الدراسة والتكوين العلمي
التحق ساركوزي بمدارس مرموقة، ونال عام 1978 شهادة في القانون الخاص، وبين عامي 1979 و1981 درس في معهد الدراسات السياسية في باريس.
كتب أطروحة حول الاستفتاء الدستوري الذي جرى في 27 أبريل/نيسان 1969، وكان الهدف منه تعزيز اللامركزية وتحديث الإدارة المحلية في العاصمة والمناطق المحيطة بها. وفي عام 1981 حصل على شهادة التخصص لمزاولة مهنة المحاماة.
التجربة السياسية
قبل دخوله المعترك السياسي، عمل ساركوزي محاميا وكان عضوا في نقابة المحامين بباريس. كما أصبح عضوا في المجلس الاستشاري لصحيفة "ذا وورلد بوست"، وكذلك في مجلس القرن الحادي والعشرين، وهي مجموعة استشارية دولية تضم شخصيات سياسية وأكاديمية بارزة تناقش القضايا العالمية المعاصرة.
انتُخب ساركوزي عام 1983 عمدة مدينة نويي سور سين، وظل في المنصب حتى عام 2002. كما أصبح نائبا في
البرلمان الفرنسي عام 1988.
وبرز ساركوزي على الساحة الوطنية عام 1993 عندما أصبح وزيرا للميزانية والمتحدث الرسمي بالحكومة في عهد رئيس الوزراء إدوارد بالادور.
وكان بالادور قد رشحه سياسيون فرنسيون، بمن فيهم
جاك شيراك، لتولي رئاسة الوزراء تحت حكم الرئيس الاشتراكي
فرانسوا ميتران، بهدف أن يمثل الجناح اليميني في الحكومة دون أن ينافس شيراك مباشرة في انتخابات عام 1995.
ومع ذلك، شجع ساركوزي بالادور على الترشح للرئاسة بنفسه، مما أربك خطط شيراك وأدى إلى عداء بينه وبين ساركوزي، الذي كان مقربا منه.
وفي الانتخابات، خسر بالادور أمام شيراك، فتم استبعاد ساركوزي من الحكومة اليمينية الوسطى عام 1995. وبين يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول 1999، أصبح عضوا في
البرلمان الأوروبي.
وفي عام 2002، بعد إعادة انتخاب جاك شيراك رئيسا وتشكيل حكومة يمينية وسطى أخرى، عاد ساركوزي إلى الحكومة وزيرا للداخلية، وظل في منصبه حتى أصبح وزيرا للمالية في مارس/آذار 2004.
وبعد فترة قصيرة، طلب شيراك من ساركوزي أن يختار بين الاستمرار في منصبه الحكومي أو تولي رئاسة حزب "
الاتحاد من أجل حركة شعبية"، فاختار رئاسة الحزب وترك الحكومة في نوفمبر/تشرين الثاني 2004.
وفي أعقاب استفتاء مايو/أيار 2005 الذي رفض فيه الناخبون الفرنسيون الدستور المقترح
للاتحاد الأوروبي، دعا شيراك ساركوزي للعودة وزيرا للداخلية في حكومة جديدة برئاسة رئيس الوزراء
دومينيك دوفيلبان.
وفي أواخر 2005 اضطر ساركوزي إلى التعامل مع 3 أسابيع من أعمال الشغب في ضواحي باريس ومدن أخرى. ورغم أن النقاد حملوه مسؤولية التحريض على احتجاجات حرق السيارات بعد أن وصف المحتجين بـ"الحثالة"، فإن آخرين أيدوا موقفه الصارم بفرض القانون والنظام، وكذلك دعوته إلى تشديد قوانين الهجرة.
رئيسا لفرنسا
في عام 2007 ترشح ساركوزي لرئاسة فرنسا، واحتل المرتبة الأولى في الجولة الأولى من التصويت في 22 أبريل/نيسان بحصوله على 31% من الأصوات. وفي الجولة الثانية، تغلب على السياسية الاشتراكية سيغولين رويال، محققا 53.6% من الأصوات، وأدى اليمين الدستورية رئيسا للبلاد في 16 مايو/أيار 2007.
وقد وعد ساركوزي بالانفصال عن ماضي فرنسا، وتعهد بإصلاحات اقتصادية جذرية تقلل الضرائب وتحرر سوق العمل، فضلا عن تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة. كما حصل على موافقة من البرلمان على تعديل دستوري يقيد الرئاسة بفترتين مدة كل منهما 5 سنوات.
عين ساركوزي
فرانسوا فيون رئيسا للحكومة، وفي التعديل الوزاري اللاحق اختار
كريستين لاغارد لتكون أول امرأة تتولى وزارة المالية، وكذلك
رشيدة داتي ذات الأصول المغربية وزيرة للخارجية، فضلا عن بعض الاشتراكيين الذين تولوا مناصب قيادية أخرى.
وبعد بروز
الأزمة المالية العالمية عام 2008، أطلق ساركوزي خطة لإنقاذ البنوك الفرنسية، إضافة إلى خطة تحفيز اقتصادية، وبدأ تطبيق قانون برنامج "دخل التضامن النشط"، وهو دعم مالي موجه للأشخاص ذوي الدخل المحدود بهدف مساعدتهم على تحسين معيشتهم.
وبين يوليو/تموز وديسمبر/كانون الأول 2008، تولى منصب رئيس
المفوضية الأوروبية، واقترح حينئذ الميثاق الأوروبي بشأن الهجرة واللجوء، الذي وافقت عليه الدول الأعضاء. ثم تولى عام 2010 رئاسة
مجموعة العشرين حتى 2011.
وقد انتقد ساركوزي سياسة
البنك المركزي الأوروبي النقدية المتشددة، وشدد على ضرورة تعزيز التعاون والتنسيق بين دول الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (
الناتو). كما عُرف بدعمه
إسرائيل ومواقفه الصارمة تجاه
البرنامج النووي الإيراني.

وأشرف ساركوزي على إطلاق
الاتحاد من أجل المتوسط، وهي منظمة دولية تضم دول حوض
البحر الأبيض المتوسط في أوروبا وشمال
أفريقيا و
الشرق الأوسط.
وفي عام 2009، أعاد ساركوزي فرنسا إلى المشاركة الكاملة في القيادة العسكرية لحلف الناتو، بعد أن كانت قد انسحبت منها في عام 1966 في عهد الرئيس
شارل ديغول.
كما كان لساركوزي وزوجته السابقة سيسيليا دور كبير في تحرير الممرضات البلغاريات المعتقلات في
ليبيا منذ عام 1999، قبل قيادته، تحت إشراف
الأمم المتحدة، تدخلا عسكريا ضد نظام الرئيس الليبي الراحل
معمر القذافي عام 2011.
وفي عام 2012، ترشح ساركوزي لولاية ثانية رغم التقييمات المتباينة لأدائه. وفي الانتخابات الرئاسية، واجه في الجولة الثانية
فرانسوا هولاند، الذي فاز بنسبة 51.64% من الأصوات.
متاعب بعد الرئاسة
رغم إعلان ساركوزي أن خسارته في الانتخابات الرئاسية تشير إلى اعتزاله الحياة السياسية، كان الاعتقاد السائد أنه كان يتنظر الوقت المناسب للعودة لاحقا.
وصُنف ساركوزي مرشحا محتملا عن حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" للانتخابات الرئاسية عام 2017، لكن طموحاته السياسية أحبطت بسبب سلسلة مشاكل قانونية تتعلق بتمويل حملته الانتخابية عام 2007.
وفي مارس/آذار 2013، تم التحقيق معه لاستلامه تبرعات غير قانونية من
ليليان بيتنكور، وريثة إمبراطورية مستحضرات التجميل "لوريال".
