عرض مشاركة واحدة

قديم 21-08-09, 12:42 PM

  رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

“سي.آي.ايه” تسهل سوق المخدرات


في أمريكا علاقات وكالة الاستخبارات الأمريكية مع المخدرات لها تاريخ طويل، وقد تمّ التطرق للموضوع من خلال علاقتها بالمافيا الكورسيكية أو اثناء حربي أفغانستان وفيتنام. ويقول الكاتب: “صحيح أن الوكالة لا تمارس بنفسها هذه التجارة، ولكنها في بعض الأحيان من تاريخها تركت حلفاءها الظرفيين يقومون بالأمر، من دون أن تطرح سؤال من هو من سيستهلك هذه المواد في نهاية المطاف” وفي سنة 1996 طرح نقاش علني، من قبل غاري ويب Gary Webb في الولايات المتحدة حول العلاقة ما بين تمويل وكالة الاستخبارات الأمريكية لعصابات الكونتراس النيكاراغويين في سنوات الثمانينات، وبين وصول نوع رديء من المخدرات إلى أسواق وشوارع سان فرانسيسكو.كانت “هذه المخدرات من إنتاج الكونتراس وإرسالها يتم بحماية وكالة الاستخبارات” وقد تسبّب هذا النوع الرديء في إحداث كوارث وسط الزنوج الأمريكيين في سان فرانسيسكو.

ولكن وسائل الإعلام تجاهلت هذا النقاش وتجاهلت غاري ويب، الذي واصل تحقيقه إلى سنة 2004.المخابرات الأمريكية أنكرت الأمر بطبيعة الحال، ولكن النتيجة المأساوية للكاتب غاري ويب الذي وجد مقتولا في بيته برصاصة في رأسه تدل على شيء ما غير طبيعي.الوكالة وأفغانستانيبدو من الوهلة الأولى في نظر الكاتب أن العمليات السرية لوكالة الاستخبارات الأمريكية في أفغانستان ما بين سنتي 1979 و1989 تمثل أكثر العمليات نجاحا في تاريخ الوكالة. ألم يُتِحْ الدعم المقدم للمقاومين الإسلاميين طرد السوفييت من البلد؟ على الرغم من اعتبار الساسة الأمريكان أفغانستان منطقة ذات أهمية ثانوية، فقد كانت تتصور أن الفرصة أصبحت مواتية لتكبيد الاتحاد السوفييتي هزيمة تضاهي هزيمة الأمريكان في فيتنام. على الرغم من أنه في تلك الفترة لم يكن ثمة من الاستراتيجيين العسكريين من كان يعتقد بهزيمة سوفييتية، ولكن يمكن التحرش بالجيش الأحمر وتحميله خسائر فادحة وإرغامه على الدفع بقوات إضافية كبيرة إلى الجبهة. (260) الحقد الأمريكي على الاتحاد السوفييتي كان كبيرا، إذْ ليس من المستغرب أن إجماعا حصل في الولايات المتحجة على التورط، ولو بطريقة غير مباشرة في الصراع الأفغاني: “أفغانستان كانت إذن إحدى العمليات النادرة لوكالة الاستخبارات الأمريكية التي دفع بها الرئيس الحَذِرُ والأخلافي جيمي كارتر، ثم سانده، من بعده، وبقوة الرئيس رونالد ريغان” وقد حرصت الإدارة الأمريكية على مبدأ يتمثل في أنه لا رجال الإدارة الأمريكية ولا رجال وكالة الاستخبارات الأمريكية يمكن لهم أن يتعاملوا بطريق مباشرة مع زعماء الحرب الأفغان والمخاطرة بسقوطهم أسرى في أيدي السوفييت.

إذن يتوجب وجود جهاز فعّال وقد تم العثور عليه في جهاز الاستخبارات الباكستانية. الباكستان في عهد الرئيس ضياء الحق، كانت دولة إسلامية تحس بأنها مهددة من قبل السوفييت في أفغانستان، وفي نفس الوقت كانت تحس بالسعادة للتأكيد على تأثيرها في جارها الأفغاني. وإلى حدود سنة 1983 كانت وكالة الاستخبارات الأمريكية لا تتعامل سوى مع جهاز الاستخبارات الباكستاني، الذراع العسكرية للديكتاتورية الباكستانية، لنقل الأسلحة والمال إلى المقاومة الأفغانية. وهو ما أدى إلى ازدياد ثراء هذا الجهاز الاستخباراتي الباكستاني (الأموال لم تكن تصل كلها إلى هدفها النهائي)، وساعدة على العثور على زبائن من بين زعماء الحرب الأفغان وتفضيل الأصوليين على حساب زعماء أكثر اعتدالا مثل الزعيم شاه مسعود.و”كمثال على الدور المهم الذي لعبته المخابرات الباكستانية، هو تنظيمها لمعسكرات تدريب على طول الحدود مع أفغانستان التي كانت تشهد مرور ما بين 6000 إلى 7000 متطوع سنويا”، ولا يُغفل الكاتب دور المدارس الدينية أو القرآنية. وهنا سيظهر أسامة ابن لادن باعتباره أحد الممولين للجهاد في أفغانستان. إنه ابن عائلة ثرية تدير أول مجموعة بناء في المملكة السعودية، وهو يتميز بشدة الورع، وحصل على دبلوم في الاقتصاد سنة ،1981 ويبحث عن طريقه ويهتم عن قرب بإخوانه الأفغان في صراعهم ضد الكافر الشيوعي.

ويشدد الكاتب على الأهمية التي مَثَّلَها وُصول وليام كيسي William Casey على رأس وكالة الاستخبارات الأمريكية، ويرى أنّ من بين التغيرات التي حصلت هو اكتشاف أن الاستخبارات الباكستانية تقوم بتوزيع غير عادل للسلاح الذي تحصل عليه من قبل الأمريكيين، فبدأت الاستخبارت الأمريكية بإقامة اتصالات مباشرة مع زعماء الحرب الأفغانية، واستكمال الدور الذي تلعبه المخابرات الباكستانية. بدأت وكالة الاستخبارات الأمريكية بتوزيع أسلحة بالغة التطور والتعقيد ومن بينها صورايخ ستينغر التي أتاحت إسقاط طائرات الهيلوكوبتر الروسية. بدأ هذا الانخراط الفعلي للأمريكين في أفغانستان يظهر في العلن وهو ما جرّ تهديد الروس من “مواجهة مباشرة أو حتى اجتياح باكستان”. أين ابن لادن الآن؟- في سنة 1985- 1986 استقر ابن لادن في بيشاور، ومن هذه الساعة أصبح وجها معروفا من طرف زعماء الحرب الأفغان، بسبب هباته وأيضا بسبب مساعدته على بناء المدارس الدينية.

بدأ “الجهاد” في جذب متطوعين إسلاميين من كل المنطقة، هكذا وصل إلى بيشاور في نفس تلك الفترة، المصري أيمن الظواهري، الذي كان معتقلا في القاهرة بسبب مؤامرته ضد الرئيس السادات. أهمية ابن لادن تأتي من تصريحه بأنه مستعد لتحمل كل أعباء أيّ مجاهد عربي يأتي إلى أفغانستان، بل ووصل به الأمر إلى أنه فتح مراكز تجنيد في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها في أريزونا. وهذه العلاقات الطبيعية بل والودية بين الأمريكيين وابن لادن، دفعتْ ميلت بيردين Milt Bearden ، رئيس قسم وكالة الاستخبارات الأمريكية في إسلام أباد إلى أن يرى الأمر بعين الرضى، لم يكن ابن لادن في هذه الأوقات يُنظر إليه على أنه مُعادٍ لأمريكا. حركته كانت تذكّر حركة اللواء الدولي للمتطوعين الذين قدّموا المساعدة للجمهوريين في إسبانيا في سنوات الثلاثينات من القرن الماضي. ويقدم لنا الكاتب كثيرا من التّفاصيل على الدور الذي لعبه ابن لادن في أفغانستان.

قرر بناء معسكر محصن للمتطوعين، يمتلك مستشفى خاصا به، في قرية أفغانية مجاورة باسم جاجي Jaji وأصبح هذا المكان مملكته، وأصبح هو زعيمه. كان يمارس بذكاء دور الإعلام وحرص على استدعاء الصحافة من كل العالم العربي للكشف عن أعماله الخيرية. وكأنما ابن لادن كان يحتاج إلى أن يتحوّل إلى أسطورة، فعلا.يتحدث الكاتب عن قيام طائرات روسية في 17 ابريل/ نيسان من سنة 1987 بقصف المعسكر، ولكن المعسكر استطاع المقاومة خلال عدة أيام. إنها “بداية أسطورة لقائد مُحارب تمّ تعهُّدها بعناية.. وأنجز ابن لادن شريط فيديو من 50 دقيقة حيث يمكن للمشاهد أن يراه وهو راكب على فرس أو يُطلق النار من بندقية أو يُوجّه الحديث إلى جنوده. ولأن الأسطورة لها مواصفاتها وشروطها، فإن ابن لادن من هذه اللحظة بدأ ينجز أجنداته الخاصة به وينفذها”. ويقول الكاتب:

“إنّ تحرير إخوانه الأفغان لم يَعُد هدفه الأوحد، بل وليس الهدفَ المركزي. بدأ يتميز عن العديد من الزعامات السياسية الإسلامية، واخذ يدافع عن الجهاد الشامل، ضد الكفار، روسا كانوا أو أمريكيين”. ولكن أين هو دور وكالة الاستخبارات الأمريكية في كل هذا؟- لقد أقر الاتحاد السوفييتي بفشله، واحتفلت أمريكا بانتصارها في أفغانستان، ولكنها تركت الأفغان المنتصرين يُصفّون صراعاتهم فيما بينهم وهو ما جرّ خرابا أكبر على البلد وعلى مصالح الولايات المتحدة نفسها.من السهل، يقول لنا الكاتب إدانة أخطاء التقدير لدى وكالة الاستخبارات الأمريكية لأننا، نحن القراء، نعرف تتمة التاريخ. “إلاّ أنه، ومنذ سنة ،1985 كانت ثمة أصواتٌ ترتفع في دائرة الشؤون الخارجية منتقدة، ليس العملية في أفغانستان نفسها، بل استعمال الوسيط الباكستاني ومخاطر تقوية عسكرية للمجموعات الإسلامية التي تعادي بشكل مفتوح الولايات المتحدة الأمريكية. كانت الاستخبارات الأمريكية تردّ على هذه التساؤلات بالقول إنها من جانبها تقدم مساعدات للأطراف الأفغانية التي تهملها الإدارة الباكستانية، وهو ما لا يحلّ السؤال حول معرفة إن كان يتوجب مساعدة الإسلاميين المتشددين في المقام الأول. طيش الوكالة في باريستحت هذا العنوان يحدثنا الكاتب عن النشاطات السرية التي تمارسها وكالة الاستخبارات الأمريكية حتى في الدول الصديقة. ولكنه هنا يحدثنا عن فرنسا.

حين توجه وزير الداخلية الفرنسي شارل باسكوا إلى مقر السفارة الأمريكية ليلتقي السفيرة الأمريكية باميلا هاريمان ويسلمها ملفا ضخما عن الأنشطة السرية للمخابرات الأمريكية في فرنسا. وقد جاء في التقرير الذي سلمه الوزير الفرنسي للسفيرة الأمريكية: “كان اهتمام العملاء الأمريكيين يرتكز في فرنسا على التوجهات الاقتصادية والتجارية الفرنسية الكبرى وخصوصا في ميدان السمعي البصري ووسائل الاتصالات”، ويضيف أنّ “الطرق المستخدمة من قبل عملاء وكالة الاستخبارات الأمريكية تترواح ما بين التأثير المفتوح التعامل السريّ للأعضاء. وقد تمّ استهداف الإدارات وحاشية الساسة والدوائر الوزارية” ويتساءل الكاتب:

هل يمكن أن نندهش من كون وكالة الاستخبارات الأمريكية تتجسس على حكومات الدول الصناعية الكبرى؟” ويجيب: بالطبع، يجب ألا نندهش. إنه الواقع اليومي للحرب الاقتصادية. وقضايا التجسس، عموما، ما بين الأصدقاء يتمّ حلّها بشكل محتشم. ولكن الإهانة، هذه المرة، كانت عمومية، فقرر الوزير شارل باسكوا تسليم الملف إلى إيدوي بلونيل في صحيفة لوموند الفرنسية، الذي أخرج هذا السبق الصحافي في 23 فبراير/ شباط. وقد أثارت القضية كثيرا من اللغط في الولايات المتحدة. ونعرف من الكِتاب أن القرار الفرنسي الحكومي في إشاعة القضية على الملأ، كان سببه حملة التشهير التي تمارس منذ سنوات عديدة على الفرنسيين في الولايات المتحدة والذين كثيرا ما يتمّ اتهامهم بالتجسس الاقتصادي. في البوسنةيصل الرئيس الأمريكي بيل كلينتون إلى السلطة في يناير/ كانون الثاني من سنة ،1993 والحرب مستعرة في البوسنة والمسلمون يتعرضون لابادة من قبل الصرب. أمام القمع الذي كان يتعرض له المسلمون كان على الأوروبيين إما أن يتخذوا أو لا يتخذوا موقفا لفائدة زعيم المسلمين البوسنة عزت بيجوفيتش.

كانت الإدارة الأمريكية راغبة في مساعدته على الرغم من ترددات وكالة الاستخبارات الأمريكية التي كانت ترى أن الجماعات الإسلامية في البوسنة التي تتعرض لفظاعات حقيقية ترتبط بمختلف الجماعات الإرهابية الإسلامية تسلّحها إيران. وكان المرشح كلينتون قد وعد برفع حظر حلف الناتو عن السلاح المُوجّه لمسلمي البوسنة. فيما كانت فرنسا وألمانيا اللتان تتواجد قوات كبيرة لهما في البوسنة تعارضان الأمر في حين أن المملكة العربية السعودية كانت، على العكس، تدفع في أفق رفع الحظر بكل قواها. وفي سنة ،1994 ومن دون إخبار مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية، وولسيWoolsey ، سمح الرئيس كلينتون بتجارة السلاح تحت تأثير من مستشاره للامن الوطني، أنطوني ليك Anthony Lake ، الذي بدأ تدرجه المهني في طاقم كيسينجر. في الرابع من أيار/ مايو رست أول طائرة تنقل سلاحا في زغرب. وكانت إيران، حينها، خاضعة لعقوبات ثقيلة ولم تكن محاورا رسميا للولايات المتحدة.

وفي فبراير/ شباط من سنة 1995 بدأت الولايات المتحدة نفسها بنقل السلاح، عبر تركيا، في انتهاك للحصار الرسمي. ويتحدث المؤلف عن الصراع الخفي ولكن الهادئ بين الولايات المتحدة وإيران في البوسنة. ولكنه يؤكد أنه على الرغم من الحضور الإيراني الكثيف في البوسنة وحضور حرس الثورة، فإن الولايات المتحدة لم تتوقف عن دعمها للجيش البوسني المسلم، الذي أصبح من الآن مُكوّناً في قسمه الأكبر من المجاهدين. في فبراير/ شباط 1996 وضعت أمريكا برنامجا للمساعدة من 800 مليون من الدولارات مولته الولايات المتحدة وبعض الدول العربية. كانت الصواريخ والدبابات الهجومية وطائرات الهيلوكوبتر تصل من الولايات المتحدة. يقول الكاتب:

“لقد اصبحت البوسنة مرتعاً حقيقيا يتجاور فيه حزب الله الإيراني والجماعة الإسلامية الجزائرية والجهاد الإسلامي المصرية قبل أن تلتحق بهم القاعدة”.والمسألة القاتمة التي يرسمها الكاتب تتجلى في نظره في كون أن مئات، بل الآلاف، من دون شك، من المقاتلين الإسلامويين تلقوا تكوينا وتدربوا على أسلحة من آخر صيحة، خلال سنوات عديدة في المعسكرات البوسنية. سوف نعثر عليهم في مواقع صراعات أخرى، وخصوصا في كوسوفو، وفي التفجيرات التي ستتضاعف ضد المصالح الأمريكية في إفريقيا والشرق الاوسط. ولا يبقى له سوى أن يعلق بالأمر، وهو يبحث عن مسوؤلية وكالة الاستخبارات الأمريكية، بقوله: “في هذه القضية لم تُبِنْ وكالة الاستخبارات عن عدم وعي، وإنما فشلت، ببساطة، في إقناع إدارة كلينتون بالنتائج الكارثية لخياراتها السياسية”.الوكالة “أخطأت” ابن لادن يطرح الكاتب سؤالا، ربما لا يعرف الإجابة عنه إلا القليل، وهو “هل تركت وكالة الاستخبارات الأمريكية، عن قصد، أسامة ابن لادن، يُفلتُ من قبضتها مرات عديدة في سنوات التسعينات والألفية الثانية؟ يقول الكاتب إن السؤال يبدو عبثيّا ولكنه يطرح باستمرار في وسائل الإعلام على قاعدة شهادات قدّمها “قدماء” القوات الخاصة الأمريكية أو الفرنسية.

ويستشهد الكاتب بالفيلم الوثائقي (سنة 2006) الذي أنجزه “إيريك لافارين” و”إيمانويل رازافي”: ابن لادن، إخفاقات مطاردة. يقول جنود من القوات الخاصة الفرنسية إنهم، في نهاية 2003 كانوا على مقربة 400 متر من ابن لادن. وطلبوا من القائد الأمريكي الإذن بإطلاق النار، لكنه رفض. حدث نفس الشيء في سنة 2004 كما نشاهد في نفس هذا الفيلم الوثائقي زعيم حرب أفغاني يؤكد أنه أثناء حصار طورا بورا بعد تفجيرات 11 سبتمبر/ أيلول تعمّد الأمريكيون ترك ابن لادن يهرب مع 70 من رجاله.يبدو الأمر، في رأي الكاتب، كما لو ان بوش يتعمد ترك ابن لادن طليقا حتى ينفذ إجراءاته الاستثنائية. يمكن، في رأي الكاتب أن نوافق على الفكرة التي ترى وجود مؤامرة كبرى، وهي فكرة عزيزة على من رأى أنّ تفجيرات 11 سبتمبر / أيلول “كان مسموحا بها” من أجل تبرير حركة عسكرية أمريكية قوية في الشرق الأوسط. ولكن الكاتب يرى، رغم كل شيء، أن “هذه المؤامرت التخييلية لا تصمد امام الاختبار.

إذْ ما مصلحة الولايات المتحدة من ترك الحرية لأكبر إرهابي في التاريخ، بالإضافة إلى أنه ملياردير، ومعاد شرس للولايات المتحدة الأمريكية، وكل انتصار يحققه على الأمريكيين يساعد على جعل الشارع العربي أكثر راديكالية؟”. محاولة للتفسير، يرى الكاتب أن الواقع بالغ التعقيد، إذ إنه منذ 1996 أصبح من مهمة وكالة الاستخبارات الأمريكية تصفية أسامة ابن لادن، ولكن يتوجب عليها أن تتحرك في حزمة ضيقة من الإكراهات. في ديسمبر/ كانون الأول من سنة 1998 تم تحديد مكان أسامة ابن لادن في أفغانستان، وكانت وكالة الاستخبارات الأمريكية تعرف مكان التجائه في إحدى الليالي، وكانت على استعداد لإطلاق الصواريخ. ولكن مدير الوكالة، جورج تينيت، رفض إعطاء الأمر بسبب تواجد مئات من الأبرياء على مقربة من ابن لادن.

في بداية سنة 1999 تم تحديد مكانه في جنوب قندهار في معسكر كانت تتواجد فيه شخصيات رفيعة من بلدان صديقة الولايات المتحدة، وكان من المستحيل المخاطرة بحياتهم. نفس السيناريو حدث في ابريل/ نيسان من سنة 1999 ونفس الجواب. إذنْ، يقول لنا المؤلف:

“إنّ السبب الحقيقي ل”إخفافات” مطاردة ابن لادن ليست، من دون شك، نتيجة مؤامرة غامضة ولكن هو الخوف أو الحذر السياسي، وهو ما يتسبب في نفس الشيء”.الوكالة تمارس التعذيبلا يمكن لنا أن نفهم الحلقة الأخيرة من الكتاب، ومن بين الحلقات الأكثر إيلاما، من دون أن نضع أنفسنا في سياق ما بعد تفجيرات 11 سبتمبر. يقول الكاتب انه بالنسبة لنا، كأوروبيين، عشنا منذ تفكيك الاستعمارات في سنوات الخمسينات والستينات والحركات الإرهابية لليسار المتطرف في سنوات السبعينات، من الصعب علينا أن نضع أنفسنا في نفس حالة الإدانة التي ضربت الشعب الأمريكي انطلاقا من هذا التاريخ. هذه الهجمات المتزامنة، التي لم يعرفها الأمريكيون منذ بيرل هاربور Pearl Harbor (مع العلم أن الضربة اليابانية كانت خارج التراب الأمريكي)، خلقت فعلياً حالة استثنائية، مازجة الشعور القومي والاحساس بالإهانة والضغينة. في مثل هذه الظروف يفقد الرأي العام معالمه ويقبل إجراءات يكون قد رفضها في ظروف أخرى.

ومن هنا لم تجد إدارة بوش صعوبة في الكونجرس في تمرير قرارات تحدّ بشكل كبير من الحريات العامة، وخاصة في Patriot Act ولكن مسألة التعذيب تأخذ أبعادا كبيرة بعد ما وقع في 11 سبتمبر/ أيلول. بدأت بعض الأفكار، التي كانت إلى وقت قريب لا يمكن التفكير فيها، تطرح نفسها على الملأ. وتجعل من السهل طرح تساؤلات تتناقض مع المفهوم الأمريكي والغربي عموما لحقوق الإنسان نفسه. لماذا رفض التعذيب ضد مجرمين معترفين بجرائمهم إذا كان التعذيب سيتيح تجنب تفجيرات أخرى وإنقاذ أرواح؟ ألا يعتبرالتعذيب أهونَ الضرر إذا ما قُورن بِأُمّة مهددة في وجودها الفعلي؟ بعض القانونيين الأمريكيين، من بينهم ألان ديرسهوفيتش بدأوا في نهاية سنة 2001 بمناقشة إمكانية “مذكرات تعذيب” يمكن أن تقدمها المَحاكم في الحالات القصوى. ولكن وكالة الاستخبارات الأمريكية بحكم تجاربها، ما بين 1960-1962 في أماكن عديدة من العالم، تستطيع أن تستفيد من التراكم بحيث إنها “تتصور برامج تستدعي أقل قدر ممكن من تعنيف السجناء، بل وتتيح ألا يتعرضوا للمس على الإطلاق:

الحرمان من النوم والإهانات والصدمات المائية والوضعيات غير المريحة وغيرها من التقنيات التي إن مورست بشكل منفرد لا تهدد الحياة البشرية، ولكن يمكنها إنْ تضافرت فيما بينها أن تتسبب في تأثيرات نفسية وجسدية هدامة”. ولكن ما يكشفه المؤلف، وهو مهم، لأنه يجوز في بلدان أخرى غير ما يجوز في الولايات المتحدة الأمريكية. مهما يكُنْ من موهبة قانونيي وكالة الاستخبارات الأمريكية فإن هذه البرامج لا يمكن أن تدار على التراب الأمريكي أو تُمَارَس على مواطنين أمريكيين. ولكن هذا يعني أننا نستطيع، بقرار رئاسي، تخيل مراكز اعتقال واستجواب داخل التراب الأمريكي.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس