الفجوة العسكرية بين الشرق والغرب
حاملة الطائرات الأميركية جورج واشنطن في ميناء بوسان الكوري الجنوبي
لم تعد الفجوة العسكرية بين الشرق والغرب كبيرة على خلفية التعاكس المتناظر بين تراجع الإنفاق العسكري بالدول الغربية وتصاعده بالدول الناشئة اقتصاديا، وعلى نحو قد يبشر بمسار تصادمي وصراعات إقليمية تفرضها المصالح الإستراتيجية.
هذا ما ورد حرفيا بالتقرير السنوي للمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن والذي نشر الثلاثاء، حول التوازن العسكري العالمي وتقارب الفجوة الإستراتيجية التي كانت قائمة منذ أيام الحرب الباردة بين الشرق والغرب.
وينطلق التقرير في تحليله للمتغيرات الطارئة على هذا الميزان بالقول إن تغير القوى الاقتصادية بدأ يترك أثرا واضحا عبر منحيين رئيسيين، كما يشير المدير العام للمعهد جون تشيبمان.
إعادة توزيع
ورأى تشيبمان أن ميزانيات الدفاع بالدول الغربية تتعرض بالوقت الحاضر لقيود كبيرة تعود في غالبيتها لأسباب اقتصادية بحتة في وقت تشهد نظيراتها بآسيا والشرق الأوسط انفراجا ملموسا يتمثل بارتفاع معدلات الإنفاق العسكري وبشكل يدل على بروز دليل يؤشر لوجود عملية إعادة توزيع القوى العسكرية.
من تدريبات بالذخيرة لوحدات بالجيش الصيني خلال مناورات جرت العام الماضي
ونبه إلى أن دول آسيا المطلة على المحيط الهادئ -خاصة الصين- تزيد الإنفاق العسكري سنويا بمبالغ كبيرة، وسط دلائل تؤكد خسارة الدول الغربية لتفوقها التكنولوجي بمجالات مع دليل متزايد على أن الدول الغربية تفقد تقدمها التكنولوجي بمجالات مثل تكنولوجيا التسلل والحرب الإلكترونية.
وشدد تشيبمان، في تصريحات صحفية عقب إطلاق التقرير أمس الثلاثاء، على أنه وفي حال استمرار معدلات الانفاق العسكري بأرقامها الحالية فإن الصين ستكون قادرة على قلب الفارق الاستراتيجي بالميزان العسكري لصالحها خلال فترة تتراوح ما بين 15 وعشرين عاماً.
بين بكين وواشنطن
ودعم الباحث الدولي المتخصص بالعلاقات الدولية تحليله بالإشارة إلى أن الجزء الأكبر من العتاد العسكري التي تسعى الصين للحصول عليه -على المدى المنظور- يركز على الغواصات والصواريخ المضادة للسفن، في سعي واضح لكسر التفوق الواضح لحاملات الطائرات الأميركية بالمياه الدولية القريبة من الشواطئ الصينية وتحديدا مضيق تايوان.
ولا يختلف تقرير المعهد الدولي مع وجهات النظر القائلة إن واشنطن لا تزال هي المسؤولة عن نصف الإنفاق العسكري العالمي السنوي تقريبا، مع التذكير بأن نصف هذا الإنفاق يستهلك في حروب الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان.
في حين تتباين تقديرات الانفاق العسكري الصيني وسط تشكيك الخبراء بصدقية التقارير التي تعلنها الحكومة الصينية والتي تعطي -وفق الخبراء-أرقاما تقل كثيرا عن الواقع الفعلي للنفقات العسكرية.
لغة الأرقام
يُذكر أن تقرير المعهد تضمن جداول وإحصائيات عن معدلات الإنفاق العسكري للدول الكبرى حيث أشار إلى أن الولايات المتحدة أنفقت 693 مليار دولار عام 2010 مما يساوي 4.7% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع 76 مليارا أنفقتها الصين أي ما يعادل 1.3% من ناتجها المحلي، مقابل 57 مليارا أنفقتها بريطانيا وهو ما يعادل 2.5% فقط من الناتج المحلي الإجمالي.
وركز التقرير على أن النمو الملحوظ في الأنفاق العسكري الصيني يشكل بحد ذاته دافعا لسباق تسلح إقليمي، مع القلق العالمي القائم إزاء التسلح الإيراني المترافق هو الآخر مع تهافت دول الخليج على شراء الأسلحة مستفيدة من ارتفاع عائدات النفط.
وفي هذا السياق، اعتبر تشيبمان أنه من السابق لأوانه القول بأن الثورات التي وقعت بشمال أفريقيا ومثيلاتها بالشرق الأوسط قد تشكل أرضية لدفع حكام العالم العربي للتركيز على الوضع الداخلي أكثر من الخارجي.
لكنه نبه إلى أن تبادل إطلاق النار الذي وقع العام الماضي بين تايلند وكمبوديا وبين الكوريتين، أكد عدم صحة النظرية القائلة بأن الحروب الإقليمية باتت جزءا من الماضي.
الجزيرة نت