الموضوع: معركة العلمين
عرض مشاركة واحدة

قديم 18-02-11, 11:10 AM

  رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

نتائج المعركة

39. كانت القوتين المتحاربتين في معركة العلمين غير متكافئتين ، بل إن ما حققه رومل بقواته غير المتكافئة خلال 12 يوم من القتال يعتبر عملاً مذهلاً ، وكان رومل وقد حقق انتصارات ضخمة على القوات البريطانية بين مرسى البرقية والمسجد الأبيض عند سيدي عبد الرحمن ، ولكن بعد معركة العلمين بدأ نجم الحلفاء يعلو ويتزايد حيث حلت الهزائم بقوات المحور في الميدان الأفريقي وهزمت قوات رومل في معركة العلمين التي كانت بمثابة الاندحار الحقيقي الأول لألمانيا في الحرب ، ففي هذه المعركة حقق الجيش الثامن البريطاني أول نصر له أفريقيا وكان النصر تاماً قد بلغت خسائر المحور نحو 30 ألف قتيل وجريح مقابل 13 ألف من قوات الحلفاء ، أما أسرى المحور فبلغوا 30 ألف أسير منهم 10724 ألمانيا وفي ذلك الصبـاح من شهـر نوفمبـر 1942م ، وراحـت أجراس لندن التي بقيت ثابتة فوق أبراجها صامتة منذ سنة 1940م لا يتوقع منها إلا إعلان ساعة الغزو الألماني لبريطانيا راحت أجراس لندن ابتهاجاً بنصر العلمين في وحدة متجانسة الألحان ، وكان لهذا الإنتصار أثره في انهيار الإيطاليين المعنوي بل وانتقل مسرح القتال إلى إيطاليا ثم استسلمت في سبتمبر 1943م ، وسقطت روما في يونيو 1944م ، ثم انهارت القوة الألمانية وبدأت تستسلم في أعداد كبيرة ، وأعقب ذلك إلقاء أسلحتها دون قيد أو شرط .

الدروس المستفادة

40. هناك عدة دروس مستفادة من هذه المعركة هي :
أ. ضرورة توفر المعلومات الكافية عن العدو وقواته وتحركاته وخططه الحربية ، فقبل بدء المعركة الحربيـة في العلمين كان مونتجومري على علم بكامل نظام المعركة لقوات رومل ومقدار قواته من حيث الجنود والدبابات والمدافع والطائرات وتقرير تقريبي عن مواضع تموينه من الوقود والعتاد .
ب. عدم الحـط من مقـدرة العـدو مهمـا كانت قوته والوضع في الحسبان أن القتال سيكون صعباً .
جـ . إجراء تبديل في الخطة القتالية إذا ما فرضت ظروف الحرب ذلك دون الإخلال بالهدف الأساسي للخطة .
د. أن تجري العمليات العسكرية وفق مراحل متتابعة .
هـ . العمل على التزويد المستمر للقوات المقاتلة بكافة احتياجاتها من المؤن والذخيرة والوقود والمعدات .
و. التحكم في عملية إمدادات العدو بالمواد الغذائية والوقود والأدوات الاحتياطية والعتاد .
ز. ضرورة التأكد من عدم تسرب المعلومات الخاصة بالجيش أو فك رموز الشفرة وسبل الاتصال بين القيادات والجيوش .
ح. اتصاف القادة بالتصميم والروح المعنوية العالية والصلابة والشجاعة والثبات .
ط. وضع القائد المناسب في المكان المناسب في كل وحدات الجيش وتشكيلاته وانتخاب الأكفاء للمسئولية الأضخم .
ي. الاهتمام بالتدريب الجيد للمقاتلين ومتابعة القادة لبرامج التدريب القتالي لحقن الدماء في أقوى المعارك .
ك. تحقيق المفاجأة على العدو فالمفاجأة نصف النصر وهي تحقق الكثير من الحيل والخدع والمظاهر الكاذبة ولا تقل خطط الخداع عن خطط العمليات فيما تستنفذه من جهود شاقة .
ل. تجنب ارتكاب الأخطاء التي يستفيد منها العدو .
م. محاولة التغلب على الظروف الجوية الصعبة .
ن. مجازفة بعض المقاتلين بحياتهم لتقديم خدمة أكبر للقوات للقضاء على قوات العدو أو تجهيزاته أو إمداداته .

41. لاشك أن معركة العلمين كانت حقلاً واسعاً للتجارب لكلا الطرفين وقد جرب فيها البريطانيون بعض الأساليب التكتيكية والنظم الإدارية لاختيار مدى صلاحيتها وقد أثبتت العمليات نجاح بعض هذه الأساليب واحتياج البعض الآخر للتعديل وبذلك أمكن في النهاية الوصول إلى قواعد سليمة لمعظم المسائل التكتيكية والإدارية وهذه القواعد هي التي عملت بها القوات المتحالفة فيما بعد في عمليات غزو نورماندي كما أنها الأساس الذي بنيت عليه معظم الأساليب التكتيكية الحديثة فيما عدا تلك التي وضعت لمواجهة خطر الحرب الذرية فيما بعد ، ونظراً لأهمية الدروس المستفادة من تلك الفترة ينبغي دراستها بغرض بحث كيفية تطبيق القادة لمبادئ الحرب والطرق والوسائل التي استخدموا بها أسلحتهم أفضل استخدام وهي كما يلي :
أ. المفاجأة .
(1) خداع قوات المحور وتضليلها والتكتم العظيم الذي ساد جميع تحركات الجيش الثامن البريطاني .
(2) إخفاء موعد ومكان وإتجاه الهجوم .
ب. الحشد .
(1) حشد البريطانيون أكبر قوة ممكنة في المكان والوقت المناسبين .
(2) حرك رومل احتياطية وحشده في الأمكنة المناسبة لصد الاختراق البريطاني فنجح في صد الهجوم البريطاني من ليلة 23/24 أكتوبر 1942م وحتى نهاية الشهر .
(3) ينبغي عند حشد أي قوة تقدير الوقت اللازم لتحركاتها والقيام بكافة التحضيرات اللازمة لها .
جـ . المرونة .
(1) نجاح عمليات الحشد تتوقف على المرونة في تحريك القوات .
(2) أثبتت حرب الصحراء أهمية تحويل كل الوحدات إلى وحدات آلية .
د. التعاون .
(1) أثبتت المعركة أهمية التعاون بين القوات البرية والبحرية والجوية .
(2) أنشأت مواصلات مباشرة بين رئاسات الفيالق ومجموعات الاستطلاع الجوية المخصصة للتعاون معها .
هـ . الأمن .
(1) تزداد أهمية مبدأ الأمن في الحروب الصحراوية نظراً لقلة الموانع واتساع الأرض وصلاحيتها للسير في معظم أجزائها مما يزيد من تعرض القوات المقاتلة لأخطار التسلل والتطويق .
(2) ازدادت مشكلة الأمن لدى رومل خلال الانسحاب أمام قوات تفوقها عدداً وتسليحاً .
(3) أتبعـت كثيـراً من إجــراءات أمن الأفــراد للمحافظـة على السرية ومنـع تسرب الخطط .
و. الروح المعنوية .
(1) أكدت المعركة أن الروح المعنوية تعتبر من أهم عوامل النجاح في الحرب .
(2) كانت إحدى المشاكل الكبرى التي واجهت مونتجومري عند توليه قيادة الجيش الثامن مسألة انخفاض الروح المعنوية لجنوده .
(3) كانت روح قوات المحور المعنوية مرتفعة لثقتهم المطلقة في قائدهم رومل .
ز. الشئون الإدارية .
(1) أثبتت المعركة أن أهمية الشئون الإدارية تتضاعف في الأراضي الصحراوية .
(2) كانت الشئون الإدارية سهلة بالنسبة للبريطانيين لقربهم من قواعدهم الإدارية ولتوفر طرق المواصلات .
(3) أما قوات المحور فقد كانت احتياجاتها محدودة علاوة بعدهم عن قواعدهم الإدارية وندرة الوقود لديهم .

الاستنتاجات

42. إن لمعركة العلمين اعتبارات معينة جديرة بالبحث والدراسة فقد كانت قوات الطرفين على اتصال مباشر لمدة أربعة أشهر قبل المعركة وقد حاول كل من الطرفين الاستعداد لهذه المعركـة بكل وسيـلة ممكنـة وكانـت المشكلـة الرئيسية التي واجهتهما هي مشكلة التموين وكان المعروف جيداً أن الطرف الذي سيسبق خصمه في سباق التموين هو الذي سيبدأ الهجوم ، وقد إنهالت الإمدادات والمؤن على الجيش الثامن وتفقدت المعدات الأمريكية إليه بشكل لم يسبق له مثيل ولم يكن للقيادة الألمانية مجاراة هذا التدفق حيث كان الميدان الروسي في ذلك الوقت يستنزف معظم مجهود ألمانيا الحربي هذا علاوة على الخسائر الفادحة التي أصيبت بها سفن المحور في البحر الأبيض المتوسط أثناء محاولتها نقل المؤن إلى قوات رومل في شمال أفريقيا ، ونتيجة لذلك كان من الطبيعي أن ينتقل التفوق الساحق إلى جانب البريطانيين بينما لم يتمكن رومل من زيادة قواته الألمانية (فرقه الأربعة) بأي قوات أخرى علاوة على تأن الفرقة الإيطالية التي كانت تحارب معه لم تكن بأي حال في مستوى يسمح لرومل بالإعتماد عليها إعتماداً كلياً .

43. شعـر رومـل بأن التفـوق إنتقـل إلـى جانب البريطانيين ولذلك عمد على تقوية مواقعه الدفاعية وتكثيف حقول الألغام الواقعـة أمامها كما احتفظ بجميع قواته المدرعة فـي الاحتيـاطي بالقطـاعين الشمالي والجنـوبي لدفعهـا فـي الوقـت المناسـب مكـان الهجـوم البريطاني .

44. أما من ناحية مونتجومري فقد فكر ملياً في الإستفادة من ذلك التفوق الساحق ووجد أن الفرصة متيسرة له لتدمير قوات رومل فهو يعلم جيداً أن قوات المحور تفوق قواته في التدريب على العمليات خفيفة الحركة وأن رومل نفسه لا يجاريه أي قائد آخر في خبرته بالعمليات الصحراوية المتحركة التي تعتمد أساساً على المناورة ولذلك قرر مونتجومري القضاء على قوات المحور وهي محصورة في منطقة العلمين مع عدم وضع أي فرصة لها للإنسحاب وكان هذا القرار متمشياً مع الخطة الاستراتيجية للحلفاء حيث أن القضاء على قوات رومل نهائياً يمكن القوات الأمريكية البريطانية من النزول في ساحل أفريقيا الشمالي في الموعد المخصص لذلك وهو يوم 8 نوفمبر وبهذا يتسنى للحلفاء السيطرة على شمال أفريقيا بأكمله ويتم بذلك تطويق قلعة هتلر الأوروبية من الجنوب .

45. مما سبق يتضح الإعتبارات العامة التي سيطرت على تقدير الموقف لكلا الجانبين وقد تحددت أغراض كل منهما طبقاً لذلك فكانت بالنسبة للبريطانيين القضاء على جميع قوات المحور في منطقة العلمين وبالنسبة للمحور الدفاع عن منطقة العلمين ضد أي هجوم بريطاني إلا أن وجهة نظر رومل في مدى الإستمرار في هذا الدفاع إختلفت مع وجهة القيادتين الألمانية والإيطالية فقد كان من رأيه أن ينسحب في الوقت المناسب حتى لا تتعرض قواته للفناء وبذلك يعود لإستراتيجيته السابقة بتقصير خطوط مواصلاته وإطالة خطوط مواصلات البريطانيين أما القيادتين العليا الألمانية والإيطالية فقد كانتا مصممتان على صمود قوات المحور والدفاع في العلمين حتى النهاية وقد أصدرتا أوامرهما بذلك .

الخلاصـــة

46. مما سبق ذكره يتضح أن معركة العلمين كانت بمثابة البوتقة التي انصهرت فيها خلاصة التجارب التي أحرزها البريطانيون خلال جميع العمليات السابقة وقد أمكن بفضل النتائج التي أظهرتها تلك المعركة إكتشاف أوجه النقص في التسليح والتدريب كما أمكن إكتشاف النواحي التي ينبغي تعديلها في الأساليب التكتيكية البريطانية وبذلك أمكن في النهاية وضع الأسس السليمة التي عملت بموجبها القوات المتحالفة فيما بعد والتي كان لها أكبر الأثر في نجاح تلك القوات في عمليات غزو أوروبا في العام التالي ، أما من ناحية المحور فقد دلت معارك تلك الفترة على أن القوات التي تمتاز بالتدريب والقيادة يمكنها أن تفعل الكثير أمام قوات متفوقة في العدد إلا أنه فينفس الوقت يجب أن يتوفر لها التفوق الجوي أو التعادل الجوي الذي يسمح لها بحرية العمل ويتوفر لها القدر الكافي من التموين .

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس