وفي مايو/أيار 2001 فاز
سيلفيو برلسكوني في الانتخابات وعاد مرة ثانية لرئاسة مجلس الوزراء في إيطاليا، ومثلت عودته تحولا لافتا في مسيرة ميلوني السياسية، إذ كان حزبها جزءا من حكومته، وهو ما أتاح لها ولزملائها فرصة أكبر للمشاركة في الحياة السياسية.
زادت حظوظها في الظهور الإعلامي وحملها ذلك عام 2004 إلى رئاسة الجناح الطلابي لحزب الحركة الاجتماعية الإيطالية.
في الـ29 من عمرها انتخبت نائبة في البرلمان للمرة الأولى، وفي الدورة التشريعية الـ15 شغلت منصب نائبة رئيس مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) الإيطالي عام 2006.
وبعد توسع نفوذ حزبها، تولت حقيبة وزارة الشباب، وكانت أصغر وزيرة في تاريخ الجمهورية الإيطالية عام 2008 وهي في الـ31 من عمرها.
تأسيس "إخوة إيطاليا"
في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 سقطت حكومة برلسكوني بعدما لاحقته سلسلة من الفضائح والمحاكمات القضائية بتهم فساد مالي وأخلاقي، فقدم استقالته وبذلك انتهى منصب ميلوني الوزاري.
دخلت إيطاليا بعد ذلك مرحلة انتقالية تقودها حكومة تكنوقراط، وعين الخبير الاقتصادي والمفوض الأوروبي السابق
ماريو مونتي لقيادتها.
في عام 2012 قررت ميلوني وزميلاها من قدامى "التحالف الوطني" إغناسيو لاروسا وغويدو كروسيتو تأسيس حزب "إخوة إيطاليا"، وهو اسم استمدوه من النشيد الوطني الإيطالي.
سعى الحزب إلى إعادة بناء اليمين الإيطالي على أسس قومية ومسيحية محافظة، واتبعت أجندته نهجا شعبويا ومعارضا للهجرة ورافضا لهيمنة قوانين
الاتحاد الأوروبي على التشريعات الوطنية.
ورغم أن الحزب لم يحقق نجاحا باهرا في 2013، إلا أن ميلوني انتخبت زعيمة له في 2014 خلفا لإغناسيو لاروسا.
ترشحت ميلوني عام 2016 إلى منصب عمدة روما لكنها حلت في المركز الثالث ولم تنجح في التأهل للجولة الثانية، أما في الانتخابات العامة لسنة 2018 فقد حصل حزبها على 4% من الأصوات.
وفي 2019 نجح الحزب في الحصول على أكثر من 6% من الأصوات في
البرلمان الأوروبي. وفي العام ذاته لفتت ميلوني الأنظار بعد انتشار واسع لمقطع من خطابها في مدينة روما قالت فيه "أنا جورجا، أنا امرأة، أنا أم، أنا مسيحية ولن يتمكن أحد من أن يسلبني ذلك".
وقاد الصعود المتسارع لميلوني إلى اعتراف أحزاب شعبوية أوروبية أخرى بها وانتخابها رئيسة لحزب المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين عام 2020.
رئيسة للوزراء
بعد دخول إيطاليا مرحلة عدم استقرار سياسي، تعاقب على رئاسة الوزراء عدد من الشخصيات، أبرزها إينريكو ليتا الذي تولى المنصب بين عامي 2013 و2014، ثم ماتيو رينزي الذي خلفه وقاد الحكومة حتى عام 2016.
وتولى بعده باولو جينتوليني إلى غاية 2018، ومالت هذه الحكومات إلى الوسط واليسار، وركزت على الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي ضمن الاتحاد الأوروبي.
وفي سنة 2018 وبعد الانتخابات العامة، تولى جوزيبي كونتي رئاسة الوزراء وشكل حكومة بدعم من القوى الجديدة التي صعدت في الانتخابات مثل حركة "خمس نجوم" و"الرابطة".
وفي يناير/كانون الثاني 2021 انهارت حكومة كونتي وكلف الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتريلا رئيس البنك الأوروبي السابق
ماريو دراغيبتشكيل حكومة وحدة وطنية ضمت طيفا واسعا من الأحزاب السياسية.
واختار حزب "إخوة إيطاليا" مرة أخرى أن يقف في صفوف المعارضة وكان الحزب الرئيسي الوحيد الذي اتخذ هذا الموقف.
ومع اقتراب انتخابات 2023 حاولت ميلوني إبعاد حزبها عن "جذور الفاشية" وأمرت أعضاءه بالامتناع عن التصريحات المتطرفة أو الإشارة إلى الفاشية.
كما حظرت استخدام "التحية الرومانية"، وهي إيماءة تشبه إلى حد كبير تحية كان يستعملها النازيون والفاشيون، وهي محظورة في كثير من الدول الأوروبية.
وفي الوقت ذاته واصلت جورجا ميلوني تعزيز حضورها الإعلامي داخل بلادها وخارجها.
وبعد تقديم دراغي استقالته في يوليو/تموز 2022 ودعوته إلى إجراء انتخابات مبكرة، وجدت ميلوني في ذلك فرصة كونها معارضة لسياسته ما جعل الأحزاب اليمينية تتوحد حولها تحت شعار "إيطاليا والإيطاليون أولا".
أصبحت ميلوني وجه التحالف السياسي الذي جمع حزبي "فورزا إيطاليا" و"الرابطة" بقيادة ماتيو سالفيني. في حين فشلت الأحزاب اليسارية الأخرى في تشكيل أي تحالف.
وأثناء الحملة الانتخابية لطفت ميلوني خطاباتها المشككة في الاتحاد الأوروبي، معلنة دعمها
لأوكرانيا في حربها مع
روسيا.
فوز كاسح
توجه الإيطاليون في 25 سبتمبر/أيلول 2022 إلى صناديق الاقتراع، وأسفرت الانتخابات عن فوز كاسح لجورجيا ميلوني، فقد حصل حزب "إخوة إيطاليا" على 26% من الأصوات، بينما تراجعت بشدة أحزاب "خمس النجوم" و"فورزا إيطاليا" و"الرابطة".
حصل تحالف ميلوني على 44% من مجموع الأصوات، وتمكن من تشكيل أغلبية مريحة في البرلمان.
وفي الأسابيع التي تلت إعلان الانتخابات شكلت ميلوني أول حكومة من
أقصى اليمين إيطاليا منذ الحرب العالمية الثانية.
مؤلفاتها
ألفت ميلوني كتابا عن سيرتها الذاتية، أصدرته دار النشر "ريزولي" عام 2021 تحت عنوان "أنا جورجا..هذه جذوري وأفكاري"، تحدثت فيه عن خلفيتها العائلية ونشأتها.
كما تطرقت إلى أبرز محطات مسيرتها السياسية وتحدثت عن دور المرأة في قضايا مثل الهجرة والهوية والسيادة.