل بين الإقليمين الأوروأطلسي المتكامل اقتصادياً والمندمج إستراتيجياً، والعربي الإسلامي المفكك المفاصل.
هذه النظرة العامة قد تحجب الرؤية عن مسائل جوهرية، أولاها أن عضوية تركيا في الحلف تبقى حالة خاصة مقارنة ببقية الأعضاء، ويبدو أن البند الخامس من ميثاق الحلف (القائم على مبدأ الدفاع الجماعي) لا ينطبق بشكل تلقائي على تركيا. فإبان الحرب الباردة لم تتردد دول أوروبية في حصر تطبيقه على تركيا في حالة تهديد سوفياتي فقط، رافضة استخدامه من قبل تركيا في صراعاتها مع جيرانها الشرق أوسطيين، وعليه كانت تركيا تعتمد أساساً على أميركا أكثر مما تعتمد على الحلف.

في أزمة الخليج الأولى رفضت دول أوروبية حليفة أي تغطية عسكرية لتركيا تحت عنوان نفس البند تحسباً لهجوم عراقي، وعاد الجدل مجدداً إلى الواجهة عام 2003، حيث رفضت فرنسا وألمانيا وبلجيكا الطلب التركي للمساعدة، لكن الحلفاء اتفقوا في نهاية الأمر على مهمة أطلسية (نشر نظم دفاعية مضادة للصواريخ وعتاد دفاع كيميائي وبيولوجي ومراقبة جوية) في جنوب شرق تركيا مطلع العام 2003 تحسباً للتهديد المترتب عن الأزمة العراقية. وعليه فالوضع الجغرافي لتركيا جعلها منكشفة أمام مثل هذه الاختلافات التي بينت أن المظلة الأطلسية تبقى نسبية بالنسبة لها.

بالمقابل لم تشارك تركيا في القتال على الساحة الأفغانية، ورفضت التدخل في الحملة العسكرية الأميركية لاحتلال العراق عام 2003، وتدل مواقف الحكومة التركية مؤخراً إبان حصار القوات الإسرائيلية لقطاع غزة -رغم علاقاتها الإستراتيجية مع إسرائيل خلال السنوات العشر الماضية- على أن مواقفها السياسية لن تتأثر بحلف شمال الأطلسي أو بإسرائيل أو حتى بالاتحاد الأوروبي الذي تسعى للانضمام إليه بكافة السبل منذ مدة طويلة.

أما ألبانيا فهي دولة صغيرة الحجم وقليلة الموارد ومحدودة السكان، ولا تشكل هدفاً مريباً للحلف ولا شراكة مرهوبة الجانب من قبله، وجاءت عضويتها لأسباب إثنية وجغرافية، وليس لكونها ذات أغلبية سكانية مسلمة.

فالدلالة الإستراتيجية لعضوية دولتين مسلمتين في الحلف هي أنهما مواليتان لمصالحهما المشتركة وليس للعالم الإسلامي، إلا أن الحلف بإمكانه استثمار هذه الخاصية الإسلامية لصالحه على المدى البعيد، عندما تتهيأ بعض الدول الإسلامية فيما بعد ولظروف متقاطعة، لأن تنضم إلى برامج الشراكة أو إلى عضوية الحلف.
وسبقت الإشارة إلى أمثلة أخرى على التعامل الأطلسي مع دول عربية وإسلامية بعينها (مبادرة إسطنبول للتعاون، والحوار الأطلسي المتوسطي)، وتستتبع هذه النماذج السؤال عن قابلية وجود علاقات أطلسية عربية وأطلسية إسلامية خارج دائرة الاستهداف والعداء، وما مدى تأثيرها المحتمل على استبعاد صدام ما؟

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 05-08-09, 08:39 PM

  رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

تعدد مستويات التعامل الأطلسي مع العالم الإسلامي
العنصر الحاسم في العداء بين المعسكرين الشرقي والغربي سابقا، هو الافتراق في ميادين سياسية واقتصادية وأمنية منبثقة عن اختلافات فكرية فلسفية داخل دائرة فكرية حضارية مشتركة. ولا يسري ذلك على تعامل الغرب وبالتالي حلفه الأطلسي مع الإسلام والمنطقة الإسلامية، أو الدائرة الحضارية الإسلامية.

إن منظومة القيم الغربية صادرة عن أرضية ثقافية غربية مشتركة تاريخيا، من قبل وصول زمام قيادة الحضارة الغربية إلى الولايات المتحدة. والارتباط التاريخي الحضاري الثقافي الديني الوثيق أنتج تشابه أطياف الثقافة الغربية وتطابقها، مما تعبر عنه شعارات معروفة، مثل الحياة على الطريقة الغربية، وأصبح هذا الإرث التاريخي القاعدة القوية والمرجعية الأولى لأمن الحضارة الغربية، مقابل التباين مع أطياف الحضارات والثقافات والأديان الشرقية بدرجات متفاوتة.

وانطلاقا من تقسيم هنتنغتون في نظريته حول صدام الحضارات العالمَ إلى ثماني مناطق: غربية، وروسية أرثوذكسية، وصينية، وهندية، وفارسية، ويابانية، وإفريقية، وعربية إسلامية، بقي ترجيحه لصدام الحضارات مستقبلا مركزا على الدائرتين الصينية والإسلامية، وأصبح الحلف على هذه الأرضية التاريخية هو الجسر الوثيق للارتباط الأميركي الأوروبي حضاريا، فلا استغناء عن مكوناته وقدراته كأداة عسكرية لحماية مكتسبات الحضارة الغربية وثقافتها.

ينبغي إذن عدم الاستهانة بمقولة "الإسلام عدو بديل"، رغم أنها صارخة من حيث إن الإسلام دين وليس خطرا عسكريا بالمفهوم الإستراتيجي للكلمة، علاوة على أن الدول ذات الغالبية الإسلامية لا تمثل تكتلا أو مكونات تكتل تنطوي على خطر عسكري إستراتيجي.

إن مدلول الكلمة الأمني مطابق لمدلولها اللغوي بمنظور ارتباط التصورات الإستراتيجية الغربية بمنظومة القيم والخشية من خطرها "مستقبليا"، سواء كان خطرا موهوما أو حقيقيا، ولا يتناقض ذلك مع ما يوجد على صعيد الأسرة البشرية عموما من قواسم مشتركة ذات طبيعة إنسانية، وإن غيّبتها الحقبة الماضية الحافلة بالصدامات.

على أن ترجيح استهداف المنطقة الإسلامية في المرحلة التالية لا يعني انعدام عوامل عديدة تقيّد الإجراءات التنفيذية المحتملة عسكريا، وهذا مما يمكن استخلاصه من عنصرين:
  1. الأول: التجربة الأطلسية السلبية في أفغانستان.
  2. الثاني: واقع الطاقات العسكرية الأطلسية.
الحرب في أفغانستان لم تصل إلى نهاية بعد، إنما كان عدم حسمها بعد سنوات من اندلاعها ورغم تفاوت القوى تفاوتا كبيرا، أظهر حدود القدرات العسكرية الأطلسية على أرض الواقع. وهذه القدرات التي يعتمد عليها الحلف في المرحلة المقبلة (سواء في التعامل مع المنطقة الإسلامية أو خارج نطاقها) هي وفق ما شهد من تطوير هيكلي في السنوات الماضية:
  1. قوة الناتو للرد، وأول من طرح فكرتها وزير الدفاع الأميركي السابق دونالد رمسفيلد في وارسو يوم 24 سبتمبر/أيلول 2002، وأعلن القرار بتشكيلها في اجتماع براغ في نوفمبر/تشرين الثاني 2002، واختُصرت لاحقا لتتكون من 25 ألف جندي، وتركز دورها الرئيسي المعلن على مكافحة الإرهاب ومنع انتشار وتهريب ونقل مواد أسلحة الدمار الشامل، إلا أن دورها الحقيقي يتمثل في بناء نواة لقوة أطلسية عسكرية قابلة للانتشار السريع ضد أي موقع على خريطة الساحة العالمية، والقتال فيه والاستمرارية خلال مرحلة ما بعد جولة الصراع المسلح. وتظهر حدود مفعول قوة الردّ عند الإشارة إلى تلكؤ دول الحلف الأوروبية لعدة سنوات في الاستجابة للمشاركة الفعالة فيها، مما دفع إلى اختصار حجمها.
  2. شكلت الولايات المتحدة خلال السنوات العشرين الماضية قوات تحالف، وقوات متعددة الجنسيات، وائتلافَ الدول الراغبة، فضيعت أدوارا مؤثرة وفرصاً كبيرة على الحلف، وهو مما أبرزت حرب أفغانستان عواقبه.
  3. تختلف أجندة الاتحاد الأوروبي عن الأجندة الأميركية والأطلسية، ومن بين 28 دولة عضوا في الحلف توجد 21 دولة في الاتحاد الأوروبي الذي يتطلع إلى قوة عسكرية مستقلة لنفسه.
  4. من المتوقع أن تعمّق الأزمة الاقتصادية العالمية الخلافات الأطلسية، لاسيما في حال الفشل المرجح بأفغانستان، ومن هنا تعددت الأصوات داخل الحلف ألاّ يكون مستقبلا "قوة عالمية" بما يفوق قدراته وإمكانياته.
يمكن انطلاقا مما سبق تحديد العلاقة بين النظرة الأطلسية الإجمالية للمنطقة الإسلامية، وبين تعدد نماذج تعامله مع بعض دولها، فالنظرة الإجمالية ترى الدول العربية والإسلامية منطلقات جغرافية وقواعد للإرهاب العالمي، وترى أن الأنظمة السياسية العربية والإسلامية متخلفة تحتاج إلى عمليات إصلاحية جذرية، وبالتالي لا ينظر الحلف إلى الدول العربية والإسلامية التي يختارها في بناء علاقات الشراكة معها، نظرتَه إلى الآخرين في أوروبا وآسيا وأستراليا.

باختصار..
إلى جانب الأرضية الاقتصادية الحاسمة في صياغة السياسات الأمنية الأطلسية، ورغم تبدل المعطيات الدولية في اتجاه تعدد الأقطاب، يبقى البعد الحضاري مؤثرا على منظور الحلف للعدو المستقبلي، وهذا مما يجعل المنطقة الإسلامية مستهدفة في المرحلة المقبلة، سواء في صيغة علاقات احتواء تحت عنوان المشاركة -وهذا ما تزال تجربته جارية على مستويات ثنائية وإقليمية- أو في صيغة ما يوصف بإجراءات وقائية واستباقية، للحيلولة دون أن تصبح المنطقة الإسلامية مصدر خطر على المنجزات الحضارية الغربية بالمنظور الأطلسي، وهذا ما ينعكس في تفاصيل العمل لتطوير الحلف وقدراته العسكرية.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 05-08-09, 08:42 PM

  رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

استنتاجاتيقتصر هذا الفصل على تعداد موجز لأهم العناصر المستخلصة من الفصول السابقة، لرؤية المعطيات المختلفة المؤثرة أكثر من سواها في البحث عن الصورة المستقبلية المرجحة لحلف شمال الأطلسي، وموقع العالم الإسلامي في منظوره، تمهيدا لاقتراح خيارات التعامل العربي والإسلامي مع الحلف.

مستقبل الحلف

1- بلغ التوسع الأطلسي جغرافيا حدودا تدفع إلى تعديل صياغة العلاقات بروسيا على أساس حلول وسطية، مع عودة الاستقرار إلى العلاقات عبر الأطلسي بين شطريه الأوروبي والأميركي، وترجيح تقوية الجناح الأوروبي لاسيما بعد عودة فرنسا إلى البنية العسكرية للحلف.
2- من المنتظر أن تتضاعف مساعي دول الحلف لتثبيت موقعه الدولي في إطار تفاهم أكبر بين أقطاب الشمال، قد ينطوي على التعددية القطبية، وأبرز محاوره منع انتشار أسلحة الدمار الشامل، ومكافحة الإرهاب، ودعم نسيج شبكة المصالح الاقتصادية والمالية.
3- تعديل البنية العسكرية الأطلسية متواصل مع ظهور معالم التراجع عن مشاريع كبرى، مثل اختصار حجم قوة "الرد السريع" وإعادة النظر في مشروع الدرع الصاروخي الأميركي، كما بدأ الحلف في قمته الستينية محاولة جديدة لإعادة صياغة مهامه الأمنية الدولية، ولا يمكن الجزم بحصيلتها مسبقا، على ضوء الخلافات المستمرة حولها.

4- رغم استمرار الصيغ التطبيقية لمقولة "الإسلام عدو بديل" تحت عنوان الحرب على الإرهاب، ووفق أسلوب الخطوات الاستباقية، يبقى المرجح اضمحلال استخدام الوسائل العسكرية المباشرة، وتطوير أكثر من صيغة لشراكة أمنية عسكرية مع الأنظمة القائمة في العالم الإسلامي.

5- سيستمر هاجس اختلاف القيم ومفعوله المستقبلي، مع التركيز على صيغ جديدة للتأثير على المستويات الشعبية في تعميم المنظومة الغربية، بدلا من أطروحات التغيير عبر السلطات (من الأعلى) تحت عناوين تثبيت الديمقراطية وحقوق الإنسان.
6- لا ينتظر تراجع المساعي الغربية لتعزيز نشر الرؤى الرأسمالية الليبرالية، وما ينبثق عنها على الأصعدة التجارية والمالية والاستثمارية وغيرها، وفق المعادلات القائمة منذ الحرب العالمية الثانية لصالح العالم الغربي الرأسمالي.

العالم الإسلامي بمنظور أطلسي
من حيث المبدأ تحتاج المنطقة الإسلامية إلى تثبيت معالم صورة مشتركة بين دولها والقوى الفاعلة فيها، بشأن استيعاب موقعها هي في منظور حلف شمال الأطلسي مستقبليا، وما يرتبط بذلك من مخاطر أو فرص، كخطوة أولى لتقرير مواقف تشمل تحديد الإمكانات المتاحة للتعامل مع الحلف مستقبلا، مع مراعاة تطويرها المتواصل ومعطيات الواقع الآني في العالم الإسلامي.

من هذه المعطيات:
  1. ينظر العرب بالريبة إلى حلف شمال الأطلسي، رغم التهافت على علاقات وثيقة مع أميركا وقوى غربية أخرى. وتتناقض النظرة الرسمية إلى وجود علاقات ودية مع الحلف والغرب عموما، مع النظرة الشعبية العربية وشرائح نخبوية التي ترى في الحلف مجرد امتداد للتطلعات الاستعمارية القديمة، وساهم في ذلك أن الولايات المتحدة ورطت الحلف في سلسلة حروب في المنطقة الإسلامية.
  2. يحكم النظرة الأطلسية الرسمية حيال المنطقة اعتباران: أولهما، إثبات أن الحلف ليس من دعاة صدام الحضارات وأنه يريد إقامة علاقات عادية وتعاونية مع الدول العربية والإسلامية، وأنه لا يقيم أي علاقة بين الإرهاب والإسلام كدين. وثانيهما، الشروع في مبادرات تعاونية مع بعض دول المنطقة في إطار خدمة الأمن بواسطة الشراكات. ومن أسباب ذلك إدراك أن الأمن والاستقرار في المنطقة خدمة لأمن الجميع، كما يعد أمن الطاقة (النفط والغاز) هاجساً أطلسياً مما يقتضي الحاجة إلى تعاون وتفاهم وليس إلى المواجهة مع الدول العربية والإسلامية.
  3. ليس العرب كتلة واحدة من المنظور الإستراتيجي على صعيد المصالح والسلوك، فالدول العربية تتنافس "عكسيا" على التقرب من القوى الغربية، ليس للحصول على المزيد من المكاسب الإستراتيجية، وإنما لحرمان الطرف العربي الآخر من الحصول على ميزات، ولكن أي "شراكة إستراتيجية" تتطلب تصورات مشتركة للتهديدات، وهو ما لم يتحقق بين الدول العربية -فرادى ومجتمعة- وحلف شمال الأطلسي، فغياب قرار سياسي عربي موحد وغياب هيكلية عسكرية مشتركة، يسببان الازدواجية والتفتت في النظرة إلى الحلف والعلاقات معه.
  4. لا يمكن التعويض عن ذلك في المستقبل المنظور دون الانتباه إلى جملة من المعيقات الكابحة للوضع العربي الإسلامي والعمل على معالجتها، ومنها:
    • غلبة نقاط الخلاف في تعامل التيارات المتعددة وتغييب القواسم العملية المشتركة.
    • عدم الثقة بين السلطة والفكر المحلي المستقل عنها، وتفضيل مدارس فكرية دولية وخبراء دوليين.
    • تغليب ردود الأفعال على الأحداث ومواقف الآخر على المستويين الإقليمي والدولي.
    • الأولوية في التعامل مع الآخر خارج الحدود للرؤى التجزيئية للقطر على حساب الإقليم، وللإقليم على حساب الأرضية الجامعة عربيا وإسلاميا، وللمنطقة العربية أو الإسلامية على حساب منطقة الجنوب رغم القواسم المشتركة مع دوله الأخرى.
  5. يتطلب الانتقال إلى تحديد رؤى إستراتيجية مستقبلية من منطلق جماعي يتكامل مع المنطلق القطري والإقليمي، نهجين متوازيين:
    • شروع السلطات قطريا وإقليميا -بغض النظر عن القضايا الأخرى- في اعتماد الصيغة الإستراتيجية المستقبلية -حيثما يمكن ذلك عمليا- للتعامل مع الحلف وسواه دوليا، واعتمادها في التطبيقات العملية.
    • تثبيت ميادين مشتركة على المستوى الجماعي لا تنطوي على أسباب خلاف مرتبطة مباشرة بها، وإقصاؤها عن مفعول الخلافات في ميادين أخرى لا ترتبط بها، للشروع في تحديد رؤى إستراتيجية مشتركة على صعيدها، واستخلاص الخطوات العملية القابلة للتطبيق تبعا لذلك.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 05-08-09, 08:45 PM

  رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

خيارات التعامل مع حلف شمال الأطلسي
انطلاقا من المعطيات المذكورة تنبثق مجموعة من الخيارات التي يمكن انتهاجها في التعامل العربي والإسلامي مع حلف شمال الأطلسي، ويمكن إجمال أهمها في بندين، يُقترح في أولهما أهم تلك الخيارات، ويقترح في الثاني ما يتطلب دراسة ميدانية لقابلية التطبيق، مع ملاحظة أنها مقترحات تتكامل مع بعضها بعضا، ولا يمنع ذلك من اختيار الأجدى منها للتطبيق العملي.


اقتراحات أساسية

1- انطلاقا من ازدياد أهمية موقع منظومة القيم في تحديد مستقبل العلاقات الأطلسية الإسلامية سلبا وإيجابا، تحتاج صيغ التواصل القائمة على هذا الصعيد والتي يجملها عنوان "الحوار" إلى اهتمام مركز، يعطي أولوية أكبر لتثبيت نقاط الالتقاء في منظومتي القيم الغربية والإسلامية، بمنظور حضاري، ينزع فتيل صدام الحضارات، ويعزز قابلية تلاقحها وتفاعلها الإيجابي.
2- يتطلب هذا الحوار تمييزا مدروسا بين التواصل الناشئ عن أرضية العلاقات الرسمية التي تحكمها اعتبارات الواقع سلبا وإيجابا، وبين التواصل الذي يتجاوز ذلك إلى مراكز البحوث والدراسات، ومؤسسات الفكر والثقافة والإعلام، مع إعطاء استقلالية أكبر لأنشطتها، وتقديم دعم لها، بما يشمل العودة إليها والاستعانة بها في صناعة القرار الرسمي.
3- هدف التكتل العربي والإسلامي أمنيا وسياسيا بعيد أو غير قابل للتحقيق الفوري، إنما ينبغي استحضاره كخلفية ثابتة عند النظر في تحديد السياسات والممارسات وتنفيذها، قطريا أو إقليميا (على مستوى المجموعة الخليجية أو العربية المتوسطية مثلا) مع زيادة الحرص على تجنب ما يصبح منها عقبات إضافية في وجه تحقيق الهدف البعيد.
4- تكوين نواة إقليمية أمنية استشارية وتنسيقية مع تركيا، باعتبارها دولة عضوا في حلف شمال الأطلسي، للاستفادة من تجربتها العملية في هذه العضوية، ودعم تأثيرها داخل الحلف فيما يخدم المصالح الأمنية العربية والإسلامية.
5- الفصل التدريجي بين (1) تنمية العلاقات البينية للدول العربية والإسلامية فيما يحقق المصلحة المشتركة في ميادين لا توجد فيها خلافات جذرية، و(2) ما قد يعرقل تنمية هذه العلاقات من قضايا إقليمية كالخليجية والمغاربية، فضلا عن تعددية المحاور بدلا من سياسة مشتركة في قضايا محورية كقضية فلسطين.
6- رصد ومتابعة وتحليل وتقييم توجهات ونوايا وإستراتيجيات وخطط وتكتيكات انتشار قوات الحلف على الساحتين العربية والإسلامية، من جانب مؤسسات غير حكومية -كمراكز الأبحاث والدراسات- لطرح توصيات صحيحة ودقيقة على الحكومات العربية والإسلامية.
7- متابعة وسائل الإعلام العربية والإسلامية لنشاطات وتحركات الحلف واعتماد خبراء إستراتيجيين في تقديم صورة حقيقية للرأي العام العربي والإسلامي عن أهداف الحلف ومقاصده في العالم العربي والإسلامي.
8- تأسيس منظمة عسكرية عربية موحدة ومستقلة -ولو بصورة مبدئية- بين الدول العربية، للتنسيق المستقبلي مع الحلف على قدم المساواة والند للند وخدمة لمصالح مشتركة، وهذا ما يسري على الدول الإسلامية.
اقتراحات للدراسة الميدانية
9- إيجاد آليات رسمية، واختصاصية شبه رسمية، عربية وإسلامية، بصلاحيات ملزمة، لفض النزاعات وتجنب نشوبها، مع قابلية البدء بذلك على مستويات إقليمية ضيقة يمكن أن تتوسع تدريجيا.

10- مع مراعاة ما سبق من منظور أمني عربي وإسلامي، يمكن أن يفيد تأسيس علاقات تقنية عسكرية وتدريبية مع الحلف، من خلال المعاهد والكليات والمدارس العسكرية وتبادل الخبرات، نظرا إلى مصادر تسليح معظم جيوش الدول العربية والإسلامية، كما يفيد التعاون مع القوات البحرية الأطلسية في التدريبات على إزالة الألغام ومكافحة القرصنة والعمليات الإرهابية وتهريب المخدرات، على أن يقترن ذلك بالحرص على عدم توظيف تعاون الحلف مع دولة ومجموعة دول عربية وإسلامية، لتحقيق أهداف تنطوي على زيادة أسباب الأزمات والصراع مع دول عربية وإسلامية أخرى.
11- اعتماد فريق من الخبراء لصياغة ضوابط عامة للعلاقات الانفرادية أو الإقليمية مع الحلف والقوى الأطلسية، بما يحدد الصور التطبيقية لقاعدة المصالح المتبادلة، لا سيما في ميدان استغلال الموقع الجغرافي، والمناورات العسكرية، وفي تنمية الإمكانات الذاتية لصناعات تعبوية محلية، ودعم صناعة الذخيرة وقطع الغيار الممكن تصنيعها محليا في نطاق استيراد السلاح الغربي.
12- اعتماد فريق من الخبراء لوضع صياغات مشتركة لما يمكن اعتباره "خطوطا حمراء" تراعي توظيف مواطن الثقل فيما يعتبره الحلف والعالم الغربي مصالح حيوية له في المنطقة العربية والإسلامية، وبحيث تكون تلك الصياغات قابلة لتبنيها جماعيا على المستوى السياسي، العربي أو الإسلامي، ليسري مفعولها في نطاق الاستجابة الكلية أو الجزئية، والرفض الكلي أو الجزئي للرغبات الأطلسية الجماعية أو الانفرادية، أثناء الأزمات، مع بيانها والتأكيد عليها تجاه حلف شمال الأطلسي ودوله الرئيسية مسبقا قبل نشوب الأزمات.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 05-08-09, 08:48 PM

  رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

أهم المصادر والمراجعأولا- كتب
1- Johannes Varwick, Die NATO.. vom Verteidigungsbündnis zur Weltpolizist? (Beck Verlag, 2008).

2- Uli Cremer, Neue NATO.. die ersten Kriege (VSA Verlag, 11/2008).
3- Christian Greiner, Klaus Autbert Maier, Heinz Rebhan, Bruno Thoss, Die NATO als Militärallianz 1949-1959 (Militärgeschichtliches Forschungsamt 2003).
4- Petra Dutt, Hat die NATO noch eine Existenzberechtigung?- Die Transformationen der Allianz (Grin Verlag, 5/2008).
5- Jamilah El-Shami, NATO - Weltpolizei oder Friedensengel? (VDM Verlag, 7/2008).
6 - Sicherheit durch Partnerschaft, 01.03.2005.
7 - Die NATO im 21. Jahrhundert, 01.05.2004.
8- عبد النور بن عنتر، البعد المتوسطي للأمن الجزائري: الجزائر، أوروبا والحلف الأطلسي، الجزائر (المكتبة العصرية، 2005).
9- ألكسندر ونت، النظرية الاجتماعية للسياسة الدولية، ترجمة عبد الله جبر صالح العتيبي (النشر العلمي والمطابع، جامعة الملك سعود، 2006).
10- Abdennour Benantar, NATO: Maghreb and Europe, Mediterranean Politics (vol.11, n°2, July 2006).
11- Thomas Lindemann, Identités démocratiques et choix stratégiques, Revue française de science politique, (vol.54, n°5, octobre 2004).
12- Helene Sjursen, On the Identity of NATO, International Affairs (vol.80, n°4, July 2004).

ثانيا- سلسلة "بحوث جامعية" باللغة الألمانية، إصدار جامعات ألمانية
13- Hendryk Zihang, Die NATO als militärischer Arm der UN? (2/2009).

14- Christoph Kern, Transformation der NATO (1/2009).
15- Marko Rossmann, Die NATO - Kontinuität und Wandel (7/2007).
16- Christian Kress, Die USA, die NATO und der Krieg um den Kosovo (1/ 2008).
17- Christine So-Young Um, Die neue NATO - Die Transformation eines defensiven Verteidigungsbündnisses zu einer offensiven Interventionsallianz (9/ 2008).
18- Christine So-Young Um , Die Osterweiterungen der NATO (9/ 2008).

ثالثا- عدد من البحوث والمقالات في الإعلام الشبكي الألماني، منها:
19- Thomas Hanke, Die Werte der Nato (7/1/2009)
المقال منشور بالألمانية في موقع الكاتب الشخصي، وهو تابع لجامعة دوسلدورف. للاطلاع على المقال
إضغط هنا.
20- Deniz Ankaya, Sonja Köppel, Ilir Osmani, NATO 1 (11/6/2004)
دراسة منشورة باللغة الألمانية عن الحلف بعد الحرب الباردة،
جامعة شتوتغارت، للاطلاع على الدراسة إضغط هنا.
21- ANJA WUNSCH, 55 Jahre Nato - Gemeinsam gegen Kommunisten und Terroristen, PR-Online (4/4/2004). لقراءة النص الأصلي إضغط هنا.
22- General Karl-Heinz Lather, Etische Deminsion und militärische Führung im internationalen Kon****, Vortrag (März 2008). لقراءة النص الأصلي إضغط هنا.

رابعا- بحوث ومقالات على الشبكة
23- Stuart Croft , NATO after September11: new mission or dead beat?, All Academic Inc site. للاطلاع
إضغط هنا.
24- NATO Update, Invocation of Article 5 confirmed, (3/10/2001). للاطلاع إضغط هنا.
25- Wikipedia, NATO. للاطلاع إضغط هنا.
26- NATO Press Release, (2004)096, Istanbul Summit Communiqué (28/6/2004). لقراءة النص الأصلي إضغط هنا.
27- GlobalSecurity.org, Military, Operations, Attack on America, Operation Active Endeavour. للاطلاع إضغط هنا.
28- Wikipedia, NATO Training Mission – Iraq. للاطلاع إضغط هنا.
29- NATO, NATO Topics, The NATO Response Force: At the centre of NATO transformation. للاطلاع إضغط هنا.
30- NATO, SHAPE Issues, The NATO Response Force – NRF. لقراءة النص الأصلي إضغط هنا.
31- NATO, SHAPE Information, NATO Response Force Q & As. للاطلاع إضغط هنا.
32- CNN, Sarkozy: France will return to NATO (11/3/2009). لقراءة النص الأصلي إضغط هنا.
33- America, Engaging the World, America.gov, President Obama Visits Ghana: Your Thoughts (11/7/2009). للاطلاع إضغط هنا.
34- موسى القلاب، قراءة متأنية في الإستراتيجية الأميركية الجديدة نحو باكستان وأفغانستان (30/3/2009). لقراءة النص الأصلي إضغط هنا.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الأطلسي, الستين, شمال, عامه

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:33 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
 

شبكـة الوان الويب لخدمات المـواقع