"جي بي يو-57" قنابل أميركية خارقة للتحصينات

[الباسل]

"جي بي يو-57" قنابل أميركية خارقة للتحصينات قصفت مواقع نووية إيرانية


الولايات المتحدة بدأت بصناعة القنابل الخارقة للتحصينات "جي بي يو-57" عام 2004 (أسوشيتد برس)


19/6/2025


"جي بي يو-57" (GBU-57) قنبلة ضخمة من صُنع أميركي صُممت لاختراق الأماكن المحصنة، خاصة البنايات والأنفاق تحت الأرض، وتُعرَف هذه القنابل بكبر حجمها وبوزنها الثقيل وقدرتها على الاختراق، مما يجعلها سلاحا فريدا وفتاكا في ترسانة الولايات المتحدة الأميركية، وهي مخصصة للمواقف الحربية التي تتطلب تدمير منشآت تحت الأرض شديدة التحصين.
برزت قنابل "جي بي يو-57" على واجهة الأحداث في خضم المواجهة العسكرية التي اندلعت بين إيران وإسرائيل في 13 يونيو/حزيران 2025 بعد عملية "الأسد الصاعد"، التي نفذتها إسرائيل ضد إيران، قبل أن ترد طهران لاحقا بعملية أطلقت عليها "الوعد الصادق 3″، إذ دخل البلدان في مواجهات حربية بالصواريخ والطائرات المسيرة.
وقال محللون إن قنابل "جي بي يو-57" هي السلاح الوحيد القادر على تدمير المنشآت النووية الإيرانية الموجودة تحت الأرض، خاصة محطة فوردو لتخصيب الوقود النووي، التي شيدتها إيران في منطقة جبلية تبعد بحوالي 95 كيلومترا جنوب غرب العاصمة طهران.
وقد ألقى سلاح الجو الأميركي فجر يوم 22 يونيو/حزيران 2025 ستة من هذه القنابل على موقع فوردو النووي، وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن القنابل الأميركية أنهت هذه المنشأة تماما وأخرجتها عن الخدمة.
ونقلت شبكة فوكس نيوز عن مصدر قوله إن الولايات المتحدة استخدمت 6 قنابل خارقة للتحصينات في الهجوم، اثنتان منها ألقيتا على مدخلي منشأة فوردو.
وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون لصحيفة نيويورك تايمز إن قاذفات "بي 2" الأميركية استخدمت في الهجمات على مواقع إيران النووية، وإنها انطلقت من قاعدة عسكرية في ولاية ميسوري وحلقت 37 ساعة بلا توقف.

التسمية

"جي بي يو-57" إحدى القنابل الضخمة التي صنعتها الولايات المتحدة الأميركية، وتعتمد على أنظمة توجيه دقيقة، وتنتمي إلى فئة الأسلحة الضخمة الخارقة للتحصينات (Massive Ordnance Penetrator)، لأنها تخترق البنايات والأنفاق المحصنة تحت الأرض قبل أن تنفجر.
اسمها اختصار لعبارة "وحدة القنابل الموجهة" باللغة الإنجليزية (Guided Bomb Unit). وصممتها وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وطلبت من شركة "بوينغ" عام 2009 إنتاج 20 نسخة منها.

وتنتمي قنابل "جي بي يو-57" إلى فئة خاصة من الذخائر تُعرَف باسم "القنابل الخارقة للتحصينات"، وتضم إلى جانبها أنواعا أخرى مثل "جي بي يو-28″ و"جي بي يو-72".
وتندرج هذه القنابل ضمن تصنيف أوسع، إذ تنتمي إلى ترسانة "الذخائر الموجهة بدقة"، وتشمل الأسلحة التي تشتغل بأنظمة توجيه متقدمة لضرب أهداف محددة بدقة عالية تقل معها نسبة الأضرار الجانبية.
ولنقل وإطلاق القنبلة "جي بي يو-57" لا بد من الطائرة الأميركية الشبح "بي-2" لأنها هي القاذفة الوحيدة المصممة لهذا النوع من العمليات.

الخصائص والمميزات

تتميّز هذه القنبلة بقدرتها على اختراق الأهداف المحصنة بالفولاذ أو الخرسانة الإسمنتية، والأنفاق العميقة في باطن الأرض، ويمكنها اختراق أكثر من 60 مترا من الخرسانة المسلحة أو نحو 40 مترا من التربة الصخرية قبل الانفجار، ما يجعلها السلاح الأمثل ضد المنشآت التي لا يمكن الوصول إليها بالقنابل والأسلحة الأخرى.
وعلى عكس الصواريخ أو القنابل التي تنفجر شحنتها عند الاصطدام، تتميز القنابل الخارقة للتحصينات بأنها تخترق الأرض أولا، ولا تنفجر إلا لدى وصولها إلى هدفها تحت الأرض.
وتغلف هذه القنبلة طبقة سميكة من الفولاذ المقوى تمكنها من اختراق طبقات الصخور، ويتجاوز وزنها 13 طنا، فيما يبلغ طولها حوالي 6 أمتار، ولا يعمل صاعقها إلا عند الارتطام، بل يكتشف التجاويف وينفجر عند دخول القنبلة إلى المخبأ.
وتتمتع المتفجرات المصممة لهذا النوع من القنابل بقشرة سميكة وصلبة تتحمل تأثير الأرض واختراق الأعماق المستهدفة.

جنود أميركيون حول قنبلة خارقة للتحصينات في قاعدة عسكرية بولاية ميسوري (أسوشيتد برس)

ما الذي يميّزها عن أخواتها؟

تُعَد قنبلة "جي بي يو-57" أكبر وأثقل قنبلة خارقة للتحصينات، وتعتمد في توجيهها على مزيج من نظام تحديد المواقع العالمي "جي بي إس" (GPS) ونظام الملاحة بالقصور الذاتي "أي إن إس" (INS).
أما "جي بي يو-28" فتمثل الجيل الأول من القنابل الخارقة للتحصينات، وظهرت أثناء حرب الخليج عام 1991، استجابة لاحتياجات القوات الأميركية إلى اختراق التحصينات العراقية تحت الأرض.
تزن "جي بي يو-28" ما يقارب 2.2 طن (4400 رطل)، وتم تطويرها باستخدام أنابيب مدافع ثقيلة من طراز "أم 110" لتشكيل جسم خارق قادر على النفاذ في الخرسانة والتربة.
تُستخدم "جي بي يو-28" نظام توجيه شبه نشط بواسطة الليزر، وتُطلق من طائرات متعددة مثل "إف 15" و"إف 111″، وهي أصغر حجما من "جي بي يو-57″، إلا أنها أكثر مرونة وقابلية للاستخدام التكتيكي.
تستطيع القنبلة اختراق حوالي 6 أمتار من الخرسانة المسلحة، وكانت فعالة في مرحلة ما قبل تطور التحصينات، وقبل أن تظهر قنابل أكثر فعالية في اختراق المعاقل فائقة العمق.
أما القنبلة "جي بي يو-72" فهي نسخة مطورة من أختها "جي بي يو-28″، ويبلغ وزنها حوالي 2.2 طن، وتُستخدم لتدمير أهداف محصنة على أعماق متوسطة، أي التحصينات الأقل عمقا من تلك التي تستهدفها "جي بي يو-57".
وتستخدم هذه القنبلة أنظمة التوجيه نفسها التي تستخدمها "جي بي يو-57″، وتتميز عنها بقابلية حملها على طائرات مقاتلة متعددة، ولا تعتمد فقط على القاذفات الإستراتيجية.

مواصفاتها الفنية
الوزن والحجم

"جي بي يو-57" أثقل القنابل غير النووية في الترسانة الحربية الأميركية، إذ تزن نحو 13.6 طنا، بينما يبلغ طولها حوالي 6 أمتار، ما يمنحها القدرة على اختراق أنواع متعددة من التحصينات، بما في ذلك الخرسانة المسلحة والفولاذ والصخور الصلبة.

القدرة على الاختراق

تم تصميم القنبلة خصيصا بهدف تنفيذ اختراقات عميقة في الأهداف المحصنة، وتصل قدرتها الاختراقية إلى عمق يقدر بـ60 مترا تقريبا قبل الانفجار، وتعتمد هذه القدرة على عوامل عدة، أبرزها نوعية المواد المستخدمة في تحصين الهدف، إضافة إلى طبيعة الموقع الجغرافي والبنية التحتية المستهدفة.

التوجيه والدقة

تعتمد "جي بي يو-57" على نظام تحديد المواقع "جي بي إس" لتوجيهها بدقة نحو الهدف، مما يسمح لها بإصابة الأهداف المحصنة بدقة عالية، وتقليل الأضرار الجانبية المحتملة، وهي مزودة بـ"غلاف فولاذي عالي الأداء" و"شحنة تفجيرية قوية".
كما تحمل رأسا حربيا صُمم لتدمير التحصينات العميقة وتفجير المنشآت المدفونة تحت الأرض أو تحت البنى الصخرية الصلبة.

منصة خاصة للإطلاق

نظريا يمكن لأي طائرة قادرة على حمل حمولة تقارب 13.6 طنا أن تستخدم لإطلاق القنبلة، إلا أن القوات الأميركية قصرت عملية الإطلاق على طائرة "بي-2" التابعة لسلاح الجو الأميركي، والتي تنتجها شركة "نورثروب غرومان".
ووفقا لما أعلنته الشركة المصنعة، فإن الحمولة القصوى لطائرة "بي-2" الشبح تصل إلى 18 طنا، غير أن القوات الجوية الأميركية أعلنت أنها نجحت في اختبارات حمل شحنات قتالية تزن ما يقارب 27 طنا، بما في ذلك قنابل خارقة للتحصينات من طراز "جي بي يو-57".
وتتميّز هذه القاذفة الإستراتيجية بقدرتها الفائقة على التحليق لمسافات طويلة، إذ يمكنها أن تحلّق مسافة أكثر من 9 آلاف كيلومتر دون الحاجة إلى التزود بالوقود، ما يمنحها القدرة على تنفيذ ضربات إستراتيجية في أي نقطة من العالم في ساعات معدودة.

خلفية التصنيع

بدأت الولايات المتحدة تطوير "جي بي يو-57" عام 2004 إبان إدارة الرئيس جورج بوش الابن في أعقاب الغزو الأميركي للعراق عام 2003، واعتبرتها "جزءا من إستراتيجية جديدة لمواجهة التهديدات التي شكلتها المنشآت المحصنة تحت الأرض".
وقد جاءت فكرة تطوير القنبلة بعد أن أظهرت القنابل الخارقة للتحصينات المستخدمة حينئذ قصورا في القدرة على اختراق الأهداف شديدة التحصين.

ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية فإن أول اختبار فعلي لقنبلة "جي بي يو-57" جرى أثناء الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب(2017-2021)، ضمن خطط لتعزيز قدرة الولايات المتحدة على "تدمير أسلحة دمار شامل مخبأة داخل منشآت محمية أو مدفونة بعمق يصعب الوصول إليه باستخدام الوسائل التقليدية".
ولا يقتصر استخدامها على إسقاط قنبلة واحدة، بل يمكن تنفيذ سلسلة من الضربات المتعاقبة، حيث تُسقط القنابل الواحدة تلو الأخرى على الهدف نفسه، وتسمى هذه التقنية "الحفر التسلسلي"، وتتيح تحقيق اختراقات أعمق تدريجيا، بفعل التراكم التفجيري الذي تسببه الانفجارات المتلاحقة.

الكلفة وسؤال الجدوى

تشير التقديرات إلى أن كلفة تصنيع القنبلة الواحدة من هذا الطراز تتراوح بين 400 و500 مليون دولار أميركي، وهو مبلغ ضخم يعكس التعقيد التكنولوجي لهذا السلاح، ويتوقع الخبراء أن تكون النسخ المطورة مستقبلا أعلى تكلفة، نظرا للتحديثات المحتملة في قدرتها على التوجيه والدقة والاختراق.
ووفقا لصحيفة وول ستريت جورنال، فإن الولايات المتحدة أنتجت حتى عام 2025 نحو 20 قنبلة فقط من هذا الطراز، ما يعكس محدودية تصنيعها واستخدامها، إذ يحتفظ بها للعمليات المعقدة والسيناريوهات القصوى فقط.
وقد أثارت هذه الأرقام تساؤلات داخل الأوساط العسكرية والسياسية الأميركية بشأن الجدوى الاقتصادية من تصنيع هذا النوع من الذخائر، خاصة في ظل قلة السيناريوهات الحربية التي تستدعي استخدامها، إضافة إلى اعتمادها الحصري على طائرات"بي-2″ الشبح لإطلاقها.

المصدر: الصحافة الأميركية + الجزيرة نت

 

 

[الباسل]

القنابل الخارقة للتحصينات

 

 

[الباسل]

 

 

[الباسل]