البحرية قبل التاريخ وفي العصور القديمة
سفينة بيزنطية بصف مجاذيف.
نشأت حضارة الإنسان الأول حول
الأنهار الكبيرة وشواطئ البحار
والبحيرات في مجتمعات صغيرة تجرأت على ركوب البحر متدرجة من المساحلة إلى التوغل في أعالي
المحيطات.
وقد كانت الشعوب الشرقية القديمة أسبق من شعوب الغرب في ركوب البحر، فقد أثبتت الدراسات امتلاك
السومريين وسائل صيد بحرية، ومعرفتهم
بالفلك والملاحة البحرية، وبرعت شعوب
بلاد الرافدين في بناء القوارب المستديرة. كذلك دلت الأبحاث على وجود حضارات اندثرت في
إفريقية والهند وجزائر الهند الشرقية وبحار
الصين واليابان استعانت بالعائمات في تنقلها، غير أن تأريخ ركوب البحر وثائقياً يبدأ من
البحر المتوسط.
بحرية جزيرة كريت
سكنت
جزيرة كريت والجزر المجاورة لها أمة بحرية متطورة (3000-1400ق.م) مجهولة الأصل يعتقد أنها قدمت من جنوب غربي
آسياوسيطرت على
بحر إيجةوشبه الجزيرة اليونانية، وعرفت باسم شعوب البحر. وقد دلت آثارهم على اتصالهم بالعالم الخارجي عبر شبكة تجارية بحرية شملت البحرين الأسود والمتوسط حتى شواطئ شبه جزيرة
ايبيريا.
الكنعانيون (الفينيقيون)
وهم من الشعوب التي قدمت من الجزيرة العربية وعرفوا باسم «عمورو» أو «أمورو» أي الغربيون، وعرف من قطن منهم المناطق الساحلية منها
بالكنعانيين، وكان هؤلاء من أشد الناس جرأة وخبرة في ركوب البحر، مكنتهم من السيطرة على سواحل المتوسط، واستوطن بعضهم الشمال الإفريقي وشبه جزيرة إيبيرية، ووصلوا شمالاً إلى الجزر البريطانية، وطافوا حول
القارة الإفريقية. وقد بدأ
الفينيقيون إبحارهم على أطواف Radeaux أولاً، ثم تحولوا إلى بناء سفن مستطيلة ومستديرة وأضافوا إليها الأشرعة. وبقي الفينيقيون قوة بحرية يحسب حسابها حتى مجيء الاسكندر الكبير.
مصر القديمة
قدمت الطبيعة لمصر كل التسهيلات الملاحية النهرية، فلم يكن على الملاح المتجه شمالاً إلا أن يجري بمركبه مع مجرى
النيل، أما من أراد التوجه جنوباً فما عليه إلا أن يرفع الشراع. ويعود تاريخ أقدم شراع معروف إلى نحو 3200 سنة. وقد تنوعت المراكب النيلية وأشكالها، فمنها النقالات الصغيرة التي تبحر في الأقنية، والمراكب الكبيرة التي كانت تنقل المسلات الحجرية من مقالعها، وكذلك مراكب الشمس التي كانت تعد لمن يغادرون الحياة الدنيا في رحلتهم الأخيرة إلى الأبدية عند مغرب الشمس.
ولم يكن للمصريين نشاط حربي يذكر في مجال البحر فقد اقتصر نشاطهم البحري على التجارة مع الدول المجاورة.
البحرية في العصور الكلاسيكية
اليونان
فرض تهديد الفرس الدائم على الهلينيين إنشاء قوة بحرية توفر لهم حماية سواحلهم. وبرزت أثينة قوة بحرية بلغت أوج مجدها البحري في معركتيها مع
الفرس (ماراتون سنة 490 ق.م، وسلاميس سنة480ق.م) في الحرب الميدية الثانية. واستطاع الملك المقدوني
فيليب الثاني ومن بعده ابنه
الإسكندر فرض سيطرتهما التامة على بلاد
الإغريق، وعلى المواصلات البحرية في بحر إيجة وشرقي البحر المتوسط.
الرومان وبيزنطة
ورثت
روما معظم التركة
اليونانية وأنشأت أسطولاً حربياً قوياً استولت به على أكثر جزر البحر المتوسط.
وبعد أن احتلت رومة
آسيا الصغرى (189ق.م)
وبلاد الشام (64ق.م) ومصر وشمال إفريقية أصبح المتوسط بحيرة رومانية.
تضاءلت سطوة الإمبراطورية الرومانية أمام بيزنطة الفتية منذ سنة
395م، وسيطر البيزنطيون على البحر المتوسط حتى طردهم العرب المسلمون من
سورية سنة
636م، ومن
مصر642م، وتمكن المسلمون بعد
معركة ذات الصواري (34هـ/
654م) من فرض سيطرتهم البحرية على الحوض الشرقي للبحر المتوسط أولاً ثم على حوضه الغربي بعد ذلك .
البحرية في العصور الوسطى
بيزة و جنوة والبندقية
كانت
جنوة وبيزة تسهمان إسهاما كبيرا في التصدي لتحركات المسلمين، فكان الأسطول البيزاني يغير على الثغور الإسلامية. واستخدم هذا الأسطول إلى جانب سفن الأسطولين الجنوي والبندقي لنقل
الحملات الصليبية المتوجهة إلى بلاد الشام وإمدادها. وكانت هذه المدن الثلاث تتنافس من أجل السيطرة على طرق
الملاحة
والتجارة البحرية في المتوسط. وقد استطاعت جنوة في خاتمة المطاف تدمير أسطول بيزة قرب
ميلورية (
1284م) Meloria، وانتزعت منها السيادة البحرية. لكن التنافس البحري بين جنوة والبندقية استمر أكثر من قرن وانتهى بفوز البندقية على جنوة بحراً في
معركة كيوجيا(1
381م) Chiogia.