هيلموت كول.. مستشار الوحدة
هيلموت كول، سياسي ألماني ينتمي للحزب المسيحي الديمقراطي، صاحب أطول مدة حكم في ألمانيا وأوروبا. لعب دورا رئيسيا في توحيد الألمانيتين، وتعزيز الاندماج الأوروبي. اعتبر الاتحاد الأوروبي "ناديا مسيحيا" ورفض انضمام تركيا إليه، وتجنب زيارة الدول العربية طوال فترة حكمه الطويلة.
المولد والنشأة
ولد هيلموت كول في 3 أبريل/نيسان 1930 في مدينة لودفيغسهافن بولاية راينلاند بفالز غربي ألمانيا، لأسرة كاثوليكية متدينة.
الدراسة والتكوين
وهو في سن الخامسة عشرة، أتم هيلموت كول تدريبا مهنيا في الاقتصاد الزراعي، وحصل على الثانوية العامة عام 1950، والتحق بجامعة فرانكفورت لدراسة التاريخ والقانون، وواصل دراسة هذين التخصصين بجامعة هايدلبيرغ وتخرج فيها عام 1956، وحصل بعد ذلك بعامين على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية.
تزوج كول عام 1960 من فتاة ألمانية لم تتجاوز السادسة عشر من العمر تدعى هانيلوره رينر، انتحرت عام 2001، وأرجعت تقارير إعلامية انتحارها لمعاناتها من اكتئاب حاد.
الوظائف والمسؤوليات
بعد حصوله على الدكتوراه، عمل باحثا في اتحاد الصناعات الكيميائية بمسقط رأسه في لودفيغسهافن.
التجربة السياسية
انخرط هيلموت كول مبكرا في السياسة والتحق بالحزب المسيحي الديمقراطي وهو في سن السادسة عشرة، وتدرج في مستوياته التنظيمية، ودخل عام 1959 على قائمته البرلمان المحلي لولاية راينلاندبفالز.
أصبح كول عام 1963 رئيسا لكتلة حزبه ببرلمان راينلاندبفالز، وبعد ثلاثة أعوام انتخب رئيسا للحزب في الولاية، ودخل مجلس قيادة الحزب على المستوى الاتحادي، واختير عام 1969 نائبا لرئيس الحزب الذي وأصبح أصغر قياديه. وتولى رئاسة حكومة ولاية راينلاندبفالز في الفترة من 1969 حتى 1976.
انتخب عام 1973 رئيسا للحزب المسيحي الديمقراطي، ودخل البرلمان الألماني (البوندستاغ) عضوا فيه خلال الفترة 1976-2002.
في عام 1982 فاز هيلموت كول بمنصب مستشار ألمانيا، خلفا لسميه الاشتراكي الديمقراطي هيلموت شميت، وانتخب مجددا مستشارا بعد فوز حزبه بالأغلبية في الانتخابات المبكرة التي جرت عام 1983، وأعيد انتخابه بعد فوز الحزب بالانتخابات المتتالية التي جرت أعوام 1987 و1990 و1994.
بعد عام من تركه منصب المستشار عام 1998، عمل كول لمدة عامين في خدمة اللوبيات الاقتصادية، بدخوله مجلس رئاسة "بنك سويس كريديت" السويسري، ومجموعة "كيرش" الإعلامية الألمانية.
بعد سقوط سور برلين يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني 1989، وقّع كول يوم 12 سبتمبر/أيلول 1990 في موسكو اتفاقية ألمانيا الغربية والشرقية مع القوى الأربعة المحتلة لألمانيا (الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا) على إجراءات توحيد الألمانيتين، وسحب قوات الدول الأربع من ألمانيا الموحدة باستثناء قواعد عسكرية ومراكز استخبارية أميركية.
وافق كول على طلب الرئيس الفرنسي في ذلك الوقت فرانسوا ميتران خلال المفاوضات على ربط موافقته لتوحيد ألمانيا، بتعميق الاتحاد النقدي والاقتصادي الأوروبي. وقاد هذا الاتفاق إلى توقيع معاهدة ماستريخت لمعايير الوحدة النقدية الأوروبية عام 1992، والإعلان مطلع يناير/كانون الثاني 1994 عن تأسيس "مؤسسة الوحدة النقدية الأوروبية" التي تحولت بعد خمسة أعوام إلى البنك المركزي الأوروبي، واختيرت فرانكفورت مقرا له.
قبل أربعة أشهر من خسارته الانتخابات وخروجه من الحكم، أعلن هلموت كول في مايو/أيار ببروكسل مع رؤساء حكومات المجموعة الأوروبية، اعتماد اليورو عملة نقدية موحدة لأوروبا.
وفي ذروة أزمة اليورو والديون السيادية الأوروبية عام 2012، تمَّ تحميل السياسة النقدية التي اتبعها هيلموت كول في سنوات حكمه الأخيرة جانبا كبيرا من المسؤولية عن هذه الأزمة، وأقر كول عام 2012 بمسؤوليته، معتبرا أنه تسرع وتصرف بدكتاتورية باعتماد اليورو عملة موحدة.
في عام 2013، كشفت وثيقة سرية بريطانية رسمية أن هيلموت كول حاول بعد أربعة أسابيع من انتخابه مستشارا عام 1982، ترحيل 50% من الأتراك المقيمين في ألمانيا إلى بلدهم، معتبرا أنهم يمثلون مشكلة بسبب مجيئهم من خلفية ثقافية مغايرة. وفي نهاية 1997، تبني هيلموت كول موقفا معاديا لانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي معتبرا الاتحاد "ناديا مسيحيا" ولا مكان فيه لتركيا المسلمة.
وفي آخر سنوات، حكمه حذر هيلموت كول الألمان من الانقراض بسبب تراجع معدلات إنجابهم، معتبرا أنهم تحولوا إلى "أمة قاعدة هرمها السكاني من العجزة وكبار السن".
وبعد خسارة الحزب المسيحي الديمقراطي انتخابات 1998 وخروجه من الحكم، تفجرت فضيحة حصول هيلموت كول بشكل غير شرعي على 2.1 مليون مارك من متبرع مجهول، ووضع هذا المبلغ في حساب للحزب. وقضت لجنة تحقيق برلمانية عام 2002 بتغريم كول مبلغ ثلاثمئة ألف يورو، وأدى هذا الحكم لسحب الحزب المسيحي رئاسته الفخرية التي منحها لكول عام 1998.
المؤلفات
أصدر هيلموت كول عدة كتب من أهمها "ذكريات" الذي صدر في ثلاثة أجزاء، وتوقف إصدار جزئه الرابع الأخير بسبب خلاف بين كول وناشره، كما أصدر "نداء حرصا على أوروبا"، و"من انهيار الجدار إلى الوحدة".
الأوسمة والجوائز
حصل كول على نحو ثلاثين وساما وجائزة وميدالية، أهمها "وسام الصليب الكبير" من الدولة الألمانية عام 1998، والميدالية الذهبية من سويسرا 2007، و"جائزة كسيسينجر"عام 2011، كما أصدرت ألمانيا عام 2012 طابعا بريديا يحمل صورته، وتم ترشيحه منذ 1998 لجائزة نوبل للسلام.
الوفاة
توفي يوم الجمعة 16 يونيو/حزيران 2017.
المصدر : الجزيرة نت