نيويورك تايمز: أزمة الغواصات.. فرنسا تفكر في الانسحاب من القيادة العسكرية لـ"الناتو"

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استدعى سفيري بلاده في واشنطن وكانبيرا ردا على إلغاء صفقة الغواصات بين بلاده وأستراليا (رويترز)
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times) الأميركية إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يرى في خسارة بلاده صفقة الغواصات مع أستراليا كارثة تشير إلى ضعف حلف شمال الأطلسي "الناتو" (NATO) بسبب انعدام الثقة بين أعضائه.
وأفادت الصحيفة -في تحليل إخباري أعده روجر كوهين رئيس مكتبها في باريس- أن هناك فكرة متداولة بالأوساط السياسية الفرنسية عن احتمال انسحاب فرنسا من القيادة العسكرية للناتو، والتي عادت للانضمام إليه عام 2009، بعد غياب دام 43 عاما.
وانتقد تحليل نيويورك تايمز رد الرئيس الفرنسي على صفقة الغواصات النووية واتفاقية "أوكوس" (Aukus) واصفا إياه بـ"المقامرة الكبيرة".
وقالت الصحيفة إن ماكرون وجه وزير خارجيته لاستخدام مفردات لا تنتمي لقاموس اللغة الدبلوماسية، ناهيك عن الخطاب الدبلوماسي بين الحلفاء، وذلك عندما وصف ما أقدمت عليه الولايات المتحدة بـ"الأكاذيب" و"الازدواجية" و"الوحشية" و"الازدراء"، كما قام باستدعاء السفير الفرنسي لدى الولايات المتحدة.
وأشارت إلى أن هذه الجرأة ليست جديدة على ماكرون الذي تقلد منصب الرئاسة في الـ39 من العمر، فقد سبق أن استدعى سفيري فرنسا في كل من تركيا وإيطاليا خلال فترة رئاسته ردا على ما اعتبره إهانات لبلاده.
وقالت إن السؤال الأهم -المتعلق برد ماكرون على إلغاء صفقة الغواصات التي كانت فرنسا أبرمتها مع أستراليا عام 2016- هو هل يملك الرئيس الفرنسي أوراقا كافية لذلك؟
وقد أدى الإعلان عن عقد شراكة أمنية ثلاثية بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا -تضمنت صفقة لتزويد كانبيرا بغواصات نووية- إلى نشوب أزمة بين باريس وواشنطن.
وبناء على الشراكة الجديدة، ألغت أستراليا الأسبوع الماضي اتفاقا مع فرنسا لبناء أسطول من الغواصات التقليدية لتكون بديلا من غواصات تعمل بالوقود النووي باستخدام التكنولوجيا الأميركية والبريطانية، بعد إبرام شراكة أمنية ثلاثية مع البلدين ضمن اتفاقية "أوكوس"؛ الأمر الذي شكل ضربة قوية للعلاقات الفرنسية الأميركية.
ورأت الصحيفة أنه بالرغم من أن ماكرون سبق أن وصف "الناتو" بأنه في حالة "موت سريري" عام 2019، فإن تفكير فرنسا في مغادرة الحلف يشير إلى مدى عمق الأزمة بين باريس والدول الثلاث، والتي كان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان قد وصفها بـ"الأزمة الخطيرة".
وقالت إن الصفقة خلفت شعورا بالإهانة لدى فرنسا، التي لن تنسى بسهولة ما تراه صفعة أميركية "لا تطاق"، على حد تعبير وزير الخارجية الفرنسي.
وأشارت نيويورك تايمز إلى أن فرنسا -في إطار ردها على الشراكة الأمنية بين الدول الثلاث- تسعى إلى تحويل عبارات محببة لماكرون -من قبيل "الحكم الذاتي الإستراتيجي الأوروبي" و"السيادة الأوروبية"- إلى واقع ملموس، وقد صرح وزير خارجيتها بأن ذلك هو السبيل الوحيد لأوروبا "لتبقى جزءا من التاريخ".