حسابات تحكم التدخل الخارجي بليبيا

القوات البحرية والجوية الأميركية في حالة تأهب أمام ليبيا (الجزيرة)
أثار مراقبون تساؤلات حول إمكانية التدخل الغربي العسكري في أزمة ليبيا, على خلفية احتمالات تدهور الوضع الإنساني, وقيود على الحل تبدو سياسية أكثر منها عسكرية.
ولدى القوى الغربية الكثير من الموارد العسكرية تحت تصرفها إذا أرادت إسقاط العقيد الليبي معمر القذافي، لكن من غير المرجح أن تتخذ إجراءً صريحا، ما لم تزدد الأوضاع سوءا الأوضاع بشدة في ليبيا, كما تقول رويترز نقلا عن محللين.
وعلى الرغم من الدعوات إلى فرض منطقة حظر جوي لمنع الهجمات على المدنيين وتعميق أزمة اللاجئين, يأمل الزعماء الغربيون -فيما يبدو- أن تكون زيادة الضغوط السياسية واستعراض القوة والعروض بمساعدة المحتجين كافية.
والقيود على التدخل ليست عسكرية بقدر ما هي سياسية، إذ يتطلب هذا تفويضا من الأمم المتحدة.
ويرى معظم المحللين أن هذا الاحتمال غير مرجح في غياب تدهور كبير محتمل للأوضاع في ليبيا، حيث يقدر أن ألفي شخص على الأقل قتلوا.
ويقول محللون عسكريون إن قيام واشنطن وحلفائها بعمليات ضد ليبيا في ظل الإمكانيات العسكرية المتوفرة لها في المنطقة سيكون تحركا مباشرا نسبيا.
القذافي أظهر مزيدا من التحدي (الجزيرة)
ويتمركز الأسطول السادس الأميركي في ميناء نابولي الإيطالي على بعد 900 كيلومتر من طرابلس بالبحر، كما أن لحلف شمال الأطلسي (الناتو) قوة تدخل سريع لمكافحة "الإرهاب" تقوم بدوريات مستمرة في البحر المتوسط.
وفي حين لا تملك الولايات المتحدة حاملة طائرات في المنطقة القريبة، فإن بوسعها هي وحلف شمال الأطلسي استخدام القواعد الجوية المنتشرة على نطاق واسع في أوروبا، بما فيها إيطاليا وقبرص ومالطا، فضلا عن قاعدة بحرية كبيرة في البرتغال.
ويتمتع حلف الأطلسي نظريا بالقدرة على نشر قوات برية قوامها 25 ألف فرد. وهنا يقول شاشانك جوشي من معهد رويال يونايتد سيرفسز بلندن -وهو مؤسسة بحثية- إنه "لا شك في (وجود) القدرة على تنفيذ هذه العمليات". وأضاف "مقارنة بالعراق مثلا نتحدث عن منطقة محددة جدا وموارد كثيرة يمكن الاستفادة منها".
ساحة مثالية
ويرى أن البحر المتوسط ساحة مثالية، "فالجزء الجنوبي من أوروبا يمثل حاملة طائرات عملاقة، كما أن الدفاعات الجوية الليبية ضعيفة إلى حد كبير".
ورغم ذلك, يبدو زعماء أوروبا والولايات المتحدة في حالة لا تسمح بتعجل خوض صراع في ظل وجودهم المحفوف بالمشاكل لفترة طويلة في العراق وأفغانستان.
وفي هذا الصدد, يقول جوشي "سيحرصون بشدة على ألا يضعوا أنفسهم في هذا الموقف ما لم يؤد العزوف عن القيام بهذا إلى مذابح أسوأ".
كما يقول محللون في كلية الدفاع التابعة لحلف شمال الأطلسي بروما إنه "حتى إذا حدث ذلك فسيكون من المرجح ألا يشارك في أي عمل مباشر سوى عدد صغير من الدول وليس الحلف".
وكان الأمين العام للحلف أندرس فوغ راسموسن قد قال إنه يبحث كل الخيارات، وإن التدخل العسكري -بما في ذلك فرض منطقة حظر جوي- سيحتاج إلى مساندة الأمم المتحدة.
كما رأت فلورينس غوب من كلية الدفاع التابعة لحلف شمال الأطلسي أن هناك قيودا قانونية, قائلة إن "أي إجراء يتخذه حلف الأطلسي يجب أن تفوض به الأمم المتحدة, والأمم المتحدة لا تستطيع إصدار هذا التفويض إلا إذا أصبحت ليبيا مصدر تهديد للسلام والاستقرار الدوليين، وهذا ليس الحال في هذه المرحلة".
أما دوغلاس باري من المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية بلندن فيرى أن فرض منطقة حظر جوي يمثل خطرا أقل كثيرا على القوات الغربية من التدخل البري. كما يعتقد أن ذلك قابل للتنفيذ بدرجة أكبر "لكن هذا لا يعني أنه مرجح".
ولم يرجح جوشي أن تؤيد دول مثل روسيا والصين والهند في الأمم المتحدة فرض منطقة حظر جوي، "وهو ما يقول الجيش الأميركي إنه سينطوي على تدمير الدفاعات الأرضية وليس مجرد ردع الطلعات الجوية، والسيناريو الأرجح على المدى القريب هو زيادة الدعم الظاهر والمستتر للمجموعات المناهضة للقذافي".
مساعدة استخباراتية
وقد ينطوي هذا على مساعدة من أجهزة المخابرات الغربية، بما في ذلك توفير معدات الاتصالات وربما السلاح.
وفي هذا السياق يقول جوشي "على مستوى أعلى قد يشمل هذا طلعات جوية استطلاعية على الساحل، وتعطيل اتصالات القذافي، ونقل المعلومات عن تحركات القوات الحكومية". وأضاف "ستصيبني الدهشة إذا لم تكن هناك بالفعل أجهزة مخابرات نشطة في شرق ليبيا تمد جسورا مع الجماعات المتمردة".
وهناك ترجيحات أخرى, تتعلق باللجوء لاستعراض القوة مثل قرار البحرية الأميركية يوم الاثنين بالإبحار إلى مناطق قريبة من ليبيا.
ويضيف جوشي قائلا "قد ترى حاملة طائرات تقوم باستعراض أوضح للقوة أو ربما المزيد من المهام الصريحة على الساحل باستخدام الطائرات حتى يفكر القذافي مرتين".
أما غوب فترى هنا أن معظم القوى الغربية أثناء وضع خطط الطوارئ كانت تأمل أن تزول المشكلة. وأضافت أن "الكثيرين في أوروبا يأملون الخيار رقم واحد، وهو أن يقرر القذافي في الأيام القليلة القادمة التنحي".
وتتوقع مساحة أكبر للمناورة, "إذا ساءت الأوضاع، وتدفق اللاجئون بأعداد كبيرة لتصبح ليبيا تهديدا للاستقرار والسلام العالميين, بينما تتزايد الآمال في انتهاء الأمور دون حاجة للتدخل".
الجزيرة نت