في ردها بشأن الضمانات الأمنية.. روسيا تحذر من صراع عسكري إذا انضمت أوكرانيا للناتو والمواجهة تتجدد في مجلس الأمن

المندوبة الأميركية تتحدث خلال جلسة مجلس الأمن مع نائب وزير الخارجية الروسي ووزير الدولة البريطاني لشؤون أوروبا وشمال أميركا (رويترز)
17/2/2022
سلمت روسيا -اليوم الخميس- ردا خطيا بشأن الضمانات الأمنية التي تريد الحصول عليها من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO)، وحذرت من اندلاع صراع عسكري في حال انضمت أوكرانيا للحلف، في حين تجددت المواجهة بين واشنطن وموسكو في مجلس الأمن الدولي بشأن التوترات الحالية في أوكرانيا.
فقد تسلم السفير الأميركي لدى روسيا جون سوليفان اليوم الرد الروسي على رد سابق للولايات المتحدة على المقترحات الروسية بشأن الضمانات الأمنية.
وقالت الخارجية الروسية في الرد الخطي إنه ليست لدى روسيا خطط لغزو أوكرانيا.
وأشارت إلى أن عدم استعداد واشنطن للاتفاق مع موسكو سيدفعها للرد عبر إجراءات عسكرية تقنية، وقالت إن انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي سيتسبب في صراع عسكري مباشر، وطالبت بعدم تمدد الحلف شرقا، وانسحاب القوات الأميركية من دول البلطيق ووسط أوروبا وشرقها.
وورد في الرد الروسي على المقترحات الأميركية أن الإصرار على سحب روسيا قواتها من مناطق معينة على أراضيها غير مقبول، وأن وجود القوات الروسية على أراضيها لا يقوّض الأمن الأميركي.
كما ورد في الرد الروسي بشأن الضمانات الأمنية أن تخفيض المخاطر العسكرية غير ممكن، دون تخلي حلف الناتو عن تصرفاته التي تهدد روسيا، وفقا لوكالة إنترفاكس.
وأشار مراسل الجزيرة أمين درغامي إلى تصريحات سابقة لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ذكر فيها أن بلاده راضية عن جزء من الرد الذي قدمته الولايات المتحدة وحلف الناتو بشأن الضمانات الأمنية.
فرشانين قال إن الاتهامات الموجهة لروسيا بالتخطيط لغزو أوكرانيا لا مبرر لها (الأوروبية)
سجال بمجلس الأمن
في الأثناء، عقد مجلس الأمن الدولي -اليوم الخميس- جلسة حول أوكرانيا بطلب من روسيا، وذلك بعد أسبوعين من جلسة دعت إليها الولايات المتحدة، وتبادل خلالها الطرفان الاتهامات بشأن التوترات الراهنة حول أوكرانيا.
وفي كلمة ألقاها خلال الجلسة، اتهم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن روسيا بالتخطيط لغزو جارتها الغربية خلال أيام، وعرض ما قال إنه سيناريو الاجتياح الروسي المحتمل.
وقال بلينكن إنه عرض على نظيره الروسي سيرغي لافروف أن يلتقيا في الأيام المقبلة بأوروبا، مشددا على أن اتفاق مينسك الرامي لإنهاء الصراع في إقليم دونباس (شرقي أوكرانيا) يظل الأساس لحل الأزمة.
من جهتها، قالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد إن روسيا حشدت 150 ألف جندي للاعتداء على أوكرانيا، ودعتها إلى أن تثبت للعالم أن لا نية لديها لاجتياح جارتها.
كما دعت غرينفيلد موسكو إلى الكف عن المواجهة وقبول الحوار، وقالت إن مجلس الأمن وجه خلال أسبوعين رسالة واضحة بعدم الاستمرار في مسار المواجهة، مؤكدة أن بلادها ستكثف جهودها الدبلوماسية لحل الأزمة.
في المقابل، رفض سيرغي فرشانين نائب وزير الخارجية الروسي اتهامات وزير الخارجية الأميركي لبلاده بالتخطيط لمهاجمة أوكرانيا خلال أيام، ووصف السيناريو الذي عرضه بلينكن لهجوم روسي محتمل بالخطير والمؤسف، نافيا أي نية لدى بلاده لغزو جارتها الغربية.
وقال فرشانين إن من حق روسيا أن تنشر قوات في بعض المناطق للدفاع عن أراضيها، وأضاف أن الاتهامات الغربية لبلاده لا مبرر لها.
كما قال إن على الدول الغربية أن توقف ما وصفها بالهستيريا بشأن نوايا روسيا في المنطقة، داعيا إلى بذل المزيد من الجهود لإيجاد حلول دبلوماسية للصراع لحالي.
واتهم المسؤول الروسي أوكرانيا بأنها لم تنفذ التزاماتها المنصوص عليها في اتفاق مينسك، والتي تشمل وقف إطلاق النار في إقليم دونباس، وسحب الأسلحة منه، والحوار مع الانفصاليين الموالين لروسيا، وتبادل المحتجزين، والعفو العام، ووصول المساعدات الإنسانية، ورفع الحظر الاقتصادي، وإجراء انتخابات بالإقليم.
وقال فرشانين إن عدم تنفيذ أوكرانيا التزاماتها بموجب اتفاق مينسك، قد تترتب عليه عواقب وخيمة عليها.
بدوره، قال وزير الدولة البريطاني لشؤون أوروبا وشمال أميركا، جيمز كليفيرلي، إنه إذا اختارت روسيا شن هجوم عسكري على أوكرانيا مستخدمة ما وصفها بالمعلومات المضللة كمبرر فسوف يتكشف عدم جديتها بالدبلوماسية، حسب تعبيره.
وفي بيان مشترك، دعا أعضاء الاتحاد الأوروبي بمجلس الأمن روسيا للقيام بخطوات ملموسة للتهدئة والشفافية بشأن أنشطتها العسكرية، وجددوا دعمهم الكامل لاستقلال أوكرانيا ووحدة أراضيها، ودعوا لتطبيق اتفاقيات مينسك بدءا بالالتزام غير المشروط بوقف إطلاق النار.
وأفاد مراسل الجزيرة مراد هاشم بأن الجلسة لم يكن الغرض منها الخروج بأي قرار أو بيان صحفي، وإنما هي جلسة للخطابات أرادت لها روسيا أن تركز على ما تعتبره فشلا لحكومة أوكرانيا في تنفيذ التزاماتها بموجب اتفاق مينسك.
وفي مستهل الجلسة، قالت روزماري ديكارلو وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، إن الوضع الحالي على الحدود الأوكرانية خطير للغاية، وحثت أطراف الأزمة على التحلي بأكبر قدر من ضبط النفس.
من جهته، أكد الممثل الخاص لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا على ضرورة مواصلة كل الأطراف التزامها ببنود اتفاقية مينسك.
عدد من القادة الأوروبيين قبيل انطلاق قمتهم في بروكسل (الأناضول)
قمة أوروبية
وبالتوازي، عقد القادة الأوروبيون -اليوم الخميس- قمة تشاورية في بروكسل بشأن الأزمة الأوكرانية، ويأتي ذلك وسط تهديدات من قبل دول الاتحاد بفرض عقوبات على روسيا في حال أقدمت على غزو أوكرانيا.
وأكد ممثل السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل -في تصريحات أدلى بها قبيل القمة- أن القادة الأوروبيين متحدون بشأن العقوبات المحتملة على روسيا.
وكان مسؤول أوروبي قال في وقت سابق اليوم إن القمة الأوروبية لن تناقش فرض عقوبات جديدة معينة على روسيا، لأن هذا الأمر يثير خلافا بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وفي أعقاب القمة الأوروبية التشاورية التي سبقت انطلاق قمة بين قادة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، أعرب المستشار الألماني أولاف شولتز عن اعتقاده بأن الموقف لا يزال يتسم بالخطورة على الحدود بين روسيا وأوكرانيا، وقال إن روسيا لا يزال لديها في منطقة الحدود إمكانات عسكرية تكفي لغزو جارتها.
الحراك الدبلوماسي
على الصعيد الدبلوماسي، بدأت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس زيارة إلى كييف، في إطار جولة أوروبية لمضاعفة الجهود الدبلوماسية المبذولة لحل الأزمة الأوكرانية.
وقالت الخارجية البريطانية إن الوزيرة ستؤكد في كييف على أهمية مبدأ السيادة الوطنية ودعم أوكرانيا، وتناشد موسكو تجنب الحرب وتحثها على متابعة الدبلوماسية.
وأضافت الوزارة أنه بينما تؤكد الوزيرة على استعداد الغرب للحوار، فإنها أيضا "ستكون واضحة في تهديداتها للروس بأنهم إذا قرروا الاستمرار في طريق العدوان فستكون هناك عواقب وخيمة ستؤدي إلى تكاليف اقتصادية باهظة لروسيا".
كما يتوقع أن تجري الوزيرة لقاءات مع نظرائها في بولندا وألمانيا، وحضور اجتماعات ميونخ بألمانيا بعد غد السبت.
وقبيل سفرها إلى كييف، حذرت وزيرة الخارجية البريطانية من أن روسيا تستعد لاختبار قوة الغرب من خلال تأجيل المواجهة على الحدود الأوكرانية بضعة أشهر.
وفي مقال لصحيفة "ديلي تلغراف" (The Daily Telegraph)، حذرت تروس من الانغماس في ما وصفته بالشعور الزائف بالأمن، بسبب مزاعم روسيا أنها تسحب قواتها.
واعتبرت الوزيرة البريطانية أن ما يجري حاليا هو اختبار حاسم لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، والديمقراطيات الحرة لمواجهة ما وصفته بالعدوان الروسي.
وفي إطار التحركات الدبلوماسية لاحتواء التوترات حول أوكرانيا، زار وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو موسكو والتقى نظيره الروسي سيرغي لافروف.
من جهته، شدد رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا -اليوم خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين- على ضرورة التوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة.
المصدر : الجزيرة + وكالات