عرض مشاركة واحدة

قديم 18-07-09, 05:21 PM

  رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

العقوبات الانضباطية والمحافظة على الروح المعنوية


ومع أهمية الروح المعنوية في رفع مستوى الانضباط، إلاّ أنه يجب على القائد، عندما يلجأ إلى استخدام أُسلوب العقاب، لتقويم الشخص المنحرف، لكي يحافظ على الضبط والربط في وحدته، ألاّ يهمل الجانب المعنوي المصاحب لذلك. ويجب الحفاظ دائماً على الانضباط القائم على التوجيه والتحفيز، وليس الخوف من العقاب. لذا، يلزم ألا يتصف القائد بالجمود (أي عدم المرونة) عند توقيع العقاب، حتى لا يصبح مجرد إجراء لا هدف منه (أي بلا تأثير أدبي).
فيجب عند توقيع الجزاء، أو إصدار الحكم في كل قضية، أن يتم ذلك وفقاً لظروفها الخاصة، وفي ضوء الأثر الأدبي، الذي تتركه لمصلحة الجماعة كلها. ويجب ألا يغيب عن القادة خدمة الروح المعنوية، على أفضل وجه. فقد يكون توقيع الجزاء الصارم البعيد الأثر، أفضل سبيل لخدمة الروح المعنوية؛ وقد يكون من الأفضل، في معظم الحالات، استعمال الرأفة الاستثنائية.
وهناك القصة المشهورة عن "نابليون" عندما ما خرج بمفرده لتفقد "نقطة خارجية"، فوجد أحد الحراس مستغرقاً في النوم على الثلج، في نقطته، عند حافة الغابة. وتنص القوانين العسكرية بصفة قاطعة أنّ على "نابليون" استدعاء ضابط الصف، قائد الحرس، ليضع المذنب تحت التحفظ الشديد، فيحاكم بمجلس عسكري، ثم يرمى بالرصاص. فالجريمة الوحيدة التي لا تقبل فيها هوادة، سواء ارتكبت داخل الدولة أم خارجها، هي هذه الجريمة، وفيها يوقع دائماً أشد العقاب، فلا سبيل للرحمة في قضية جندي يرتكب الجريمة المخزية، وهي تعريض أرواح زملائه للخطر، بسبب النوم في النقطة المكلف بحراستها.
لكن "نابليون"، رجل عبقري، والعباقرة كثيراً ما يلهمون القيام بأعمال لا تخطر على بال الرجل العادي. فما كان منه إلاّ أن التقط بندقية الحارس النائم فوضعها على كتفه، وأخذ يضرب الأرض بقدميه جيئة وذهاباً. فعلى هذا الوضع وُجِدَ الاثنان (نابليون والحارس)، عندما أتى ضابط الصف وبصحبته جندي الغيار، أي أن الحارس كان مستغرقاً في النوم، والإمبراطور يحرس النقطة.
قد يرى بعض الناس: أن سلوك "نابليون" كان خطأ. إذ أنه تغاضى عن تقصير فظيع ارتكبه حارس أثناء تأدية واجبه؟. هذا التقصير قد يؤدي إلى انهيار الانضباط في صفوف الجيش. ولكن نابليون. وهو السيكولوجي الحصيف كان محقاً لدرجة تستوجب الدهشة. وقد علق أحد الجنرالات على هذا الحادث بقوله: "لم يكن أحد يعرف مقدار التعب، الذي يستولى على الجندي الذي يسير على قدميه طوال يومه أكثر من "نابليون" نفسه. ولا يعرف أحد أكثر منه أيضاً أثر حكاية (نابليون) الذي حمل بندقية المذنب على كتفه، بدلاً من أن يطلب جماعة ضرب النار لإعدامه، عندما يتسامع بها الجند في المعسكر، وفي طوابير السير، في اليوم التالي، فإن تصرف "نابليون" قد جمع إلى العطف الصحيح، روح الدعابة".
ولم لا؟ فإن اهتمام "نابليون"، وينبغي أن يكون اهتمام كل قائد، هو أن يحصل من جنوده على أوفر نصيب، وأكبر قسط من القدرة على القتال والكفاية. ففي هذا الموقف قد هدته عبقريته، إلى أنه يستطيع تحقيق غرضه على أحسن صورة، بالطريقة التي اتبعها، بدلاً من تنفيذ الأحكام العسكرية بحرفيتها، وتعريض الجندي للإعدام. لقد تغاضى عن نص القانون وحرفية الأحكام العسكرية، وترك الجندي على قيد الحياة، مع أن جزاءه كان الرمي بالرصاص.
ولا يحتاج المرء إلى قوة خيال، ليدرك التأثير المعنوي العظيم لهذه الحادثة، على جنود "نابليون". فلو طلب منهم الدخول فوراً في معركة، لقاتلوا قتال المستميت، ولكانت حماستهم مثار الدهشة للجميع، حتى لقائدهم الحصيف نفسه. فأي جندي لا يقدم حياته بأتم رضى، في المعارك التي يديرها قائد كهذا؟ وهناك ظروف تفيد فيها الشهامة، ورحابة الصدر، والقائد الحكيم هو من يعمل على أن يفيد منها.
وغني عن البيان، أنه ينبغي عند التحاق المستجدين بالجيش، أن تُلقي عليهم محاضرة ودية، في موضوع "الضبط والربط" و"الجزاءات"، وما يمنحهم "قانون الجيش" من الحقوق والامتيازات. ويجب توضيح الغرض من الجزاء بعناية تامة، وتبيان أن هذا الغرض تأديبي بحت، وليس انتقامياً.

ويجب على القائد، عند تطبيق الأحكام العسكرية، أن يسأل نفسه:
هل ثمة ضرورة لتوقيع الجزاء في القضية المعروضة أمامه؟
إذا كان توقيع الجزاء ضرورياً فما هو أخف حكم يمكن توقيعه؟

ويجب الحذر من توقيع الجزاءات الجماعية، لأن هذا إجراء محفوف بالخطر الشديد. وسيكولوجية الجماعة تختلف كثيراً عن نفسية الأفراد، الذين تتألف منهم الجماعة. وعندما تعتقد الجماعة كلها أنها قد ظُلِمَت، تنبعث عناصر سيكولوجية خطيرة. وكثيراً ما يكون الجزاء المشترك سبباً في وقوع جريمة جسيمة، إذ أنه يخلق ارتباطاً بين الرجال غايته الانتقام.
ويجب، أولاً وأخراً، عندما يتطلب الموقف توقيع العقوبات الانضباطية أو تنفيذ الأحكام العسكرية، التفكير في الروح المعنوية.
روح الفريق.
- روح الفريق حالة عقليه عاطفية للجماعة أو الوحدة. فالفرد يعتز ويتعصب بانتسابه لعائلته، ويشعر بمسؤولية نحوها، كما يشعر بالإخلاص الكبير لها، ويغار عليها، ويدافع عن سمعتها، وكيانها، فهذا هو روح الفريق أو الجماعة. وهذه الحالة تنشأ وتنمو بين الفرد وجماعته ووحدته فيشعر:
- بالاعتزاز بوحدته والفخر بها والتعصب لها.
- الإخلاص والولاء لها، فيعمل على رفع مستواها، والدفاع عن سمعتها وكيانها.
- الشعور بمسؤوليته وواجبه نحوها، لتبرز بين قريناتها من الوحدات الأخرى.

وروح الفريق تتميز عن الروح المعنوية، في أن الروح المعنوية حالة تتعلق بالفرد نفسه فقط، أما روح الجماعة أو روح الفريق، فهو شعور الفرد بواجبه نحو المجموع (الجماعة أو الوحدة...إلخ)، ويعرفه البعض بأنه العمل الجماعي أو التعاون المتبادل، بين أفراد الجماعة أو الوحدة.
وكلّما كانت روح الفريق عالية، كانت الأهداف الجماعية للوحدة تحجب الأهداف الفردية للأفراد. وفي مثل هذه الحالة تقضي الروح العالية السائدة، للوحدة أو الجماعة، على التذمر أو التبرم الشخصي، من بعض الأفراد.
والوحدة ذات الروح الجماعية العالية، يمكنها أن تنجز مهمتها على الرغم مما يصادفها من مصاعب وعقبات. وقد ثبت من تجارب الحروب، أن الافتخار والاعتزاز بالوحدة، مظهراً بارزاً من مظاهر الروح المعنوية العالية.
ولروح الفريق أثرها في رفع مستوى الضبط والربط بالوحدة، لأن كل فرد سيشعر أن الإهمال في أي ناحية من نواحي الضبط والربط، سيؤثر على سمعة وحدته أو جماعته، وسيتسبب عن ذلك ضرر كبير لمجهود زملائه في نجاح وحدتهم أو جماعتهم، فيحاول قدر طاقته أن يبتعد بنفسه عن كل ما يشين سمعتها، أو يقلل من قدرها، ومكانتها بين الوحدات أو الجماعات الأخرى.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس