وعقب الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، أصبحت المنطقة تشكل محورا حساسا في النزاع مع إسرائيل، إذ لا تكاد المدينة تبعد عن خط الهدنة المرسوم وفقا لاتفاقية عام 1949 بأكثر من 7.6 كيلومترات، وتقع بالقرب من
محور فيلادلفيا، الخط الأكثر إثارة للمناوشات السياسية وتصاعد الحراك العسكري، كما تمتاز بقربها من مستوطنات
غلاف غزة، فهي على مسافة 12 كيلو مترا من مستوطنة "نير إسحاق" مما يجعلها في منطقة التأهب العسكري الدائم بالنسبة لإسرائيل، ومنطقة مواجهات مستمرة.
وتقع في منطقة رفح أهم
المعابر إلى القطاع، فعلى أرضها يقع
معبر "رفح" شريان الحياة الرئيسي للقطاع، وبوابته إلى العالم الخارجي. وعلى بعد نحو 4 كيلومترات منها يقع معبر "كرم أبو سالم"، صلة الوصل المهمة بين القطاع والضفة الغربية، فمنه تعبر البضائع القادمة من فلسطين المحتلة وكذلك بعض المساعدات الدولية.
ومع عملية "
طوفان الأقصى" يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وما أعقبها من عدوان إسرائيلي على غزة، أصبحت منطقة رفح موطنا قسريا للنازحين الفلسطينيين من جميع أنحاء القطاع، ووصل عددهم إلى أكثر من مليون نازح حتى بداية فبراير/شباط 2024، يرزحون تحت ظروف إنسانية قاسية، وضغوط إسرائيلية تهدف لتهجيرهم إلى سيناء.
التسمية
أطلق عليها عبر تاريخها الطويل العديد من الأسماء، ففي الحقبة المصرية القديمة كانت تسمى "روبيهوي"، ثم أطلق عليها الآشوريون "رفيحو"، وكانت تُسمى عند اليونانيين ثم الرومان باسم "رافيا"، وعُرفت عند العرب باسم "رَفَح"، المتوقع أنه مأخوذ من أسمائها التاريخية القديمة.
السكان
يبلغ عدد سكان محافظة رفح نحو 260 ألف نسمة، بينما يبلغ تعداد سكان المدينة نحو 191 ألف نسمة حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2021، وترجع أصول معظم سكانها إلى بدو النقب وصحراء سيناء ومدينة خانيونس المجاورة، وانضم إليهم بعد عام 1948 مهاجرون كثر من أنحاء مختلفة من فلسطين المحتلة وقطاع غزة.
الاقتصاد
يمثل النشاط التجاري المورد الرئيسي لسكان رفح، ويرجع الفضل في ذلك إلى موقعها الجغرافي وكونها نقطة حدودية على الخط الفاصل مع مصر، فقد مثلت المدينة محطة للتبادل التجاري بين المصريين والفلسطينيين. كما ساعد قربها من البحر على احتراف العديد من سكانها مهنة الصيد.
وعلى الرغم من طبيعة تربتها الرملية، إلا أن سكان المنطقة استطاعوا منذ ستينات القرن العشرين حفر الآبار، واستصلاح مساحات من الأراضي، لا سيما منطقة المواصي، وزراعتها بالحمضيات واللوزيات وكروم العنب والنخيل، إضافة إلى أصناف عديدة من الخضروات.
التاريخ
رفح مدينة تاريخية عريقة، يرجع وجودها إلى حوالي خمسة آلاف سنة، ذكرت لأول مرة في نقش للفرعون سيتي الأول، يعود لعام 1300 قبل الميلاد، كما ذكرت كذلك في مصادر مصرية قديمة أخرى.
وقد كانت رفح منذ القدم طريق التجارة الوحيد بين مصر والشام، وإحدى محطات الطريق الحربي الفرعوني "طريق حورس"، وممر هجرات القبائل المتنقلة بين مصر والشام.
وتشير المصادر التاريخية إلى أن الأشوريين استولوا على المنطقة في القرن الثامن قبل الميلاد، الأمر الذي خشي معه فرعون مصر من التمدد الآشوري في الأراضي المصرية، فجهز جيشا لنصرة ملك غزة "حانون"، والتقى الجيش المصري مع الجيش الآشوري في رفح، حيث وقعت معركة حاسمة سنة 720 قبل الميلاد، انتصر فيها الآشوريون، ووقع ملك غزة أسيرا، وانقلب فرعون عائدا إلى مصر.
وأثناء حكم البطالمة في مصر، وقعت بينهم وبين السلوقيين، حكام الشام آنذاك، معركة في رفح عام 217 قبل الميلاد، تمكن البطالمة من الانتصار فيها، وضموا رفح لحكمهم، الذي امتد نحو عقدين.
واستطاع السلوقيون بعدها استعادة سيطرتهم على المنطقة، وفي القرن الثاني قبل الميلاد استولى عليها الحشمونيون، وبعد ظهور المسيحية احتلت رفح مركزا مهما، حيث أصبحت في القرنين الخامس والسادس الميلاديين مركز أسقفية.
