وقعت حرب كوسوفو (يطلق عليها الألبان كوسوفا) داخل الأراضي الكوسوفية بين "جيش تحرير كوسوفا" الألباني ومعه حلف شمال الأطلسي (ناتو) وبين الحكومة اليوغسلافية والقوات الصربية، بدأ القتال في فبراير/شباط 1998 واستمر حتى يوليو/تموز 1999.
التوترات بين الصرب والألبان عموما ليست جديدة، حيث بدأت من مطلع القرن العشرين، وازدادت في حرب البلقان الأولى خلال عامي 1914 و1918، والحرب العالمية الثانية خلال عام 1939 و1945.
ضُمت كوسوفو إلى مملكة يوغسلافيا بعد الحرب العالمية الأولى، وخضعت لسيطرة الصرب، على الرغم من مطالبة السكان الألبان بالانضمام لألبانيا لأنهم يعتبرون أنفسهم جزءا تاريخيا منها.
ومنذ ذلك الوقت مارست يوغسلافيا أشكالا تمييزية بحق الألبان، فرحّلت الآلاف منهم ومنعت تدريس الألبانية في المدارس، وسيطر الصرب على المنطقة رغم كونهم أقلية.
تم منح منطقة كوسوفو حكما ذاتيا تحت عهد رئيس يوغسلافيا جوزيب بروز تيتو عام 1945، وتغير اسمها عام 1968 من إقليم كوسوفو وميتوهيجا المستقل إلى مقاطعة كوسوفو الاشتراكية المستقلة.
لأسباب المباشرة وغير المباشرة لحرب كوسوفو
ازدادت حدة التوترات بين الصرب والألبان منذ تفكك الاتحاد اليوغسلافي وإعلان جمهورية يوغسلافيا الاتحادية (صربيا والجبل الأسود) عام 1992.رغم كون المسلمين أغلبية في كوسوفا بنسبة تزيد على 90%، ترى صربيا المنطقة مكانا مقدسا لتاريخ الصرب، نظرا لوجود مقر الكنيسة الأرثوذكسية الصربية، ولكونها شهدت واقعتين تاريخيتين وثقت هزيمة الأتراك ضد الصرب عامي 1389 و1912.
المطالبة بالاستقلال
بدأت احتجاجات سلمية في كوسوفو عام 1989 بقيادة إبراهيم روغوفا زعيم العرق الألباني بالمنطقة، رفضا لقرار إلغاء الحكم الذاتي لمنطقة كوسوفا من قبل سلوبودان ميلوسيفيتش (رئيس الجمهورية الصربية وقتها).
اعتبر ألبان كوسوفو أن مطالبهم لن تحل سلميا، فقرروا عام 1996 تشكيل "جيش تحرير كوسوفو" (KLA) وبدؤوا بمهاجمة الشرطة الصربية والضباط لمدة عامين.
أصدر "جيش تحرير كوسوفو" أول بيان له أواخر عام 1997 أثناء جنازة مدرس ألباني قتل على يد الشرطة الصربية، ودعوا لحمل السلاح لتكوين "ألبانيا الكبرى" عن طريق انفصال كوسوفو عن صربيا.
فبدأ الجيش الصربي حملة قمع ضد سكان كوسوفو الألبان، عن طريق مداهمة القرى وطرد الناس من منازلهم، ووقعت مذابح كثيرة على أيدي الشرطة الصربية، وتعرض المحتجزون الألبان للضرب والتعذيب في المعتقلات للحصول على المعلومات منهم.
أدى ذلك إلى زيادة دعم "جيش تحرير كوسوفو" وانضم له عدد كبير من الألبان، وأزيل من قائمة "الجماعات الإرهابية" لدى الولايات المتحدة عام 1998.
بداية الحرب
مطلع العام 1998 بدأت هجمات المقاتلين الألبان المؤيدين للاستقلال تزيد، تحت محاولات القوات المسلحة اليوغسلافية فرض سيطرتها على المنطقة، وتم اتهامها بارتكاب العديد من المجازر بحق المدنيين والمقاتلين الألبان مما فاقم من أعداد اللاجئين إلى أوروبا.
طالبت مجموعة الاتصال بوقف إطلاق النار وانسحاب القوات اليوغسلافية والصربية من المنطقة من أجل عودة اللاجئين، مع إمكانية وصول المراقبين الدوليين للمنطقة بشكل غير محدود.
تكونت هذه المجموعة من أميركا وبريطانيا وروسيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، وتعد هيئة غير رسمية وغير دائمة تم إنشاؤها بغرض تنسيق الجهات الفاعلة الدولية لإدارة الأزمة.
وافق ميلوسيفيتش على هذه المطالب، لكنه لم يطبقها فعليا، فما كان من "جيش تحرير كوسوفو" إلا أن يلملم شتاته ويسلح نفسه مرة أخرى خلال فترة وقف إطلاق النار، ويبدأ هجماته من جديد.كان رد القوات اليوغسلافية والصربية شديدا، وبدأت سلسلة تطهير عرقي في جميع أنحاء يوغسلافيا، شملت حتى غير المقاتلين الألبان من المدنيين العزل في القرى من أطفال ونساء وشيوخ.
أدان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الاستخدام "المفرط" للقوة، وأعلن فرض حظر على الأسلحة، ورغم ذلك استمرت الحرب في المنطقة.
مذبحة راتشاك
من أشهر المجازر التي ارتكبتها القوات اليوغسلافية كانت في 15 يناير/كانون الثاني 1999، حيث تم اكتشاف 45 جثة لمدنيين ألبان أُعدموا رميا بالرصاص، بينهم امرأة وطفل في قرية راتشاك جنوبي كوسوفو.
أدان المذبحة خافيير سولانا (الأمين العام لحلف الناتو) وحمل رئيس المراقبين الدوليين بإقليم كوسوفو قوات الأمن اليوغسلافية (الصربية) المسؤولية الكاملة عن المذبحة.
اعترفت قوات الأمن اليوغسلافية بارتكابها المجزرة، وبررت تدخلها برغبتها في اعتقال "مجموعة إرهابية" اغتالت الشرطي الصربي سفيتيسلاس برزيتش، وأكدت أن الضحايا كانوا جميعا من "جيش تحرير كوسوفو المتمرد".رغم كونها ليست المذبحة الأولى، لكنها كانت السبب في تدخل قوات الناتو في حرب كوسوفو ضد جمهورية يوغسلافيا الاتحادية، حيث طالب زعيم الألبان (روغوفا) عند زيارته لأميركا ومقابلة رئيسها بيل كلينتون بتدخل قوات الحلف بشكل عاجل.
تسببت هذه المذبحة لوحدها بنزوح 20 ألف مدني ألباني من كوسوفو، بعدما دب فزع شديد بين أوساط سكان القرى الألبانية، خاصة منطقتي متروفيتسا وفوشيتيرن الأكثر توترا.
عملية "القوة المتحالفة"
بدأت مفاوضات دبلوماسية بفرنسا في فبراير/شباط 1999، لكنها توقفت الشهر التالي بعد أن باءت بالفشل.
يوم 24 مارس/آذار بدأت قوات الناتو قصف أهداف عسكرية صربية في عملية "القوة المتحالفة" وأطلقت عليها أميركا "عملية سندان نوبل" بهدف إجبار ميلوسيفيتش على وقف المجازر بحق الألبان، ولإجبار بلغراد على الانسحاب من كوسوفو.
ردت القوات اليوغسلافية والصربية بطرد الألبان من كوسوفو، فشهدت المنطقة أكبر عملية نزوح لمئات الأشخاص إلى ألبانيا ومقدونيا والجبل الأسود.استمرت حملة قصف الناتو 11 أسبوعا، بما يقارب 78 يوما، وصلت إلى بلغراد، وتسببت بأضرار كبيرة في البنية التحتية بصربيا، وازدادت حدة القصف داخل الأراضي الصربية، مما أجبر ميلوسيفيتش على إعلان الانسحاب مقابل وقف ضربات الناتو.
في يونيو/حزيران 1999 وقعت يوغسلافيا وحلف الناتو معاهدة سلام سميت كومانوفو، نصت على استبدال القوات الصربية بقوات دولية، فانسحبت القوات اليوغسلافية، وأعيد مليون ألباني و500 نازح.
الخسائر البشرية
قدرت الخسائر في هذه الحرب بنحو 13 ألف قتيل، 11 ألفا منهم ألبانيون والباقي من الصرب.
وهجرت الحرب قرابة مليون لاجئ إلى ألبانيا ومقدونيا، وقتلت قوات الناتو بضربات عن طريق الخطأ 500 مدني من الصرب والألبان حسب منظمات لحقوق الإنسان.
النتائج السياسية
غادر معظم الصرب من كوسوفو، ونُشرت قوات حفظ السلام أممية في المنطقة، وخضعت لإدارة الأمم المتحدة.
لم تتوقف التوترات حتى بعد انتهاء الحرب، واستمرت أعمال العنف بين الطرفين.
في فبراير/شباط 2008 أعلنت كوسوفو استقلالها عن صربيا، واعترفت بها 110 دول، منها الولايات المتحدة ومعظم دول أوروبا، ورفضت صربيا وروسيا الاعتراف بها.
المصدر : الموسوعة البريطانية + مواقع إلكترونية
الباسل
يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية