ســلاح المدفـــعية وحرب المـــدن
بسبب الزيادة الكبيرة بالمناطق الحضرية وزيادة الكثافة السكانية بالعالم بشكل كبير وتوقعات المحللين بأن المعارك المستقبلية سوف تتركز بالمناطق الحضرية والمدن بشكل كبير وألتجاء المقاتلين من الجيوش الأضعف الى اتخاذ المدن والمناطق مثل الغابات كملاجئ ومواقع محصنة محاولة منهم لتقليل الفجوة التقنية بينهم وبين الدول المتقدمة عسكرياً وبسبب دور سلاح المدفعية كأحد صنوف القوات المسلحة سوف تتعرض التكتيكات المستخدمة الى تغيرات كبيرة لذا سوف تستعرض بهذا الموضوع دور سلاح المدفعية بقتال المدن urban fighting والتكتيكات المستخدمة لهذا السلاح في ظروف المعركة بالمناطق الحضرية بناءاً على تجربة القوات الروسية بحرب الشيشان وخاصة معركة العاصمة غروزني Grozny حيث تعتبر هذة المعركة من المعارك التي شهدت استخدام مكثف لسلاح المدفعية وتعتبر من الأمثلة المهمة على قتال حرب المدن بمشاركة من قبل سلاح مدفعي كبير هو سلاح المدفعية الروسي في هذا الموضوع سوف نحلل المعركة من وجهة نظر سلاح المدفعية ونستلخص الدروس من هذة المعركة .
القوات الروسية في عام 1994
قبل البدء بتفاصيل معركة غروزني الأولى ودور سلاح المدفعية والقوات الروسية بشكل عام سوف نستعرض وضع القوات الروسية بشكل عام قبل بدء المعركة عام 1994 .
ان القوات والجيش الروسي بشكل عام وبعد مرور 4 سنوات على تفكك الأتحاد السوفيتي اصبح الجيش الروسي عبارة عن شبح للقوات السوفيتية السابقة حيث كان الأتحاد السوفيتي يملك قوة كبيرة قد تعرضت لتقليص كبير بعد انهيار الأتحاد السوفيتي مما ادى الى اضعاف القوة الروسية بشكل كبير اضافة الى انه لم يحصل اي استثمار او تطوير حقيقي بالمعدات العسكرية منذ حرب افغانستان عام 1979 كان وضع القوات الروسية صعب وكثير من المقاتلين لم تدفع رواتبهم منذ اشهر وكثير من المقاتلين الروس وبعد عودتهم من اوربا الشرقية بعد انهيار الأتحاد السوفيتي لم تخصص لهم قواعد عسكرية وكثير من المقاتلين عسكروا بخيم بالعراء وكانت معنويات الجيش محطمة بشكل عام والقوات الروسية لم تقوم بمناورة او اي تدريب عسكري منذ عام 1992 وكانت الفرق العسكرية لاتخضع للتدريب بسبب الظروف الأقتصادية السيئة اضافة الى معدلات الهروب الكبيرة من الخدمة العسكرية ومعدلات الأنتحار الكبيرة بصفوف الجيش الروسي وسلاح المدفعية اخذ حصته الكبيرة من هذة الظروف حيث ان نقص التدريب وايضاً سوء حالة المعدات ادى الى تقليل فعالية هذا السلاح بشكل كبير وهذة كلها عوامل اثرت بشكل كبير بقدرة القوات الروسية وجاهزيتها في معركة غروزني الأولى.
معركة غروزني الأولى
في معركة غروزني الأولى كان أداء القوات الروسية بشكل عام غير جيد وأداء سلاح المدفعية بشكل خاص كان غير جيد ايضاً حيث التدريب القليل قد اضعف من كفاءة اطقم المدفعية اضافة الى ضعف صيانة الأليات وايضاً النقص الحاد بأنظمة الرصد التابعة لسلاح المدفعية وانظمة الأتصال اضافة الى سوء الأحوال الجوية التي لم تمكن سلاح المدفعية من ملاحظة الأهداف المراد تدميرها بصورة واضحة حيث كان سلاح المدفعية الشيشاني يقوم بأطلاق قذائف الهاون يومياً من نفس مواقع الأطلاق دون اي خطر من نيران مدفعية مضادة Counter fire بسبب النقص الحاد بأجهزة الرصد التابعة لسلاح المدفعية الروسي بمدينة غروزني بالرغم من امتلاك الروس رادارات رصد مثل الرادار “Zoopark” الموجود بالمخازن الروسية ولكن سوء ادارة المعركة لم تمكن المدفعية الروسية من استخدامه .
وبعد فترة من المعركة حاولت القوات الروسية تطوير قدراتها وسلاح المدفعية خاصة وذلك بأتخدام تكتيكات جديدة منها القيام بالدعم المدفعي القريب وانشاء حائط ناري Wall of Fire لمنع المقاتلين الشيشان من الاقتراب والأصطدام مع القوات الروسية ولكن سرعان ما قام المقاتلين الشيشان بتغيير تكتيكاتهم حيث كانوا يقتربون بمسافة قريبة جداً من القوات الروسية ويشتبكوا معها لمنع القوات الروسية من طلب الدعم المدفعي او الدعم الجوي ومن التأثيرات الكبيرة التي اثرت سلباً بدور سلاح المدفعية هي البيئة نفسها حيث ان مباني غروني الكبيرة قد وفرت حماية كبيرة للقوات المدافعية حيث يسمى هذا المفهوم لدى سلاح المدفعية Dead Artillery Space حيث ان المباني العالية تكون نقطة او منطقة عمياء بعيدة عن تأثير شضايا قذائف المدفعية اضافة الى الأستخدام الكبير للقذائف الغير موجهة Unguided Artillery التي هي غير دقيقة اصلاً بالبيئات الأعتيادية ادى الى تقليل فعالية هذا السلاح حيث ان القذيفة بفعل تأثيرات البيئة كانت القذيفة تنفجر حتى قبل سقوطها بمنطقة المتوقع سقوط القذيفة بها مما ادى الى زيادة كبيرة بنسبة الخطا PE لسقوط القذائف .
اما معركة غروزني الثانية فقد شهدت تطور كبير لأداء القوات الروسية بالمعركة حيث ادرك الروس اهمية سلاح المدفعية ودورة الكبير بهذة المعركة حيث قامت روسيا بنشر عدد كبير من المدفعيات يصل الى 480 قطعة مدفعية اضافة الى ان المعركة شهدت استخدام اسلحة وذخائر حديثة موجهة واستخدام تكتيكات جديدة لحماية القوات الروسية بسلاح المدفعية.
تجهيزات سلاح المدفعية الروسي بالمعركة الثانية
(ان القنبلة هي شئ غبي ولكن الجندي الذي يستخدمها تابع ذكي) ها ما قاله المارشال سيفوروف حيث يبدو ان الروس استوعبوا هذا الدرس بمعركة غروزني الثانية حيث شهدت تطور كبير بمعدات الجيش الروسي وتطور كبير بأنظمة الأتصال بين القطعات المدفعية .
بشكل اساسي ان دور سلاح المدفعية وتأثيره على قوات العدو يتمثل بثلاث اوجه اساسية حيث اما يكون تأثير سلاح المدفعية اما الأعاقة او شل قوات العدو neutralization ومنعها من التحرك بسهولة وفعالية .
وهناك التأثير على المعدات Material effect اي تدمير معدات العدو وتجهيزاته ومواقعة المهمة لغرض اضعاف العدو وايضاً التأثير القاتل او المدمر Lethal effect اي التأثير المباشر على جنود العدو واستهدافهم وتدميرهم واخيراً التأثبر المعنوي Morale effect اي التأثير المعنوي واضعاف معنويات مقاتلي العدو بسبب تعرضعهم للصدمة من جراء القصف المدفعي .
ان تأثير سلاح المدفعية بشكل اساسي يعتمد على دقة هذا السلاح ودقة الذخائر والمعدات المستخدمة حيث ان من اكثر المشكلات شيوعاً التي تواجه الفرق المدفعية بحرب المدن وهي من المشاكل الأساسية التي واجهت القوات الروسية بالشيشان هي الحاجة الى ذخائر ذكية اي ذخائر ذات دقة عالية اضافة الى تجهيزات مناسبة لغرض تحقيق التأثير المناسب من قبل سلاح المدفعية في هذة البيئة القتالية.
ان محاولات العلماء للحصول على الدقة الازمة في سلاح المدفعية والأن تعتبر القذائف الموجهة بأشعة الليزر Laser Guided ****ls الطريقة الأساسية التي يمكن الأعتماد عليها لتحقيق الدقة المطلوبة .
ان حجم الدمار الناتج من القصف المدفعي بالشيشان كان كبيراً وجزء كبير من هذا الدمار كان غير ضروري وكان بسبب افتقاد الدقة الحقيقة اثناء القصف المدفعي لذا اعتبرت ان القذائف الموجهة بأشعة الليزر Laser Guided ****ls ذات فاعلية اكبر في ظروف المعارك في المدن على الرغم من ان تكلفة القذيفة الموجهة اكثر بنسبة خمسة عشر مرة من القذيفة الأعتيادية الغبية Dumb .
ان من اكثر الأسلحة فعالية استخدمتها القوات الروسية بالشيشان هي القذيفة الروسية الموجهة بأشعة الليزر الكراسنوبول Krasnopol 152mm الموجهة اضافة الى القذيفة الثقيلة Smelchak من عيار 240mm ان القذيفة Smelchak قذيفة من عيار 240mm تستخدم على المدفع الهاون الروسي 2S4 ايضاً هذة القذيفة موجهة بأشعة الليزر ايضاً وقد استخدمت ايضاً بحرب الشيشان والقذيفة اقل تكلفة من القذبيفة الأمريكية Copperhead M712 الموجهة بأشعة الليزر حيث تقل تكلفة Smelchak عن Copperhead بأربع مرات بالتكلفة اضافة الى ان القذيفة Smelchak تتميز بدقة عالية وما ذكرنا ان القذيفة قد استخدمت بالشيشان ضد المراكز المحصنة للقوات الشيشانية وعلى الرغم من استخدام القذائف الموجهة ولكن استخدامها كان محدود وخاصة القذيفة Krasnopole حيث استخدامها كان محدود رغم نجاح هذة القذيفة ويعزى الأستخدام القليل للقذيفة هو النقص الحاد بالتدريب للقوات الروسية واطقم المدفعية مما حد من فاعلية القذيفة اضافة الى الحاجة الى ظرف مناخية ممتازة لأستخدام القذيفة .
القذيفة الروسية Smelchak من عيار 240 mm
ان مشكلة الدقة في قذائف المدفعية ما زالت مستمرة وكثير من الدول تطور ترساناتها لزيادة فعالية سلاح المدفعية ولكن لا تزال توجد الكثير من العقبات مثلاً في حرب العراق الأخيرة ان القوات الأمريكية لم تطلق او تستخدم اي قذيفة من نوع Copperhead على الرغم من دقة القذيفة ولكن القذيفة تحتاج الى وقت طويل نسبياً لغرض اعدادها للأستخدام .
وبشكل عام ان المحاولات لزيادة دفقة القذائف ما زالت مستمرة واخرها القذيفة الأمريكية M982 الموجهة بواسطة نظام ال GPS التي اعطت دقة ممتازة لقذيفة المدفع ولكن تكلفتها العالية تحول دون استخدامها بشكل مكثف وايضاً ظهور القذائف الموجهة بواسطة الأشعة تحت الحمراء IR مثل القذيفة الأمركية M898 .
المدفعـــــيه الثقيله
ان استخدام المدفعية الثقيلة في الشيشان قد رصد لأول مرة عام 2000 حيث لم تستخدم هذة المدافع في معركة غروزني الأولى عام 1994 ولكن القادة الروس قد شعروا بأهمية استخدام هذة المدافع لتدمير المواقع الشيشانية المحصنة التي يصعب على المدفع من عياري 155mm و 120mm من تدميرها وايضاً ان القادة الروس وبناءاً على التجربة من الحرب الروسية في افغانستان قد وجدوا ان استخدام مدفع الهاون الروسي الكبير 2S4 المسمى Tyulpan من عيار 240mm مجهزاً بالقذائف Smelchak الموجهة بالليزر Laser Guided قد اثبتت كفائتها ضد المواقع الشيشانية المحصنة حيث قامت القوات الروسية بأنشاء فرقة منفصلة متكونة من عدد من المدفعيات من طراز 2S4 حيث قامت هذة الفرقة بأكثر من مئة عملية قصف مدفعي وحققت نتاج كبيرة حيث تم تدمير 127 هدف شيشاني محصن وللمدفع 2S4 القدرة على ايصال كمية كبيرة من المتفجرات بسبب عيار القذيفة الكبير ويعتبر هذا المدفع الأكبر عالميا الأن حيث ان قوات حلف الناتو الأن لاتمتلك اي مدفع ثقيل الأن وخاصة بعد خروج المدفع M110 من عيار 203mm من الخدمة بالجيش الأمريكي والبريطاني .
المدفع الروسي 2s4 منعيار 240 mm
متفجرات وقود الهواء Fuel-Air Explosives
شهدت معركة غروزني الثانية استخدام انظمة مدفعية جديدة من ضمن هذة الأنظمة متفجرات وقود الهواء على الرغم من ان هذا النظام قد تم تجربيته في الحرب الأفغانية في نهاية الثمانينيات ولكن قد تم استخدامه بشكل موسع وبأعداد كبيرة بحرب الشيشان .
ان القاذفة للهب TOS-1 او الملقبة Buratino
هي راجمة من عيار 220mm مكونة من ثلاثين انبوب Tube اي تحمل ثلاثين صاروخ والألية مصممة على بدن T-72 وهذة الألية تخدم في الفرق الكيماوية في سلاح المدرعات الروسي .وهذة الألية تعتبر قاذفة لهب ذات مدى يصل الى3.5 km ويمكن ان يصل المدى الى 5 km واقل مدى لأطلاق الصواريخ هو 400 m .
ان الصاروخ في هذة الراجمة مكون من رأس حربي Thermobartic يتكون من سائل قابل للأشتعال اضافة الى مسحوق سريع الأنفجار يؤدي هذا المسحوق عندالأنفجار الى تبخير السائل السريع الأشتعال مما يؤدي الى تكوين سابة سريعة الأشتعال من الغاز وعندما تمتزج السحابة وتتفاعل مع الأوكسجين تنفجر مكونه سحابة من النار شديدة الحرارة متبوعة بضغط هائل جداً اكبر من الضغط الجوي Atmospheric بثلاثين مرة وبدرجة حرارة تقارب 3000 درجة يؤدي الى تدمير واخلاء المواقع الحصينة ويستخدم هذا السلاح ضد الأفراد وايضاً لتطهير الطرق من المتفجرات والألغام وايضاً ضد المعدات العسكرية الخفيفة التدريع.
في حرب الشيشان قد تم دمج هذة الفرقة بسلاح المدفعية وقد اثبت هذا السلاح انه سلاح ذو فعالية كبيرة بحرب الشيشان وتم استخدام هذا النظام في العاصمة غروزني وفي الجبال .
لاتوجد دولة في حلف الناتو تملك سلاح بقوة نظام TOS-1 الروسي ولكن الأن تجري عدة تطويرات وابحاث لأنتاج نظام امريكي اصغر حجم للخدمة بالجيش الأمريكي وايضاً قام الروس بتطوير نظام صاروخي ذو راس يحتوي على وقود الهواء يمكن حمل على الكتف .
ان الحماية من صواريخ التي تحمل رؤؤس حربية Thermobartic امر صعب والحماية الوحيدة من هذا الصاروخ هي اتخاذ اجرائات وقائة بواسطة المدفعية المضادة لمنع استخدام هذا السلاح او تمويه Comouflage المواقع بصورة جيدة لمنع كشفها من قبل العدو .
واخيراً أعتبر السلاح TOS-1 اكثر الأسلحة فعالية وقوة تم استخدامه في حب الشيشان حيث اثبت هذا السلاح بأنه سلاح مدمر .