عرض مشاركة واحدة

قديم 31-10-09, 01:37 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

تغير الموقف العربي من السلاح النووي.
ويرى الغالبية العظمى في الشارع العربي أن العرب يجب أن يمتلكوا مشروعاً نووياً يردع المشروع النووي الصهيوني، ويغل يده في استباحة الأرض العربية والدم العربي الذي سال أنهاراً على يد هؤلاء الصهاينة.

إلا أن هناك قطاعاً آخر لا يستهان به يرى أن المشروع النووي العربي المنتظر يجب أن يكون في الأساس لردع التحدي النووي الإيراني الجديد، بعد أن أكدت إيران بسلوكها في العراق أن لها أطماعاً كبيرة في البلاد العربية، لا تقل عن الأطماع الصهيونية، إن لم تتفوق عليها.

ومسألة امتلاك العرب للسلاح المتقدم، ومنه طبعاً السلاح النووي، مسألة بشر بها كثير من المثقفين العرب بعد انتهاء الحقبة الاستعمارية، ومع الانفتاح على الغرب، والاحتكاك بالثقافة الغربية. وقد قرر هؤلاء أن المسافة الفاصلة بين المسلمين والغرب تفسر بالتفاوت في حجم ونوعية القدرات التقنية الحربية وليس بالتفاوت الثقافي أو العقدي، ومن ثم فإن الإصلاح المطلوب يتمثل في السعي لامتلاك هذه الصناعات المتطورة.

وبعد احتلال فلسطين واندلاع الصراع العربي الإسرائيلي، ظهرت نظرية الأمن القومي التي بلورتها الأنظمة القومية الثورية على هذا المفهوم ذاته.

لكن مع تغير إستراتيجية إدارة الصراع مع إسرائيل التي أصبحت تراهن على مسار التسوية السلمية مع الدولة العبرية لانتزاع جزء من الحقوق المسلوبة في إطار صفقة "الأرض مقابل السلام" التي تحولت إلى صفقة "التطبيع الكامل مقابل الانسحاب الكامل"، فإن هذه النظرية التقليدية المطالبة بامتلاك التقنيات العسكرية المتطورة بدأت تضعف في مواجهة نظريات لا تحبذ ذلك. كما بدأ الحديث عن أن الخوف من البرنامج النووي الإيراني أكبر من الخوف من البرنامج النووي الإسرائيلي.

البعض لا يحبذ النووي.
لكن بعض المثقفين والمحللين لا يحبذ التكالب على السلاح المتقدم، ومنه السلاح النووي، لاعتبارات عديدة منها أن الصناعة العسكرية تظل هشة ومحدودة الأثر إذا لم تستند لبنية صناعية تقنية كاملة قائمة على منظومة إنتاج علمي وتقني صلب. فبدون هذه البنية، تتحول الصناعة الحربية إلى مجرد أدوات منتزعة من سياقها الموضوعي، فهي في الغالب مجرد تطوير هش لأسلحة مستوردة، بتكاليف باهظة ترهق الاقتصاديات الوطنية الضعيفة، وتعزز موقع المؤسسة العسكرية في الحقل السياسي، مما يؤدي إلى غلق منافذ الانفتاح السياسي بذريعة الدفاع عن الأمن القومي.

ومن هذه الاعتبارات أيضاً أنه لا يمكن اختزال مقتضيات الأمن القومي في التقنيات العسكرية، بل إن هذه الأدوات لا تشكل سوى جانب محدود من متطلبات هذا الأمن التي تشمل مرتكزات محورية من قبيل فاعلية النظام السياسي وصلابة شرعيته، ومستوى النمو الاجتماعي والاقتصادي، ومنظومة الإنتاج العلمي والتقني.

إيران كدولة إقليمية.

وقد أدى امتلاك طهران التقنية اللازمة لإنتاج طاقة نووية إلي انتقال إيران من شريحة الدول الإقليمية المتوسطة القوة إلي ما يمكن تسميته الدول الإقليمية فائقة القوة، الأمر الذي يستلزم البحث في وجهة النظر العربية تجاه هذا الوضع الجديد في المنطقة، وكيفية التعامل مع هذه الدولة الإقليمية الكبرى في المنطقة.

ويجب الإقرار بأن الرؤية العربية للجار الإيراني يشوبها غموض وضبابية إلي حد بعيد، نتيجة لاعتبارات متعددة، أبرزها التباين الواضح بين الحسابات القطرية والقومية، ليس في التعامل العربي مع إيران وحسب، لكن في التعامل العربي مع قضايا وموضوعات وأطراف ذات أهمية قصوى للدول العربية، فرادي وجماعة.

إن الإدارة العربية للعلاقة مع إيران تنطلق بالأساس من رؤية وحسابات كل دولة لمصالحها وأهدافها وتوازناتها مع إيران بشكل منفرد، وليس من منطلق جماعي قومي يعتمد الإطار العربي مرجعية وخطا حاكما لتلك العلاقة.

دعوة عمرو موسى.
إن الدعوة التي وجهها عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية أثناء القمة الثامنة عشرة بالخرطوم إلى العرب لدخول النادي النووي لأغراض سلمية جاءت في وقتها وتعبر عن ضرورة ملحة ومطلب جوهري, لكن لابد أيضا على العرب العمل على امتلاك السلاح النووي مثل كوريا الشمالية و"إسرائيل" وغيرهما من الدول حيث أنه لا قيمة ولا وزن للعرب بدون السلاح النووي.

العرب الآن ليس لهم كلمة و لا أحد يسمع كلمتهم أو يضع في الحسبان مواقفهم ولا أحد يهتم إن رضوا أو سخطوا فالأمر سيان ولا فرق بين هذا وذاك لأنهم لابد في النهاية أن يرضخوا وينفذوا ما يملى عليهم وأن يخضعوا في كل الأحوال ليطبقوا وبصورة مطلقة كل ما يتم تقريره بدلا من أن يكونوا طرفا في صناعة القرار في المنظمات والمحافل الدولية.

ورغم كون العرب يشكلون قوة عددية بالنظر إلى كونهم يتوزعون على 22 دولة ويشكلون 280 مليون نسمة، إلا أن كل هذا العدد الكبير لم يشفع لهم ولم يضعهم في مكانة معتبرة تسمح لهم بالتحدي والمواجهة والرفض واتخاذ مواقف ساخنة وقرارات عملية جريئة والخروج من دائرة الشجب والتنديد والاستنكار وما شابه ذلك.

ولننظر إلى كوريا الشمالية التي تملك السلاح النووي لا أحد يجرؤ على الاقتراب منها أو استفزازها وحتى إن تجرأ أحدهم وفتح باب الحوار معها فإنه يكون باحترام وتكون فيه كوريا الشمالية في مركز قوة تتحدث بلغة الند للند وتفرض شروطها وترفض كل ما تراه غير ملائم لها. وقد حاولت الولايات المتحدة الأمريكية مرارا أن تجبر كوريا على التخلي عن برنامجها النووي لكن ذلك لم يجد نفعا ولم تستطع أمريكا أن تفعل شيئا لتظل كوريا الشمالية تطبق سياساتها الداخلية بكل حرية وتواصل برنامجها النووي دون اكتراث أو خوف.

ولننظر أيضاً إلى إسرائيل وكيف تتعامل مع العالم كله والعرب خصوصا بكل عنجهية وتكبر واستعلاء وهي تدوس على كل القرارات الأممية وتضرب بالقوانين عرض الحائط، مطبقة ما تراه مناسبا لها، ولا أحد يجرؤ على جرح مشاعرها أو تأنيبها ولو كانت على خطأ, لماذا كل هذا؟ لأنها وبكل بساطة تملك السلاح النووي الذي منحها القوة خاصة أنه لا أحد من جيرانها في الشرق الأوسط عموما يملك مثل هذا السلاح .

إذن من هنا ندرك أن امتلاك السلاح النووي أصبح ضرورة ملحة بالنسبة للعرب وأمرا لابد منه اليوم قبل الغد حتى يواكبوا المتغيرات الدولية الخطيرة خاصة أن العرب يملكون كل الإمكانيات التي تسمح لهم بذلك أهمها المال والعقل ولاشيء يقف في وجه العرب لدخول النادي النووي إلا اتخاذ خطوات عملية والتخلي عن الخوف والتردد لكي يرفع المواطن العربي رأسه ويشعر بالثقة في النفس والاعتزاز بالانتماء إلى الصف العربي.


أثر البرنامج النووي الإيراني على منطقة الخليج العربي.
تختلف المواقف العربية حول أفضل السبل في التعامل مع الملف النووي الإيراني بين من يؤيد التوجه الأمريكي أكان ظاهرًا أم باطنًا، وبين من يميل إلى الاكتفاء بالسكوت والمراقبة، وبين من يرى حق الإيرانيين في تطوير برنامجهم، وفي العموم فقد وقف الوضع العربي الرسمي عند حدود موقف لا يتعداه يقول بضرورة جعل (منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل)؟

وربما بدا الوضع في نظر البعض مطمئنًا إلى أن نتائج المطاردة الأمريكية ستفضي إلى شطب البرنامج النووي الإيراني ولو بالقوة العسكرية، ما يعني أن الموقف العربي لن يكون مؤثرا في النزاع والنتيجة هي انتفاء الحاجة إلى تبني موقف عدائي منه مادام الموقف الأمريكي والدولي على هذه الحال.

ويرجع اختلاف المواقف العربية إلى التباين في تصور مدى الأخطار التي من الممكن أن يحققها البرنامج النووي الإيراني وتأثيره على المحيط العربي ككل والخليج بالأخص، حيث ستمتد الآثار التي يمكن أن يحدثها البرنامج النووي الإيراني على منطقة الخليج بشكل أكبر من باقي الدول العربية من تلك الأخطار:

أ- تهديد الاستقرار الإقليمي في منطقة الخليج:

مما لاشك فيه أن امتلاك إيران لأسلحة نووية من شأنه التأثير على استقرار منطقة الخليج من زاويتين:

الأولى: تكريس الخلل القائم في موازين القوى، حيث أن حقائق الجغرافيا السياسية تشير إلى أن القوة الإيرانية الحالية إذا ما أرادت أن تتجه فإن مسارها لن يكون الشمال أو الشرق، ففي الشرق هناك القوى النووية الآسيوية الكبرى "الهند وباكستان والصين"، وفي الشمال هناك روسيا، وبالتالي فإن إمكانية التمدد المتاحة لإيران هي في الغرب، ويوضح الجدول التالي مدى الخلل في القدرات التسليحية للدول الخليجية الست مقارنة بالتسلح الإيراني.

جدول يوضح الخلل في ميزان القوى العسكري بين إيران والدول الخليجية الست:

الدولة عدد القوات الدبابات صواريخ أرض جو طائرات مقاتلة وحدات بحرية باتريوت ميزانية الدفاع بالمليار وحدات سطحية غواصات

السعودية
201 آلاف منهم 75 ألفا حرس وطني
900 من بينها 315 أم – إيه 2 ابرامز
33 بطارية نحو نصفها 1 – هوك
294 منها 174 أف – 15
34
--
20
27.2

الإمارات
50500
516 من بينها 360 من طراز ليكيوك
8 منها 3 بطاريات هوك
106
18
--
--


عمان
41700
153
50
40
13
--
--
2.4

الكويت
15500
290 منها 218 م -1 إيه 2 ابرامز
10 بطاريات منها 4 هوك
81 منها 40 أف إيه 18
10
--
5
3.3

قطر
12.300
30
75 سام أرض جو منها 12 ستنجر
18
7
--
--
1.5

البحرين
11.000
140
بطاريتان
34 منها 22 أف – 16
11 بينها قرقاطة
--
--
0.315

العراق
تعاني القوات العراقية التقليدية والتسليح بعد صدام من الإهمال، وهناك خطط لإقامة جيش من 30 ألف جندي، القوات الحالية هي نحو 10 آلاف جندي تركز على الأمن الداخلي

إيران
540.600
1565
76 بطارية منها واحد هوك وبعضها ستنجر
306
59 منها 10 هودونج و 40 بوجامر
3 من طراز كليو
--
9.1



ويضاف إلى هذا التباين معاناة الجيوش الخليجية من نقص الأفراد المستعدين للخدمة في القوات المسلحة أو الالتزام بالحياة العسكرية، كما أنهم يفتقرون بصفة عامة للخبرة القتالية، في الوقت الذي أعلنت فيه إيران عن إجرائها لتجربة صاروخية متطورة (شهاب 3) في يوليو 2005، فضلا عن إعلان وزارة الدفاع الإيرانية عن اعتزامها تطوير نوعين آخرين من الصواريخ ذات التقنية العالية وهما شهاب 4 (3000 كم) وشهاب 5 (5000كم)، بالإضافة إلى ما تشير إليه الدراسات العسكرية الحديثة من أن إيران تقوم حاليا بإنتاج أكثر من 80 بالمائة من أسلحتها الثقيلة.

أما الثانية فهي: إمكانية نشوب صراع عسكري بين إيران والأطراف المعنية بالقضية النووية تنعكس آثاره على المنطقة، خاصة أن هذا البديل ليس مستبعدا من استراتيجيات الولايات المتحدة تجاه الملف النووي الإيراني، حيث أكد على ذلك الرئيس بوش بالقول "لا نستبعد الخيار العسكري لتسوية الملف النووي الإيراني"، ومن ثم فإن الرد الإيراني قد يأخذ أشكالا عديدة منها أن تقوم إيران عن طريق حزب الله بقصف عشوائي لإسرائيل مما قد يؤدي إلى تصاعد العنف من إسرائيل والدول المجاورة (سوريا ولبنان). ومن ناحية أخرى، قد تقوم إيران بضرب القواعد الجوية والقطع البحرية الأمريكية في دول الخليج العربية من خلال استخدام صواريخ أرض- أرض، وهو الأمر الذي ينذر باحتمال أن تتحول المواجهة المباشرة المتوقعة بين إيران والولايات المتحدة إلى حرب إقليمية عواقبها عديدة منها إمكانية قيام إيران بإغلاق مضيق هرمز مما يعوق تدفق النفط الخليجي إلى الدول الغربية والولايات المتحدة، وهو ما أكده شكر الله عطا زاده نائب رئيس لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني أنه "إذا فرضت عقوبات على إيران بطريقة تهدد مصالحها الوطنية فإنها لن تسمح بتصدير نفط من المنطقة، فضلا عن أنها قد تستهدف السفن الأجنبية الأمر الذي من شأنه التأثير على حركة الملاحة في الخليج، ومن ثم على استقرار الأسواق النفطية وهو ما سوف يؤثر سلبا على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي التي تعتمد بشكل أساسي على النفط كمصدر مهم للدخل القومي. ومن ناحية ثالثة، قد تستهدف إيران المصالح الأمريكية في المنطقة سواء كانت شركات أو مصانع أو حتى أفراد.

ب- صعوبة التوصل إلى صيغة مشتركة لأمن الخليج:

مز الآثار المهمة بالنسبة لامتلاك إيران سلاحا نوويا صعوبة التوصل إلى صيغة مشتركة لأمن الخليج، حيث تعد تلك القضية من القضايا الخلافية في العلاقات الإيرانية- الخليجية، فإيران تطالب دوما بأن يكون لها دور في الترتيبات الأمنية الخاصة بالمنطقة انطلاقا من أن أمن الخليج هو مسئولية دوله، الأمر الذي يتعارض مع رؤية دول المجلس الست لتلك القضية التي ترى في الوجود الأجنبي عاملا مهما لضمان أمنها، وفي ظل هذا الاختلاف طرحت عدة صيغ لأمن الخليج من جانب إيران، فضلا عما أوردته مراكز الدراسات المتخصصة في هذا الشأن، ألا أن إصرار إيران على امتلاك السلاح النووي من شأنه أن يعوق إمكانية التوصل إلى صيغة أمنية مستقبلية لأمن الخليج وذلك لعدة اعتبارات:

أولها: إمكانية قيام سباق نووي ليس في منطقة الخليج فحسب وإنما في المنطقة العربية كلها، حيث ستعمل الدول العربية جاهدة من أجل دخول النادي النووي وهو الأمر الذي أكد عليه يوشكافيشر وزير الخارجية الألماني بالقول "من أن تسلح إيران بأسلحة نووية سيكون بمنزلة (كابوس) لدول الشرق الأوسط التي تعاني بالفعل من انعدام الأمن والاستقرار"، وهو المعنى نفسه الذي أكد عليه أمير دولة قطر بالقول "إن منطقتنا مشمولة بالخطر إذا أخذنا بالاعتبار وجود دولتين نوويتين على أطراف المنطقة هما الهند وباكستان اللتان أصبحتا متساويتين في القوة النووية، بالإضافة إلى وجود البرنامج النووي الإيراني، ومن ثم لن تقف الأطراف الأخرى موقف المتفرج مما يحدث".

وثانيها: أن دول مجلس التعاون الخليجي في سعيها لإقامة صيغة أمنية مشتركة في الخليج لا بد وأن تحصل على ضمانات دولية ملزمة من المجتمع الدولي بشأن إجراءات بناء الثقة مع الأطراف الإقليمية ومنها إيران، وأول هذه المتطلبات عدم تهديد أمن تلك الدول سواء بامتلاك الأسلحة النووية أو غيرها.

وثالثها: امتلاك إيران للسلاح النووي من شأنه أن يقوض كافة الخطوات التي بذلها الجانبان الخليجي والإيراني واستهدفت حسن الجوار وتعزيز الثقة والمنافع المتبادلة، وصولا إلى إيجاد منظومة أمنية وإقليمية تقوم على أسس عدة يأتي في مقدمتها نبذ اللجوء إلى القوة وحل كافة القضايا العالقة بالحوار والتفاوض، وبالتالي فإن امتلاك إيران للسلاح النووي يمثل "ردة" في العلاقات التي يشوبها توتر بالفعل نتيجة الإصرار الإيراني على احتلال الجزر الإماراتية الثلاث، واعتبار القضية شأنا إيرانيا داخليا بالرغم من كونها إحدى أهم القضايا الثابتة على جدول أعمال القمم الخليجية السنوية.

ج- الآثار البيئية المباشرة:

تعد دول مجلس التعاون الخليجي في مقدمة التي سوف تصاب بالضرر المباشر ن جراء الأسلحة النووية الإيرانية، حيث يقع مفاعل بوشهر الذي يمد أحد أهم مرافق المشروع النووي الإيراني على بعد 280 كم من مدينة الكويت ويعتمد هذا المفاعل بصفة أساسية على تقنيات مستوردة من روسيا التي لا تملك عناصر الأمان النووي المضمونة. وبالتالي فإنه في ظل الحظر الغربي على الآلات والمعدات التي تستخدم في الصناعة النووية فإن إيران قد تسعى لإنجاز وإتمام تسلحها النووي اعتمادا على آلات نووية أقل ضمانا، ومن ثم تصبح دول الخليج في مرمى الخطر إذا ما حدث تسرب. وثمة شواهد تاريخية على مثل هذه الأخطار ومنها حادث تشرنوبل عام 1986. ومن ناحية أخرى، فإن إيران في محاولتها التخلص من النفايات النووية قد تتجه إلى التخلص من الماء الثقيل في الخليج الأمر الذي من شأنه أن يخلق أزمة تلوث لكل دول المنطقة تنتج عن تسرب المواد النووية المشعة في مياه الخليج وتستمر آثارها عشرات السنين.

د- مأزق الدول الخليجية في حالة نشوب حرب:

ويعد هذا الأثر أحد أهم تداعيات امتلاك إيران للسلاح النووي، حيث تؤكد كافة المؤشرات أن الولايات المتحدة لن تتراجع عن استخدام القوة ضد أي قوة نووية محتملة، وفي هذا الصدد أشار تقرير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى الصادر مع تولي الرئيس بوش فترة رئاسته الثانية "أنه إذا استطاعت دولة معادية للولايات المتحدة أن تحصل على أسلحة دمار شامل، خاصة الأسلحة النووية فإن الخطر سيكون كبيرا ومحوريا، وشدد التقرير على أن الولايات المتحدة لا بد أن تكون أشد قلقا فيما يتعلق بإيران وامتلاكها أسلحة نووية، ولعل هذا ما يفسر التحول في خطاب الإدارة الأمريكية خلال شهر أغسطس عام 2004 الذي أكد فيه بوش أنه لا يستبعد الخيار العسكري ضد إيران في حال عدم توقفها عن تخصيب، اليورانيوم، وفي ظل إمكانية نشوب حرب ضد إيران فإن دول مجلس التعاون الخليجي سوف تواجه مأزقا حقيقيا. حيث إنه إذا كان للدول الخليجية مصلحة أكيدة في التخلص من النظام العراقي السابق سواء أعلنت بعضها ذلك أو لم يعلن البعض الآخر، إلا أن الأمر يبدو مختلفا بالنسبة للحالة الإيرانية التي يصعب معها التكهن بنتائج هذا العمل سواء كان ضربة استباقية أو عمليات عسكرية متصلة، حيث لن تكون الدول الخليجية الست بمنأى عن تداعيات مثل هذه الأعمال، كما أنه على الرغم من أن تلك الدول تعد حليفا استراتيجيا للولايات المتحدة بموجب اتفاقيات أمنيه ثنائية (باستثناء المملكة العربية السعودية)، فإنه من المستبعد أن تقدم هذه الدول تسهيلات لوجيستية للعمليات العسكرية ضد إيران، بل إنها قد تدفع في سبيل الحل الدبلوماسي السلمي، حيث أن الدول الخليجية بها نسبة كبيرة من الشيعة، ومن ثم فإن الدول التي تسمح باستخدام أراضيها لضرب إيران قد تتعرض لعمليات إرهابية كما حدث خلال الحرب العراقية - الإيرانية.

وينبغي التأكيد على أن المواقف الخليجية تجاه إيران تنطلق من اعتبارات عدة ليس أقلها المصالح المتبادلة مع إيران على الصعد الاقتصادية والسياسية والثقافية.

فعلى الصعيد الاقتصادي: على الرغم من التباينات السياسية بين إيران والدول الخليجية إلا أن التعاون الاقتصادي كان أحد أهم عوامل التقارب بين الجانبين، حيث تعد تلك الدول أكبر الشركاء التجاريين لإيران. وتشير الإحصاءات إلى أن حجم التبادل التجاري بين إيران ودولة الكويت قد بلغ 180 مليون دولار في عام 2003، في حين كان لا يتعدى 40 مليون دولار، كما ارتفع حجم التبادل التجاري بين المملكة العربية السعودية وإيران من 1218 مليون ريال خلال عام 2003 إلى بليوني ريال خلال عام 2004، أما حجم التبادل التجاري بين مملكة البحرين وإيران فقد بلغ في عام 2003 حوالي 68 مليون و250 ألف دولار، أما بالنسبة لدولة الإمارات فعلى الرغم من وجود النزاع الإماراتي- الإيراني حول قضية الجزر الإماراتية الثلاث، إلا أن الإحصاءات الإيرانية تشير إلى أن الإمارات العربية المتحدة تعد ثالث أهم الأسواق بالنسبة لإيران، في الوقت الراهن، كما أنها خامس أهم دولة في تزويد إيران بالبضائع، ففي عام 2003 سجل التبادل التجاري بين البلدين أعلى المعدلات، إذ بلغ 16.10 مليار درهم (4.4 مليار دولار) بما يعادل 13.5% من مجموع التبادل بين إيران ودول العالم والبالغ 118.95 درهم (32.5 مليار دولار)، كما تعد إيران أهم الأسواق على الإطلاق بالنسبة للإمارات في مجالي الاستيراد وإعادة التصدير.

ولم تقتصر العلاقات الاقتصادية بين الجانبين على التبادل التجاري، حيث بدأت كل من الكويت وإيران بحث مشروع نقل المياه الإيرانية إلى دولة الكويت وذلك من خلال ضخ 210 بليون- جالون من المياه العذبة الصالحة للشرب يوميا عن طريق مد أنبوب يمتد من سد كرنة الإيراني إلى منطقة الفور في الكويت عبر مياه الخليج، ومن شأن هذا المشروع أن يحقق العديد من المزايا الاقتصادية للبلدين حيث يوفر للكويت مصادر جديدة من مياه الشرب لتلبية الطلب المتزايد عليها، كما أن المشروع يتيح لإيران استثمار مصادر المياه بشكل أمثل كما يتيح جذب الاستثمارات لإيران، فضلا عن تخفيف الاعتماد على النفط والغاز لزيادة العائدات.

وعلى الصعيد السياسي: على الرغم من أن العلاقات الإيرانية- الخليجية قد شابها بعض التوتر منذ قيام الثورة الإيرانية وما تبعها من تداعيات، حيث كان التوتر هو السمة السائدة في العلاقات بين الجانبين، إلا أن بعض الدول الخليجية (قطر وعمان) قد حافظت على علاقة قوية مع إيران، خاصة وأن مضيق هرمز فرض بعضا من خصوصية التعاون العسكري والأمني بين إيران وعمان تحديدا ثم انضمت إليها لاحقا دولة الكويت وإن كان بدرجة أقل، مع استمرار العلاقات متوترة مع دولة الإمارات العربية المتحدة وبدرجة أقل مع البحرين.

ثم شهدت العلاقات الإيرانية- الخليجية تحسنا ملحوظا خلال العامين الأخيرين لحكم هاشمي رفسنجاني الذي انتهج سياسة براجماتية قائمة على أساس تحقيق مصالح إيران القومية، وصولا إلى فترتي حكم الرئيس خاتمي التي شهدت تحولا حقيقيا في علاقات إيران بالدول الخليجية وشهدت كثافة للتفاعلات السياسية والاقتصادية، ومع تولي الرئيس الإيراني المنتخب أحمدي نجاد فقد أكد على ضرورة "تحسين العلاقات مع دول الجوار وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي".

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس