وكان إخضاع البقية من "المحيط الغربي" البعيد على القدر نفسه من السهولة، إذ أبحر الإسبان بقيادة ميغيل لوبيز دي ليجازبي عبر المحيط الهادئ من الإمبراطورية الإسبانية في العالم الجديد واستولوا على مانيلا فيما بات يُعرف بالفلبين. وفي عام 1573، أُرسلت أول سفينة محملة بالبضائع الصينية من مانيلا إلى أكابولكو في إسبانيا الجديدة، التي تُعرف اليوم بالمكسيك. وحاول الإسبان إقامة علاقات تجارية رسمية مع المينغ أسوة بالبرتغاليين لكن دون جدوى. لكن مانيلا أصبحت برغم ذلك مركزا تجاريا صينيا ضخما، وقد حُمِّلت السفن الصينية الضخمة بالبروسلين ومنتجات أخرى شُحنت لاحقا إلى المكسيك عبر السفن التجارية الضخمة. ثم جاء الهولنديون، وظهر أول زورق هولندي على ساحل مكاو في عام 1601.
ميغيل لوبيز دي ليجازبي (مواقع التواصل)
غُيِّب البرتغاليون عن المنافسة، لكنهم سرعان ما عادوا، بل سريعا جدا، كما رأت السلطات المينغيّة. فقد اكتسب أولئك الهنونغامو أو "الصُّهب" كما سمّاهم الصينيون سمعة أسوأ بكثير من سمعة الفرنجة. وفي عام 1622، احتل الهولنديّون الجزر المقابلة لساحل فوجيان، وشرعوا في بناء معقل لهم، وبعثوا بإنذار نهائي للسلطات المنيغيّة يقول إن الهولنديين سيُغيرون على الشحن الصيني البحري والمدن الصينية الساحلية إن لم يأذنوا للتجار الصينيين بالتجارة معهم. وعندما جاء الرد الصيني على غير ما أراد الهولنديون، نهبوا القرى وأحرقوا السفن الصينية قرب مدينة شيامن. وقد فاق ذلك كل حدٍّ في أنظار الصينيين، فقاموا بتجميع أسطول بحري في نحو عام 1624 وشنّوا هجومهم ضد الهولنديين وأرغموهم في النهاية على الرحيل.
وحطّ الهولنديون رحالهم على جزيرة تايوان حيث شيّدوا قلعة مهيبة تُدعى "قصر زيلانديا" بعد عجزهم عن الحصول على موطئ قدم على الساحل الصيني، وأبحرت السفن الصينية إلى هذه النقطة الهولندية للتجارة. وإن كان نوع التجارة ذاك على غير هوى الهولنديين، فإنه كان كل المتاح لهم. ورغم إصرارهم، فقد دُفع بهؤلاء البرابرة الجدد -رغم إصرارهم- إلى هوامش العالم الصيني أيضا.
—————————————————————————-
هذا التقرير مترجم عن The Atlantic
المصدر : الجزيرة نت - فرح عصام