عرض مشاركة واحدة

قديم 15-06-16, 04:54 AM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي الإنضباط العسكري



 

المقدمة

​الانضباط كلمة شائعة في حياتنا اليومية. يستخدمها الناس، عادة، للتعبير عن مدى إتباع النظام والالتزام به. ويستخدمها العسكريين للدلالة على كفاءة الجيوش وقدراتها، وعلى مدى نجاح القيادة وفعاليتها.

والانضباط يعنى الالتزام، وهو أمر ضروري للنجاح في كافة أوجه الحياة، وهو سر تقدم الأمم، ونجاح الأعمال في كافة أنواع التنظيمات، سواءً كانت عسكرية أم مدنية أم غيرها..
ويعتقد بعض الناس أن الانضباط يقترن "بالعقاب"، على أساس أنه الوسيلة الفّعالة لتحقيقه، ولكن مفهوم الانضباط أشمل من ذلك؛ فهو يعني إطاعة الأوامر والتعليمات، واحترام القواعد والقوانين، والتقيد بالنظام، والالتزام بالتقاليد والأعراف؛ وأنه من الأفضل ألاّ يُكتسب الانضباط من توقيع العقاب المستمر، ولكن بالتوجيه والنصح والإرشاد.

والانضباط في القوات المسلحة، بمثابة الروح في الجسد، وهو السّلاح الخفي الذي يحقق النصر في المعركة، والعنصر القوي في نزع الخوف وزرع الشجاعة في نفوس المقاتلين. وتتوقف كفاءة الجيوش وقدراتها، على مدى تحلّيها "بالانضباط" الجيد، لذا يهدف القادة العسكريين، دائماً، إلى تنمية روح الانضباط بين رجالهم، ويعتبرونها مسألة حياة أو موت.

ويخُطئ من يرى أن الانضباط مقصورُُ على القوات المسلحة، وينسى أن الدين الإسلامي الحنيف، هو دين انضباط في المقام الأول، فمثلاً:

· أليست الصلاة في أوقاتها، والاصطفاف خطاً متراصاً في صلاة الجماعة، واتبّاع الإمام، وعدم الخروج من الصلاة أو السبق في حركاتها، نوعاً من الانضباط؟

· أو ليس الصيام نوعاً من ضبط النفس الذاتي، والتحكم في الشهوات، والصيام في وقت محدد والإفطار في وقت محدد، نوعاً آخر من الانضباط؟

· والحج، مواقيته ومناسكه، أليس نوعاً من الانضباط؟

· أليست نظافة الجسم وعفة اللسان، وهي من الأساسيات في الدين، نوعاً من الانضباط؟

· أليس تحديد الدين الإسلامي للأُسلوب الصحيح، للتعامل بين أفراد المجتمع، صغيرهم وكبيرهم، قويهم وضعيفهم، نوعاً من الانضباط في المعاملات؟

· إذاً فالدين الإسلامي الحنيف يحثنا على الانضباط، مظهراً وجوهراً.

وإذا انتقلنا من الدين إلى التربية في الأسرة، لوجدنا أن التربية السّليمة تقوم على الانضباط: احترام الصغير للكبير، وعطف الكبير على الصغير، تقبل التوجيه والنصح من الأكبر للأصغر، والسمع والإطاعة من الأصغر للأكبر، والترابط والالتفاف حول رب الأسرة، والدفاع عن كيانها.

أليس هذا كله نوعاً من الانضباط؟

لذلك يمكننا القول دائما: "إذا وجدت فرداً منضبطاً فاعلم أنه من أسرة عُنِيَتْ بتربيته التربية الصحيحة، ومن أسرة لها مبادئ وقيم وتقاليد. أسرة جديرة بالاحترام والتقدير. وخلاف ذلك صحيح".
ولا تقل أهمية وجود الانضباط في المنظمات المدنية، عنها في المنظمات العسكرية، بل هي أشد احتياجاً إلى وجود الانضباط. ويتوقف نجاح منظمات الأعمال بكافة أنواعها وأشكالها، سواء كانت إنتاجية أم خدمية أو غيرها، على مدى وجود "الانضباط" بين صفوف العاملين بها.

كما أن نجاح الإدارة في ممارستها لعملها، وتحقيقها لأهدافها يعتمد بدرجة كبيرة على مدى تحليها بروح الانضباط.


المبحث الأول
مفهوم الانضباط ونجاح القيادة العسكرية
أولاً: مفهوم الانضباط وسماته

الانضباط اصطلاح ذو مفهوم شامل، وهو وليد رياضة النفس على النظام، يحتوي على الكثير من السّمات والعادات والسّلوكيات الطيبة والحميدة، التي يتحلى بها الشخص، أو التي تسود داخل الجماعة.

ويخُتلف كثيرٌ في تعريف معنى الانضباط، إلا أن أغلب ما قيل في توضيح معناه، يدور في إطار المفهوم العام للانضباط.

ويمكن تعريف الانضباط، بأنه الحالة العقلية والنفسية، التي تجعل الإطاعة والسّلوك الصحيح، أمراً غريزياً في النفس، مهما كانت الظروف. وهو يقوم على أساس الاحترام والولاء للسلطة القانونية.

وينشأ الانضباط أساساً من التربية السليمة، ويُصقل بالتدريب واكتساب العادات النبيلة.

ويُعَدّْ الانضباط مظهراً أساسياً من مظاهر الحياة العسكرية، ودلائله العامة في الرجل العسكري والوحدة العسكرية: النشاط والحيوية في المظهر، وفي أداء العمل، والنظافة، والأناقة في الملبس، والأمانة، والنظام، والبعد عن الفوضى، وحسن ترتيب المهمات وأماكن الإقامة، وحسن التصرف، وسمو الخلق وعفة اللسان، واحترام الرؤساء، وتنفيذ الأوامر والتعليمات، التي يصدرها الرؤساء بنصها وروحها، وبكامل الرضا، وفي أقصر وقت ممكن.

1. مفهوم الانضباط

أ. الانضباط: هو تدريب منظم، وتمرين، وتنمية، وضبط: للقوي العقلية، والمعنوية، والطبيعية، وهو نظام تعليم وضبط، يغرس في الذهن الخضوع للسلطة المقررة، وضبط النفس، والسلوك السوي المنتظم.

وفي توضيح آخر لمفهوم الانضباط: يعني الانضباط بمفهومه اللفظي، الجدية، والالتزام، والدقة، وحسن أداء الواجب، واحترام حقوق الآخرين، والقدرة على التمييز بين ما هو مشروع وجائز، وبين ما هو محظور وغير مباح.

ب. والقائد ذو "الانضباط الجيد" هو مَنْ يستطيع أن يؤثر في جماعة من الناس، كي تحافظ بنفسها، على النظام والانسجام.

ج. وغالباً ما يقع الالتباس بين معنى "الانضباط" ومعنى "الإجبار":
فالإجبار يستند في تنفيذه إلى السلطات المقررة: كالوالدين، والمعلم، والمدير، والحكومة. فهؤلاء يقولون: "عليك أن تعمل كذا وكذا وإلاّ! " فالسلطات المقررة تستطيع استخدام "العصا" (أي الوعيد بالأذى) مادياً، أو معنوياً، لتأييد أوامرها.

لكن أبسط تجارب الحياة أثبتت، أن تأثير الإجبار لا يدوم أكثر من دوام المقدرة على استخدام العصا، مادياً أو معنوياً.

د. وهناك فرق شاسع، بين "الانضباط" الذي يقيد النفس، ويوغر الصدر، وبين "الانضباط" الذي يكون حافزاً مفيداً. وأن ما ينشده الناس جميعاً هو "الانضباط الإيجابى" القائم على الاقتناع، وليس "الانضباط السلبي" القائم على الخوف من العقاب، وإنه لمن الأفضل ألاَّ يُكْتَسَبْ "الانضباط" من توقيع العقاب المستمر، ولكن بالتأثير في الأفراد ليفعلوا الصواب دائماً.

هـ. إن كفاءة المنظمات، على اختلاف أنواعها وأشكالها، عسكرية كانت أم مدنية، وقدرتها تتوقف على وجود "الانضباط" الجيد، وإنه لمن الأفضل أن يكون مصدر "الانضباط" في المنظمة، منبعثاً مما لدى الأفراد من "انضباط" قائم على الاقتناع، والرغبة في العمل، وليس على الرهبة، أو الخوف من العقاب. فالانضباط ينمو بإتباع أسلوب التوجيه والإرشاد والتعليم، وليس بالعقاب. فإذا كان الانضباط قائماً على التهديد بالعقاب فقط، اتجه الأفراد إلى التكاسل، والتحايل، حالما يحسّون أنهم في منأى من العقاب، أو انفضاح أمرهم.

وهكذا، يفقدون القدرة على الابتكار الشخصي، والأمانة، ويحتاجون إلى المراقبة الدائمة. ويقتضي الأمر أن "تسوقهم" بدلاً من أن "تقودهم".

وليس فيما تقدم إيحاء، بأن لا يُنتهج أسلوب العقاب في "الانضباط"، في جميع الحالات.

فإذا أسندت مقاليد منظمة ما، إلى شخص يقودها، ثم رأي ما يبعثه على الاعتقاد بأنه لا يسهل القبض على زمام أفرادها، وأن أسلوب الإقناع لم يجد الاستجابة التامة والتقدير من أفراد المنظمة، أصبح من الحكمة والسداد أن يواجههم مواجهة جريئة، ويغير سياسته، وأن يتخذ فوراً الموقف الحازم، حتى تنضبط الجماعة. وليس ثمة ضرر، إذا ظنوا به الشدة والعنف، إلى فترة من الزمن، فإذا ما أدركوا أن قائدهم رجل يعرف كيف ينهض بتبعته، وأنه قادر على قيادتهم بحزم وشدة، مع عطف ورأفة، كُلِّ في وقته، أصبح من السهل عليه إرخاء العنان وإطلاق الزمام.

على أنه يستطيع أن يجذبه مرة ثانية إذا اقتضى الأمر، ولكن ليس من المحتمل أن تلجئه الظروف إلى ذلك الإجراء.

ومن المهم أن نتذكر أننا لن نستطيع شد الزمام، إذا كنا قد سلمناه للجواد نفسه. ولهذا يجب أن لا تُترك هفوة واحدة دون تقويمها، ولا أن تقع مخالفة فردية دون المحاسبة عليها، ولا أن يسمح لأحد بأن يبيح لنفسه حرية ليست مقررة، بل يجب مؤاخذته عليها فوراً.

أما إذا تسامح القائد في هذه الأمور، أو غض الطرف عنها، خرج زمام الجماعة كلها من يده، في مدى أيام قليلة.
ولذلك، يجب مراقبة الهفوات الصغيرة، وأخذها بالعنف، فإن هذا يمنع كبيرها من الوقوع.

وهذا هو أهم درس يجب أن يعيه رجل "الانضباط".
فهناك ميل عام إلى إغفال المسائل الصغيرة، بدعوى إن الجماعة سوف تقدر هذه الإشارة الودية، وتتفادى التورط في الذنوب الكبيرة الخطرة.

ولكن هذه مغالطة لها أسوأ الأثر. فإذا وقعت في المنظمة جرائم خطيرة، كان ذلك من الأسباب التي ترجع إلى التغاضي عن الذنوب الصغيرة.

وعلى ذلك، فالقاعدة الذهبية لرجال "الضبط والربط" تتمثل في الآتي:
"عليك أن تُعنى بالأمور الصغيرة، فتعنى الأمور الكبيرة بنفسها".

 

 


 

الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس