عرض مشاركة واحدة

قديم 30-05-09, 07:23 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي القرصنة فى خليج عدن والصومال الى اين...؟الجزء الثانى



 

الشأن الصومالى . دراسة اوضاع القراصنة من خلال هذه المقاربة.

تتأسس هذه المقاربة على ثلاثة محاور أساسية، الأول يعرف بالقرصنة والقراصنة، فيتحدث عن تاريخ هذه الظاهرة، وأعداد هؤلاء القراصنة، وتوزيعاتهم الجغرافية، وانتماءاتهم القبلية، والأهداف التي يسعون لتحقيقها، والطرق والأساليب التي يتبعونها. كما يقترب هذا المحور أكثر من العالم الداخلي للقراصنة، فيقدم صورا تفصيلية عن أنماط حياتهم، ومدى قبول أو رفض السكان المحليين لهم، ودرجة انتشار "حرفة" القرصنة في هذه المنطقة أو تلك من أرض الصومال، وأسباب كل ذلك.

أما المحور الثاني فيقرأ ظاهرة القرصنة من منظور تداعياتها السياسية والإستراتيجية على المسألة الصومالية. ويطرح عدة تساؤلات مهمة، من بينها ما إذا كانت هناك قوى إقليمية ودولية تقف خلف هذه الظاهرة وتشجع عليها لتحقيق مخططات إستراتيجية في منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي.

ويحاول هذا المحور الربط بين هذه الإستراتجيات وظاهرة القرصنة، ويتلمس الأسباب الكامنة وراء دعم دول مثل أثيوبيا وكينيا وإسرائيل والولايات المتحدة لإقليمي صومالي لاند وبونت لاند اللذين ينشط فيهما القراصنة.

ويسلط المحور الثالث والأخير من هذه المقاربة الضوء على تداعيات مشكلة القرصنة على الأمن القومي العربي عموما وأمن وسيادة دول المنطقة، وخصوصا اليمن ومصر والسعودية. ويستعرض الحلول التي لا تزال ممكنة أمام الدول العربية لمعالجة هذه الظاهرة الخطيرة، خاصة في ظل تشابك المصالح وتضارب الإستراتيجيات، وبعد أن تباطأ العرب في التعامل معها.

القرصنة.. رؤية من الداخل.

أصبحت القرصنة على الشواطئ الصومالية وخليج عدن قضية دولية مؤرقة وأخذت أبعادا بعيدة تهدد أمن الدول وتجارتها. فما يمر أسبوع إلا وتسمع في وكالات الأنباء ووسائل الإعلام أن سفينة كبيرة ومهمة قد استولى عليها القراصنة الصوماليون، مما حدا بالأمم المتحدة وحلف الناتو والدول الكبرى إلى التدخل في القضية، وكأننا أمام أزمة قد تفجر حربا عالمية ثالثة. فما هي القصة ومن هم هؤلاء القراصنة؟ وما الذي دفعهم إلى القرصنة؟ وماذا يريدون وما هي أهدافهم؟ ومن يقف خلفهم – إن كان هناك من أحد أو جهة- وكيف يقومون بعملياتهم البحرية؟

بداية الظاهرة في الصومال.

بدأت ظاهرة القرصنة منذ انهيار الدولة الصومالية عام ١٩٩١م وسيطرة عصابات أمراء الحرب ومليشياتهم القبلية على أجزاء الصومال المختلفة. ولم يتمكن هؤلاء من ملء الفراغ الذي تركه انهيار الدولة، بل بدأت حرب أهلية مدمرة وفرت فرصة لسفن الصيد الأجنبية لغزو شواطئ الصومال في وقت مبكر لنهب الخيرات الوفيرة في البحر. فساحل الصومال يعد الأطول أفريقيا حيث يقدر بـ ٣٣٠٠ كم ، ويتوفر على ثروة بحرية وفيرة ومتنوعة بما فيها طيور البحر والحيتان وأسماك القرش والعديد من أنواع السلاحف والدلافين.. وقد أصبح مرتعا لكل من هب ودب في ظل غياب سلطة الدولة.

كان الصيادون المحليون يشكون من أن شباكهم الصغيرة وغيرها من معدات صيد الأسماك تتعرض للتدمير من قبل السفن الأجنبية العملاقة مرارا وتكرارا مما أثار المواجهة المباشرة بين السفن الأجنبية والصيادين في المناطق القريبة من الشاطئ الصومالي. وقد بح صوت سكان السواحل الصومالية في طلب مساعدتهم على وضع حد لممارسات سفن الصيد الأجنبية التي لا قبل لهم بها، ولكن شيئا من ذلك لم يحدث.

ونشأت لدى بعض الشباب رغبة للانتقام فحاولوا مطاردة هذه السفن باستخدام زوارق سريعة وبنادق مما يدافعون بها عن أنفسهم في فوضى الحرب الأهلية. وهنا لجأت الشركات المتسللة إلى تغيير أساليبها في مواجهة هذا التحدي فسعت إلى استصدار تراخيص تمنحهم حق صيد الأسماك على طول الساحل من أمراء الحرب الذين سهلوا المهمة في مقابل ملايين الدولارات التي تمنح لهم من طرف هذه الشركات. فقد كانت كل منطقة تخضع لأمير حرب ومليشياته القبلية، وكانت كل مجموعة تجوب المنطقة التي تخضع لها مدعية أنها تقوم بدور خفر السواحل. وهكذا تمكنت هذه السفن من ممارسة عملها دون خوف من الشباب المحليين. وكانت تمخر البحر تحت حماية مليشيات تابعة لأمراء الحرب المنتفعين وتمنع الشباب المحليين من التعرض لها وإذا حدث أن اقتربت السفن الكبيرة جدا إلى الشواطئ بحيث تحرم قوارب الصيادين المحليين من رزقهم اليومي فإنهم يضطرون عندئذ لمقاومتها، في مقابل ذلك كانت السفن الكبيرة تواجههم بعنف مبالغ فيه بالأسلحة النارية الثقيلة وبخراطيم ضغط المياه لقلب قواربهم الصغيرة.

وعلى هذا الأساس أصبحت المياه الصومالية محط سفن الصيد الكبيرة التي تمارس الصيد باستخدام معدات الصيد المحظورة عالميا، بما فيها الشبكات ذات الفتحات الصغيرة جدا والنظم المتطورة للإضاءة تحت الماء لجذب الأسماك إلى الفخاخ والتجريف المحرم دوليا والشباك الخيشومية التي تقضي على مصائد الأسماك الشاطئية مما يعرض الموارد البيولوجية لخطر انهيار يؤثر على المدى الطويل على الرفاه الاجتماعي والاقتصادي للمجتمعات الساحلية. فقد جرى نهب جواد البحر وسمك القرش والموارد الأخرى. ويقدر ما جرفته هذه السفن من الشواطئ الصومالية ٢٥٠٠٠ طنا سنوياوكانت الاستفادة متبادلة بين الأساطيل الأجنبية والمليشيات وأمراء الحرب الذين يستصدرون لهم الرخص ولذلك كان الجميع يعمل على عدم عودة الاستقرار للصومال. وشملت شركات الدول المستفيدة فرنسا وأسبانيا والهندوراس واليابان وكينيا وسريلانكا وكوريا وباكستان وتايوان وغيرهم. وكانت السفن تحمل أعلاما لدول غير مشهورة حتى تتجنب أنظمة دولها.

وبعد أن أصيب الشباب بالإحباط بعدما تولت مليشيات أمراء الحرب حماية سفن الصيد، تحولوا إلى السفن التجارية بدل سفن الصيد، وأصبح الهدف بعد ذلك سهلا باستخدام زوارق سريعة مسلحة بمجموعة من الأسلحة. فبعد الاستيلاء على السفينة التجارية وطاقما يطلبون الفدية مقابل إطلاق سراحهم، وقد انضمت إليهم لاحقا مليشيات أمراء الحرب بعد أن رأى رجالها أن هذه الطريقة أسرع في الكسب من العمل لدى أمراء الحرب، وهنا بدأت القرصنة تنحرف عن مسارها لتتعرض للسفن التي تقوم بإيصال المساعدات الغذائية من برنامج الأغذية العالمي للصوماليين أنفسهم الذين تتعرض حياتهم للتهديد جراء الكوارث الطبيعية والحروب الأهلية. وهناك تقارير تفيد بأن الخلافات داخل المجموعات أحيانا تؤدي إلى أن تصفي مجموعة واحدة الأخرى.

كما كانت المليشيات التي تدعي أنها تقوم بدور خفر السواحل تطوعيا تستولي على بعض السفن التي لا تدفع لهم مقابلا ليتم دفع الفدية لإطلاقها. وبدأ ذلك في السنين الأولى من الحرب الأهلية، وربما تكون أول محاولة قرصنة قد تمت في آذار / مارس ١٩٩٥ حيث أطلقت المليشيات قذائف هاون على يخت بريطاني اسمه (لونجو باردا) في خليج عدن وحاولوا الصعود على اليخت لولا اقتراب البحرية الكندية (فريدريكتون) التي كانت تمر بالمكان.

وفي كانون الثاني/يناير ١٩٩٨م استولت مليشيات في شمال شرقي الصومال على سفينة بلغارية مربوطة بأخرى سورية وساعد في التفاوض شيوخ عشائر ورجال أعمال في بوصوصو، شمال شرقي الصومال، وتم الإفراج عن الطاقم والسفينة في فبراير مقابل ١١٠٠٠٠دولارا. ومنذ ذلك الحين عرضت إدارة بونت لاند في شمال شرقي الصومال استصدار رخص لسفن الصيد بشرط التزامها بممارسة ما أسمته "عمليات صيد سليمة".

وكانت المواجهات بين سفن الصيد والقراصنة متواصلة في صمت دون أن تثير أحدا حتى بلغت سفن الصيد في عام ٢٠٠٥م حسبما تشير بعض الدراسات إلى نحو ٧٠٠ سفينة صيد أجنبية تقوم بالصيد غير المشروع في المياه الصومالية. ويقدر مسؤول في الأمم المتحدة أن عمليات الصيد غير المشروع في المياه الصومالية تدر ما يربو على ٣٠٠ مليون دولار سنويا. وحسب المكتب البحري الدولي فإن عمليات القرصنة المنفذة أو تلك التي تمت محاولتها والمبلغ عنها في مياه أفريقيا الشرقية ومنذ عام ٢٠٠٠ وحتى عام ٢٠٠٤ على التوالي تبلغ ١٣،١٨،١٩،٢٢،٢٨، وهذا يشير إلى أن معدل القرصنة كان في تراجع ملحوظ. ولكن بدأ في الارتفاع بعد ذلك منذ ٢٠٠٥م حتى الآن فيما عدا فترة المحاكم الإسلامية وهي النصف الأخير من عام ٢٠٠٦.

إلقاء النفايات السامة والنووية على سواحل الصومال.

ولم تكتف الشركات الغربية باستغلال الوضع بممارسة الصيد المحرم دوليا بل قامت بإلقاء النفايات الخطرة في الصومال خلال الحرب الأهلية الصومالية. وتشير التقارير إلى أن هذا العمل بدأ قبل عام من انهيار الحكومة المركزية أي في عام ١٩٨٩، ولكن بدأت تظهر في وسائل الإعلام في خريف ١٩٩٢حيث أشارت التقارير في وسائل الإعلام الدولية إلى وجود شركات أوروبية - دون ذكر أسماء – تقوم بإلقاء النفايات الخطرة والسامة بصورة غير شرعية في الصومال.

وما أثار الجدل حينها في ١٩٩٢ كان ورود أنباء عن إبرام شركات أوروبية عقودا مع أمراء الحرب الصوماليين ورجال الأعمال لإلقاء النفايات في البلاد. وكانت الشركات المتهمة حينها شركات إيطالية وسويسرية. وفي بيان صحفي من جانب المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) في حينه الدكتور مصطفى كمال طلبه(13)، الذي كان حينها مقيما في نيروبي أشار إلى أنه أصبح من الواضح أن الشركات الأوروبية تتخلص من نفاياتها الخطرة في الصومال. ولكن برنامج الأمم المتحدة لم يبدأ في التحقيق في القضية إلا بعد خمس سنوات أي في عام ١٩٩٧م حيث انتدب لمهمة القيام بالتحقيق الميداني فريق يترأسه صومالي لتنفيذ تحقيق ميداني في كثير من المناطق في الصومال وخاصة في المناطق الساحلية. ولكن المثير في الأمر أن نتائج التحقيق الذي كتبه الفريق في تقريره لم تنشر أصلا. ولكن مجلة "الأسرة المسيحية" الإيطالية (Familgia Cristiana) نجحت في العثور على نسخة منه في عام ١٩٩٨. وقامت المجلة بتحقيقات خاصة بها أيضا ثم تولت نشر عدة مقالات حول هذا الموضوع.

وفي ضوء هذه التقارير وما أثارته من ضجة حينها باتهام شركات إيطالية وسويسرية بالضلوع في الموضوع، طالب البرلمان الإيطالي بدراسة المسألة وأنشئت لجنة لتقصي الحقائق، وقد خلص التقرير النهائي الذي نشر في عام ٢٠٠٠ إلى أن ما يسمى بـ "المافيا البيئية” تدير شركات تتعامل مع ٣٥ طنا من النفايات سنويا.

ووجدت الشركات الأوروبية أنه يمكنها في ظل الفوضى الصومالية التخلص من النفايات الخطرة بتكلفة أقل من ٢.٥ دولار بينما يكلفهم ٢٥٠ الأمر دولارا في أوروبا. وتلقى في الصومال مختلف أنواع النفايات ومنها نفايات اليورانيوم المشع وهناك نفايات المعادن الثقيلة مثل الزئبق والكاديوم والنفايات الصناعية والكيميائية ونفايات المستشفيات إلخ. ولا يزال إلقاء النفايات والصيد المحرم مستمرا حتى اللحظة، وجاء تأكيد ذلك على لسان مفوض الأمين العام للأمم المتحدة في الصومال السيد أحمدو ولد عبد الله في أكثر من مناسبة
ومما يغضب الصوماليين بصفة عامة أن الدول والمنظمات لم تحرك ساكنا بل التزمت الصمت عندما كانت السفن الأجنبية تقوم باستغلال الموارد السمكية بصورة غير قانونية وبإلقاء النفايات السامة والنووية في البلد، بينما تقيم الدنيا ولا تقعدها عندما تتعرض سفنهم للقرصنة، ويعدون ذلك من قبيل الكيل بمكيالين والنفاق السياسي. ويقول الأكاديمي الصومالي المعروف البروفيسور عبدي إسماعيل سمتر، من قسم الجغرافيا والدراسات الدولية في جامعة منيسوتا بالولايات المتحدة تعليقا على قرار الأمم المتحدة رقم ١٨٣٨ الذي يعطي الحق للدول المتعرضة للقرصنة الدفاع عن نفسها: "إن على الأمم المتحدة أن تنظر إلى قضية إلقاء النفايات السامة، وهذا ما لم يتم التعرض له في القرار ١٨٣٨"وما يثير الاستغراب والقلق، الإثارة الدولية التي صاحبت عمليات القرصنة البحرية الأخيرة دون أن تجلب القرصنة السياسية التي كان الصوماليين.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس