الادعاء الإيطالي: المصريون اعتقدوا أن ريجيني جاسوس بريطاني (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 7 )           »          كل ما يخص إنتخابات الرئاسة الأمريكية ( المزمع في 05 من نوفمبر/ تشرين الثاني 2024م) (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 4 - عددالزوار : 165 )           »          البحرية الهندية تعترض سفينة اختطفها قراصنة صوماليون (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          مجزرة كبكب (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          محمد مصطفى - سياسي فلسطيني (رئيس الحكومة الفلسطينية الـ19) (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          "الكتاب الأحمر".. الدستور السري للدولة التركية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          الجيش الأميركي يرسل تعزيزات عسكرية لقواعده في سوريا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          كيف أطاحت البروباغندا البريطانية بالرئيس الغاني كوامي نكروما؟ (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          نظام الحكم في روسيا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 62 )           »          فلاديسلاف دافانكوف - سياسي روسي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 62 )           »          هل أجهضت مالي حلم الأزواديين في الانفصال؟ (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 4 - عددالزوار : 81 )           »          حزب البعث العربي الاشتراكي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 77 )           »          حزب البعث العراقي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 1 - عددالزوار : 84 )           »          تدريبات عسكرية روسية صينية إيرانية قرب بحر عُمان (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 79 )           »          أنباء عن استهداف سفينتين في البحر الأحمر (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 81 )           »         



 
العودة   ..[ البســـالة ].. > جناح المواضــــيع العســـــــــكرية العامة > قســم العــقيدة / والإســـتراتيجية العســـكرية
التعليمـــات قائمة الأعضاء وسام التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة
 


الأسس النظرية للإستراتيجية العسكرية الاسرائيلية وإستراتيجية الفلسطينيين لمقاومتها

قســم العــقيدة / والإســـتراتيجية العســـكرية


إضافة رد
 
أدوات الموضوع

قديم 02-04-09, 08:52 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي الأسس النظرية للإستراتيجية العسكرية الاسرائيلية وإستراتيجية الفلسطينيين لمقاومتها



 

الأسس النظرية للإستراتيجية العسكرية الاسرائيلية وإستراتيجية الفلسطينيين لمقاومتها

منقول



كتبه: المحامي خالد كساب محاميد
الناصرة – اللجون المهجرة


تعتمد النظرية العسكرية الغربية كثيرًا على ما أنتجه العسكري الألماني كارل فيليب غوتليب فون كلاوزوفيتش الذي ولد سنة 1780.

نستعرض بعض أفكاره وأفكار السير بازل هنري ليدل هارت لهدف إستخدامها في محاسبة أنفسنا نحن الفلسطينيين لنعرف أين نحن من إدارة الصراع مع الإسرائيليين. هي محاولة لا بد منها.

صنف كلاوزوفيتش علم الحرب في إطار "الفنون الجميلة" كالرياضة والرسم والغناء والإبداع الفني، ورأى في أن تصنيف "علوم الحرب" في إطار "العلوم الطبيعية"، كالرياضيات والفيزياء، هو أمر غير حقيقي ولا يخدم الهدف منه. لذلك إعتمد كلاوزوفيتش مفهوم ومصطلح "شظايا الروح" لوصفه القوى الإنسانية المطلوبة للإبداع في المقاتلة والكفاح والمقاومة والحرب. شظايا الروح هي الحدس السادس، وهو المصطلح الذي اعتمده عمنوئيل كانط في كتابته حول "الفنون الجميلة".

وعليه فإن الفلسطيني، في نضاله، إن هو لم يعتمد مخيلته المبدعة وتقوقع في ما يسمى "ثوابت نضالية"، فإنه يضر في ما تستطيع "شظايا روحه" أن تبدعه من الوصول إلى إختراع أساليب نضالية متجددة متلائمة مع ما يمليه عليه خصمه ومحيطه، وأن لا يتقوقع في نظريات وأساليب قتالية انتهت منذ 300 سنة.

كتب السير بازل هنري ليدل هارت (1/10/1895) أن "كثيرين من الناس يفهمون بأن الصراع هو جزء من الحياة وأساس ضروري لتقدم الإنسانية، دون أن يفهموا بأن العنف الذي يرافق الصراع إنما هو مرحلة واحدة من مراحل الصراع" (3). ولذلك رأى كلاوزوفيتش أن "حجم وشكل ومضمون العمليات العسكرية مترابطة بشكل وثيق مع حجم وشكل ومضمون الأهداف السياسية..."(4)، وأن أهداف العمليات العسكرية تنبع بشكل كبير من تفاعلها مع الأهداف السياسية" (5). ورآى هارت بأن "المصالح الذاتية (الإقتصادية) لطرف ما في الحرب واعتبارات إنسانية تُلزم الأمم المشاركة في الحرب أن تحقق أهدافها – إخناع العدو أخلاقيًا –

دون التسبب في ضرر دائم للحياة والصناعة.... فلذلك كان المبدأ الذي اعتمده بيسمارك، وساسة الإمبراطورية البريطانية، هو شن وإدارة الحرب إلى الحد الذي استخلصوا منها فائدة، ولعقد السلام عندما لا تخدم الحرب المصالح... لذلك نرى بأن ألمانيا في الحرب العالمة الأولى وصلت إلى إنهاك قواها بعد أن اعتمدت استراتيجية "القوة الضاربة الساحقة"... لأنهم لم يعرفوا متى يتوقفون. استمروا في استعمال القوة، تدحرجوا إلى أن وقعوا في الهاوية" (6).

إن انتهاء الحرب لا يكوِّن حدود مجال البحث عن أهداف الحروب. حيث يتوجب على المشاركين فيها أن يأخذوا في حساباتهم السلام الذي بعد الحرب. عندما يدخل السياسي في حساباته "الفوائد" من الإنتصار يتوجب عليه أن يأخذ بعين الإعتبار تأثير الثمن الأخلاقي والإقتصادي الذي من المفروض دفعه لتحقيق هذا النصر، وكذلك أن يحسب حساب الطرق التي من خلالها يزرع هذا النصر بذور حرب قادمة إضافية" (6).

القصد واضح بأن فرنسا وبريطانيا بعد أن انتصرتا في الحرب العالمية الأولى فرضتا العقوبات على ألمانيا وبذلك تمّ زرع البذور لوصول هتلر إلى الحكم، ما يعني أن البريطانيين والفرنسيين قد عبدوا الطريق لمذبحة اليهود.

وكأن السير هارت يريد أن يردد شعر الشاعر الفلسطيني صلاح محاميد في ملحمته "شظايا الروح":

"بحرٌ من الدخان السخيف

كأن شظايا القرن

لم تلجم بقايا جنونها" (7)

يلخص كلاوزوفيتش "أهداف إدارة الحرب العسكرية في حصول الخصم على:

1- هزيمة وأبادة قوات العدو.

2- السيطرة على موارد عدوه.

3- السيطرة على الرأي العام.

وهذه الأهداف تكون مكملة واحدة للأخرى وليست بديلة للأخرى، وتستخدم لكي تضمن سقوط العدو الأبدي" (8). أما هارت فيضيف بأن "هدف الأمة في الحرب هو كسر قوة المقاومة لدى العدو، بثمن أقل ما يكون من الأرواح والعتاد" (9).

نرى بأن هدف إدارة الحرب هو إبادة القوات والسيطرة على الرأي العام للشعب الذي أبيدت قواته، فهو يضمن هنا عنصرًا مهمًا في الصراع: السيطرة على رأي شعب العدو. فاذن يتوجب على الخصم أن يعرف كيف يسيطر على رأي العدو، ولذلك عليه أن يدرس هذا الرأي. الأمر الذي يشير إلينا بمقولة النبي محمد حول أفضل الجهاد الذي هو: "قول كلمة عدل عند سلطان جائر".

"المبدأ الأول في فن الحرب هو تجميع القوة... للمعركة الفاصلة التي هي نقطة التركيز في الحرب" (8)، "التي تُشَن لتحقيق أهداف سياسية: "هدف الحرب"... التي هي إبادة قوات العدو أو إملاء شروط السلام... الذي يعني خنوع العدو... والتسبب في هزيمة كاملة له... والذي بالتالي يعني (شل قوات العدو) و(تحطيم قدرته على المقاومة)" (10)... "والطريق المباشرة لتحقيق ذلك كانت دائما علم الفنون (فنون الحرب)" (11)، "التركيز المطلق للقوة الضاربة، الحماس الحربي لحسم المعركة – كانا أسس نظرية كلاوزوفيتش في أمر جوهر إدارة الحرب، على خلفية وجهة نظره السياسية العامة التي آمنت بعمليات يقينية ولأهداف بعيدة المدى" (11)، مما يوصله إلى الإستنتاج بأن "الحرب هي استمرار السياسة بطرق أخرى – عنيفة" (12).

"الأجزاء المهمة من حنكته العسكرية ونظريته (كلاوزوفيتس) إستمدها من حكمة نابوليون" (8)...، لكن أحد مفسري فن الحروب النابوليوني، كامون، إدعى بأن كلاوزوفيتش لم يفهم جيدًا مفهوم الحرب النابوليوني وعلى الأخص المراوغة ضد عمق العدو، الشديد الأهمية (13).

عن الصمود

مرة أخرى نعود إلى "وعي الخصم" الذي يكون دائمًا هدف الصراع.

"إدعى كلاوزوفيتش بأن هدف الإستراتيجية هو الحصول على أنسب الظروف الملائمة – من ناحية المكان والزمان – لإدارة المعركة الفاصلة. كما أضاف انه بالإمكان الإدعاء أن قمة الإستراتيجية هي الحصول على مثل هذه الظروف المريحة، لدرجة لا تكون فيها المعركة الفاصلة ضرورية... وأن كمالية الإستراتيجية تتحقّق فيما إذا تحقق حسم المعركة دون قتال فعليّ" (14).

الأمر الذي من الممكن أن يؤدي إلى "حرب ترقب": أي صراع متواصل دون حسم دون بذل طاقة وتقريباً بدون قتال".

إذن القتال الفعلي غير مقدّس. فنحن نستطيع أن نحقق الأهداف حتى الحربية منها دون قتال فكم بالحري الأهداف غير العسكرية (15).

من النقاط المهمة في نظريته التي تخصنا بالتحديد هو أن "أسلوب القتال الخاص في كل حقبة من الزمن ينبع من ظروفها السياسية والإجتماعية والثقافية والشخصية الخاصة بها" (16)، مما يوصلنا إلى الإستنتاج حول مضمون الحرب بأن "جوهرها هو القتال، لأن القتال هو المبدأ الوحيد الأكثر نجاعة من مجمل العمليات التي تحمل الإسم الشامل – الحرب". "تطور الأسلحة ألزم تغييرات في أشكال المقاتلة. لكن مفهوم القتال، مهما كانت مركباته، ثابت في نظره" (17).

القتال وإن لم يتغير مفهومه إلاّ أن أساليبه قد تتغير بالتوافق مع جميع مركبات عناصر الصراع. فخصوصية الخصم هي التي تحدد أساليب القتال. والمقاومة تتحدد، حتى لغويا، من مقاومة الفعل الذي يوجه ضد المقاوِم. فلذلك لا نستطيع أن نعتمد الكفاح المسلح حلا أمثل لمحاربة

الإسرائيلي. هذا لأن تحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية العليا لا يمكن أن تنفصل عن جوهر ومضمون الظروف السياسية والإجتماعية والثقافية والسايكولوجية والشخصية للمقاوِم والمقاوَم. كما في علم النفس، يتحدد العلاج على خلفية العلاقة الديالكتيكية بين المعالِج والمعالَج وخصوصية كل حالة وحالة. لذلك لا نستطيع أن ندعي بأن الطريقة النضالية التي تلائم أفغانستان أو كوبا أو اليمن تلائم، بشكل أعمى، ظروف النضال الفلسطيني. وهذا ما يؤكده المفكر الفلسطيني المختص بالشؤون العسكرية مسلم مناصرة محاميد في مقالة له من العدد السابع سنة 2003 من مجلة شؤون دولية الصادر عن مركز الدراسات المعاصرة في أم الفحم " فنحن نرى أنّ نموذج الصراع الإسرائيلي, يختلف كثيراً عن بقيّة نماذج الصراع في العالم, بحيث لا يمكن مقارنته معها" (ص 5)

شظايا الروح لدى القائد العسكري

كتب كلاوزوفيتش يقول بأن البحث العلمي يتمركز في تعداد القوى الفيزيائية ويتغاضى عن القوى الشخصية في الحرب، في حين تكون هذه القوى الشخصية هي الحاسمة. لكي نستطيع أن نفهم أحداث الحرب، يجب أن نفهم التشخيص السايكولوجي المحدد للأشخاص الذين يديرونها، على خلفية محيطهم الخاص. (أليس من الحكمة أن ننقل إهتمامنا من تمركزنا حول فهم الشئ الذي يستطيع العدو تنفيذه، إلى الشيء الذي يرغب في تنفيذه؟ )... "للإستراتيجية هنا مسطح للتمدد عليه أكبر من درجات زاوية العمليات"... "ما هو الإستنتاج من ذلك؟ هو أن مزاج العسكري يؤثر كثيرا على أعماله... وأن لا نحكم على العسكريين بإعتمادنا المنطق فقط" (18).

فسر كلاوزوفيتش الصفات المطلوبة من القائد العسكري في تداوله أمر "شظايا الروح" في كتابه "عن الحرب". النقطة الأساسية في نظريته تتلخص في أن الصفات الشخصية أهم من قوى العقل. الحرب في جوهرها تنفيذ عمليات، وليست مجالا للتفكير الذهني. حتى أن القوى العقلية المطلوبة هي من مجالات التطبيقي التنفيذي. الحقيقة بأن كلاوزوفيتش رجع مرتين إلى مقولات نابليون، الذي حدد بأن تركيبة وتعقيدات المشاكل الكامنة في الحرب هي في مستوى معضلات رياضية قد تحتاج إلى نيوتن لحلها. لكن ما تتخصص به المعرفة العسكرية هي علاقته بالحياة، "التجربة مع غزارة دروسها، لا يستطيع نيوتون أو اوليير أن يستخلصها، لكن تستطيع أن تستخلصها حسابات كونده وفريدريخ النبيلة" (19).

تأكيد كلاوزوفيتش على شخصية القائد، مشاعره ودوافعه، تتوازى مع تأكيده للوظائف الحاسمة للقوى النفسية النابضة في الجيوش... فلذلك نرى بأن كلاوزوفيتش وزوجته يكنان الإحترام للشاعر "جيته" و"شيلر"... وتعرفا إلى أوغسط ويلهلم شليغيل... وكانا في كثير من الأحيان في مصاحبة كبار الشعراء والكتاب الرومانسيين: "اكيم فون ارنيم"، "كليمانس فرينتانو"، "هينريخ فون كلايسنت"، البارون "فريدريش موط فوكيه"، وكذلك "فيخطه" و"شلاييريماخر" (20).

الإستنتاج من كل ما قيل أعلاه. فلنذكر بما كتبناه سابقاً على خلفية تحليل النظرية العسكرية كما ينبهنا إليه مسلم محاميد " بل أصبح الطرف الضعيف المقاوم يفهم نقاط ضعف القويّ, ويعرف قدرات ذاته, ويدرك كيفية استغلالها على أحسن وجه" (شؤون دولية عدد 7 ص 5)

فالفلسطيني فيما إذا أراد الإنتصار على الإسرائيلي إنما هو بحاجة الى أن يقيس وبدقة قوة الإسرائيلي ليتسنى له أن يختار الآليات السياسية او العسكرية التي هو بحاجة إليها لتحقيق الإنتصار. فإذا حدد الفلسطيني بأن للإسرائيلي 100 بندقية فإن الفاسطيني بحاجة الى 101 بندقية, بالإضافة إلى شظايا الروح, لتحقيق الإنتصار. وبرأيي إذا أخذ الفلسطيني موضع ووقع المحرقة وكيف تتفاعل في عقل ونفس الاسرائيلي وداعميه فإنه بحاجة الى ان يحمل صورة واحدة من صور المحرقة في مظاهراته وخطبه السياسية ولن يكون بحاجة الى اي بندقية لتحقيق اهدافه الوطنية.

أن وجود اليهودي حتى يومنا هذا في حالة صراع مع ما يمثله ميراث هتلر من تنظيرات ومجازر هو الصراع الحقيقي الذي يعتاش ويتغذى عليه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

يشعر اليهودي وعلى خلفية ما يمثله الشعور بالملاحقة بأن كل مطلب من قبل الفلسطيني سيكون بمثابة ما تمثله المجازر التي إقترفها العنصريون في اوروبا خلال الفي سنة ضده، وبذا يكون الفلسطيني واقفا امام ما تمثله الملاحقة والمجازر في عقل اليهودي ونفسه. وعليه إذا اردنا قياس ذلك، فإن على الفلسطيني لدى نقاشه مع الاسرائيلي، إذا ما لم يأخذ بعين الإعتبار هذه الظاهرة (الملاحقة)، أن يجمع قوة توازي كل تلك القوى التي تسببت في خلق شعور الملاحقة والتي تقاس بالقوة التي استعملت لقتل 6 ملايين، والتي استعملت في قتل 200000 من يهود اوكراينا في بداية القرن العشرين، والقوة التي استعملت لطرد اليهود من إسبانيا، والقوة التي سمحت لطرد اليهود من بريطانيا في سنة 1190. وعليه فعلى الفلسطيني أن يستعد بقوة كل الجيوش التي اشتركت في الحربيين العالميتين الاولى والثانية لكي يتسنى له أن يحلم بالانتصار على القوى التي تقف وراء إسرائيل داعمة لها والتي كانت سبب قيامها وبالتالي أدت الى طرد الشعب الفلسطيني من وطنه.

وهكذا فإن على الفلسطيني ان يخطط كل عملية عسكرية بسيطة يقوم بها ويأخذ بالحسبان الشعور بالملاحقة لدى اليهودي، ما تمثله محرقة اليهود وقتل 6 ملايين، فيكون بهذا الفلسطيني مواجهًا ردة فعل توازي ما يحتاجه اليهودي الى ايقاف القوى التي أدّت الى مقتل 6 ملايين، وبذا يقف الفلسطيني أمام قوة لم يأخذها بالحسبان، ولذا نجد التوازن العسكري بين إسرائيل والفلسطسنيين على هذه الحال، تلك الحال التي يواجه فيها الفلسطيني قوة كل العالم الغربي وليست قوة اسرائيل فحسب.

لكن الأمر أبسط من ذلك، للمفارقة، ففيما إذا قام الفلسطيني ووقف مثلما وقف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على قبة الصخرة في ليلة الاسراء والمعراج وصعد الى السماوات ليقابل

ربه، أو وقوف سيدنا المسيح، الذي شبه لهم، والذهاب الى صليبه، أو وقوف سيدنا موسى أمام الله على جبل سيناء، وأعلن – الفلسطيني – انه يتفهم أن ألأوروبي قام بقتل اليهودي يكون قد وجد الحل لتحييد مفعول المحرقة عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وعندها سيضع نفسه في وضع

يفرض فيه على الأوروبيين والأمريكان معاملته المعاملة ذاتها التي يتلقاها الإسرائيلي لما في ذلك من دلالات على حجم المساعدات المالية ودعم القرارات السياسية.

حيث سيكون تأثير طلب الفلسطيني بقوة كل القوى العسكرية التي استُعملت لخلق الشعور بالملاحقة. وبذا يكون الفلسطيني قد وظف الشعور بالملاحقة، الذي يتعذب به اليهودي، ليخدم مصالحه نفسه. ويكون وكأنه إستعمل كل القوة العسكرية التي خلقت هذه المفاهيم والتي توازي بمفعولها 100 قنبلة نووية.

هذا هو الامر الذي نستطيع ان نفهمه من أهداف الآيات القرآنيه الكريمة في خطابه لبني إسرائيل: بسم الله الرحمن الرحيم يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41) وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (42 وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (44) وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (46) يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (47) وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ (48) وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (50) صدق الله العظيم

إن مفعول الإعتراف بمسألة المحرقة من قبل أي طفل فلسطيني على العقل اليهودي المُلاحَق من جراء المحرقة له التأثير الأكبر على المعادلة السياسية وإمكانيات تحقيق الفلسطيني لأهدافه الوطنية. فلكل طفل فلسطيني الإمكانية أن يأخذ العقل اليهودي الى مسارات تفاعلية مع تاريخه الملئ بالعذاب لو قام هذا الطفل في مخيم اللاجئين ورفع صورة لطفل يهودي دفع حياته ثمنا للعقلية الوحشية الاوروبية التي تسببت بمقتل 6 ملايين من اليهود، فيكون بهذا قد سيطر على العقل اليهودي وأرجعه الى أسس بناء قاعدته الفكرية والعاطفية وألزمه بالتفكير بأن الطفل الفلسطيني إنما يدفع ثمنا لشيء لم يكن له ذنب فيه.

وهكذا يستطيع الطفل الفلسطيني من خلال تواجده في احد أزقة االمخيمات المهملة والفقيرة أن يؤثر على أكبر العقول اليهودية القوية وأغنياء يهود العالم برفعه صورة واحدة.

إن مفعول رفع هذه الصورة في ذهن اليهودي هو من الأسلحة الأقوى التي يستطيع الفلسطيني استعمالها، حيث أن إعتراف الفلسطيني بمحرقة اليهود يمثل اكبر هدية يستطيع تقديمها الفلسطيني للغني اليهودي المتواجد على سبيل المثال في نيويورك أو تركيا أو روسيا أو نيو زيلندا.

حيث أن ما تمثله المحرقة في حياة اليهودي من أرقام يعادل ما يمثله كل مفهوم الحفاظ على إسرائيل قوية لليهود وحدهم. إن ما خسره اليهود الستة ملايين من املاك كانت لديهم ومن املاك

كان من الممكن أن يربحوها لولا قتلهم في اوروبا، وما يمثله عددهم الذي يجب ان نعتبره 20 مليونا يوازي ما تساويه إسرائيل ومشروعها بنسبة مضاعفة.

إذا قام الفلسطيني في مخيم اللاجئين بالاعتراف بالمحرقة إنما يخلق لدى اليهودي الشعور بأنه حصل على هدية تساوي أكثر مما تمثله إسرائيل في عقله وقلبه، وهذه هي الهدية التي يستطيع الفلسطيني تقديمها لليهودي: الإعتراف بالمحرقة. لأن الاعتراف بالمحرقة لا يمثل فقط رقما، إنما يمثل إعتراف الفلسطيني بالضرورة بتحمل المسؤولية لإنهاء حالة الشعور بالملاحقة التي تكدست في نفس اليهودي خلال 20 قرنا مرّت.

وهذا يعتبر لدى اليهودي أكثر بكثير مما تمثله مسألة حق العودة أو إرجاع الأراضي المصادرة.

ولإثبات الإدعاء بأن النضال المسلح باللاعنف هو الإستراتيجية التي نجح أبناء الشعب الفلسطيني إستعمالها نعرض ما يلي:

الشيئ المثير في الصراع الفلسطيني الأسرائيلي هو أن اللاجئين الفلسطينيين ذوي الجنسيه الاسرائيلية إختاروا فعلياً وممارسة وليس على صعيد الشعارات , أساليب الكفاح المسلح باللاعنف ووضعوا أنفسهم في حالة "تهدئة" عسكرية منذ قيام دولة اسرائيل, وان الشرعية لعملهم السياسي تاتي فقط من خلال هذه "التهدئة" التي يقبلونها على أنفسهم ويعتبروها قمة النجاح السياسي ويوصفوا انفسهم بانهم انجح مجموعة سكانية عربية في العالم العربي وما شابه ذلك من تلك الصفات التي لا نراها الاّ على صفحات الجرائد العربيه الناطقه باسم الاحزاب العربيه الوطنيه في اسرائيل . السؤال المهم هنا هو لماذا لا يطلب الوطنيون العرب وجمهور كل الاحزاب العربيه في إسرائيل ان يقوموا بما يطلبونه من اخوانهم في الضفه والقطاع والقصد الكفاح المسلح بالعنف العسكري. لماذا يريدون من غيرهم أن يتبع اساليب نضاليه هم لا يستطيعوا هم أنفسهم الحلم بالتفكير بان يقوموا به.

اهذه هي الثوريه بان يطلبوا من غيرهم القيام بالاعمال الصعبه ويعطوا لانفسهم الحق بالحصول على الحياة الهانئه لوحدهم. ما داموا يؤمنوا بوحدة الشعب الفلسطيني فليدعوا عن التنازل عن هذه الرفاهية المرافقة "المواطنة الاسرائيلية في الدوله الاسرائيلية تحت لواء العلم الاسرائيلي" التي يدعون الناس الى الالتفاف حولها وينتخبوهم وفقها.

يجب الوصول الى الحقيقه بان الشعب الفلسطيني هو شعب واحد وان يتحرروا من التفكير بان ظروف الشعب الفلسطيني في الضفه والقطاع او في مخيمات اللاجئين مهما كانت مختلفه تعطي احقيه للكيان الاسرائيلي ان يجزء مصير هذا الشعب. فكافه اللاّجئين الفلسطينيين في اسرائيل تابعون شئنا ام ابينا الى استراتيجيه الشعب الفلسطيني كوحده واحده. فاذا كان السيد محمود عباس قد اختار برؤية ثوريه عارمه نضال اللاعنف كسلاح استراتيجي . هذا لانه واكب الثوره الفلسطينيه منذ تاسيسها. ولان الشعب الفلسطيني بالفعل بحاجه الى رؤيه ثوريه والتي بقوتها يتوجب الاّ تكون تقليديه. فمن السهل الدعوة الى رفع السلاح لكن اصعب بمليون مرة ان تطلب التروِّي وضبط النفس وخاصة امام الممارسات الاسرائيليه التي لا نرى بان هنالك احدا بالعالم يريد ان يقف امامها.

وأخيرا.ً الإنتصار الفلسطيني العسكري سيتم يسياسة صلح الحديبية, حادثة صوم عاشوراء, حادثة النجاشي, اللاعنف و"الأهيمسا" لسياسة المهاتما غاندي. وسياسة نلسون منديلا وسياسة مارتن لوثر كينغ .

أما العدة فيجب أن نعدها : وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ (60) (الأنفال)

لكن لا نستطيع متى يحلو لنا أن نطلق الرصاص, وكأننا في مراسيم عرس, ونقول بأن هذا هو الكفاح المسلح والمقاومة.

100 قنبلة نووية لدى الفلسطنييّ

هل يستطيع الفلسطيني أن يستغلّها وأن يتصرف كمنتصر؟

لم يعد للفلسطيني أية آليَّة سياسية، أخلاقية، قضائية أو عسكرية ليستعملها إلاّ الأفكار، المفاهيم، المعلومات والمشاعر التي يخلقها الانكشاف للحقائق التاريخية التي تعكسها لنا احداث المحرقة والجرائم البشعة التي حلت بأبناء الشعب اليهودي في أوروبا.

إن الحقيقة البسيطة التي تنعكس من خلال دراستنا وتحليلنا لموضوع المحرقة هي أنه لقتل الستة ملايين أو أكثر من اليهود في أوروبا توجب استعمال ماكنة الحرق التي استعملها الألمان وحلفاؤهم من الشعوب الأوروبية لتنفيذ مشروع الحل النهائي البشع.

ولكي نضع المفهوم في إطار يمكن استيعابه من ناحية التقديرات ووصف أدوات الإبادة التي كان يتوجب على النازيين وحلفائهم استعمالها لا بد لنا من الاستعانة بالمحللين العسكريين ليعطونا التقديرات الملائمة للقوة العسكرية تلك، على سبيل المثال، عدد الرصاصات أو عدد القنابل والمدافع.. أو يمكن لنا أن نطلب من فيزيائي أن يعطينا بمقدار الميغاواطات التي أنتجتها القوة التي استعملت لمقتل الستة ملايين.

انه لمنظر بشع أن يقوم أي انسان بإجراء حسابات باردة من أجل أن يتوصل إلى المعادلة المذكورة أعلاه، ولكن إذا كان الهدف من ذلك هو التوصل باستخدام تلك المعلومات لإقناع أطراف النزاع للاقلاع عن استعمال العنف لحل المشاكل بين الطرفين فذلك عمل مشروع.

نستطيع أن نقدر كم من الدبابات والطائرات وكتائب الجنود اُستُعملت لتنفيذ عملية مقتل 6 ملايين من اليهود، لكننا نستطيع أن نخلق صورة واضحة عن الأمر إذا استعملنا بالتقريب المعلومات التي نعرفها عما تسببت به عملية القاء قنبلة نووية على هيروشيما ونكازاكي في اليابان التي قامت بها القوات العسكرية الأمريكية في الحرب العالمية الثانية.

لن نكون بحاجة لكثير من الدقة لاستعمال هذه المماثلة، ونستطيع القول إن كل قنبلة نووية تسببت بمقتل مائة الف مواطن مدني ياباني، وبذا نكون قد توصلنا إلى الرقم بأن ما أُستُعمل لمقتل الستة ملايين من ابناء الشعب اليهودي كان يساوي نتاج استعمال 60 قنبلة نووية.

عندما نتحدث عن مقتل 6 ملايين من اليهود فإننا نتحدث عن آلآم تبقى في ذاكرة الشعب اليهودي ومترسخة في ذهنه، لا يمكن لنا ولا يجب علينا أن نتجاهلها.

فإذا كان هدف الفلسطيني في صراعه مع الإسرائيلي هو الحاق الخسائر المادية، الجسدية والنفسية، وخلق مشاعر الآلام لدى خصمه، ليتكرس في ذهن خصمه وعي لضعفه وفهم لوضعه الأضعف، وليكون لدى "العدو" ايضا ادراك قوة الردع الفلسطينية، فليس من واجب الفلسطيني إلاّ أن يستعمل ما تُمثله المحرقة في ذاكرة الشعب اليهودي.

فإذا كانت هذه الآلام تمثل ما يساوي الآلام التي يسبّبها استعمال 60 قنبلة نووية، واذا اتقن الفلسطيني استعمال المعلومات حول هذه الحقائق لتخدم أهداف الفلسطيني العسكرية المعرّفة والمحددة مسبقًا على أيدي قادة الشعب الفلسطيني، فإنني أقول بصدق وببساطة أن لدى الشعب الفلسطيني قوة عسكرية توازي قوة القاء 60 قنبلة نووية على أبناء الشعب اليهودي.

بهذا نستطيع أن نجزم أن ساسة الشعب الفلسطيني ما لهم إلاّ إتقان استعمال المعلومات حول خسائر العدو، هذا مع تفهم الحقيقة الرهيبة ان الشعب الفلسطيني معفي من تحمل مسؤوليتها الأخلاقية. والذي يتحمل مسؤوليتها الاخلاقية هو بعيد كل البعد عن الشعب الفلسطيني والشعب العربي، والذي أدّعي أنا في تحليلي التاريخي للأحداث التاريخية التي سبقت المحرقة بأن من يتحمل المسؤولية الأخلاقية الكبرى لمقتل أبناء الشعب اليهودي هو قادة الشعب البريطاني آنذاك وبتنفيذ النازيين من الشعب الألماني وحلفائهم.

إن أي صراع يدور بين شعبين يأخذ أشكالاُ مُختلفة، فمن مفاوضات سرية وعلنية ومظاهرات ومقالات في الإعلام وحتى يصل إلى ذروته في الاحتدام العسكري، الذي في معظم الأحيان يكون لفترات قصيرة من الزمن التي فيها يضرب الطرف نده ليتسبب في الخسائر والآلام، وكل ذلك ليفحص الند نده بقوته. وبعد كل عراك عنيف تجد الخصوم الطريق بشكل او بآخر إلى المفاوضات التي فيها يجهز الند نفسه ليدير الصراع بآليات عقلانية يستعمل فيها كل الأساليب ليحصل على الأقصى من الأهداف التي تخدمه.

في مرحلة الحوار الذي يسبق أو يتبع الصراع العنيف تتفاوض الأطراف دائما وتستعمل شتى الأساليب لتحقيق أهدافها عن طريق إدارة المفاوضات والتي يكون فيها جمع المعلومات حول قوة الخصم ونقاط ضعفه أهم آلية لفهم الخصم وتحديد المطالب التي من الممكن تحقيقها.

إنني أدّعي بأن قادة الشعب الفلسطيني بعدم فهمهم لموضوع المحرقة لم يفلحوا في توظيف المعلومات التي يمكن استعمالها لإضعاف خصمهم. ففي إدارة الصراع تجاهل الشعب الفلسطيني أن لديه قوة الـ 60 قنبلة نووية. وبذا أستطيع أن أثبت بأن الشعب الفلسطيني فشل فشلا ذريعا في عملية إدارة الصراع.

إن الهدف الذي ارتآه قادة المنظمات الفلسطينية بأن يقوم أبناء الشعب الفلسطيني بمقاتلة الخصم عسكريًا وبهدف خلق الآلام والخسائر للخصم هذا ليسجل على اسم أبنائه البطولة

الوطنية، خَلَقَ نتيجةً عسكريةً غير كبيرة والتي لم تتمكن من إحداث الهدف المنشود في وعي الخصم. فإذا لجأنا إلى الأرقام التي نقيس بها هذه المعادلات، والتي لن أكون دقيقًا بها، فإنني أعتقد بأن الانتفاضة الباسلة التي قام بها أبناء الشعب الفلسطيني بعد هبة الأقصى سنة 2000 أدت إلى مقتل ما يقارب الـ 1000 إسرائيلي.

نحن اليوم في مرحلة المفاوضات بعد هذه الانتفاضة. إنني ادّعي بانه يتوجب على الفلسطيني اثناء المفاوضات والحوار بين الاطراف أن يستعمل ما يُمثله مقتل الـ 6 ملايين يهودي في عقلية غريمه. وأكون أصدق في حديثي حين أؤكد بأنه ما كان الشعب الفلسطيني بحاجة أصلاً للعمل على مقتل الألف إسرائيلي، وكان من الممكن أن يكتفي باستعمال المعلومات حول الـ 6 ملايين، الأمر الذي كان سيوفر على الشعب الفلسطيني تحمل المسؤولية الأخلاقية لمقتل الألف إسرائيلي.

البطولات التي يتغنى بها قادة الشعب الفلسطيني (شعراؤه، صحفيوه وادباؤه) في الانتفاضة الأخيرة لمقتل 1000 إسرائيلي برأيي يجب ان يوضع في إطاره الصغير أمام ما يخسره الشعب الفلسطيني لعدم استعماله المعلومات حول مقتل الـ 6 ملايين من أبناء الشعب اليهودي في حواره السياسي مع القادة الاسرائيليين.

الحديث مع الخصم من موقع السلام

في صراع بين خصمين، وخاصة فيما يخص الصراع القومي، يدّعي الطرفان دائمًا بأن هدفهما هو تحقيق السلام مع الآخر. فلذلك من السهل جدا إقناع الأطراف جميعا - ما دامت تدعي هذا الادعاء - بان تستعمل اللاعنف لهدف حل النزاع بينها.

يتطلب الأمر أكثر من مجرد قول هذه المقولة. ولكنني أريد ان أصف هذا الوضع أولا.

فإذا اراد الطرفان تحقيق السلام والوصول إلى وضعية السلام، وهو هدفهما المنشود الذي من أجله كل طرف مستعد أن يزج بشعبه في تصرف حربي وعنيف، فمن الأحرى بنا أن نطلب من كلا الطرفين بأن يتصرفا من الموقع الذي يريدان الوصول إليه وهو وضعية السلام. فكيف سيتصرف هؤلاء إذا كانا في وضعية سلام، واي خطوات سيتبع هؤلاء، وكيف سيكون تصرف تعامل الند مع الآخر في حال تحقيق السلام؟ اذا استعمل الخصوم الأدوات التي كانوا سيستعملونها لو تحقق السلام فسيغير هذا من اسلوب التعامل على فرض أن مطالب كلا الطرفين لا توضع على المحك. وأكتفي بطلب تخيل وضعية فيها اختيار الأدوات يكون وفقا لتصور وضعية سلام يريد أن يحققها كلا الطرفين.

إن هذا سيؤدي بنا إلى الوصول إلى استعمال اللاعنف في استراتيجية كلا الطرفين لتحقيق أهدافه.

إذا استطاع الطرف في الصراع تجنيب الخصم استعمال سلاحه فيكون هو الذي يسيطر عمليا على هذا السلاح، رغم أن من يستحوذه هو الطرف الآخر. هذا هو المفهوم الحقيقي

لاستعمال اللاعنف كاستراتيجية، إنه "الأهيمسا" التي دعا اليها المهاتما غاندي في قول "لا" للذات يكون الفرد قد سيطر على الاخر، وهذه هي العلاقة الجدلية بين اثنين حتى لو لم تكن بينهما علاقة مباشرة، فهناك حقل قوة يفرض نفسه بين الإثنين. وتحديد صفات هذا الحقل والسيطرة عليه هو من مهمة المدعي برغبته التأثير على الآخر.

فإذا كان الشعب الفلسطيني هو الأضعف في المعادلة العسكرية في صراعه مع الجيش الإسرائيلي، فلا بد أن تكون الإمكانية بعدم تمكين الخصم من استعمال قوته العسكرية هدفه الأعلى والطريقة الأنجع للحصول على مقدار القوة التي يستحوذها الجيش الإسرائيلي. فاذا توعد الجيش الاسرائيلي الشعب الفلسطيني باستعمال 50 طائرة اف 16 واستطاع القادة الفلسطينيون أن يجنبوا الإسرائيليين استعمال هذه الطائرات يكون الشعب الفلسطيني قد حصل على هذه الـ50 اف 16. نستطيع أن نمثل هذا في عدة أمثلة في الصراع العربي الإسرائيلي بأن نحلل لماذا لم يتمكن الإسرائيليون من طرد أبناء الشعب الفلسطيني الذين بقوا في حدود 1948، أو لماذا لم يتمكن الإسرائيليون من تحقيق هدفهم بطرد كل العرب من البلاد التي احتلوها في 1967.

إن اختيار الفلسطيني إظهار شهدائه في مظاهراته وفي خطابه السياسي مع الإسرائيلي والعالم الذي يقف داعما لإسرائيل يظهر ان ما أنتجه الإسرائيلي للفلسطيني على شاكلة قرى مهجرة، مخيمات لاجئين، أراض مصادرة، مجازر ومقدسات مُدنسة... إلخ، له نتيجة واحدة في العقلية الاسرائيلية وهي: شعور الإسرائيلي بالتفوق العسكري وإظهار قدرته وقوته على اِحداث مثل هذه النتائج. وبهذا نكون نحن الفلسطينيين في مخاطبتنا الاسرائيلي نقوّي لديه الشعور بالعنجهية والغطرسة، وهكذا نساهم في تعزيز صورة البطل في مخيلته. كنت رأيت هذه الصورة عندما زرت معرضا في سنة 1983 حول الشعب الفلسطيني في المكتبة العامة في مدينة يوتيبوري (غوتينبيرغ) السويدية، وفيه رأيت رد الفعل لزائر إسرائيلي كان ينظر إلى صور ما خلفه الجنود الإسرائيليون في حرب لبنان وكانت تعلو على شفتيه ابتسامة المنتصر وتعبير عينيه كان يشع بالسخرية نحو ما يرى. لا يرد في مخيلة الإسرائيلي من أفكار حول رؤيته صورا تمثل المآسي الفلسطينية سوى القوة التي استُعملت على سبيل المثال لهدم قرية مهجرة. أو أنه يعد الطلقات التي تطلبت لمقتل الـ 13 لاجئًا فلسطينيا من حاملي بطاقة المواطنة الإسرائيلية أثناء أحتجاجاتهم العنيفة في شهر تشرين أول 2000.

إذن لماذا نساعد الإسرائيلي بتقويته وإعطائه الفرصة لشحن مخيلته بصور البطولة. ونحن نحاول أن نعلل ذلك باننا نريد أن نتوجه إلى ضميره من خلال مآسينا التي هو عمد الى اِحداثها. إنه نوع من الجنون ينتهجه أبناء الشعب الفلسطيني في ترسيخ اهتمامهم للتوجه بهذه الطريقة نحو الضمير الإسرائيلي المتقوقع في آلامه على ابادة ستة ملايين من ابناءه.

سوف يكون أنجع للشعب الفلسطيني أن يتوجه إلى أبناء الشعب اليهودي من خلال الأحداث والصور والتجارب التي بالفعل لها قوة على تغيير الموقف وتوجيهه للموافقة على تلبية المطالب
الفلسطينية.

ولن يكون ذلك الاّ عن طريق التوجه إلى الرأي العام اليهودي، الأوروبي، الأمريكي والعالمي بالصور والحديث والخطاب الذي يعتمد الأحداث العنصرية التي مر بها أبناء الشعب اليهودي والتي كانت ذروتها بالإبادة الجماعية التي مروا بها في أوروبا. يكون أنجع للفلسطيني أن يعرض صورة لكنيس محروق في ألمانيا من صورة جامع أو كنيسة هدمت على أيدي الإسرائيليين في فلسطين. لأن في صورة الكنيس يستطيع الفلسطيني أن يرسل رسالته القائلة بأن المجرم في هذه المعادلة هو الأوروبي وأن على الإسرائيلي أن يقيس القوة العسكرية التي استخدمت لإحداث هذا الحدث وأن يفكر بالآلام التي تخلقها في نفسه هذه الصورة، وبالتالي يكون الفلسطيني واقفا وراء هذه الصورة معبرا عن رفضه استعمال القوة لهدم الأماكن المقدسة والتي حتى الآن هو ضحيتها. وبذا يكون قد زج الإسرائيلي والأوروبي في قفص الاتهام. هل نستطيع أن نتعلم من درس المهاجرين المسلمين إلى الحبشة وخطابهم السياسي مع النجاشي الذي انصروا فيه.

وأمر آخر يرد إلى مخيلة الإسرائيلي هو أنه مجرم. وهذا شيء جدير بالاهتمام وهو الشيء الوحيد الجدير بالاهتمام.

إذن أدعي بأننا نحن الفلسطينيين نخسر كل القوة التي يحملها المشهد الذي يصور بأننا ضحية عندما نتوجه إلى الإسرائيلي ونتهمه بتنفيذه للأعمال التي أدت إلى اتهجيرة الفلسطينية (النكبة). هذا لأن الإسرائيلي هو المجرم في هذه المعادلة. فكيف لنا أن نتوجه إلى المجرم في هذه المعادلة ونطلب منه أن يكتسي بحلة غير المجرم. إن مفهوم الجريمة والعقاب يجب أن يكون حاضرا في ذهننا عندما نحلل علاقاتنا مع الإسرائيلي. فإذا اتفقنا بان الإسرائيلي هو المسبب للمأساة الفلسطينية فلا يمكن أن نتنازل عن كونه مجرما. ففي خطابنا معه في طلب المساواة أو تنفيذ أبسط المطالب الإنسانية للشعب الفلسطيني نحن نعفيه من مسؤوليته في إحداث الحدث. ولأن المعادلة هي كذلك ارتأى الاسرائيلي بالمعادلة أن هذه البلاد هي حقه التاريخي وأنه حصل عليها بقوة السلاح وعلى العربي إذا أراد حقوقه أن يستعمل قوة السلاح والعنف للحصول على حقوقه، حتى تلك المشروعة والمحفوظة في القوانين الأساسية الإسرائيلية التي يدعي الإسرائيلي أنها قوانين ديمقراطية تحافظ على حقوق الإنسان وأنها منحدرة من المجتمع الذي ينتمي إلى عائلة المجتمعات المتنورة.

من الأبسط أن نتوجه إلى النازي الألماني ونتهمه بالإجرام وأنه خلق في نفس الإسرائيلي واليهودي في العالم الشعور بالملاحقة، وهذا هو الشعور- الظاهرة التي يعتمد عليها الغرب لتحييد إسرائيل من أن تقوم بمعاملة الفلسطيني وفقا لأبسط الأسس الإنسانية. كل ذلك ليقوم الغرب بالتكفير عن ذنبه تجاه ما اقترفه آباؤه من جرائم بشعة ضد أبناء الشعب اليهودي. إنني ادعي بأن

من يؤيد إسرائيل للتكفير عن ذنوبه يكون قد اعتمد ليس على ما يمثله الشعب اليهودي من ضحية بل ما تُمثله القوة التي اعتُمدت لتنفيذ هذه الجرائم بحق اليهود، وهذه القوة تلخص بكلمة بسيطة: هتلر. والسؤال الذي يطرح هنا: كيف يسمح مؤيدو إسرائيل لانفسهم بزج أبناء الشعب اليهودي الناجي من المحرقة إلى خانة كونه مجرما بحق الفلسطيني؟ إن المحرقة بحق الشعب اليهودي مستمرة بمفهوم أن الغرب يسمح للناجين من المحرقة ان يأخذوا المصداقية والأحقية ليوصفوا بالمجرمين وعلى ذلك ارتأي بأن نتهم مؤيدي الإسرائيليين في الغرب بأنهم من أجل أن يكفروا عن ذنوبهم يُضحون بالضمير اليهودي ليكون مجرما دون أن يحاسب. وهذه معادلة أخلاقية قذرة يقترفها الغرب بحق الفلسطيني ليكون ضحية وبحق الضمير اليهودي الذي يريد أن يراوغه في إيهامه بأنه محق في جرائمه وأن جرائمه تجاه الشعب الفلسطيني مقبولة اخلاقيًا.

واقعة الحديبية – والبحث عن الحقيقة

لم يكن نبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم من أولئك الذين يوصفون بالقادة فحسب. بل إنني أرى بأنه الإنسان الوحيد على الكرة الأرضية الذي استطاع أن يبني قومية عربية، ودولة ذات سيادة وأمة إسلامية خلال اقل من 23 سنة من الزمن.


إنه رسول الله الذي من وضعية اللجوء في المدينة استطاع ان يحرر ارضه في مكة ويمارس حق العودة إلى دياره في طريقة يتوجب على الفلسطينيين اتباعها.. وأقول بكل بساطة إن تجربة نبيِنا محمد صلى الله عليه وسلم هي الوحيدة التي يجب علينا التعلم منها لاختيار طرق نضالنا وأساليب تفكيرنا. وفي واقعة الحديبية أريد أيضًا من الشعب اليهودي ان يتعلم القليل من هذه التجربة التي كانت نتائجها تحقيق الأهداف الاستراتيجية باتباع وسيلة الدفاع عن الحقيقة. فكيف اذن نستطيع ان نفسر قرار سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم التوجه بمعية كل محاربيه إلى عقر دار الأعداء في قريش والإعلان لأعدائه بأنه قادم إلى مكة دون أن يكون مسلحا لا هو ولا رجاله. كيف كان هذا يعقل بأن يتخذ خطوة كان لها أن تبيد كل دعوته وأن تقضي على الرسالة الإسلامية. إن صدق النبي في تحليله لما تُمثله المفاهيم لدى أعدائه ووقعها عليهم هو الذي أعطاه القوة للتجرد من السلاح والتوجه في مخاطرة تاريخية للسيطرة على مخيلة الأعداء. لولا فهمه الحقيقي والصادق للحقائق والأعراف التي تتمشى وفقها قريش لما كان بإمكانه أن يعتمد قرار المغامرة بأرواح مقاتليه وإعطاء الفرصة للعدو للانقضاض عليهم حين لا يكونون مسلحين وسط أرض العدو.

وعندها نستطيع أن نتصور المشهد، كيف يقوم 1400 جندي مسلم بالتوجه إلى مكة وهم في حالة حرب مع أهل مكة، دون سابق إنذار ودون مباحثات مسبقة، وهم مرتدون زي الحجيج فقط. إنها القوة الجبارة التي استطاع النبي بواسطتها ان يسيطر على مخيلة عدوه في خضم المعركة، والتي استطاع فيها ان يمنع عدوه من استعمال الأسلحة. فكيف نجح بهذا وهل لهذه التجربة من مثيل في التاريخ العسكري، وهل لنا نحن الفلسطينيين أن نحقق اهدافنا الاستراتيجية وفقا لمثل خطة الرسول في تحرير مكة دون عنف.

ولهذا أقول بأنه إذا شاء الإسرائيليون أن ينجحوا في اكتساب الأمن والسلام ما عليهم إلا استخدام نفس الطريقة التي استخدمها رسولنا صلعم وهي اللجوء إلى الحقيقة – حقيقة الذات وحقيقة الآخر. وكل انحراف عن الحقيقة لن يمكن الأطراف من الوصول إلى السلام المنشود بل سيحارب أحدهم الآخر وفقا لمفاهيم تبنى على حقائق غير صحيحة الشيء الذي يؤدي إلى رسم أهداف غير واقعية وبالتالي ستؤدي فقط إلى استعمال العنف، لأننا حينها نريد أن نثبت للآخر أكاذيبه وعندها لا نستطيع وليس أمامنا إلا العنف للتعبير عن فشلنا. "فرحم الله امرأ عرف قدر نفسه فوقف عندها."

الساتيا َغْرَها – البحث عن الحقيقة

الستاتْيَغْرَها - الحقيقة هي بعينها التي يتوجب على كل إنسان أن يصبو إلى تحقيقها ليتمكن من أن يتوصل إلى مغزى الوجود الإنساني وبالتالي إلى التقرب من الله. هي ظاهرة يصبو إليها كل إنسان ليفسر جوهر وجوده وليكشف الآليات لتحقيق أهدافه والتي وفقا للزعيم الهندي الناجح في مقاومة الاحتلال البريطاني من بلاده كانت الأهيمسا – اللاعنف. فأذا أردنا أن نصل إلى الحقيقة السياسية لجوهر الوجود اليهودي في إسرائيل، او بكلمات أخرى ساتياغْرَها مضمون الوجود اليهودي في فلسطين، لن يكون طريق آخر لكلا الشعبين اليهودي والعربي لحل النزاع سوى الأهيمسا – اللاعنف. والذي يقع عليه هذا الواجب هو الشعب اليهودي وليس الفلسطيني.

إن حقيقة جوهر ومضمون الوجود اليهودي في هذه البلاد (لا يهمني في هذا السياق الحدود السياسية المرسومة) لا يتعدى كون دولة اسرائيل تمثل ملجأ للاجئين اليهود الذي فروا من المجازر والملاحقات التي عانى منها ابناء هذا الشعب في أوروبا في المنتصف الأول من القرن العشرين.

لو طَرَحَ القادة الإسرائيليون (وقادة دول الغرب) هذه الحقيقة واتبعوا سياسة مخاطبة الشعوب العربية وفقا لهذه الحقيقة لما كان تصرف الشعب الفلسطيني بهذا الشكل تجاه الوجود اليهودي في بلادنا، ولكان استعمال مؤسسة "الطنيب" و"إغاثة الملهوف" المتجذرة في الحضارة العربية واردًا بشكل جلِّي. وأدعي بأن هذه المؤسسة فعالة في حالة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، لكن بشكل مبطن وفي اللاوعي بنفس الطريقة التي يحاول الإسرائيليون بواسطتها إخفاء حقيقة مضمون وجودهم كلاجئين في هذه البلاد.

فماذا يسبب إخفاء هذه الحقيقة في معادلة اتباع أساليب إدارة الصراع وإيجاد حل سلمي بنجاعة "باريتو" المشهورة التي تشكل الوصف الأساسي لتعريف المجتمع الرأسمالي او مجتمع السوق (الذي معناه - كل تعاقد بين اثنين في صفقة في سوق حر نتيجته الفائدة المرتدة للإثنين). إنه يسبب شيئًا واحدًا وبسيطًا ومروعًا هو أن الإسرائيليين يريدون أن يقنعوا انفسهم، العالم،

الفلسطينيين والعرب بشيء تشير لنا المؤشرات التاريخية بأنه يحمل أقل من صفات –الستاتْيَغْرَها- الحقيقة التاريخية القائلة بأن إسرائيل هي نتاج اللاسامية الأوروبية التي وصلت إلى ذروتها بمقتل 6 ملايين يهودي بشكل بشع على أيدي النازيين الألمان، اكثر مما هي نجاح الحركة الصهيونية بتحقيق اهدافها المرسومة قبل قيام الدولة - او لنقل كيفما جاءت على لسان د. ثيودور هرتسل الذي أعلن أنه "في بازل أسس دولة اليهود" سنة 1897. وأكثر مما هي نتاج النشاط الإسرائيلي خلال ال58 سنة التي مضت منذ تأسيس دولة اسرائيل.

إن عدم اعتراف الإسرائيليين بهذه الحقيقة له نتائجه الظاهرة التي من بينها:

1- إيهام الشعب الفلسطيني بأن الصراع هو صراع أبدي على الأرض استمر منذ 2000 سنة. في الوقت الذي تشير فيه كل المؤشرات بأن مضمون الوجود الإسرائيلي هو ضمان ملجأ للشعب اليهودي، وجعل العالم يفهم ويتدبر أمر المذابح المروعة التي كانت قد اقتُرفت ضد أبناء الشعب اليهودي في أوروبا، وحتى يفهم الأوروبيون بشاعة معاملتهم لأبناء الشعب اليهودي خلال الـ 2000 سنة التي مضت.

2- إسكات، وبشكل غير لائق، كلمة الناجين من براثن النازية الذين وجدوا إسرائيل ملجأ لهم والذين شكلوا ما يقارب الـ 70% من سكان إسرائيل، أولئك الذين أقاموا في سنة 1948 دولة اسرائيل. بهذا عمل القادة الإسرائيليون على طمس المعالم والدروس التي كانت يجب ان تأخذ دورها في حيز الوعي اليهودي والنقاش السياسي والثقافي لدى اليهود الإسرائيليين وبالتالي في النقاش بين الشعبين الذي اقتصر للأسف على النفي للآخر من كلا الجانبين. إن الرسالة الوحيدة الساطعة التي يمكن للمحرقة أن تحملها هي محاربة العنصرية. لم تُسمع هذه الرسالة في إسرائيل الاّ من جديد كضريبة شفاه من بعض المسؤولين. والفكرة

التي تعلو في الذهن هي أن تصرف إسرائيل تجاه غير اليهود في الدولة يشير إلى أنها هي نفسها تنكر المحرقة.

3- لا يمكن للعلاقات بين الفلسطينيين والإسرائيليين أن تأخذ مجرىً سلميًا إلاّ اذا اعترف الإسرائيليون, امام الفلسطينيين, بالحقيقة الساطعة كالشمس بأن ابناء الشعب اليهودي مرّوا بمذابح بشعة ويتصرفون وفقًا لهذه الحقيقة.

إن عدم اعتراف الإسرائيليين بهذه الحقيقة يُلزمهم إقناع العالم، الفلسطينيين والعرب بشيء بعيد عن الحقيقة. ولذلك تكون الأهداف السياسية الإستراتيجية والتكتيكية التي يضعونها نصب أعينهم أهدافًا غير قابلة للتحقيق ولذا يحتاج الإسرائيليون للمزيد من الأسلحة والعنف لإقناع الفلسطينيين بحقائق، وقائع واحداث وتصورات لا يمكن للعقل الإنساني أن يرى من خلالها منطقا داخليا وخارجيا يمكن ان يشير للإنسان العادي بأن هذا الطرح هو طرح له إمكانيات النجاح والتنفيذ.

عندما أعلن هرتسل عن مشروعه في سنة 1897 كان يتوقع قدوم 5 ملايين يهودي خلال 25 سنة، وهذا الرقم نستطيع أن نستنتجه من روايته "الت نوي لاند" ( بلاد قديمة حديثة). لكن الأرقام تشير الى أنه في سنة 1923 تواجد أقل من 100000 يهودي في فلسطين التاريخية.

وفي هذه الأيام من سنة 2006 إختار معظم يهود العالم مركز حياتهم في الولايات المتحدة وخارج دولة إسرائيل. وأنا لا أريد ان أدخل في النقاش لتفسيرات هذه الظاهرة، وأكتفي بالإشارة بأنهم فعليًا لم يختاروا إسرائيل كمركز لحياتهم.

يهاجر من إسرائيل، سنويا، أكثر من 25 ألف إسرائيلي، معظمهم من الشباب، إلى شتى بلدان العالم وفقا لتقارير كثيرة نقرأها في الصحف العبرية. بينما يهاجر إلى اسرائيل عدد أقل من ذلك بكثير معظمهم من العجزة.

تتسامح كل دول العالم مع التصرفات الإسرائيلية المجحفة بحق أبناء الشعب الفلسطيني وفقا للبوصلة التي وجدت بعد معرفة الحقائق المذهلة للجرائم البشعة التي لحقت بأبناء الشعب اليهودي في المنتصف الأول من القرن العشرين والتي كانت نتيجتها اتباع سياسة التكفير عن الذنوب.

إن إخفاء هذه الحقائق يشير إلى أن الساسة الإسرائيليين يريدون إقناع العالم بأن لا أثر للمحرقة في بناء دولة إسرائيل، وأن بناء دولة إسرائيل هو نتاج نجاح الحركة الصهيونية، وأن إسرائيل تمثل الوطن القومي لليهود.

إنني أدعي بأن الحركة الصهيونية فشلت فشلا ذريعا في تحقيق برنامجها كيفما رُسِم وكيفما طُوِرَ، ولولا المحرقة لم يكن لدولة إسرائيل أي أمل بأن تتأسس. إن إخفاء هذه الحقيقة عن الشعب الفلسطيني كان له الأثر بأن الإسرائيليين دأبوا على إقناع الشعب الفلسطيني بشيء يبتعد عن الحقيقة وهو نجاح الحركة الصهيونية. ونتيجة هذه العملية كانت، وما كان لها ان تكون غير ذلك، هي استعمال العنف المكثف لإخفاء هذه الحقيقة والمراوغة لعدم تمكين العالم، وبالأخص الفلسطينيين، من محادثة الإسرائيليين من خلال الحقيقة هذه التي تعتمد المحرقة وبالتالي آلام الشعب اليهودي.

إنني أدّعي بأن الشعب اليهودي بعدم مخاطبته للشعب الفلسطيني من خلال المعلومات عن المحرقة أو تأثيرها على الأحداث والصراع الفلسطيني الإسرائيلي يضع نفسه في قفص الاتهام على انه ناكرٌ للمحرقة.

 

 


 

الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 11-04-09, 04:30 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

استراتيجية العسكرية الاسرائيلية هي احتلال وإستراتيجية الفلسطينيين هو ضد احتلال

 

 


   

رد مع اقتباس

إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
للإستراتيجية, لمقاومتها, وإستراتيجية, الأسس, النظرية, الاسرائيلية, العسكرية, الفلسطينيين

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:02 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
 

شبكـة الوان الويب لخدمات المـواقع