أما في ما يتعلق بالتصنيع العسكري العراقي فيشير مصطفى كامل -الذي كان يشغل منصب سكرتير تحرير جريدة الجمهورية الرسمية (قبل الغزو الأميركي للبلاد عام 2003)- إلى أن صهر صدام لعب دورا كبيرا في تطوير التصنيع العسكري بسبب الصلاحيات الواسعة التي كانت بيده، إضافة إلى الإمكانيات الهائلة التي وضعت بين يديه.

القيسي أرجع سبب هروب حسين كامل للأردن إلى خلافاته مع عدي صدام حسين (الجزيرة)
هروبه للأردن
شكل هروب حسين كامل إلى الأردن مفاجأة من العيار الثقيل للنظام العراقي ولعشيرة صدام حسين كما يقول الخبير الأمني ماجد القيسي الذي يرجع أسباب هروبه وأخوته للأردن إلى الخلافات الكبيرة بينه وبين عدي نجل الرئيس صدام حسين.
ويؤكد هذا الطرح المؤرخ العاني بالقول إنه في 9 أغسطس/آب 1995 غادر حسين كامل وإخوته وزوجاتهم وأطفالهم إلى الأردن وكان حينها وزيرا للتصنيع العسكري بسبب الخلافات العائلية بينه وبين عدي وقصي نجلي صدام من جهة، وبقية العائلة من جهة أخرى، وكذلك بسبب تخطيطه للإطاحة بصدام والاستيلاء على الحكم بأي طريقة.
وإدراكا لعدم مقدرته على الانقلاب على صدام من الداخل ووقوف عدي ضد طموحاته ارتأى حسين كامل الخروج من العراق سعيا للحصول على دعم غربي، وهو ما لم يفلح فيه بحسب العاني، إلا أنه أفشى خلال وجوده في الأردن جميع الأسرار الحساسة المتعلقة ببرامج التسليح العراقية.
وبالعودة إلى حرير ابنة حسين كامل، فإنها تؤكد في كتابها أن خلاف والدها مع كل من خاليها عدي وقصي وبعض أفراد العائلة وخشية من أبيها على حياته دفعاه للخروج إلى الأردن.
أما رئيس تحرير صحيفة "وجهات نظر" فيرى أن خروج حسين كامل من العراق كان في ظاهره يتعلق بخلاف عائلي مع بعض أقارب صدام حسين، لكن جرى استغلال الأمر سياسيا بشكل كبير ومن أطراف خارجية، لافتا إلى أن ما يدلل على ذلك عقد حسين كامل المؤتمر الصحفي الشهير في قصر رغدان بالعاصمة الأردنية عمان بعد 3 أيام فقط من وصوله إلى هذا البلد.
ويتابع مصطفى كامل أن حسين كامل كان مخططا لما أقدم عليه مسبقا، مستدلا بتصريحاته وإعلانه الانشقاق عن الحكم بعد 3 أيام من وصوله إلى عمّان، مما تسبب في إعادة التفتيش الأممي على الأسلحة العراقية إلى نقطة الصفر بسبب إفشائه أسرار العراق ونظمه التسليحية، في وقت كانت كل المؤشرات حينها تؤكد قرب حدوث انفراجة كبيرة في موضوع الحصار الشامل الذي كان مفروضا على العراق (1990-2003).

الصحفي مصطفى كامل يقول إن رغد صدام حسين حذرت زوجها من عقوبة تنتظره إذا عاد للعراق (الأوروبية)
عودته ومقتله
بعد محاولات عديدة فشل فيها حسين كامل في الحصول على دعم غربي لتغيير نظام الحكم أو مساعدته في الانقلاب عليه، وبعد عرض العراق العفو عنه رسميا مقابل العودة قرر العودة في 20 فبراير/شباط 1996.
وبالعودة إلى القيسي، فإنه يشير في حديثه للجزيرة نت إلى أنه لو حصل حسين كامل على دعم غربي أو أميركي لما عاد للعراق، إلا أن الجهات الغربية اكتشفت أنه لا يشكل رقما صعبا في العراق ولم يكن محبوبا، وبالتالي لم يتلق الدعم الذي كان يطمح إليه.
وتورد حرير في كتابها أن عز الدين المجيد (ابن عم صدام) -الذي كان قد ذهب مع حسين كامل للأردن- حذر والدها من العودة وأخبره بأنه سيقتل إن عاد، لكنه لم يستمع لهذه التحذيرات وأصر على العودة إلى العراق، مؤكدة أن والدها كان شبه متيقن من أنه سيقتل.
وبالعودة إلى الصحفي مصطفى كامل، فإنه يرى أن العفو الرسمي عن حسين كامل ربما كان حقيقيا ولم يكن فخا، لكن الأمر خرج من سلطة الدولة إلى سلطة العشيرة التي أرادت معاقبة ولدها، وأن ما سببه حسين كامل من ضرر هائل للعراق لا يمكن ولا يجوز العفو عنه.
وعن مقتله أو الإيقاع به، يتابع أن حسين كامل لم يقرأ الوضع بشكل جيد، ولم يفهم الإشارات الصريحة التي وصلت إليه من أقاربه في بغداد، خصوصا أن زوجته رغد أبلغته أن الأمر لن يكون سلسا ولن ينتهِ بالشكل الذي يتصوره، وأن هناك عقوبة تنتظره.

حسين كامل قتل بعد 3 أيام من عودته إلى العراق (الفرنسية)
أما حرير فتذكر أن مقتل والدها كان بعد 3 أيام من عودته إلى بغداد وتحديدا في 23 فبراير/شباط 1996، وذلك في معركة دارت بين حسين كامل وإخوته ووالده من جهة، وبين مجموعة القوات الأمنية التي حاصرت المنزل الذي كان يسكنه في منطقة السيدية ببغداد من جهة أخرى، حيث بدأت المعركة في الثالثة فجرا واستمرت 12 ساعة متواصلة قتل خلالها شقيقا حسين كامل ووالده وجميع الأطفال والنساء الذين كانوا معه، وكان حسين كامل آخر من قتل بعد مقاومة المهاجمين لساعات طويلة ونفاد ذخيرته.
ويؤكد تلك الرواية المؤرخ العاني الذي قال إن من قتل حسين كامل وشارك في المعركة الطويلة ضده هم عشيرته، إذ كان على رأس القوة علي حسن المجيد (عم صدام حسين وعم حسين كامل)، مشيرا إلى أن المعركة شهدت استخدام عشرات قذائف الـ"آر بي جي" (RBG) ومختلف أنواع الأسلحة.
وفي ختام حديثه للجزيرة نت، يرى القيسي أن قتل حسين كامل من قبل عشيرته تسبب بشرخ كبير داخل عشيرة صدام حسين وتفكك ولاءاتها، مما أدى إلى استمرار الوضع المتذبذب للعائلة حتى الغزو الأميركي للبلاد والإطاحة بالنظام عام 2003.
المصدر : الجزيرة نت - أحمد الدباغ