عرض مشاركة واحدة

قديم 19-08-10, 10:14 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي أهمية الجغرافيا العسكرية كخلفية علمية للجيوستراتيجية



 

أهمية الجغرافيا العسكرية كخلفية علمية للجيوستراتيجية
أ.د. جهاد محمد قربة
يتمتع الجغرافي في أوروبا بمكانةهامة في مجتمعه، ليس لأن كلمة (جغرافي) توقع نوعاً من الرهبة في عقول السكان، بل لأن الثقافة العامةلهؤلاء السكان ساعدتهم على إدراك دور هذا الجغرافي في صياغة المكان، وبالتالي في نشوء وتطور عظمة الأمة، وكذلك لإدراكهم في الوقت نفسه أن الجغرافي كان له الدور الأكبر في حركات جيوشهم الاستعمارية خرائطياً بدقة عالية، متتالية مع الزمن، أي أنهم يستشعرون من وراء الجغرافي تلك المهنة التي هيكلت ماضيهم البعيد والقريب، وساهمت في غناء أوروبا الاستعمارية وأدّت إلى تكوين عظمتها العسكرية والاقتصادية حتى منتصف القرن العشرين.

والجغرافي الأوروبي بعد انقضاء الفترات الاستعمارية، شكّل أصول الحضارة التي يحمل سطح الأرض أشكال بصماتها وتعكس باع الجغرافي الذي مهّد هذا السطح، كونه مهندساً للمجال، لتحضير القاعدة التي سمحت لتلك المجتمعات بتطوير مرافق اقتصادهم الزراعي والصناعي والخ
مي.
الجغرافيا ليست هدفاً بحد ذاتها، بل هي وسيلة ــ أداة ــ وهي تحتوي على الكل، والكل المرئي والملموس والمحسوس من سطح الأرض الذي يعيش عليه الإنسان ويحيا، يشكل الجغرافيا. ومع بداية عصر النهضة دعيت الجغرافيا بعلم (الجغرافيا الأم)، لأنها أم العلوم السائدة التي اهتم بها الإنسان، حيث كانت جميع الدراسات والأبحاث المتعلقة بالأرض هي (جغرافيا)، وذلك حتى أواسط القرن التاسع عشر، الذي عرف البدايات الحقيقية لتخصص العلوم وتميزها وتفردها عن بعضها البعض بالتسمية، وبحقل الدراسة، وبالمنهجية، والأهداف.

فإذا كان حقل الدراسة الجغرافية هو (المكان) space (1)، فإن الجغرافيا إذن هي القاعدة الأرضية لكل أعمال البشر منذ بداية الحضارات القديمة، وسطح الأرض يحمل آثار عمل البشر التي تعكس مقدار تطورهم في مختلف العلوم وبراعتهم الحربية والبنائية؛ فالجغرافيا ـــ كانت منذ أن بدأت الحضارات الأولية ولازالت ـــ هي البوتقة الأساسية للاستراتيجية العسكرية للإنسان في صياغة خططه الهجومية أو خططه التكنيكية. لقد استعرض أحد الضباط الجغرافيين الفرنسيين وهو (جوستاف ليون ينوكس) 1921 ـــ 1890م، في كتابه عن الجغرافيا الحربية ــ بإسهاب ــ دور الجغرافيا في الحروب، وهو الذي أرسى مفاهيم وأسس ومبادئ الجغرافيا الحربية، وبدأت هذه المبادئ بالتطور مع نهاية الحروب العسكرية في الفترة النابليونية، وبدأت باقي الدول الأوروبية كإيطاليا، والنمسا، والبرتغال، وسويسرا، وروسيا تستفيد من الفكر الجغرافي الحربي الفرنسي القاضي بالتعرُّف الجيد على مختلف عناصر جغرافية المكان من أجل استخدامها والاستفادة منها للأغراض العسكرية، فأشكال التضاريس، والمناخ، والهيدرولوجيا (جغرافية المجاري المائية السطحية)، وجغرافية النبات، تشكّل قواعد العمل الرئيسة في التحليل الحربي للأغراض الدفاعية والهجومية على حدٍ سواء.

ولأجل أن تؤدي الجغرافيا دورها، فقد قامت المدارس والكليات العسكرية الكبرى بتدريس الجغرافيا الحربية وأصولها وقواعدها، وهذا الأمر يعني ويعكس أهمية العلوم الجغرافية للأغراض العسكرية، كيف لا، والجميع قادر على الشعور بالكيفية التي قامت بها مختلف وزارات الدفاع في العالم القديم بتطوير أهم تابع لها، وهي التوابع المتمثلة في الخدمات الطبوغرافية، التي تُدعى بإدارات المساحة العسكرية، أو المديريات الطبوغرافية، أو المعاهد القومية الجغرافية ـــ كما في العاصمة باريس ـــ وكيف قامت هذه الإدارات والمعاهد المساحية ــ الجيوديزية ـــ الطبوغرافية بأداء دورها في تمثيل مختلف عناصر سطح الأرض خرائطياً وبمقاييس عدة، وضعت بداية لخدمة الأغراض العسكرية، وأصبحت في الوقت الحاضر تخدم مختلف النشاطات المدنية للإنسان.

ولكي يتمكن العسكريون من تنفيذ خططهم، كان لابد من السيطرة على جغرافية سطح الأرض، فكيف يمكن السيطرة على جغرافية السطح دون التمكُّن منه بواسطة الخرائط العلمية الفنية عالية الدقة في التنفيذ، الأمر الذي أضفى ـــ ويضفي ــ على العلوم الجغرافية هذا البعد الفني الرائع الذي طورته الجغرافيا بواسطة علومها الكارتوجرافية المختلفة.

 

 


 

الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس