البارونة بيتي بوثرويد أول امرأة تتولى رئاسة مجلس العموم البريطاني
بيتي بوثرويد قضت جزءا من حياتها في الولايات المتحدة الأميركية (غيتي-أرشيف)
سجلت البارونة بيتي بوثرويد سابقة تاريخية في بريطانيا بكونها أول امرأة تتولى منصب رئاسة مجلس العموم عام 1992، وعرفت بصرامتها وخبرتها السياسية الطويلة، وقد حافظت على مقعدها البرلماني ممثلة لحزب العمال طوال 27 عاما، منذ 1973 حتى 2000، وكرّمت بعدة جوائز فخرية أهمها وسام الاستحقاق من الملكة إليزابيث الثانية.
المولد والنشأة
ولدت بيتي بوثرويد -وحيدة والديها- في بلدة ديوسبري، الواقعة غرب مقاطعة يوركشاير في شمال إنجلترا في 8 أكتوبر/تشرين الأول عام 1929.
وعلى الرغم من انتمائها للطبقة العاملة؛ إذ كان والداها يعملان في صناعة النسيج، فإنها نشأت في بيئة سياسية نظرا لكون والدها كان نقابيا، ومن هنا جاء وصفها لنفسها بأنها "خرجت من الرحم إلى الحركة العمالية".
أنهت بوثرويد تعليمها المدرسي مبكرا ثم احترفت الرقص، وبعد التحاقها بكلية ديوسبري للتجارة والفنون انضمت عام 1946 لفرقة "راقصات تايلر" (The Tiller girls) التي تؤدي عروضا تلفزية ومسرحية راقصة، لكنها اضطرت إلى التوقف عن الرقص عام 1952 بسبب التهاب في القدم.
بيتي بوثرويد مع رئيس مجلس العموم البريطاني مايكل مارتن بلندن في مارس/آذار 2003 (رويترز)
التجربة السياسية
فور انتقالها إلى لندن في أوائل خمسينيات القرن الـ20، بدأت بيتي بوثرويد حياتها السياسية، فعملت سكرتيرة لحساب ممثلي حزب العمال في البرلمان؛ باربرا كاسل وجيفري دي فريتاس.
وأخفقت في الوصول إلى قبة البرلمان عن منطقة "ليستر ساوث إيست" في عام 1957، ومنطقة "بيتربورو" في عام 1959.
سافرت بوثرويد بعدئذ إلى الولايات المتحدة عام 1960، للمشاركة في مراقبة الحملة الرئاسية للرئيس الأميركي السابق جون إف كينيدي، واكتسبت خبرة في السياسة الأميركية بعملها مساعدة للنائب الأميركي سيلفيو كونتي.
وبعودتها إلى إنجلترا عام 1962، استأنفت عملها مساعدة لبعض نواب حزب العمال البريطاني قبل أن تفوز بمقعد في المجلس المحلي لمنطقة "هامرسميث بورو" عام 1965، وفازت في الانتخابات البرلمانية لتصبح نائبة عن "وست برومويتش" عام 1973.
وأخذ نفوذ بوثرويد ينمو باستمرار منذ تعيينها في لجنة الشؤون الخارجية ومجلس الرؤساء المتحدثين عام 1979، وتركت اللجنة عام 1981، لكنها استمرت في العمل في المجلس إلى أن عيّنت عام 1987 نائبة لرئيس مجلس العموم البريطاني.
ولفتت شخصية بوثرويد القوية نظر زملائها في حزب العمال، فحضّوها على الترشح لتحل محل برنارد ويريل في رئاسة مجلس العموم عام 1992، فاعترض النائب جون بروك على تعيينها، وأدى ذلك إلى طرح التعيين للتصويت وحصولها على الأغلبية.
بيتي بوثرويد في تجمع خطابي سياسي في لندن يوم 9 أبريل/نيسان 2019 (غيتي)
وأصبحت بذلك أول امرأة تتولى رئاسة مجلس العموم البريطاني حتى عام 2000، وعُدّ ذلك حدثا تاريخيا، لتبقى البارونة رئيسة مجلس العموم الوحيدة في تاريخه الذي يزيد على 700 عام.
وخلال توليها منصب رئيسة مجلس العموم؛ تحدثت مرتين في مجلس الشعب الهندي "لوك سابها"، ومرة في مجلس النواب في الجمعية الاتحادية الروسية "مجلس الدوما"، وفي معظم البرلمانات الأوروبية، كما استقبلت العديد من الشخصيات السياسية في البرلمان، من أبرزهم الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك.
حصلت على لقب البارونة بوثرويد من ساندويل في مقاطعة "ويست ميدلاندز" عام 2001، ومنحتها الملكة إليزابيث الثانية وسام الاستحقاق عام 2005، وهو الوسام الذي يمنح لمن يقدم خدمات بارزة خاصة في القوات المسلحة، كما يمنح للمتميزين في العلوم أو الفن أو الأدب أو الترويج للثقافة.
واستمرت بوثرويد في إبداء رأيها في الأمور السياسية حتى بعد تقاعدها، ففي عام 2018 أسهمت في الضغط على رئيس مجلس العموم جون بيركو لإجباره على الاستقالة في وقت لاحق من ذلك العام.وفي أبريل/نيسان عام 2019 تحدثت في تجمع من ضمن حملة "تصويت الشعب"، وأيّدت فيه الاستفتاء لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
بيتي بوثرويد (الثانية يمين) في صورة تجمع الملكة إيلزابيث الثانية مع مسؤولين من مجلس العموم (غيتي-أرشيف)
المؤلفات والإنجازات
- حصلت بوثرويد على دكتوراه فخرية في القانون المدني من جامعة (City University of London) عام 1993.
- مستشارة جامعة (Open University) من 1994 حتى أكتوبر/تشرين الأول عام 2006.
- زميلة فخرية في كلية "سانت هيو" بجامعة أكسفورد، عام 1999. كانت صورها جزءا من مجموعة الفنون البرلمانية بين عامي 1994 و1999.
- نشرت بوثرويد سيرتها الشخصية في 2001، بعد عام من استقالتها من منصب رئيسة العموم البريطاني. مُنحت في أبريل/نيسان عام 2005 وسام الاستحقاق من قِبل الملكة إليزابيث الثانية.
الوفاة
توفيت البارونة بيتي بوثرويد يوم الاثنين 27 فبراير/شباط 2023، عن عمر ناهز 93 عاما.
وعمّت حالة حزن على مجلس العموم البريطاني حيث نكّست الأعلام في البرلمان، ووقف مجلس العموم دقيقة صمت يوم وفاتها، وقال رئيس المجلس ليندسي هويل "إن بوثرويد لم تكن مجرد امرأة ملهمة ولكنها كانت سياسية ملهمة أيضا، وشخصا أفتخر أن أدعوه صديقا".
كما عبّر رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك عن حزنه لوفاة بوثرويد في تغريدة قائلا "يحزنني سماع نبأ وفاة بيتي بوثرويد، كانت امرأة رائعة كرست حياتها للسياسة، وكانت مصدر إلهام بكونها أول امرأة ترأس المجلس".
المصدر : مواقع إلكترونية