بين تهديدات الغرب ومطالب روسيا.. هذه أبرز مطالب كييف في أزمتها مع موسكو
كييف ليست بحاجة إلى جنود أميركيين أو كنديين للقتال في صفها، بل تسعى إلى تحقيق أهداف قريبة وبعيدة المدى، كالتعاون الاستخباراتي وتطوير القدرات المحلية والأسلحة الفتاكة أو النوعية، وكذلك العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو مستقبلا.
كييف تقول إنها قادرة على مقاومة روسيا بمفردها في حال دعمها الغرب ماليا وعسكريا بأسلحة نوعية و"فتاكة" (رويترز)
9/12/2021
كييف – بعد ساعات من ختام قمة افتراضية عبر تقنية الفيديو، جمعت بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، نشر الرئيس الأوكراني -على حسابه في "إنستغرام" (Instagram)- صورة سيلفي من صالة رياضية، رافعا شارة النصر.
وبعد القمة أيضا، أصدر مكتب الرئاسة الأوكراني بيانا يشكر فيه بايدن على "الدعم الثابت" وتهديده روسيا بفرض "عقوبات شديدة"، إذا شنت الأخيرة حربا على أوكرانيا.
يأتي هذا على خلفية حشد عسكري روسي غير مسبوق على حدود أوكرانيا، قدّرته صحيفة "واشنطن بوست" (The Washington Post) بنحو 175 ألفا، وأكدت كييف أن هدف هذه الحشود "عدواني".
الرئيس الأوكراني زيلينسكي رافعا شارة النصر (مواقع التواصل)
نصر بالدعم فقط
وإذا كان الدعم وتهديد موسكو "نصرا" بالنسبة لزيلينسكي، ودافعا لشكر بايدن، رغم أن التوتر لم ينته ونذر الحرب مستمرة، فإن ذلك يثير تساؤلا حول ما تريده أوكرانيا من الغرب، الذي تميل اليوم إلى موالاته والتقارب معه.
يجيب على هذا التساؤل وزير الدفاع -المعين حديثا- أوليكسي ريزنيكوف الذي صرح أول أمس الثلاثاء بأن "أوكرانيا تعتزم مقاومة روسيا بمفردها؛ وليست بحاجة إلى وجود جنود أميركيين أو كنديين للقتال في صفها، بل إلى أسلحة أميركية متطورة".
واعتبر أن "الموقف القوي المشترك للدول الداعمة لأوكرانيا -بأي شكل من الأشكال- هو وحده القادر على كبح جماح الاتحاد الروسي، وأن أوكرانيا قادرة على إعادة الجنود الروس في توابيت إلى بلادهم"، في إشارة إلى احتمالات "الغزو" القائمة.
تصريحات ريزنيكوف تبدو وكأنها حسم لجدل كبير مستمر منذ نهاية عام 2004، حول إذا ما كان الغرب مستعدا (أو غير مستعد) للدفاع عن أوكرانيا بميولها الغربية، وقتال روسيا في سبيلها.
طبيعة الدعم
وإذا كان التدخل العسكري المباشر محل جدل، بعيدا عن كونه مطلبا رسميا، يجمع الساسة والمحللون في أوكرانيا على أن الدعم المطلوب من الغرب يشمل مجالات عدّة، يمكننا حصرها فيما يلي:
العقوبات على روسيا، بما فيها العقوبات السياسية والاقتصادية، التي تطالب أوكرانيا بتشديدها عند كل فرصة وفي كل محفل.
عدم الاعتراف بروسية القرم، وباستقلال "جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الشعبيتين" في شرق أوكرانيا، وأي إجراء آخر قامت به روسيا في هاتين المنطقتين منذ عام 2014.
المساعدات، بما فيها المساعدات المالية والعسكرية، حيث تطالب أوكرانيا الغرب، ولاسيما حلف شمال الأطلسي "الناتو" (NATO) والولايات المتحدة، بأسلحة نوعية و"فتاكة"، قادرة على إحداث تغيير في ميزان القوى مع روسيا.
التعاون والتنسيق، خاصة فيما يتعلق بالإصلاحات، وتبادل المعلومات الاستخبارية.
التدريب والتطوير العسكري، من خلال جملة من المناورات المشتركة، مع دول الحلف ودول الجوار.
هدف العضوية
وإذا كان ما سبق أهدافا قريبة المدى، فإن تحقيق حلم العضوية في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو يبقى هدف أوكرانيا الإستراتيجي، ونهجا دستوريا تتمسك السلطات بالعمل عليه.
وفي هذا الإطار، تطالب كييف الغرب بعدم الرضوخ لضغوطات روسيا، وعدم تقديم أي "ضمانات" إزاء مستقبل أوكرانيا كدولة حياد، كما تطالب موسكو.
تحقيق حلم العضوية في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو يبقى هدف أوكرانيا الإستراتيجي (وكالات)
استجابة بالتدرج
من وجهة نظر المحللة السياسية يوليا تيشينكو، "الغرب تباطأ في الاستجابة لمطالب أوكرانيا بادئ الأمر، أو استجاب بنسب وأحجام متفاوتة، بحسب طبيعة وحجم علاقات دوله مع روسيا".
وتشير في هذا السياق إلى أن أوكرانيا عملت سنوات عدة على إقناع الغرب بأنها تدافع عن إرادتها وقيمه؛ وسياسات الكرملين في المنطقة أوصلت الغرب إلى قناعة اليوم بأن أوكرانيا سور يفصله عن "التهديدات الروسية"، على حد قولها.
وتضيف -في حديث للجزيرة نت- أن "موقف الغرب زاد صرامة في ظل إدارة أميركا الجديدة، وهذا واضح، ليس من خلال التصريحات فحسب، بل من خلال المواقف الحازمة التي تبناها تجاه موسكو مؤخرا".
وبرأيها، "هذا مؤشر إيجابي بالنسبة لكييف، وأعتقد أن الغرب سيفكر جديا في عضويتها بحلف الناتو، إذا كان خيار المواجهة مع روسيا مطروحا، أو حتميا، في المستقبل".
هل كسبت أوكرانيا معركة في حرب؟
وبالعودة إلى صورة زيلينسكي بشارة النصر وبيان شكر بايدن وتصريح وزير الدفاع، تبدو أوكرانيا وكأنها تعيش نشوة نصر فعلي، وتتمتع بقوة لم تعهدها من قبل.
تقول تيشينكو: "أعتقد أن كييف سُرّت فعلا بتشدد غربي غير مسبوق مع روسيا، وفي هذا الإطار يمكن فهم تصريحات وردود فعل المسؤولين، ولكن بدون مبالغة أو تلميح إلى نصر ما، فالحرب مستمرة، ونحن ندرك جميعا أنها ما زالت طويلة وصعبة".
وعلى صورة زيلينسكي "الرياضي الباسم المنتصر"، تعلق النائبة البرلمانية عن حزب "التضامن الأوروبي" المعارض، إيرينا هيراشينكو، في منشور على فيسبوك، بالقول: "العالم لا يتعاطف معنا اليوم بسبب بوتين اليوم، بل بسبب رئيسنا. قلة من الناس يحسدونك (يا زيلينسكي). أنت معزول عن الواقع، وابتسامتك الخالية من الهموم لن تمنح الأمل للجنود على الخطوط الأمامية".
المصدر : الجزيرة نت - صفوان جولاق