بعد صدمة اليوم الأول للحرب الروسية.. كيف انقلب تشاؤم الأوكرانيين إلى تفاؤل؟
بيّن استطلاع للرأي أن 70% من الأوكرانيين يؤمنون بقدرة أوكرانيا على صد الهجوم الروسي. وأن شعبية الرئيس زيلينسكي، بسبب مواقفه الأخيرة وتعامله مع التطورات، ارتفعت بواقع 3 أضعاف، ليكسب بموجبها تأييد 91% من شعبه.
مدنيون أوكرانيون يشاركون في تدريبات شعبية قبيل الحرب الروسية على بلادهم (رويترز)
28/2/2022
كييف- شكّل أول أيام الحرب الروسية صدمة كبيرة على الشعب الأوكراني، الذي كان يستبعد -حتى آخر اللحظات- الحرب الشاملة، وهو ما عززته تقديرات السلطات الرسمية بهذا الاتجاه أيضا.
وكانت بداية الحرب يوم 24 فبراير/شباط الجاري سببا لموجة انتقادات شعبية للسلطات في كييف، ولشخص الرئيس فولوديمير زيلينسكي، قبل غيره، لأنه هوّن مرارا من حجم التحذيرات الغربية من الحرب، ولم يفرض حالة الطوارئ إلا مع بدايتها.
وزاد من الصدمة سرعة تقدم القوات الروسية داخل العمق الأوكراني، وسهولة نسبية مكنت الروس من تدمير حجم كبير من البنية التحتية العسكرية لأوكرانيا، خلال اليوم الأول من الحرب.
رفض الرئيس الأوكراني زيلينسكي مغادرة البلاد وظهوره بعدة فيديوهات مع رجالات حكمه عززا شعبيته (الأوروبية)
انقلاب المزاج الشعبي
لكن مشهد ثاني أيام الحرب الروسية على أوكرانيا عكس صورة مغايرة تماما، حيث تحّول سيل الانتقادات إلى تأييد جارف، إن صح التعبير. وكررت السلطات عبارات الفخر بالمدنيين، لما أبدوه من "مقاومة ومساهمة" في صد القوات الروسية.
ولعل أبرز العوامل التي لعبت دورا في تغيّر المزاج الشعبي كان رفض الرئيس زيلينسكي مغادرة البلاد بناء على عرض أميركي، ونشره مقاطع فيديو تعبّر عن ثبات رجالات حكمه في مواقعهم، وتبث الأمل بالقدرة على "الانتصار".
كما أن أنباء "صد التقدم" و"استعادة السيطرة" و"أعداد القتلى" و"حجم الخسائر" في صفوف القوات الروسية حولت التشاؤم إلى تفاؤل، على ما يبدو، وعزّزت الثقة بالقدرة على "النصر"، رغم فارق القوة والاستعداد.
رموز الجيش و"شبح كييف"
وفي هذا الإطار أيضا، تعززت لدى الأوكرانيين مكانة شخصيات ورموز عسكرية، من أبرزها وزير الدفاع، أوليكسي ريزنيكوف، وقائد الأركان العامة، فاليري زالوجني، اللذان ظهرا -باسمين- مرارا في صور على مواقع التواصل، ونشرا كثيرا من رسائل "التفاؤل" للداخل، و"الوعيد بجهنم" للقوات الروسية.
لكن "البطل المطلق" بالنسبة للأوكرانيين اليوم هو ما يوصف بـ"شبح كييف"؛ طيار مجهول الهوية على مقاتلة "ميغ-29″، إذ أكدت وزارة الدفاع وهيئة الأركان إسقاطه 10 طائرات روسية مختلفة في سماء العاصمة الأوكرانية، حتى اليوم.
قد يكون هذا "الشبح" شخصية وهمية في إطار حرب إعلامية روسية أوكرانية، لكن الأكيد أنه يبعث الأمل والتفاؤل في نفوس الأوكرانيين.
ماذا تقول استطلاعات الرأي؟
وفي سياق متصل، بيّن استطلاع للرأي، أجرته مؤسسة "ريتينغ" (الشعبية)، أن 70% من الأوكرانيين يؤمنون بقدرة أوكرانيا على مواجهة الحرب الروسية.
وتشير المؤسسة إلى أن النسبة العظمى من "المتفائلين" هم في المناطق الغربية للبلاد (نحو 75-78%)، لكن 64-66% منها ناطقة بالروسية أكثر من الأوكرانية، وينحدر كثير من سكانها من أصول روسية فعلا، مما يعكس -على ما يبدو- حجم الرفض للحرب الروسية على أوكرانيا.
وتقول المؤسسة إن شعبية الرئيس زيلينسكي، بسبب مواقفه الأخيرة وتعامله مع التطورات، ارتفعت بواقع 3 أضعاف، ليكسب بموجبها تأييد 91% من شعبه.
امرأة أوكرانية تسير أمام مبنى دمره القصف الروسي قريبا من العاصمة كييف (الفرنسية)
تفاؤل سابق لأوانه
لكن بعض الأوكرانيين، على قلّتهم، يعتبرون أنه من السابق لأوانه الحديث بتفاؤل عما يحدث، معتبرين أن السيناريوهات الأكثر كارثية لا تزال مطروحة.
وأصحاب هذا الرأي يرون أن الأسوأ قد يتمثل في عمليات انتقام واسعة تشنها روسيا، تسوي البنيان بالأرض على غرار ما فعلته قواتها في الشيشان وسوريا وغيرها، إذا ما صحت فعلا المعلومات التي تؤكد إلحاق خسائر كبيرة في صفوف القوات الروسية.
ويرى هؤلاء أن حرب أيام قليلة دمرت البنية العسكرية واقتصاد البلاد، وهجرت مئات الألوف، لكن آخرين كثر -ومنهم من يعلق في مقاطع الفيديو التي يسجلونها لمشاهد الدمار- يرون أن كل شيء قابل للتعويض، ما دامت الإرادة موجودة، على حد قولهم.
المصدر : الجزيرة نت - صفوان جولاق