نيويورك تايمز: الجيش الأفغاني بني على مدى 20 عاما.. كيف انهار بهذه السرعة؟
مقاتلون محليون يحملون السلاح لدعم القوات الحكومية ضد طالبان في ولاية هرات (رويترز)
14/8/2021
التقدم السريع لمقاتلي طالبان يعكس إخفاق جهود الولايات المتحدة الرامية إلى تحويل الجيش الأفغاني إلى قوة قتالية قوية ومستقلة، في ظل تنامي الشعور بين عناصر الجيش بالخذلان نحو قادة البلاد الذين يفتقرون إلى الكفاءة.
هكذا لخص تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times) الأميركية وضع الجيش الأفغاني إبان الهزائم المتلاحقة التي مني بها أمام مقاتلي حركة طالبان خلال الشهور الأخيرة، إذ انهارت قوات الأمن الأفغانية في 15 مدينة من بينها قندهار وهرات اللتان تعدّان من أهم عواصم المقاطعات في البلاد، وأصبحتا في قبضة طالبان.
وأوضح تقرير الصحيفة أن الهجوم السريع الذي تشنّه طالبان أسفر عن عمليات استسلام واسع النطاق لقوات الجيش الأفغاني، ومكّن مقاتلي الحركة من الاستيلاء على طائرات هليكوبتر وكثير من المعدات العسكرية الأخرى التي قدمتها الولايات المتحدة لأفغانستان وتبلغ قيمتها ملايين الدولارات، والتي عرضتها حركة طالبان بعد الاستيلاء عليها في مقاطع فيديو مشوشة صوّرت بهواتف محمولة.
وقد وقع قتال عنيف على مشارف بعض المدن استمر أسابيع، تمكنت بعده طالبان من تجاوز الخطوط الدفاعية للجيش والسيطرة على تلك المدن من دون أن تواجه مقاومة تذكر.
وأبرزت الصحيفة أن هذا الانهيار الذي يشهده الجيش الأفغاني حدث على الرغم من إنفاق الولايات المتحدة أكثر من 83 مليار دولار في تسليحه وتزويده بالمعدات والتدريب اللازمين على مدى عقدين من الزمن.
وكان بناء جهاز الأمن الأفغاني أحد الأركان الرئيسة في إستراتيجية إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، التي سعت للتوصل إلى طريقة لتفويض مهمة استتباب الأمن في أفغانستان إلى السلطات المحلية والانسحاب من البلاد قبل نحو 10 سنوات.
وقالت نيويورك تايمز إن تلك الجهود كانت ثمرتها بناء جيش أفغاني على غرار صورة الجيش الأميركي، وقد كان من المفترض أن تصمد تلك المؤسسة وتستمر بعد انتهاء الحرب الأميركية في أفغانستان، ولكن من المرجح الآن أنها ستختفي قبل مغادرة الولايات المتحدة أفغانستان.
لماذا الانهيار؟
وأرجعت الصحيفة الانهيار أو التفكك الذي يشهده الجيش الأفغاني إلى عوامل متعددة، من بينها تمكن طالبان على مدى الشهور الماضية من محاصرة الجنود وعناصر الشرطة الأفغان في نقاط حراسة الطرق بالمناطق الريفية، وبعد حين تمنح الحركة الجنود الجائعين والذين لا يملكون ما يكفي من الذخيرة وعودا بعدم التعرض لهم إذا ما استسلموا وتركوا معداتهم وراءهم، وهو ما مكن طالبان من السيطرة على الطرق ومن ثم على مناطق بأكملها.
ومع انهيار نقاط الحراسة ووحدات الجيش، كانت أسباب استسلام عناصر الجيش والأمن الأفغاني المحاصرين هي غياب الدعم الجوي أو نفاد الذخيرة والغذاء.
وأوضح التقرير أن مظاهر تفكك الجيش الأفغاني لم تظهر أول مرة خلال الأسبوع الماضي، بل كانت بادية للعيان قبل أشهر من خلال الخسائر المتراكمة التي منيت بها تلك القوات حتى قبل إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن قرار الولايات المتحدة سحب قواتها في 11 سبتمبر/أيلول المقبل.
وأشارت الصحيفة إلى أن هناك نقاط ضعف منهجية لقوات الأمن الأفغانية، من أبرزها أن تلك القوات التي يبلغ عددها على الورق نحو 300 ألف شخص، تبيّن في الأيام الأخيرة أن عددها الحقيقي لا يتجاوز نحو سدس هذا العدد، وفقًا لمسؤولين أميركيين.
وقالت إن المسؤولين كانوا يغضون الطرف عما يحدث، على الرغم من إدراكهم أن العدد الحقيقي للقوات الأفغانية أقل بكثير من العدد المدرج في السجلات الرسمية، الذي تم التلاعب به بسبب الفساد والسرية اللذين قبلوهما بهدوء.
كما يمكن إرجاع القصور في أداء القوات الأفغانية إلى قضايا عدة يعود بعضها إلى إصرار الغرب على بناء جيش أفغاني حديث، رغم ما يتطلبه ذلك من التعقيدات اللوجستية والإمدادات، التي ثبت أن استمرارها غير ممكن في غياب الولايات المتحدة وحلفائها بحلف شمال الأطلسي (NATO).
وأشارت نيويورك تايمز إلى أن من ضمن عوامل انهيار الجيش الأفغاني أيضا الاستياء من القيادة الأفغانية المتنامي الذي طالما عبّر عنه عناصر الجيش الأفغاني والشرطة.
وقالت إنه عندما بدأت طالبان هجومها بعد إعلان الولايات المتحدة قرار انسحابها من أفغانستان، تعزز الاعتقاد الذي كان سائدا في صفوف قوات الأمن الأفغانية بأن القتال من أجل حكومة الرئيس أشرف غني ليس أمرا يستحق الموت.
المصدر : نيويورك تايمز