لماذا أعاد ريشي سوناك ديفيد كاميرون؟
سوناك (يمين) عيّن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ديفيد كاميرون رغم بعض الفضائح التي لاحقته (أسوشيتد برس)
25/11/2023
نشر موقع "ذا هيل" الأميركي مقالا لإليوت ويلسون الكاتب المستقل في السياسة والشؤون الدولية وأحد كبار المسؤولين السابقين بمجلس العموم البريطاني يحاول فيه إلقاء الضوء على أسباب تعيين رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ديفيد كاميرون وزيرا للخارجية البريطانية.
يقول ويلسون إن السياسة لديها قليل من المفاجآت الحقيقية الآن، لكن ريشي سوناك فاجأ وسائل الإعلام بتعيينه كاميرون، الذي تولى رئاسة الوزراء البريطانية من 2010 إلى 2016، وسيتم تعيينه في مجلس اللوردات وسيتولى مكتب الخارجية والكومنولث والتنمية.
نادرا ما يشغل رؤساء وزراء سابقين مناصب أقل
وأضاف أنه من غير المعروف في بريطانيا أن يشغل رؤساء الوزراء السابقون مناصب عليا في ظل خلفائهم، إذ لا يقل عن 5 فعلوا ذلك في القرن الـ20، على الرغم من أن هذه كانت عادة جزءا من الإدارة المعقدة للتحالفات بين الأحزاب السياسية. ومع ذلك، فإن نموذج كاميرون الأكثر وضوحا هو السير أليك دوغلاس هوم، وهو أرستقراطي أسكتلندي مهذب ومطيع، ورئيس وزراء غير متوقع إلى حد ما في 1963-1964، لكنه خدم بسعادة ونجاح وزيرا للخارجية من 1970 إلى 1974 في عهد رئيس الوزراء البريطاني الأسبق إدوارد هيث.
وأشار ويلسون إلى أن سوناك استحوذ بهذا التعيين على عناوين الصحف. ولكن لماذا فعل ذلك رغم أن سمعة كاميرون، بعد كل شيء، تحمل بعض العيوب الخطيرة؟. فقد بدأ الرجل استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبيعام 2016 كطريقة لحسم النقاش المرير داخل حزب المحافظين، لكنه خسر هو وزملاؤه الباقون، وراقبت المؤسسة المؤيدة للاتحاد الأوروبي بعجز، بينما اقتحمت الجحافل الشعبوية الأسوار.
رغم فضائحه
وفي عام 2021، وقع كاميرون في فضيحة تتمثل في أنه أصبح مستشارا يتقاضى أجورا عالية لإحدى الشركات وخلال جائحة كوفيد-19، استخدم اتصالاته الحكومية لتحصل هذه الشركة على مساعدة مالية. ووجدت 3 تحقيقات منفصلة أن كاميرون لم يخالف أي لوائح، ولكن كان هناك سؤال أساسي حول ما إذا كانت هذه اللوائح قوية بما فيه الكفاية.
وعلى الرغم من هذه الحقائق، فهم كثيرون في الحكومة البريطانية بشكل غريزي سبب قيام سوناك بالخطوة الجريئة لتجنيد كاميرون. فبغض النظر عن مدى سوء انتهاء فترات رئاستهم للوزراء، فإن رؤساء الوزراء السابقين لديهم سحر متبق يجده السياسيون الآخرون منوما.
وأشار الكاتب إلى أن كاميرون هزم 3 منافسين كبار لقيادة حزبه عام 2005، وتولى السلطة بعد الانتخابات العامة لعام 2010، وفاز بأغلبية متزايدة عام 2015 (العام الذي دخل فيه سوناك البرلمان لأول مرة).
العلاقات مع قادة العالم الآخرين مهمة
وقال إن العلاقات مع القادة الدوليين ووزراء الخارجية الآخرين مهمة أيضا. فقد تغير معظم الممثلين منذ ترك كاميرون منصبه عام 2016، لكن عددا من قادة العالم لا يزالون في مناصبهم: الكندي جاستن ترودو، والمصري عبد الفتاح السيسي، والهندي ناريندرا مودي، والمجري فيكتور أوربان، والإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتركي رجب طيب أردوغان، والرواندي بول كاغامي سيكونون جميعا مألوفين، وكذلك الروسي فلاديمير بوتين. وعلى وجه الخصوص، يعرف كاميرون شي جين بينغ، بعد أن استضاف الرئيس الصيني عام 2015 في مقر إقامة رئيس الوزراء، والتقط معه الصور في حانة محلية.
وفي الأساس، كاميرون لطيف مع الناس، ويتمتع بسحر أرستقراطي سهل وثقة بالنفس، الأمر الذي أثار إعجاب الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وفاز كاميرون بشكل متقطع على المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي (في الاتحاد الأوربي)، كما أنه في الأساس، شخص مسؤول وقادر بشكل استثنائي، وكان يحظى بتقدير كبير من قبل معلميه في جامعة أكسفورد البريطانية، وأشارت رئاسته للوزراء إلى الخيال والقدرة على التفكير بشكل غير متوقع. وبصفته ممارسا للسياسة الخارجية والدبلوماسية وجها لوجه، يعد بالكثير.
قد يجلب عمقا وصرامة
وأضاف أن كاميرون قد يجلب عمقا وصرامة للسياسة الخارجية لبريطانيا، فقد أنشأ مجلس الأمن القومي عام 2010، والذي أهمله سوناك إلى حد كبير، لكن من المرجح أن يكون تأثيره على مستقبل الحكومة على المدى الطويل محدودا. ومن المتوقع إجراء انتخابات في وقت ما عام 2024، ربما في الخريف، ولن يتم الفوز بها أو خسارتها بسبب إدارة الشؤون الخارجية.
قد يسعى سوناك إلى إشراك كاميرون على نطاق أوسع في السياسة الداخلية والانتخابية كرمز للتيار الوسطي المعتدل داخل حزب المحافظين. وعلى وجه الخصوص، يأمل بعض الأشخاص أن يكون قادرا على منع تغلغل الديمقراطيين الليبراليين في معاقل حزب المحافظين. فقد حكم كاميرون معهم في ائتلاف من 2010 إلى 2015. ومع ذلك، لا يزال الرجل شخصية مثيرة للجدل، وسوناك لا يشرك الآخرين في الأضواء بسهولة أو بشكل مريح كرئيس للوزراء.
ولا تزال المؤشرات تشير إلى أن الحكومة الحالية ستواجه هزيمة انتخابية في غضون الأشهر الـ12 المقبلة. ومن غير المرجح أن يكون لوجود اللورد كاميرون في مجلس الوزراء تأثير كبير على هذا المسار. ما قد يفعله، إذا واتت الظروف، هو إعطاء بريطانيا مزيدا من السحر والنفوذ على المسرح العالمي في وقت أزمة استثنائية ومتشابكة.
المصدر : هيل + الجزيرة نت