دونالد توسك..سياسي بولندي (رئيس الوزراء)

[الباسل]

دونالد توسك.. ليبرالي من غدانسك يرأس حكومة بولندا


دونالد توسك تولى مناصب سياسية في بلاده وفي الاتحاد الأوروبي (الأوروبية)

30/9/2025

سياسي بولندي بارز، تولّى رئاسة الوزراء بين عامي 2007 و2014 وعاد إليها عام 2023، ثم شغل منصب رئيس المجلس الأوروبي من 2014 حتى 2019. وهو أحد مؤسسي حزب المنبر المدني، وانتُخب في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 رئيسا لحزب الشعب الأوروبي، أكبر تكتل سياسي عابر للحدود في القارة العجوز.

المولد والنشأة

وُلد دونالد توسك يوم 22 أبريل/نيسان 1957 بمدينة غدانسك البولندية، لأسرة متواضعة؛ إذ كان والده نجارا ووالدته ممرضة، وقد عاشا تجربة العمل القسري إبان الاحتلال النازي.
نشأ ضمن الأقلية الكاشوبية في غدانسك، التي أصبحت لاحقا مركز انطلاق حركة "التضامن".
عُرف منذ طفولته بشغفه بالرياضة وموهبته الكروية، ويتحدث أربع لغات هي البولندية والكاشوبية والألمانية والإنجليزية.
التحق توسك عام 1976 بجامعة غدانسك لدراسة التاريخ في كلية العلوم الإنسانية، وسرعان ما انخرط في الأنشطة الطلابية المعارضة للنظام الشيوعي.
تزوّج من مالغورزاتا سوتشاتشكا عام 1978، وأنجبا طفلين.

التجربة السياسية

أسهم توسك في تأسيس اتحاد الطلبة المستقلين عام 1980، الذي ارتبط بحركة "تضامن"، وأصبح أحد قادة النشاط المعارض في محيط عمله، كما عمل صحفيا في صحيفة تابعة للحركة.
عقب إعلان الجنرال فويتشخ ياروزلسكي الأحكام العرفية في ديسمبر/كانون الأول 1981، اضطر توسك إلى التخفي فترة، قبل أن يتجه إلى أعمال يدوية شاقة مثل بيع الخبز وغيرها بين عامي 1984 و1989، مع استمراره في النشاط السري ضمن "تضامن".
اعتُقل فترة وجيزة ثم أُفرج عنه إثر عفو عام عن السجناء السياسيين أصدره الجنرال ياروزلسكي.
عام 1983 أسس توسك مجلة سرّية بعنوان "المراجعة السياسية"، اتخذت من الدفاع عن الليبرالية الاقتصادية وقيم الديمقراطية الليبرالية محورا لها.
ومع مرور الوقت تحولت هذه المجلة إلى منصة فكرية جمعت حولها مجموعة من المثقفين الذين عُرفوا لاحقا باسم "ليبراليي غدانسك"، الذين لعبوا دورا بارزا في تشكيل الحكومة بعد أول انتخابات ديمقراطية أعقبت سقوط الشيوعية في بولندا، وأصبحت تلك التجربة نقطة انطلاق مسيرته السياسية.

بدأ دونالد توسك مسيرته السياسية نهاية ثمانينيات القرن العشرين، مع بدء انقسام حركة "التضامن" عام 1989 نتيجة الخلافات السياسية والشخصية، فكان أحد مؤسسي حزب المؤتمر الليبرالي الديمقراطي، الذي تبنّى رؤية اقتصادية ليبرالية قائمة على اقتصاد السوق الحر.

انتُخب عام 1991 عضوا في البرلمان البولندي (السيم)، لكنه خسر مقعده في انتخابات 1993 نتيجة تراجع حزبه.
لاحقا اندمج الحزب مع الاتحاد الديمقراطي عام 1994 لتشكيل حزب اتحاد الحرية، وانتُخب توسك لعضوية مجلس الشيوخ عام 1997 وتولى منصب نائب الرئيس.
في عام 2001، شارك توسك مع أندجيه أولخوفسكي وماجيتش بلازينسكي في تأسيس حزب المنبر المدني، الذي سرعان ما أصبح القوة السياسية الوسطية الرئيسية في بولندا، ويمثل تيارا ليبراليا يمينيا وسطيا.
وفي 2005، تراجع دور اليسار في الساحة السياسية البولندية، فحلّ المنبر المدني ثانيا في انتخابات البرلمان، فيما خسر توسك الانتخابات الرئاسية أمام ليخ كاتشينسكي مرشّح القانون والعدالة.

رئاسة الوزراء

تولّى توسك رئاسة الوزراء عام 2007 بعد فوز حزب "المنبر المدني" في الانتخابات المبكرة، مشكّلا ائتلافا مع حزب الفلاحين البولندي. وبعد فوز حزبه مجددا في انتخابات 2011، أصبح أول رئيس وزراء يُعاد انتخابه منذ سقوط النظام الشيوعي في بولندا.
في مطلع عام 2012، تركّز النقاش السياسي حول خطط حكومته لإصلاح نظام التقاعد، والتي تضمنت رفع سن التقاعد تدريجيا إلى 67 عاما لكلا الجنسين.
أثارت الخطة جدلا واسعا وخلافا مع شريك الائتلاف، حزب الفلاحين، لكن الطرفين توصلا إلى تسوية تتيح التقاعد المبكر الجزئي وفق شروط محددة، ليتم إقرار القانون لاحقا.

توسك يتوسط رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا ورئيسة المفوضية الأوروبية أوروسولا فون دير لاين (رويترز)

وفي محاولة لمعالجة تراجع شعبية الحكومة، أجرى توسك تعديلات وزارية عدة عام 2013، ونجا في مارس/آذار من تصويت بسحب الثقة قادته المعارضة بقيادة ياروسواف كاتشينسكي، والذي أثار الانتباه بعد استخدام جهاز "آيباد" لعرض كلمة مسجلة لمرشح بديل لرئاسة الوزراء.
كما واجه توسك خلافات داخل حزبه عقب مبادرة وزير العدل ياروسواف غووين لتأسيس تيار جديد، ما دفع توسك إلى الدعوة لانتخابات مبكرة لرئاسة الحزب، انتهت بفوزه بأغلبية تقارب 80%.
لاحقا غادر غووين مع اثنين من حلفائه، وهو ما قلّص الأغلبية البرلمانية للحزب.

رئاسة المجلس الأوروبي

في أغسطس/آب 2014، اختار قادة الاتحاد الأوروبي دونالد توسك بالإجماع خلفا لهيرمان فان رومبوي لرئاسة المجلس الأوروبي. وقد استقال من رئاسة الوزراء في سبتمبر/أيلول، وتسلم منصبه الجديد في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه.
وفي أثناء ولايته واجه توسك تحديات أبرزها ضم روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014، وقرار بريطانيا الانسحاب من الاتحاد الأوروبي عام 2016.
في مارس/آذار 2017 أعاد زعماء الاتحاد الأوروبي انتخابه رئيسا للمجلس الأوروبي لولاية ثانية، وقد حظي بتأييد جميع القادة الـ27 باستثناء رئيسة وزراء بولندا آنذاك بياتا سيدلو، التي عارضت بشدة تجديد ولايته.
واستمر توسك في منصبه حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2019، قبل أن يُنتخب في الشهر ذاته رئيسا لحزب الشعب الأوروبي، أكبر تكتل للأحزاب المحافظة في القارة.

العودة للمشهد السياسي

عاد توسك إلى المشهد السياسي في يوليو/تموز 2021 بتولّيه قيادة حزب المنبر المدني مجددا، معلنا مواجهة حزب القانون والعدالة.
قاد توسك المعارضة في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2023، وجاء حزب القانون والعدالة أولا بـ35% من الأصوات دون تحقيق أغلبية، فيما حصل المنبر المدني على 31%، وتمكن بتحالفه مع حزبي "الطريق الثالث" و"اليسار الجديد" من حصد 248 مقعدا مكّنته من تشكيل حكومة ائتلافية.
وبعد فشل رئيس الوزراء المنتهية ولايته ماتيوش مورافيتسكي في نيل ثقة البرلمان، صوّت "السيم" في 11 ديسمبر/كانون الأول لصالح انتخاب توسك رئيسا للوزراء بأغلبية 248 مقابل 201 صوتا.

المصدر: الجزيرة نت