شُيد سجن "تمساح ألكاتراز" في أواخر يونيو/حزيران 2025، في منطقة إيفرغليدز على بُعد نحو 80 كيلومترا غرب مدينة
ميامي بولاية فلوريدا، وعلى أراضي مطار ديد كولير للتدريب والانتقال، وهو مهبط طائرات ناء شبه مهجور.
ويُعد المطار من ممتلكات مقاطعة ميامي ديد، لكن إدارة ولاية فلوريدا استولت عليه استنادا إلى صلاحيات الطوارئ المتعلقة بالهجرة التي أقرها حاكم فلوريدا
رون ديسانتيس عام 2023، والتي تخوّله لممارسة سلطات تنفيذية استثنائية، من بينها مصادرة الأراضي لأغراض إنفاذ قوانين الهجرة وتجاوز إجراءات تقييم الأثر البيئي للمنشآت.
وبناءً على طلب من الحكومة الفدرالية، اقترح المدعي العام لولاية فلوريدا جيمس أوثماير فكرة بناء المنشأة، وذلك في إطار جهود تنفيذ أجندة الرئيس ترامب بشأن الهجرة وتسريع عمليات ترحيل المهاجرين غير النظاميين.
بُني المركز في غضون أسبوع على مساحة تبلغ نحو 26 كيلومترا مربعا، ويتألف من خيام ومقطورات معاد تصميمها ومرافق مؤقتة، وتحتوي على صفوف من أسرّة بطابقين قادرة على استيعاب ما بين 3 و5 آلاف محتجز.
ونفذت المشروع إدارة ولاية فلوريدا باستخدام صلاحيات الطوارئ، ووفّر قسم إدارة الطوارئ الخيام المستخدمة عادة لإيواء المتضررين من الكوارث الطبيعية والأعاصير، إلى جانب مراحيض متنقلة وطواقم بناء ميدانية.
وتُقدر الكلفة السنوية لتشغيل المنشأة بنحو 450 مليون دولار تتحملها الولاية من ميزانيتها الخاصة بموجب صلاحيات الطوارئ، على أن تتقدّم لاحقا بطلب استرداد التكاليف من برنامج الإيواء والخدمات التابع لوكالة إدارة الطوارئ الفدرالية.
ووفقا لتقارير نشرتها وكالة أسوشيتد برس، فقد منح المكتب التنفيذي لحاكم فلوريدا ما لا يقل عن 20 عقدا بقيمة إجمالية تجاوزت 245 مليون دولار، وذلك في الأسابيع الأولى التي تلت الإعلان عن المنشأة يوم 19 يونيو/حزيران 2025.
وبعدما دشن ترامب مركز الاحتجاز رسميا في مطلع يوليو/تموز 2025، بدأ باستقبال أفواج من المهاجرين غير النظاميين، حتى بلغ عدد المحتجزين نحو 2000 شخص بحلول أواخر الشهر نفسه، في حين بدأت السلطات المحلية في فلوريدا ترحيل دفعات من المحتجزين في "التمساح ألكاتراز " إلى دولهم، مستفيدة من وجود مدرج طائرات ملاصق للمنشأة، وهو ما سهّل على مسؤولي وزارة الأمن الداخلي عمليات النقل من وإلى الموقع.
يُعد مركز احتجاز إيفرغليدز من أكثر مرافق الاحتجاز تشديدا في البلاد، إذ تحيط به مستنقعات مأهولة بالتماسيح والثعابين وتشكل عائقا طبيعيا أمام أي محاولة فرار. ويعزز هذا الطوق الطبيعي سياج شائك يتجاوز الـ8 كيلومترات، إلى جانب منظومة مراقبة تشمل أكثر من 200 كاميرا، وتواجد أمني مكثف يضم نحو 400 عنصر أمن.
وكان هذا المستوى من التحصين والعزلة سببا في إطلاق اسم "التمساح ألكاتراز" على المركز، في إشارة إلى بيئته العدائية وتشابهه مع السجن الفدرالي السابق في جزيرة ألكاتراز بخليج
سان فرانسيسكو، من حيث صعوبة الهروب والطابع الانعزالي الصارم.
وأعرب ترامب وإدارته عن ارتياحهم للطبيعة المعزولة وظروف الاحتجاز الصارمة في المنشأة، معتبرين أنها تشكل رادعا يُجبر المهاجرين غير النظاميين على الامتثال لقوانين الهجرة الأميركية.
وأعلنت الإدارة الأميركية أن المنشأة مؤقتة، وجاءت بهدف تخفيف الضغط عن وكالات إنفاذ القانون والسجون في الولاية بعد الزيادة الكبيرة في عدد المحتجزين من المهاجرين غير النظاميين.
وعادة ما يُحتجز المهاجرون لدى
وكالة الهجرة والجمارك الأميركية لأسباب تتعلق بدخول البلاد بشكل غير قانوني أو تجاوز مدة التأشيرة، وهم مخيرون بين "الترحيل الطوعي" إلى بلادهم أو رفضهم الترحيل وخوض إجراءات قانونية أمام محكمة الهجرة.
وصرّح المسؤولون أن المنشأة مخصصة للمهاجرين غير النظاميين "الأكثر خطورة" في البلاد قبل ترحيلهم. وفي كلمته أثناء افتتاح المركز، قال ترامب إن السجن خُصص لاحتجاز "أخطر المهاجرين وبعض من أكثر الناس وحشية على وجه الأرض".
ووصفت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم المهاجرين المحتجزين في المنشأة وفي مراكز أخرى بأنهم "قتلة ومغتصبون وتجار مخدرات ويتاجرون بالبشر".
غير أن تقارير الصحافة المحلية، مثل صحيفة "ميامي هيرالد"، كشفت أن نحو ثلث المحتجزين من بين أكثر من 700 اعتقلوا في الأسبوعين الأوليين من افتتاح السجن، كانوا فقط ممن صدرت بحقهم إدانات جنائية.