عرض مشاركة واحدة

قديم 11-06-09, 12:04 AM

  رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

الحشد والمناورة

الحشد.
الحشد هو تركيز القوى الملائمة في المكان والزمان الملائمين. وفي الدفاع الجوي، يُعَدّ الحشد من أكثر مبادئ الحرب صعوبة، عند التطبيق، نظراً إلى كثرة الأهداف الحيوية، وانتشارها على اتساع رقعة الدولة. ويؤدي توزيع الموارد المتاحة، على جميع هذه الأهداف، إلى بعثرة الإمكانات. وهذا يعني، على سبيل المثال، أنه إذا كان على القائد أن يدافع عن عشرة أهداف حيوية، وليس لديه سوى عشر وحدات، فمن الخطأ، أن يُخصَّـص وحدة واحدة لكل هدف، ويتصور بذلك أنه حقَّق الوقاية لجميع الأهداف، لأنه، في الواقع، لن ينجح في الدفاع عن أيٍّ منها بوحدة واحدة، ذات إمكانات محدودة. أمّا الحل الصحيح، فهو تركيز هذه الوحدات للدفاع عن الأهم، فالمُهم، من هذه الأهداف الحيوية، في الوقت المتوقع أن تتعرض فيه للهجوم. وقد يقال إن هذه مغامرة، تُعرِّض باقي الأهداف الحيوية للتدمير. وهذا غير صحيح، لأن الحشد يعتمد على الجرأة، وليس المغامرة. أمّا الجرأة، فتُبنى على تقدير

سليم لمجموعة من العوامل، تشمل الآتي:
- موقف العدوّ الجوي وإمكاناته ونواياه وخططه وأهدافه وتسليحه.
- عدد الأهداف الحيوية، وأهمية كل هدف، وتأثيره في الحرب، في مراحل القتال المختلفة. والتوقيت المحتمل لمهاجمة هذه الأهداف، طبقاً لأسبقيتها من وجهة نظر العدوّ. إذ إن العدوّ، هو الآخر، لا تتأتى له الإمكانات، اللازمة لمهاجمة جميع الأهداف في وقت واحد.
- قواتنا وإمكاناتها القتالية (نيران ـ مناورة).
- عدد الوحدات، اللازمة لتوفير دفاع جوي فعال عن كل هدف حيوي.
ولنذكر مثالاً عملياً، من الحرب العالمية الثانية، لتنفيذ مبدأ الحشد. فعندما أصدر مارشال الجو الألماني، هيرمان جورنج Herman Wilhelm Goering ، أوامره بتركيز القصف الجوي ضد لندن، في شهر سبتمبر 1940 (بدأ القصف في 7 سبتمبر)، سارعت القيادة البريطانية إلى حشد إمكانات الدفاع الجوي، لحماية المدينة. ولهذا، تكبَّدت موجات الهجوم الجوي خسائر كبيرة، في هذا الشهر، بلغت 582 طائرة، وذلك، طبقاً للوثائق الألمانية الرسمية، التي نُشِرت بعد الحرب.
ومثال آخر من حرب أكتوبر 1973. عند تنظيم الدفاع الجوي عن المعابر، التي أقيمت على قناة السويس، والتي كانت نقاطاً حيوية صغيرة، ولكنها، مع ذلك، على درجة كبيرة من الأهمية، لأنها الشرايين، التي تنقل القوات والإمدادات، من الغرب إلى الشرق. كان هناك لحظات حرجة جداً، بعد عبور طلائع المشاة، وحدها، واقتحامها خط بارليف، وانتظارها إقامة الجسور، وعبور المدرعات، لدعم أعمال قتالها، وتثبيت أقدامها في سيناء.
وكان العدوّ يُدرك أهمية هذه المعابر. ولهذا، خصّص أغلب قواته الجوية لمهاجمتها. واستماتت الطائرات الإسرائيلية في محاولة تدميرها. ولكن جميع هذه المحاولات، باءت بالفشل، لأن هذه المعابر، كانت محمية بحشد ملائم من جميع أسلحة الدفاع الجوي، وتكبَّدت الطائرات المعادية خسائر كبيرة، مما اضطر القيادة الإسرائيلية، بعد آخر ضوء من اليوم الأول للقتال، إلى إصدار أوامر متكررة إلى طياريها، بعدم الاقتراب لمسافة 15كم من قناة السويس. وتم التقاط هذه الإشارة، وأذاعتها وكالات الأنباء العالمية، ولم تنكِرها إسرائيل.
وقد جاء هذا الحشد على حساب أهداف حيوية أخرى، لم يُوفَّر لها دفاع جوي، لأنها لم تكُن معرَّضة للهجوم، في ذلك الوقت، وليس لها القدر الكبير من الأهمية، أو التأثير في سَير الحرب. والواقع، أن تركيز العدوّ هجومه ضد المعابر، كان على حساب أهداف أخرى، لم يقُم بقصفها.
ومن الواضح، أن تطبيق مبدأ الحشد، يعتمد على مبدأ آخر، هو المناورة، التي تحقِّق نقْل القوات اللازمة إلى المكان الملائم، وفي الزمان الملائم.

المناورة.
لا تخلو معركة من معارك الدفاع الجوي، من استخدام المناورة، بصورة أو بأخرى، لِما لها من دور فَعال في وقاية القوات، وفي تنفيذ الحشد، وفي تضليل العدوّ عن حقيقة تشكيل القتال. وتُحقِّق المناورة الدعم المطلوب، الذي تحتاج إليه الاتجاهات في المواقف الحرِجة. وللمناورة صور متعددة، نعالج منها في هذا المقام ثلاثة أنواع رئيسية، هي:

المناورة بالقوات.
تُنفَّذ المناورة بالقوات، باستخدام المقاتلات، أو بوحدات فرعية صغرى، مثل وحدات الصواريخ الخفيفة، أو بوحدات كاملة، قد تصل إلى لواء صواريخ أرض/ جو. وقد تُجرى بتجميع متكامل من هذه الأسلحة الثلاثة.

المناورة بالمقاتلات.
تُعَد المقاتلات الاعتراضية أقدر أسلحة الدفاع الجوي على إجراء المناورة؛ إذ يمكِن دفعها، في وقت قصير، إلى مسافات بعيدة، خارج مناطق عمل صواريخ أرض/ جو، في دقائق معدودة. وهذا يحتاج إلى إنذار مبكر من اقتراب العدوّ، وإلى معلومات مستمرة عن الموقف الجوي، كما يتطلب نظام توجيه دقيقاً، حتى تتمكن المقاتلات من المناورة في الاتجاه المطلوب، في التوقيت الملائم، واكتشاف الطائرات المعادية، واعتراضها بكفاءة. وينبغي أن تُجرى هذه المناورة في إطار تعاون كامل مع باقي أسلحة الدفاع الجوي. ولكن المناورة بالمقاتلات، هي إجراء مؤقت، يُلجأ إليه، عادة، لسد الثغرات، التي قد تحدُث أثناء القتال، أو للدفاع عن هدف حيوي، لفترة محدودة، إلى حين وصول وحدات الدفاع الجوي الأرضية.

المناورة بالوحدات الصغرى.
تُجرى هذه المناورة، عادة، بالصواريخ الخفيفة، التي تُطلَق من الكتف، مثل صاروخي Stinger، SAM – 7، وما شابههما من الأسلحة، التي تتمتع بخفة حركة عالية. وتُستخْدم، في العادة، لتغطية الثغرات، وسدّ طُرق الاقتراب أمام العدوّ الجوي. وتتميز هذه العمليات الصغيرة بسهولة التنفيذ وسرعته، وتُحقِّق مفاجأة العدوّ بالنيران، من حيث لا يتوقع. وتضطر الطائرات المعادية، إمّا إلى تجنُّب هذا الطريق، على الرغم من كونِه الأفضل، أو محاولة تدمير هذه الأسلحة، التي تعترض طريقها، وهو ليس عملاً سهلاً، لأن مَواقع هذه الأسلحة تكون صغيرة الحجم، ويسهل إخفاؤها، بينما يصعب تحديدها وإصابتها، من الجو. كما أنها تتمتع بخفة حركة، تعِينها على الانتقال، بسرعة، من مَوقع إلى آخر، بعد كل اشتباك، إضافة إلى قدرتها على تحقيق اشتباكات ناجحة، من مَواقع سريعة التجهيز. ويمكِن تنفيذ هذه المناورة بسرعة عالية، لو استُخْدِمت طائرات النقل الجوي، والطائرات العمودية، في نقْل هذه الأطقم، وإسقاطها، من الجو، في الأماكن المطلوبة.

المناورة بوحدات كاملة.
مع تطَوُّر القتال، يفقِد بعض المناطق أهميتها، وتتأخر أسبقية بعض الأهداف الحيوية. بينما تظهر مناطق وأهداف حيوية جديدة، تحتاج إلى تأمين الدفاع الجوي عنها. وهذا يؤدي إلى سحب وحدات كاملة من مَواقعها، والمناورة بها في اتجاهات جديدة. ويُنَفَّذ ذلك، إمّا بتخفيف الدفاعات القائمة، أو بإخلاء الوحدات تماماً. ويحتاج كلا الأمرين إلى إجراء مناورات رئيسية، وفرعية، لتحقيق اتّزان الدفاعات في الموقف الجديد.
وعندما تنجح قواتنا البرية في الهجوم، وتستولي على أراضٍ جديدة، يصبح من الضروري، أن يُجري تشكيل الدفاع الجوي المناورة بوحداته، ليَمُد مظلة الحماية أمام هذه القوات، في مسرح عملياته الجديد.

ويعتمد نجاح المناورة، في هذه الأحوال، على عِدَّة شروط، من أهمها:

- وضْع خطة مركزية، على مستوى قيادة التشكيل، لضمان التعاون والتنسيق بين جميع العناصر، والمحافظة على قُدرَة التجميع على الصدّ، أثناء تحرك بعض الوحدات. ومن البديهي، ألاّ تتحرك جميع الوحدات، في وقت واحد.
- شبكة من المَواقع المجهَّزة من قبْل، إذا كانت المناورة ستُجرى في إطار مسرح العمليات القديم. أمّا إذا انتقلت الوحدات إلى أرض جديدة، فيجب تدعيمها بوحدات المهندسين، لعمل تجهيزات سريعة، حتى لا تتمركز وحدات الدفاع الجوي في أراضٍ مكشوفة، وتتعرَّض للقصف المعادي، ليس بوساطة الطائرات فقط، وإنما بمدفعية الميدان، كذلك، وبالدبابات والصواريخ أرض/ أرض التكتيكية، وغيرها من أسلحة القوات البرية.
- مُعَدَّات خفيفة الحركة؛ ومن حسن الحظ، أن كثيراً من أسلحة الدفاع الجوي الحديثة، أصبحت ذاتية الحركة.
- معرفة جيدة بالأرض، وتأثير التضاريس في الإمكانات القتالية للسلاح والوحدة والتشكيل، خاصة في الصحراء.
- وسائل نقل جيدة وطرق ملائمة للتحرك، من حيث التمهيد والاستتار، إن أمكَن.
- وسائل اتصال جيدة، وسريعة الإنشاء، لضمان استمرار القيادة والسيطرة على القوات، وتنظيم التعاون فيما بينها، ومع الجوار. ويجب أن تكون وسيلة الاتصال مؤَمَّنة ضد تنصّت العدّو. وعموماً، يجب مراعاة السرِّية الكاملة، أثناء التخطيط والتنفيذ، حتى لا يكتشف العدوّ هذه التحركات، ويهاجم التشكيل، وهو في أضعف حالاته.
- تأمين حماية الوحدات القائمة بالمناورة، ضد هجمات العدو، الجوية والبرية والبحرية. ويمكِن تحقيق هذه الحماية بالإمكانات الذاتية، أو الخارجية، أو بكلتيهما معاً.
- يُفضَّل أن تُجرى المناورة ليلاً؛ فما زال الليل ستاراً، لا بأس به، لإخفاء القوات. وعلى الرغم من تقدُّم أجهزة الرؤية الليلية، فإنها لا توفر الوضوح الشامل للموقف، مثلما يحدث نهاراً.
- وأخيراً، فمن الضروري، أن يكون الرجال على مستوى تدريبي مميز، وأن تكون كفاءتهم عالية، في تجهيز الوحدة للتحرك وللاشتباك.
المناورة بالنيران.
تعني المناورة بالنيران، قدرة قائد الوحدة على تركيز نيران وحداته في هدفٍ محدد، أو توزيعها على عِدَّة أهداف، طبقاً للموقف. ويعتمد نجاحها على حُسْن إلمام القائد بالموقف الجوي، وتقدير أهمية الأهداف المعادية، وموقف وحداته، ومدى تعرّضها للهجوم. وتسهم المناورة بالنيران في تقليل الخسائر في قواتنا، وإسقاط أكبر عدد من الطائرات المعادية، كما يتضح من الأمثلة التالية:
- من المعروف أن احتمال تدمير الطائرات المعادية، يزداد بوضوح، عندما تُقاتل وحدات الدفاع الجوي في ظروف، تخلو من الإعاقة الإلكترونية. وفي بداية حرب فيتنام، كان تدمير طائرة أمريكية واحدة، يحتاج إلى صاروخين أو ثلاثة صواريخ. وعندما استخدمت الطائرات الأمريكية الإعاقة الإلكترونية، ارتفع عدد الصواريخ، اللازمة لتدمير طائرة واحدة، إلى ثلاثين صاروخاً. ولهذا، فإن طائرات الإعاقة الإلكترونية، تُمثِّل الأسبقية الأولى، في قائمة الاشتباك. ومن ثَمَّ، يُركِّز القائد نيران وحداته في تدمير هذا الهدف الخطير. وينطبق القول نفسه على طائرات القيادة والسيطرة والإنذار المبكر. وهذه إحدى صور المناورة بالنيران.
- قد، يحدث، أحياناً، عُطل في أحد المكوّنات العديدة لوحدة الدفاع الجوي، أو تخرج وحدة من واجب العمليات، نتيجة للقصف المعادي. وليس أمام القائد، أثناء الهجوم الجوي، إلاّ أن يناور بنيران الوحدات الأخرى، لتغطية الثغرة، التي حدثت نتيجة لذلك.
- ظهرت في السنوات الأخيرة، صورة جديدة من صور المناورة بالنيران، وهي تحويل النيران من هدف جوي (طائرة)، إلى هدف
(م/ ط). أمّا الآن، فقد أنتجت الصناعات الحربية صواريخ مضادّة للطائرات والدبابات معاً، وتسهم هذه الخاصية في وقاية مَواقع الدفاع الجوي من نيران الأسلحة البرية.

المناورة الإلكترونية.
يزداد التلاحم، يوماً بعد يوم، بين العمليات الجوية والحرب الإلكترونية. وقد ظهر ذلك، بوضوح، في حرب تحرير الكويت، حين استُخدمت صور الحرب الإلكترونية ضد الدفاع الجوي العراقي، على النحو الآتي:
- الاستطلاع الإلكتروني:لتحديد خواصّ الأجهزة الإلكترونية المعادية، والتنصّت على شبكات الاتصال.
- الهجوم الإلكتروني: وينقسم إلى نوعين رئيسيين، هما: الإعاقة، الإيجابية والسلبية، وتسمى القتل الناعم Soft – kill، والتدمير، ويسمى Hard – kill، ويُنفَّذ، عادة، بالصواريخ المضادّة للإشعاع Anti – Radiation، مثل صاروخىHarmوAlarm وغيرهما.
وتسهم المناورة الإلكترونية، إلى حدّ كبير، في مواجَهة هذه التهديدات الخطيرة. وعلى الرغم من تعدد أساليب المناورة الإلكترونية،
فمن الممكن حصرها في الآتي:
- المناورة بالتردّدات: وهي أكثر صور المناورة الإلكترونية شيوعاً، وأبسطها استخداماً، إذ إن تصميم المعدات الإلكترونية الحديثة، يسمح بإجراء المناورة آلياً. وهي، في الواقع، عملية هروب متكرر، بالتردّدات، من أجهزة الاستطلاع والإعاقة المعادية، التي تحاول، بدورها، متابعة التردّد الجديد وإعاقته. وتَحدُث عملية تغيير التردّد هذه بوساطة الحاسب الآلي. ولهذا، فهي تتم في أزمنة متناهية القِصر. ومع ذلك، فهناك حدود لإمكاناتها، إذ إن جهاز الرادار، مهْما بلغت قدرته على تغيير التردّد، فهو، في النهاية، محصور في نطاق حيّز معيّن من الترددات لا يمكِن تجاوزه.
- تخيُّر الوقت الملائم لبثّ الطاقة في الأثير: وتحديد فترات قصيرة لهذا البث، والمناورة الزمنية، بالأجهزة والترددات، التي تقوم بالإشعاع، في كل فترة.
- ظهرت وسائل حديثة، لتشغيل أجهزة الرادار، تعتمد على تقسيم النبضة إلى أجزاء صغيرة. وبالتحكم في زمن التأخير، وضبط الطور Phase، يمكِن الحصول على نبضة ضيقة، تتضاعف فيها قوة الإشارة، ويصبح من الصعب إعاقتها.
- المناورة بأجهزة الاستشعار المختلفة، الرادارية والكهروبصرية: وتلك التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء، حتى يمكِن تأمين معلومات مستمرة عن العدوّ الجوي، بالوسائل التي لم تتعرض، على نحوٍ مؤثر، للإعاقة المعادية.
- المناورة بمعدات ومَواقع إلكترونية هيكلية: تكُون قادرة فقط على بث الطاقة في الأثير، وذلك باستخدام أجهزة الإرسال القديمة. أمّا أجهزة الاستقبال وشاشات العرض، وما إلى ذلك، فلا داعي لوجودها
- الاحتفاظ بتردّدات خاصة بالحرب، وتجنّب العمل بها، قبْل بداية القتال.

يتبع....

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس