التصنيع
أطلق برنامج "إف-35" المعروف باسم "المقاتلة المشتركة متعددة المهام" (جوينت سترايك فايتر) في تسعينيات القرن العشرين، بهدف تطوير طائرة قتالية واحدة متعددة الاستخدامات تخدم مختلف أفرع القوات المسلحة الأميركية، وتوفر في الوقت ذاته حلا موحدا للقوات الجوية في الدول الحليفة، لاسيما أعضاء حلف شمال الأطلسي (
الناتو) وشركاء الولايات المتحدة الآخرين.
سعت هذه المبادرة إلى توحيد منصة جوية قادرة على أداء مهام متعددة، تحل محل مجموعة متنوعة من الطائرات التي كانت مستخدمة في سلاح الجو وسلاح البحرية، ومشاة البحرية الأميركية (
المارينز)، إضافة إلى القوات الجوية المتحالفة.
وقد تنافست شركات عدة للفوز بعقد التصنيع، واقتصر السباق النهائي على نموذجين أوليين: "إكس-35″ من شركة لوكهيد مارتن، و"إكس-32" من شركة
بوينغ.
في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2001، اختيرت طائرة "إكس-35" لتكون الأساس الذي سيُبنى عليه البرنامج، متفوقة على "إكس-32" بفضل قدرتها على الإقلاع القصير والهبوط العمودي (إس تي أو في إل)، التي اعتمدت على نظام "مروحة الرفع"، وأثبت فعالية أكبر من النظام المستخدم في النموذج المنافس.
فيما بعد، أعيدت تسمية الطائرة من "إكس-35" إلى "إف-35 لايتنينغ الثانية" (F-35 Lightning II)، تكريما للطائرة "بي-38 لايتنينغ" التي استخدمها سلاح الجو الأميركي في
الحرب العالمية الثانية.
وقد أجرت النسخة الأولى، "إف-35 إيه"، أول رحلة تجريبية لها في 15 ديسمبر/كانون الأول 2006، إيذانا ببدء عصر جديد في تكنولوجيا الطيران القتالي.
خصائص تقنية
يبلغ طول "إف 35" نحو 15.7 مترا، وارتفاعها 4.33 أمتار، وتصل سرعتها إلى نحو ألفي كيلومتر في الساعة، وتستخدم في جميع أقسام الجيش.
وهي طائرة مقاتلة ذات مهام متعددة، لها قدرة هائلة على التخفي بحيث لا تستطيع الرادارات رصدها، لذلك تسمى المقاتلة الشبح.
وتستطيع "إف 35" التحليق مسافات بعيدة دون الحاجة إلى التزود بالوقود، ويصل مدى التحليق إلى 2200 كيلومتر، وبسرعة 1.6 ماخ، أي نحو ألفي كيلومتر في الساعة.
وقدرت تكلفة برنامج إنجاز طائرة "إف 35" بنحو أربعمئة مليار دولار، ويصل سعر الطائرة الواحدة إلى نحو 110 ملايين دولار.
وتعد إلكترونيات الطيران المتقدمة سمة مميزة، إذ يوفر رادار "إيه إن/إيه بي جي-81 إيه إي إس إيه" تتبعا واستهدافا بعيد المدى.
ويستخدم نظام الفتحة الموزعة "دي إيه إس" 6 كاميرات تعمل بالأشعة تحت الحمراء للحصول على رؤية بزاوية 360 درجة، ويوفر نظام الاستهداف الكهروضوئي "إي أو تي إس" كشفا بعيد المدى واستهدافا دقيقا.
القدرة على التخفي
تستخدم "إف 35" منظومة تجعلها قادرة على المناورة بشكل أكبر من الطائرات التي تستطيع التخفي عن رصد الرادارات لكنها لا تستطيع المناورة، وهي بذلك قادرة على أداء مهام قتالية -دفاعية كانت أم هجومية- حتى في الظروف الجوية الصعبة.
ويخلو هيكل الطائرة الأملس من الزوايا الحادة، وأسطحه مائلة، وحتى غطاء قمرة القيادة مُعالج بمواد خاصة تمتص الموجات. وتؤدي هذه الميزات التصميمية إلى تشتيت موجات الرادار في اتجاهات مختلفة بدلا من ارتدادها نحو المصدر.

تُغطى الطائرة بمواد ماصة للموجات الرادارية، تعمل مثل إسفنجة تمتص الطاقة وتحولها إلى كميات ضئيلة من الحرارة، كما تعالج المسامير وخطوط الألواح بعناية فائقة أو تُخفى بالكامل، إذ حتى الفجوات الصغيرة أو الحواف قد تعكس الموجات.
وتستخدم أطقم الصيانة مواد خاصة لسد أي فجوات بعد عمليات الإصلاح، مما يضمن الحفاظ على خاصية التخفي.
وصُمّمت الطائرة بشكل يقلل آثار حرارة العادم لمنع اكتشافها بالأشعة تحت الحمراء، وذلك عبر تبريد الغازات وإخفاء المحرك عميقا داخل هيكل الطائرة، مما يُضعف البصمة الحرارية ويُعقّد عملية الاستهداف.
وتستخدم "إف-35″ أنظمة حرب إلكترونية متطورة للتشويش على الرادارات أو خداعها أو تجنّبها بشكل كلي.
وتملك أجهزة حاسوب واستشعار قادرة على رصد التهديدات مسبقا، بل وتشارك هذه المعلومات مع طائرات أخرى عبر قنوات اتصال غير تقليدية، دون إصدار إشارات راديوية تُكشف، وتعتمد في ذلك على ما يُعرف بـ"الصمت الإلكتروني".
التسليح والقدرات القتالية
وبإمكان الطائرة حمل أسلحة متنوعة، بينها قنابل موجهة بالليزر وصواريخ موجهة جو-جو، فيما لم تتأكد الأنباء بشأن قدرتها على حمل رؤوس نووية.
وعلى خلاف المقاتلات التقليدية التي تُحمّل قنابلها وصواريخها على الأجنحة أو السطح الخارجي، مما يزيد من البصمة الرادارية، تُخفي "إف-35" أسلحتها داخل حجرات مدمجة في الهيكل.
وتسلح الطائرة بترسانة متعددة الاستخدامات قادرة على حمل ما يصل إلى 18 ألف رطل من الذخائر داخليا وخارجيا اعتمادا على متطلبات التخفي.
وللطائرة قدرة على تفادي المضادات الأرضية، مثل
صواريخ أس 300 و
أس 400 الروسية المتطورة.
وتعمل أنظمة المهام المتكاملة في الطائرة "إف-35" على دمج البيانات بشكل آني من أجهزة الاستشعار المختلفة، مما يؤدي إلى إنشاء صورة ظرفية متماسكة، ويدعم دمج البيانات هذا اتخاذ قرارات متفوقة وتبادل المعلومات بشكل فعال بين القوات المتحالفة، مما يوفر ميزة إستراتيجية في سيناريوهات القتال المعقدة.
خوذة فريدة
وبحسب تقارير إعلامية فإن تكلفة الخوذة الواحدة تبلغ نحو أربعمئة ألف دولار، وتمكن الخوذة الطيار من رؤية الأرض بوضوح في الليل والنهار وكل أجهزة الطائرة الحيوية، كما تزوده أيضا بالصور.
يتسع خزان الوقود لنحو 18 ألف لتر، أي ضعفي سعة خزان الوقود في
طائرة إف 16. وتتكون الطائرة من ثلاثمئة ألف قطعة، ولها محرك واحد ومقعد واحد للطيار وفتحتان للتهوية، ويتوجب على طاقمها ومهندسيها والطاقم الأرضي أن يعرفوا خمسمئة مصطلح ليتمكنوا من تشغيلها.
وكانت الطائرة قد عانت من مشاكل عدة أثناء تصنيعها، ففي 16 سبتمبر/أيلول 2014 أعلنت متحدثة باسم سلاح الجو الأميركي أن القوات الجوية أصدرت قرارا بإيقاف 13 مقاتلة من نوع "إف 35" عن الطيران بسبب عيوب في المادة العازلة بخطوط تبريد أنظمة الطيران الإلكترونية داخل خزانات الوقود.
التطوير والأنواع