مراسم استقبال حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق لدى وصوله لأبوظبي في زيارة "دولة" بتاريخ 22 إبريل 2024م (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          الولايات المتحدة تناقش بدء انسحاب قواتها من النيجر (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 1 - عددالزوار : 23 )           »          كتيبة طولكرم .. تنظيم فلسطيني مسلح (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          تدابير مهمة لحماية الهوية من السرقة على الإنترنت (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          سفينة يونانية تعترض طائرتين مسيرتين للحوثيين في البحر الأحمر (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          فيديو غراف.. 200 يوم من المظاهرات المنددة بالعدوان على غزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          جمهورية بولندا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          جمهورية ليتوانيا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          كالينينغراد.. مقاطعة روسية وسط أوروبا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          بولندا تفتح الباب لنشر أسلحة نووية على أراضيها وروسيا ترد (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          الجيش الإسرائيلي يعلن حصيلة جديدة لإصابات جنوده في غزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          بايدن يلتقي مشرعين معارضين للحرب الإسرائيلية على غزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          مقتل 10 في تصادم مروحيتين عسكريتين في ماليزيا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          هل قرر المجلس العسكري في مالي البقاء في السلطة؟ (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          عبد المجيد الزنداني ...سياسي وداعية إسلامي يمني (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »         



 
العودة   ..[ البســـالة ].. > جـناح الأمن و الإتــصالات > قســـــم الإســــــتخبارات والأمــــن
التعليمـــات قائمة الأعضاء وسام التقويم مشاركات اليوم
 


إرث ستالين.. حرب أوكرانيا تعيد تعريف أجهزة الاستخبارات الروسية

قســـــم الإســــــتخبارات والأمــــن


إضافة رد
 
أدوات الموضوع

قديم 30-08-22, 02:05 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي إرث ستالين.. حرب أوكرانيا تعيد تعريف أجهزة الاستخبارات الروسية



 

إرث ستالين.. حرب أوكرانيا تعيد تعريف أجهزة الاستخبارات الروسية

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



29/8/2022


مقدمة الترجمة:

منذ صعوده إلى السلطة، كان جهاز الأمن الفيدرالي (FSB)، خليفة جهاز الاستخبارات السوفيتي العريق (KGB)، هو الذراع المفضل للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، غير أن الجهاز يشهد تحولات كبرى بالتزامن مع حرب أوكرانيا مُتخليا شيئا فشيئا عن التقاليد السوفيتية العريقة في الرقابة والسيطرة الناعمة، ومُتحوِّلا إلى نموذج يشبه الجهاز السري لستالين المعروف بالمفوضية الشعبية للشؤون الداخلية (NKVD)، عن طريق التوسع في مهام القمع الصريح والمباشر للصحفيين والحقوقيين وحتى للنخب الأمنية والاقتصادية. يرصد الصحفيان الروسيان أندريه سولداتوف وإيرينا بوروغان ملامح هذا التحول في مقالهما المنشور بمجلة "فورين أفيرز".

نص الترجمة:

منذ ربيع العام الحالي، ظهرت إلى السطح قوة ضاربة جديدة ومخيفة في صفوف المجتمع الروسي، تبحث عن النشطاء الروس الذين احتجُّوا على غزو أوكرانيا، وتُلقي بمعارضي النظام والمواطنين العاديين الذين اتصلوا بأي جهات أجنبية دون إذن رسمي إلى غياهب سجن "لِفِرتوفو" الشهير في العاصمة موسكو، الذي ذاع صيته في عهد الزعيم السوفيتي "ستالين"، إذ عُذِّب فيه السجناء ونُفِّذَت في بعضهم أحكام الإعدام آنذاك. وقد بدأ مُخبِرون مُختصون بالحدود الروسية بالتحقيق مع المواطنين الروس الذين حاولوا ترك روسيا أو العودة إليها، وحتى أولئك الذين نجحوا في الخروج ليسوا بمأمن، حيث إن المعارضين بالخارج الذين جهروا بأصواتهم ضد النظام الروسي تجري التحقيقات ضدهم غيابيًّا، ويتم التحرُّش بذويهم أيضا في روسيا. علاوة على ذلك، بدأت قوات الأمن الروسية في معاقبة الشركات التي تشتري المواد الخام والأجهزة الإلكترونية من الخارج بدلا من المُصنَّعة في روسيا.

بينما تدخُل حرب الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" على أوكرانيا شهرها السابع، ثمَّة تحوُّل جذري في البيروقراطية الأمنية للكرملين يرتكز بالأساس على الجهاز الأقرب إلى بوتين نفسه، وهو جهاز الأمن الفيدرالي (FSB)، خليفة جهاز الاستخبارات السوفيتي العريق "كيه جي بي" (KGB). فحين بدأت الحرب، خطَّط الكرملين لاستخدام جهاز الأمن الفيدرالي في أوكرانيا بالأساس كقوة عمليات خاصة تُعزِّز من جهود الغزو الروسي السريع. وطبقا للخُطة، فإن الدبابات الروسية التي انطلقت نحو العاصمة الأوكرانية "كييف" كان من المُزمَع أن تقلب النظام السياسي الأوكراني وتُنصِّب آخرَ بدلا منه يكون مواليا لموسكو، وذلك برعاية مُخبري الأمن الفيدرالي الذين كانوا سيتولون مهمة السيطرة الفعلية على البلاد. وقد أوكلت تلك المهمة إلى فرع الأمن الفيدرالي الأجنبي (المعروف بالقسم الخامس)، وهو القسم الوحيد في الجهاز -من بين 12 قسما آخر- الذي ضلع في مرحلة الإعداد للحرب.

بينما تعذَّر تنفيذ تلك الخطط، قرَّر بوتين صياغة خطة بديلة أشمل من سابقتها لجهاز الأمن الفيدرالي، وهو أن يكون رأس الحربة لمعركة روسيا الشاملة على المستوى المحلي بالقدر نفسه الذي يدير به العمليات الاستخباراتية في أوكرانيا، ومن ثمَّ بات لزاما على كل قسم داخل الجهاز أن يشارك بمهمة ما في الحرب الدائرة. وفيما يتعلَّق بمهمة القمع داخل روسيا، يتولَّاها حاليا قسم مكافحة الإرهاب بالجهاز، وقسم المكافحة الاستخباراتية، وقسم التحقيقات. وفي غضون ذلك، تدير القوات الخاصة لجهاز الأمن الفيدرالي وقسم المكافحة الاستخباراتية التابع للجيش عملية تعيين وتجنيد عملاء أوكرانيين، والنظر في ملفات أولئك الذين يطمح جهاز الأمن الفيدرالي إلى محاكمتهم. ويقف حاليا مُخبرون تابعون للجهاز على الحدود الروسية، في حين أوكل إلى قسم الأمن الاقتصادي، الأكثر فسادا كما يُعرف عنه من بين أقسام الجهاز، تطبيق سياسات روسيا الاقتصادية الجديدة بحزم لا هوادة فيه.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

يشنُّ الأمن الفيدرالي حملة على العلماء والمحامين وغيرهم من الروس الضالعين في نشاطات يعتبرها النظام الآن مشكوكا فيها (رويترز)


في مقر جهاز الأمن الفيدرالي بميدان "لوبيانكا" في موسكو، أُبلِغ العاملون بالجهاز بأن يستعدوا لقضاء ثلاثة أشهر من خدمتهم في الأراضي المُحتلة من أوكرانيا (لإعادة ترتيب الأوضاع السياسية فيها والتأكُّد من خضوعها بالكامل للنظام الروسي الجديد)*. وبينما صار الجهاز على رأس دولة البيروقراطية الأمنية الروسية التي تتحوَّل سريعا، وتزداد تشكُّكا في مواطنيها ومحيطها، فإن ما يجري داخله ستكون له مآلات جسيمة على طبيعة حُكم بوتين. فعلى النقيض من دوره المعني بالمراقبة بالدرجة الأولى طيلة السنوات الماضية، تحوَّل جهاز الأمن الفيدرالي إلى ذراع أكثر نفاذا لدولة ما انفكَّت تزداد عُنفا ووحشية. وفي خضم نفاذه ذلك إلى القلب من المجتمع المحلي في روسيا، وملفات السياسة الخارجية والجيش، فإن الجهاز يبتعد عن نموذج سلفه السوفيتي، ويقترب من شيء مخيف أكثر بكثير، وهو جهاز الشرطة السرية الوحشي الذي استخدمه ستالين (NKVD)، ونفَّذ عمليات التطهير السياسي الضخمة في ثلاثينيات القرن الماضي (لإقصاء أعداء النظام من أروقة الدولة)*، وأحكم قبضته الحديدية على المجتمع الروسي حتى السنوات الأولى للحرب الباردة (بعد نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945)*.

ذراع "لوبيانكا" الطولَى

ليس صعبا أن نرى علامات الإستراتيجية المتحوِّلة لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي. ولننظر مثلا إلى تكتيكاته تجاه الصحافيين وأعضاء المعارضة السياسية. فقد قصر الجهاز عمله في الماضي بالتجسُّس على الصحافيين الناقدين للحكومة، وتشجيعهم على ترك البلاد. وحين اعتُقِل "إيفان سافرونوف"، الصحافي السابق الذي غطَّى الشؤون العسكرية للصحيفة الروسية اليومية "كومِّرسانت"، بتُهمة الخيانة في صيف 2020، فهم الجميع بأن اعتقاله رسالة فعلية إلى غيره من الصحافيين مفادها ألا يكتبوا عن المسائل الحساسة أو أن يتركوا روسيا. في الحقيقة، وبعد عام واحد، وُضِع صحافيون روس كثيرون على قائمة "العملاء الأجانب" لكنهم لم يُعتقلوا، ومن ثمَّ لجأ الكثير منهم إلى الخارج، واستمر خروجهم بكثافة في مُستَهَل الحرب الأوكرانية، حيث فرَّ المئات من الصحافيين والناشطين الروس حينئذ.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

إيفان سافرونوف (الأوروبية)بيد أن الجهاز بدأ يعمل على وقف موجة النزوح هذه منذ الربيع الماضي. فبعد شهرين من اندلاع الحرب، سمح الجهاز للسياسي المُعارض "فلاديمير كَرا-مورزا" بالعودة إلى روسيا، وهو الذي طاف الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا طيلة سنوات مروِّجا للعقوبات ضد رجال الأعمال الفاسدين المُقرَّبين من بوتين، لكنه آثر البقاء خارج روسيا منذ بدء الحرب خوفا من أن يمنعه الكرملين من دخول البلاد. لكنه سافر بالفعل إلى موسكو في إبريل/نيسان الماضي وسُمِح له بالدخول، فقط ليُزَجَّ به في السجن سريعا، حيث يقبع هناك حتى الآن بتُهمة الترويج لأخبار كاذبة عن الحرب. وفي يوليو/تموز الماضي، اعتُقِل "إليا ياشين"، سياسي معارض آخر، بتُهَم مماثلة، وهو أثقل المعارضين وزنا منذ اعتقال المعارض الشهير "ألِكسي نافالني" في أغسطس/آب 2021، إثر عودته الطوعية هو الآخر إلى روسيا.

بدءا من مايو/أيار 2022، شرع جهاز الأمن الفيدرالي في زيارة أسر المنفيين الروس لإيصال رسائل مفادها أن الحكومة الروسية على استعداد للترحيب بهم من جديد في بلدهم. وثمَّة تقارير أفادت أن مُختصي تكنولوجيا المعلومات الذين تركوا روسيا إبَّان اندلاع الحرب وعادوا بالفعل بعدئذ (استجابة لتلك الرسائل)، أُحضِروا إلى مقرات الأمن الفيدرالي وخضعوا للتحقيق. فبدلا من إجبار هؤلاء على ترك روسيا، حيث يُمكِن لهم أن يؤججوا من الحركات الروسية المُعارِضة في الخارج، قرَّر النظام الحاكم أن من الأفضل الإبقاء عليه تحت ناظرَيْه داخل روسيا، وهو نهج لم يستعمله الكرملين منذ السنوات الأولى للحرب الباردة. ففي مارس/آذار الماضي، فتح قسم الأمن الداخلي بجهاز الأمن الفيدرالي قضية ضد أحد كاتبَيْ هذا المقال (أندريه سولداتوف) بتُهمة نشر أخبار كاذبة عن الحرب، وهي تُهمة تصل عقوبتها إلى السجن عشر سنوات. وقد جُمِّدت حسابات "سولداتوف" البنكية في روسيا، وأصدرت الحكومة الروسية أوامر دولية بالقبض عليه وترحيله إلى بلاده. وما انفكَّت أعداد الصحافيين الروس المُهدَّدين بتُهَم مشابهة تنمو في الآونة الأخيرة، وبالنظر إلى أن مُعظمَهم يعيش بالفعل في المنفى، فإن القضايا المرفوعة عليهم إنما تضع المزيد من الضغط على أقاربهم الذين يعيشون في روسيا.

على صعيد آخر، يشنُّ الأمن الفيدرالي حملة لا تقل دراميَّة على العلماء والمحامين وغيرهم من الروس الضالعين في نشاطات يعتبرها النظام الآن مشكوكا فيها. ورغم أن جهود الأمن الفيدرالي في مضايقة وإيذاء العلماء الروس الذين يتعاونون مع مؤسسات البحث الغربية ليست جديدة، فإن الجهاز بات أشد عدوانية منذ بدأت الحرب. ففي 30 يونيو/حزيران، تحرَّك الجهاز بحِدَّة ضد "دِميتري كولكر"، مدير معمل البصريات الكمية في جامعة "نوفوسيبيرسك" الحكومية، مُتَّهِما إياه بالخيانة لمشاركته أسرار الدولة الروسية مع الصين لمجرَّد إلقائه سلسلة من المحاضرات في الصين ضمن برنامج لتبادل الخبرات. ورغم أن "كولكر" مكث في المستشفى بعد تشخيصه بسرطان البنكرياس في المرحلة الرابعة (مرحلة متأخرة من السرطان)، فإن الأمن الفيدرالي اعتقله وأرسله إلى سجن "لِفورتوفو" حيث وافته المنية بعد ثلاثة أيام، مما صَدَم الكثير من الروس. بيد أن الحادثة لم تكُن فردية أبدا، فقبل يوم واحد من اعتقال "كولكر"، اعتقل الأمن الفيدرالي "دِميتري تالانتوف"، محامي حقوق الإنسان المرموق الذي دافع عن الصحافي المُتَّهم بالخيانة "سافرونوف"، وسرعان ما وجد "تالانتوف" نفسه مُتَّهما هو الآخر بنشر الأخبار الكاذبة عن الحرب.

لم يسلم العاملون في شتى مجالات الاقتصاد الروسي العادية من ضغط الأمن الفيدرالي، ومنها مثلا منظومة الرعاية الصحية الوطنية في روسيا. فمنذ يونيو/حزيران الماضي، تعاون الأمن الفيدرالي مع هيئة الرقابة المالية الروسية للتحقيق في أمر العيادات الطبيَّة بشتى أنحاء روسيا لما كتبته من علاجات اعتمدت العقارات الغربية بدلا من الروسية. وقد قُدِّمَت الحملة للرأي العام بوصفها "تطهيرا للبلاد من مُخطَّطات شركات الأدوية الغربية التي تبيع عقاراتها عن طريق الأطباء الروس". هذا وطلب الكرملين أيضا من الأمن الفيدرالي أن يُحقِّق في أمر المسؤولين البيروقراطيين الذين "فشلوا" في اعتماد المنتجات الروسية بدلا من الغربية، في مجال المنتجات التكنولوجية على سبيل المثال.

بدأت حملات التطهير الأمنية تلك تصل إلى النخبة الروسية نفسها مؤخرا، بما في ذلك ضباط أمن رفيعو المستوى. ففي يوليو/تموز الماضي، اعتُقِل ثلاثة جنرالات بارزون بوزارة الداخلية بتُهَمة الاختلاس، فيما عَدَّه كثيرون رسالة إلى وزير الداخلية ذاته كي ينتبه إلى تحرُّكاته، فما من أحد بمأمن في تلك الدولة الأمنية الجديدة. ولم تكن تلك سوى واحدة من سلسلة عمليات تطهير استهدفت إحداها "أوليغ ميتفول"، الحاكم السابق لمقاطعة موسكو، و"فلاديمير ماو"، الاقتصادي الروسي البارز المُقرَّب من الكُتلة الليبرالية في الحكومة ورئيس الأكاديمية الرئاسية للاقتصاد والإدارة العامة، وهي مؤسسة كُبرى لتدريب وتعليم البيروقراطيين الروس. وقد أُلقي بـ"ميتفول" إلى السجن، في حين يقبع "ماو" قيد الإقامة الجبرية، وهي أحداث أثارت حفيظة النخب المالية في موسكو.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

"فلاديمير ماو" الاقتصادي الروسي البارز المُقرَّب من الكُتلة الليبرالية في الحكومة ورئيس الأكاديمية الرئاسية للاقتصاد والإدارة العامة (رويترز)


شبح ستالين

إن الدور الهائل الجديد لجهاز الأمن الفيدرالي يثير أسئلة كُبرى حيال نظام بوتين. فقد عُرِف طيلة سنوات أن بوتين بنى جهاز الأمن الخاص به مُستلهِما التقاليد السوفيتية جزئيا، بما في ذلك تقاليد الاستخبارات السوفيتية التي قضى في أروقتها 16 عاما. وعلى مدار خدمة بوتين تلك بدا نموذج الاستخبارات السوفيتية منطقيا. لقد اتسمت الاستخبارات في العقود الأخيرة من عُمر الاتحاد السوفيتي بقوتها، وبتنظيمها صغير الحجم ومنهجها الرشيق في السيطرة في الوقت نفسه. فقد راقبت الجميع وتجسَّست عليهم، من عمَّال المصانع إلى راقصات الباليه، دون أن تتطلَّع إلى حملات اعتقالات موسَّعة أو إلى القيام بتطهير سياسي داخل الدولة. وعوضا عن ذلك، اعتمدت الاستخبارات السوفيتية أشكالا مُعقَّدة من التأثير والضغط جعلت الشعوب السوفيتية خاضعة لها دون اللجوء إلى القمع العنيف على نطاق واسع.من جهة أخرى، تشكَّلت الاستخبارات السوفيتية بفضل سياسة عصر ما بعد ستالين، فبدلا من أن يسيطر عليها زعيم أوحد يحتكر السلطة كلها (مثل الشرطة السرية في عهد ستالين)، فإنها كانت جهازا بيروقراطيا انضوى تحت سلطان الحزب الشيوعي. ورغم أن الاستخبارات حضرت في كل مكان تقريبا، فإنها اختفت عن الأنظار في الوقت نفسه، إذ عزف ضباط الاستخبارات السوفييت عن ارتداء البدلات العسكرية، وآثروا ارتداء السُّترات الرمادية. كما استثمرت الاستخبارات السوفيتية استثمارات هائلة في العلاقات العامة ورعاية الكتب وإنتاج الأفلام التي روَّجت للجهاز بوصفه الجهاز الحكومي صاحب الثقافة والفِكر الأرفع في البلاد، والوحيد الذي أمكنه أن يحارب الفساد آنذاك.

على مدار أعوامه الخمسة عشر الأولى في السلطة، اعتمد بوتين على الأمن الفيدرالي، لكنه حاول خلق مسافة بينه وبين جهاز الاستخبارات السوفيتية. وقد أراد بوتين لجهاز الأمن أن يكون فريقه للتدخُّل السريع الذي يوافيه بحلول سريعة لمشكلاته السياسية داخل روسيا وخارجها. بيد أن الأمن الفيدرالي أصاب الرئيس بالإحباط المرة تلو المرة، حيث فشل في تحذيره من اندلاع الثورات المُلوَّنة، والتظاهرات في موسكو، وأخيرا ثورة "ميدان" التي اشتعلت في كييف عام 2014. ولذا سرعان ما غيَّر بوتين قواعد اللعبة، وبدلا من أن يصير الأمن الفيدرالي فريقه للتدخُّل السريع كما أراد، راجع الرئيس مهام الجهاز وغيَّرها لتُشابه مهام الاستخبارات السوفيتية، فجعله أداة لترسيخ الاستقرار السياسي بالضغط على شتى الجماعات السكانية الروسية ومضايقتها، بما في ذلك النخبة الحاكمة نفسها. بيد أن التحرُّكات الأخيرة تشي بأن بوتين يُغيِّر نهجه من جديد، وعوضا عن نموذج الاستخبارات السوفيتية الذي هيمن طيلة السبعينيات والثمانينيات، فإن جهاز الأمن الفيدرالي يزداد شبها يوما بعد يوم بالجهاز السري لستالين المعروف بالمفوضية الشعبية للشؤون الداخلية (NKVD)، الذي سعى إلى بسط سيطرة شاملة أشد وأوسع على كامل التعداد السكاني الروسي.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

"غينريخ ياغودا" (بالوسط) رئيس الجهاز السري لستالين المعروف بالمفوضية الشعبية للشؤون الداخلية (NKVD) (مواقع التواصل)


لقد كانت المفوضية الشعبية الستالينية جهازا وحشيا بِحَق، وصمَّمه ستالين خصيصا لمراقبة شتى أطراف الدولة السوفيتية المترامية والمُعقَّدة، بما في ذلك شبكة السكك الحديدية وبرنامج روسيا النووي واغتيال معارضي ستالين في الخارج. وقد أشرفت المفوضية على الشرطة وعمليات التجسُّس والقمع السياسي و"الجولاج" (المنظومة المُتشعِّبة لمعسكرات العمل القسري داخل الاتحاد السوفيتي)، وكذلك على قطاع الإنشاءات وحتى المرافق العامة. وفي سبيل تنفيذ عملياتها للقمع في الداخل، بنت المفوضية آنذاك شبكة من المديريات بطول البلاد وعرضها لمعالجة الأعداد الهائلة من المهام التي احتاجت إلى بيروقراطية أمنية هائلة.

واكتسبت المفوضية طابعا عسكريا أيضا، فلم يرتدِ ضُبَّاطها الزي العسكري وحازوا الرُّتب العسكرية فحسب، بل إن المفوضية امتلكت وحداتها العسكرية الخاصة المزوَّدة بالأسلحة الثقيلة مثل الدبابات والطائرات. وبحلول نهاية الثلاثينيات، وبينما لاحت في الأفق نُذُر الحرب، وضع ستالين روسيا على أهبة الاستعداد العسكري، وبدأ بالبيروقراطية الأمنية الخاصة به. وما إن بدأت الحرب حتى دشَّنت قوات المفوضية المعسكرات في الأراضي التي احتلها السوفييت في بولندا والبلطيق لكشف المُخرِّبين واستدراج العُملاء لصالح الاتحاد السوفيتي. وقد تولَّت المفوضية حملة لإعادة المنفيين الروس إلى روسيا بنهاية الحرب، الذين فرُّوا من روسيا السوفيتية في السابق، ومن ثمَّ أقنعتهم موسكو بالعودة إلى موطنهم لينتهي بهم الأمر في معسكرات ستالين. وعن طريق هذه الوسائل وغيرها الكثير، صُمِّمت المفوضية لتكون ذراعا لنظام سياسي في حالة حرب مُستمرة مع أعدائه السياسيين، وحلفائه السابقين في الداخل والخارج، ومع الغرب بطبيعة الحال. ومما جعل المفوضية قوية ومهيبة إلى هذا الحدِّ هو أنها لم تأتمر إلا بأمر ستالين، ولم تخضع لسُلطان الحزب الشيوعي أو الحكومة السوفيتية.

منذ بدء الحرب في أوكرانيا، يبدو أن الدولة الأمنية المتنامية سريعا تحت إمرة بوتين تقترب أكثر من نموذج سلفها الستاليني. إن عسكرة جهاز الأمن الفيدرالي، ومعسكرات التجنيد الجديدة الخاصة به، وتكتيكاته التي تزداد وحشية وعلانية في آنٍ واحد، تشي لنا بأن بوتين يُطبِّق نموذج المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية (NKVD)، ذلك الجهاز الذي صنعته الدولة الشمولية على عينها في خضم الحرب العالمية الثانية وإرهاصاتها (قبل أن تنتهي الحرب وينتهي بعدها بفترة نهج السوفييت الوحشي لصالح نهج سياسي أهدأ جسَّدته الاستخبارات السوفيتية الأكثر حصافة طيلة الحرب الباردة)*. على الأرجح إذن أن الكرملين اليوم يتطلَّع بناظرَيْه إلى حرب طويلة الأمد (في أوكرانيا وربما في غيرها)*.
———————————————————————
هذا المقال مترجم عن Foreign Affairs

ترجمة: نور خيري.
المصدر : الجزيرة نت - ميدان






 

 


 

الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:07 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
 

شبكـة الوان الويب لخدمات المـواقع