شاعر هندي مجدد وروائي ومؤلف للأغاني ورسام وكاتب مسرحي ومفكر، استخدم العامية البنغالية وحرر الشعر الهندي من النماذج التي تعتمد على اللغة السنسكريتية الكلاسيكية، وكان أول كاتب غير أوروبي يحصل على جائزة نوبل للآداب لعام 1913، وقد ارتبط اسمه بالطبيعة والسفر والدفاع عن الحرية وتعليم المرأة ومعارضة زواج القاصرات، وتجادل في مفهوم الصوفية مع العالِم ألبرت أينشتاين.
المولد والنشأة
ولد رابندرانات طاغور يوم 7 مايو/أيار 1861 في مدينة كلكوتا في الهند لعائلة كبيرة رفيعة النسب معروفة في أوساط طبقة "البراهما" الدينية الكهنوتية.
كان والده الماهاراشي دفندرانات مصلحا دينيا وله مكانته الهامة في إقليم البنغال، ووالدته سارادا ديفي المتفانية في تربية أفراد أسرتها المكونة من 13 ولدا وبنتا على مفاهيم الجمال والطبيعة والحب الإنساني، من خلال الجو الديني العام الذي كان يميز بيت آل طاغور، ذلك أن الأسرة كانت معروفة بتراثها وبإمبراطوريتها المالية الضخمة التي أسسها الجد الأول.
وكان آل طاغور أيضا من بين أهم رواد حركة النهضة البنغالية التي سعت إلى إيجاد توافق بين الثقافة الهندية التقليدية والمفاهيم الغربية، وكانت السباقة في نشر قيم المساواة وتعليم البنات ونبذ الطائفية.

الكاتب والشاعر طاغور حوالي عام 1935 (غيتي)
اختار له والده اسم رابندرانات، والذي يعني بالسنسكريتية الشمس، لحدسه أنه سيكون مهما، وكان يعتقد أن نوره سيعم على شعبه كنور الشمس، ورغم أنه كان آخر الأبناء فإنه لم يكن مدللا، بل حرصت والدته على تعليمه وتثقيفه كباقي أشقائه الذين كان لهم باع كبير في الآداب والموسيقى والثقافة البنغالية آنذاك.
توفيت والدته سنة 1875، فتأثر بذلك تأثرا شديدا جعله ينشر أولى قصائده في إحدى المجلات الأدبية التي كانت تنشط في مسقط رأسه كلكوتا.
تزوج طاغور سنة 1883 من مربنا ليني ديي، وانتقل بعد ذلك عام 1891 إلى البنغال الشرقية (بنغلاديش حاليا) من أجل إدارة عقارات عائلته وممتلكاتها، ومكث هناك لمدة تزيد على 10 سنوات وثّق خلالها علاقته بالطبيعة.
كان يقيم في منزل عائم على نهر بادما، كما أصبح على اتصال مباشر بأهالي القرية، الأمر الذي جعله يتبنى أفكارا إنسانية ويتعاطف معهم، وهو ما برز جليا في مؤلفاته خلال تلك الفترة.
توفيت زوجته عام 1902 ثم لحقت بها ابنته بعد سنتين فقط، ثم فقد سنة 1905 ملهمه ومعلمه الأول والده الماهاراشي دفندرانات، وفقد أيضا ابنه الأكبر سنة 1907.

طلاب فيسفا بهاراتي يحيطون بالكاتب طاغور عام 1929 (غيتي)
الدراسة والتكوين العلمي
تلقى طاغور تعليما منزليا صارما بداية حياته تحت إشراف والديه وأشقائه، قرأ في عمر مبكر كافة الآداب السنسكريتية والبنغالية والعلوم الدينية الهندوسية والإنجليزية، ودرس على نحو معمق أبرز الكتب الدينية، كما تأثر بالشعر الهندي وملاحمه، سيما ملحمة "الرمايانا" و"المهابهراتا". وتعلق بشكل خاص بشعراء الهند الصوفيين، أمثال كبير وتوكارام، وقرأ كذلك الشعر البنغالي ودرس قصائد "كاليداسا" وبدأ نظم الشعر في الثامنة من عمره.
أصدر طاغور روايته الأولى وهو في عمر الـ 16 إلى جانب ديوانه الشعري الأول بعنوان "أغاني المساء".
وسنة 1977 سافر طاغور إلى بريطانيا لدراسة القانون، ولكنه عاد إلى وطنه من دون أن يتحصل على شهادته، إلا أنه عاد منفتحا على مختلف التيارات والأفكار الغربية، وكثير من التجارب التي مكنته فيما بعد من إنشاء جامعة ونقل تراث بلده إلى العالم، مما جعل كثيرا من الكتاب يعيدون قراءته على أكثر من صعيد.

أينشتاين (يمين) وزوجته إلسا وابنته مارغو يتوسطهم الشاعر طاغور (غيتي)
التجربة الإبداعية والإنسانية
نتيجة اتصاله بأهالي القرية خلال إقامته في البنغال، طور طاغور مجموعة من المفاهيم من أهمها: