مسودة قانون لتجنيد الحريديم في الجيش يثير الجدل بإسرائيل (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي - عضو مجلس السيادة الانتقالي في السودان (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 1 - عددالزوار : 19 )           »          مقال في "نيويورك تايمز": ترامب فوق القانون (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الجنرال محمد إدريس ديبي - رئيس المجلس الانتقالي في تشاد (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 2409 )           »          الجيش الأحمر.. قصة منظمة زرعت الرعب في ألمانيا واغتالت شخصيات هامة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          البنتاغون: إسرائيل ستشارك في تأمين الميناء المؤقت بغزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          جرائم الحرب (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          جرائم ضد الإنسانية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          التطهير العرقي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          تنظيم الدولة يتبنى هجوم موسكو وسط إدانات دولية ونفي أوكراني بالضلوع فيه (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 63 )           »          احتكاك عسكري بين روسيا وأميركا في القطب الشمالي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          صحيفة روسية: الناتو مستعد للحرب ضد روسيا منذ 10 سنوات (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          ولاية ألاسكا.. تنازلت عنها الإمبراطورية الروسية واشترتها أميركا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 60 )           »          حزب الله يستهدف موقع رادار ومنصتين للقبة الحديدية الإسرائيلية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          بعد عامين من إنشائه.. ما هو حال قراصنة "جيش أوكرانيا الإلكتروني"؟ (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »         



 
العودة   ..[ البســـالة ].. > جـناح الدراســات والبـحوث والقانون > قســــــم الدراســـــات والتـقـاريــر
التعليمـــات قائمة الأعضاء وسام التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة
 


ثورة تونس: تحديات الاحتكار و فزاعة الإسلاميين

قســــــم الدراســـــات والتـقـاريــر


إضافة رد
 
أدوات الموضوع

قديم 10-02-11, 08:05 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
البواسل
مشرف قسم العقيدة / والإستراتيجية العسكرية

الصورة الرمزية البواسل

إحصائية العضو





البواسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي ثورة تونس: تحديات الاحتكار و فزاعة الإسلاميين



 

ثورة تونس: تحديات الاحتكار و فزاعة الإسلاميين
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
هاني نسيرة
بينما يمثل البقاء في لحظة الثورة- بعد نجاحها- دون اختراق معمارها وفلسفتها بنسق مفتوح مرن، يخرج من صلابة شعاراتها وحسمها، نحو آفاق أكثر مرونة وتعددية وتوافقية، أبرز الأخطاء، يمثل الالتفاف عليها ومحاولة سرقتها أو تشتيت تحدياتها وتوزيعها على الظن أكبر الأخطاء التي تحيق بها، لأنها قد تحيل الأنصار والرفقاء السابقين أعداء متخاصمين، ويكون الكل أعداء الثورة، التي يبرر ملاكها الجدد احتكارها بدعوى" الحفاظ على مبادئها" أو غير ذلك من تبريرات.

الخطاب العربي والتعامل مع الثورات
دأب الخطاب العربي، ماضيا وحاضرا، على هذا التشتيت الالتفاف على الثورات عبر تفجير الخصومات والاستقطاب والاصطفاف الأيديولوجي، الذي يزيح المتفق عليه لصالح المختلف حوله، أو التراجع عن الثورة قبل التمكين لها، مقابل بعض التنازلات المقدمة من طرف السلطة، أو إخراج ما في الجعبة من فزاعات حول مستقبلها، قد تكون الغرب وإسرائيل، كما قد تكون الإسلاميين أو اليسار أو سياسات دولتها المنتظرة! وهي نفس الأدوات التي قد تستخدمها الأنظمة الحاكمة في تبرير إعاقتها لمسارات التغيير ومطلبياته أمام المجتمع الدولي والمحلي.
إن بعضا من هذا نشاهده الآن بعد النجاح المدوي للثورة الخضراء وإشعاعاتها التي امتدت محاولة استلهامها وتلقي أشعتها لهبا يحرق أجسادا منهوكة تحترق لتحرق معها رمزيات الاستبداد والسلطة المطلقة وما تدعيها من دعاوى المحافظة على المواطنة والكرامة الإنسانية، كان تتابع حلقات بوعزيزي العربية، فحتى كتابة هذه الكلمات كان البوعزيزي السابع في مصر، وهو الثالث- كان مواطنا مسيحيا خنقته إكراهاته الاجتماعية وليست هويته، بينما بلغت محاولات الانتحار في الجزائر الثمانية في نفس التاريخ..

ونشط العديد من المعارضين- من مختلف التوجهات الفكرية- في العديد من البلدان العربية في استغلال الحالة التونسية واستثمارها ضغطا ودفعا من أجل مزيد من الانفتاح والتنمية ومجابهة الفساد الماثل والجاثم الذي أثخن المشهد الوطني بالكثير من الجروح والمآسي التي استدعتها الذاكرة من لهيب نيران بوعزيزي وأمثاله، ومن إشعاعات وإلهامات الحالة التونسية التي مثلت فاصلا تاريخيا عربيا، يصح وصفه بالثورة العربية الأولى التي أتت من مخاض العاديين دون وصاية من عسكر أو نخب أو قوى أيديولوجية أخرى، تمخضت عنها احتياجات الناس البسطاء، وشرارتها لم تأت من الغرب ولا من الشرق، تحمل وعيا جذريا مصرا على التغيير، ويقظة رافضة لمحاولات سرقتها أو الالتفاف عليها، واحتمال حضور الخلافات والاختلافات بين القوى المختلفة التي تماهت مع مطالب الناس وتوحدت ولكن قد تفرقها أجنداتها ومرتكزاتها الأيديولوجية، ونزوعات الاحتكار التي قد تلتزمها القوى المنظمة شعوريا أو لاشعوريا، وإن كان الملاحظ حتى الآن أن الغالب على المشهد التونسي هو التوافق والتمكين للتعددية، دون فزاعات قليلة يحاول أن يروجها البعض تأتي في مقدمتها فزاعة الإسلاميين وحركة النهضة التي اضطرت للهجرة طويلا من وجه عسف المستبد وكان لها يوما أن تعود، وهو ما يتم ترويجه عربيا بشكل أكبر، أو من فزاعة كل المعارضين القادمين من المنافي بحجة أنهم لم يشاركوا في حريق الثورة المقدس التي انطلقت في سيدي أبوزيد في 17 ديسمبر 2010،وهو جزء من إستراتيجية تشتيت الفكرة وموقف غير موضوعي من المؤكد أن العقلاء يتجاوزونه.
تنطلق هذه الورقة من فرضية رئيسة هي أن الثورات العربية على مدار تاريخها الطويل كانت دائما عرضة لمشاكل بنيوية عتيقة تأكل نتائجها وتشوه جسدها الشفاف وقضاياها الواضحة.

1- الاحتكارية
عبر رغبة كل فصيل في احتكار شرعية الثورة بعد نجاحاتها، ومحاولة إقصاء المختلفين معها من الرفقاء وأحيانا تشويههم، وهذا ما فعله الكثيرون من قادة ثورات الاستقلال في العالم العربي مع رفقائهم وشركائهم السابقين، فعله عبد الناصر مع يوسف صديق وخالد محيي الدين وعبد المنعم عبد الرؤوف، وفعله بورقيبة مع اليوسفيين وغيرهم، وفعله صدام حسين وحافظ الأسد وغيرهم.

2- الكاريزمية وعبادة الزعيم:
تتم صناعة الكاريزما إعلاميا وعبر المنابر الإعلامية الداعمة لشخصيتها، وهكذا يرتفع زعماء الثورة فوق النقد، ويصيرون مقدسا يعبد من قبل الدهماء والجماهير، على منوال ما كان يفعله النازي " عبادة هتلر" ويكون الزعيم في هذه الحالة معصوما لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، هكذا أراد سعد زغلول لثورة 1919 حين أصر على أن كل معارضيه يريدون أن يبيعوا القضية، ولم يكونوا سوى شركائه وزملائه، بينما ادعى شيخ مساند له، هو الشيخ حسن القاياتي، في صعيد مصر أن ورق الفول قد نبت في منطقته مكتوبا عليه" يحيا سعد" وهكذا نجحت كاريزما عبد الناصر في تجاوز كل أخطائه الخارجية عبر الهزائم والنكسات، وإبقائه برغمها، أو الداخلية عبر إدماج الكل في واحد وتصفية كل صناع الثورة من الرفقاء والشيوعيين والإخوان، وهكذا أراد البعض بورقيبة- رغم بعض حسناته- وبقي صدام في مخيلة ميشيل عفلق والبعث القائد النبيل والنبي البطل!
وربما تكون ميرة لثورة الياسمين كونها بلا كاريزمات زعاماتية، فأبطالها الوسائط الاجتماعية والمعلوماتية والمواقع التفاعلية( الفيسبوك وتويتر وغيرها)، أبطالها الناس والجماهير حين تتحرك كالإليكترونيات حول نواة التغيير الواحدة.

3- الاستغراق في لحظة الثورة دون الانتقال لمعمار الدولة:
كثيرا ما عاش مفجرو الثورات في لحظتها وشرعيتها عقودا بعدها، وليس غريبا أن تتحدث حكومات الشيخوخة العربية عن شرعية ثورية مرت عليها الآن خمسة عقود ونيف التي تقوم عليها، رغم أن اللحظة مفارقة ومختلفة، فشرعية الثورة شيء وشرعية الدولة شيء آخر، كما أن لحظة الثورة تختلف بنيويا ورمزيا بشكل كلي عن معمار الدولة وتحديد هندستها وإستراتيجيتها وثوابتها ومتغيراتها، لحظة الثورة أشبه باقتلاع الفاسد من الأرض وتعبيد طرقاتها أما معمار الثورة فهو زراعتها ورعايتها بعد أن زالت عوائقها، ونظن أن الاستغراق في لحظة الثورة هي آلية يستخدمها فقط من يريدون احتكار شرعيتها ودولتها.
ونظن أن أبرز ميزات الحالة التونسية الراهنة هو رسوخ الفهم التعددي والمتجرد لدى كثير من الفاعلين في ثورتها، ولا يصح القول إن إيمان البعض بهذه التعددية هو مزايدة على قوى سياسية معينة، كما سارع البعض لاتهام منصف المرزوقي أو مصطفى بن جعفر أو حمة الهمامي لدفاعهم السابق عن الحقوق السياسية للحركة الإسلامية التونسية، رغم أن القوم ما كانوا ينطلقون من غير مبادئهم وقناعاتهم، وهي المواقف الواجبة لأي ليبرالي غير أصولي يؤمن بالحق الإنساني في التعبير والممارسة السياسية.

 

 


 

البواسل

ليس القوي من يكسب الحرب دائما
وإنما الضعيف من يخسر السلام دائما

   

رد مع اقتباس

قديم 10-02-11, 08:09 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
البواسل
مشرف قسم العقيدة / والإستراتيجية العسكرية

الصورة الرمزية البواسل

إحصائية العضو





البواسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

محاولات الالتفاف على الثورة
عقب رحيله ربما أراد زين العابدين بن على ونظامه أن يضمنا حدا أدنى من السياج الخلفي المحتمل للأمان، عبر بقاء رموز من الحكومة السابقة، وقيام الغنوشي بتولي مهام رئيس الدولة وهو ما لم يصح دستوريا، فتولى فؤاد المبزع رئاسة الدولة، بينما شكل الأول الحكومة التي ضمت ثمانية حقائب وزارية لأعضاء التجمع الدستوري والحكومة السابقة بينها ستة حقائب رئيسية، منها الداخلية والدفاع، ولكن أمام المظاهرات الرافضة لهذا الالتفاف ولوجود رموز النظام الفاسد للرئيس في الحكومة الانتقالية، وهو ما أكدت عليه كل القوى الحية في المجتمع التونسي، بدءا من اتحاد الشغل حتى الحقوقيين والحزب الشيوعي والإسلاميين والشارع التونسي، ربما باستثناء فصيل نجيب الشابي الذي استقال بعض رموزه مؤخرا اعتراضا على عدم انسجامه مع مطالب الشارع والثورة وهو ما اعتبر انشقاقا داخله من قبل معارضي توجهاته، كما استقال الوزراء الممثلون لاتحاد الشغل من الحكومة الانتقالية التي تم تشكيلها من قبل محمد الغنوشي، كما استقال وزير ممثل لحزب التجمع الدستوري الحاكم سابقا.

واستجابة لضغوطات الشارع والقوى الحية في الثورة الخضراء تراجعت الحكومة وأعضاؤها بحركة التفافية عبر تقديمهم الاستقالات من التجمع الدستوري وبقائهم في الحكومة، ونراه وضعا يكشف في عمقه عن اختلال أخلاقي ومبدئي بالأساس، حيث يكون التضحية بالانتماء دون التضحية بالمنصب، ولا زال الشارع التونسي يطالب الحكومة حتى يوم أول اجتماعاته بحل حزب التجمع الدستوري الحاكم في عهد كل من بورقيبة وبن على، بل طالب منصف المرزوقي أثناء وجوده في مدينة القصرين باسترجاع الشعب مقاره واستردادها بالقوة.

قد ينطرح في وجه ما يراه جسد الثورة والشارع محاولة لفوفية من بقايا نظام الرئيس المخلوع بن على من ضرورة حل الحزب الحاكم لنظامه والإصرار على خلو الحكومة الانتقالية من وزراء سابقين في حكومته، الحديث عن الشرعية التاريخية لهذا الحزب، حزب الاستقلال الأول، وعن كون بن على قد ركب جدرانه وتم فصله ومعاونيه منه، والقبول بفكرة استقالة وزراء الحكومة الانتقالية الجديدة منه، وتأكيدات رئيسها المستمر وكذلك رئيس الجمهورية المؤقت على القطيعة الكلية مع الماضي، واستحالة عودة بن على والفصل بين الحكومة والأحزاب، ولكن إذا كان كل ذلك هدفا وأمكن لرموز هذا الحزب الاستقالة السريعة منه لماذا لا يتم حله وقص صفحته من الكتاب الجديد، خاصة وأن شرعية الاستقلال قد قضت منذ نيف وخمسين عاما ونحن في لحظة استقلال ثان، تستعيد المواطن كما استعاد التجمع الدستوري وغيره الوطن ولكن احتكروه في السابق.

ولكن نرى رغم ذلك أنه ربما يحتاج الأمر لشيء من التوازن وعدم تمديد الفترة الانتقالية عبر الاعتراضات العائقة لحكومتها، والتعجيل بتعبيد الطريق للانتخابات البرلمانية القادمة، وقد اتخذت الحكومة في أول اجتماعاتها قرارا بالعفو العام عن جميع الحركات والأحزاب السياسية المحظورة في عهد الرئيس السابق، بما فيها حركة النهضة الإسلامية(1)، كما تم الإفراج على مدار يومي 18 و 19 يناير عن مختلف السجناء السياسيين، الذين اقترب عددهم من 1800 سجين سياسي في البلاد.
لذا ينبغي ألا يطول التركيز فقط على حل التجمع الدستوري رغم ما يمثله من مرحلة طويلة من الخديعة الشعبية الداعمة للمستبد في السابق، ووضع دور الجيش وحدود العلاقة معه في الحسبان، فقد قدم الجيش التونسي درسا نبيلا لكل الجيوش العربية بأنها تحمي الأمة قبل أن تحمي حكامها، وتحترم خياراتها وتحميها وليست تقمعها، ومن هنا من الضروري ضم عناصر والاكتفاء بتنازلات واستقالات أعضاء الحكومة الحالية منه، والتركيز على إصدار العفو القانوني الشامل عن كل القوى والأحزاب المحظورة وتحديد الإجراءات المطلوبة والموضوعية لهندسة الدولة المرتقبة والوليدة، ومن المهم كذلك تأطير جهود كل التيارات الداخلية الداعية للتغيير في هيئة تمثيلية أو مجلس حكماء لمتابعة سير الحكومة، بعد خروج بعض ممثلي الثورة منها، لمتابعة تنفيذ كل التعهدات وتعبيد الطريق نحو تونس الجديدة.

ومن المهم تجاوز هذه القوى الجديدة والقديمة، التي طالما دعت للتغيير، للظنون واتهامات ركوب الموجة، خاصة وأن تاريخ كثير منها في النضال الحقوقي والمدني والسياسي في تونس الحديثة معروف للجميع ومحل تقدير وإن بقيت التحفظات التي تحتمل اختلافا، وهذا سيجعل الانشقاق يخترق إجماع القوى الحية والشارع السياسي ويتيح السبيل للمستبدين القدامى أو الجدد، فتونس بحاجة لعملية الجمع لا الطرح والقسمة لا الضرب.
فزاعة الإسلاميين وتشتيت الأفكار
رغم أني ليبرالي التوجه لكن أشدد على رفض الأصولية العلمانية التي تتمسح بها وتتدعم الآلة الاستبدادية منذ قديم، في ترويج الخوف الأصولي، وهو ما بدأ يتبدى بقوة في الحالة التونسية من قبل عدد من المراقبين والمحللين غير التونسيين والتونسيين كذلك، منذ أن أعلن عن عودة حركة النهضة ورفض الحظر عنها، واحتمالات عودة رئيسها الأستاذ راشد الغنوشي قريبا من منفاه في لندن.
وهو ما بدأت بعض الجرائد الغربية والكتابات العربية تحذر منه، وتصنع منه فزاعة تهدف فقط لاستئناف الحجة القديمة لنظام بن على في تبرير استبداده، والحجة الدائمة لعدد من الأنظمة في تبرير وجودها وهيمنتها ونظامها الكلي بفزاعة الإسلاميين، كما هو باد في مصر والجزائر وغيرهما.
ونظن أن حضور هذه الفزاعة الآن في الحالة التونسية هو جزء من محاولة احتكار الثورة والشرعية، والعودة للمربع القديم، وإنكار للتطورات الهائلة التي شهدتها حركة النهضة على المستويين النظري والعملي، في قبولها بقيم التعددية والديمقراطية وتوسيع حدود المرجعية وعدم انجرافها لأي عمليات عنفية رغم محاصرة النظام السابق لها بكل الوسائل العنيفة.

ونزيد أن حركة النهضة التونسية رغم أنها لم تكن مؤثرا في الهبة الأخيرة التي بدأت من سيدي أبوزيد، ولم تدع شيئا من ذلك، ويعاني حضورها من ندرة في الشارع التونسي في الوقت الحالي، إلا أنها النموذج العربي الأقرب كما يتجلى في كتب رموزها للنموذج التركي للعدالة والتنمية، والأكثر قربا من طرحه عربيا حتى الآن، رغم أننا نستبعد صعود الإسلاميين وهيمنتهم على النظام السياسي في مجتمع حر وحي شأن المجتمع التونسي، وهم بديل شرعي يأتي احتجاجا على ممارسات الأحزاب والأنظمة المستبدة، وليس اختيارا مرجحا حين تكون كل الاختيارات متاحة، وحين تتعدد النخب- القبلة التي يمكن أن يقصدها الناس ويثقون بها يستحيل أن يبقى الإسلاميون قبلة راجحة، فهم قبلة راجحة متى عدمت القبلات الأخرى أو فسدت.

وهذا مرجح في ظل ميزة واضحة من ميزات ثورة الياسمين أنها أتت خالية من الشعارات الأيديولوجية، سواء الإسلامية أو القومية، فقد خرجت من مخاض احتياجات الإنسان العادي اعتراضا على السلطة المطلقة والمفسدة المطلقة، وتأكيدا على حقوق المواطنة والعدالة الاجتماعية، وهذه المخاضات الآنية واليومية والاحتياجات التي لا تقبل التأجيل يصعب أن تزاح من أجل دولة دينية صار حتى خطاب النهضة بعيدا عنها بكثير.
ومن المهم في هذا السياق التأكيد على أن تونس أوسع من تيار واحد أو اتجاه واحد، وإن هذه الفزاعات، الإسلاميين أو حتى مجموعات اليسار الجديد الصاعدة والفاعلة في الشارع التونسي الآن، هي تبريرات لاحتكارات ممكنة وسيناريو معروف في احتكار الثورات كما سبق أن أسلفنا، أو مغازلة للغرب المهووس بالإسلاموفوبيا والخوف الأصولي في شرعنة وجود المستبد لا غير.
ونؤكد كذلك على أن الديمقراطية يمكن أن تحمي نفسها، وقد نجحت حركات حقوق الإنسان، منظمات ومقولات، في إحداث تطورات بنيوية في مواقف العديد من الإسلاميين في تونس والمغرب بالخصوص من مسألة الديمقراطية ومنظومة الدولة، عبر ما كان يسميه الراحل النبيل محمد السيد سعيد" التعلم بالديمقراطية" الناتج عن الحوار مع الحركات ذات الإسناد الديني، وفي المجتمعات التي تمكن للديمقراطية والتعددية تحمي هذه المبادئ نفسها، ومن هنا لا نرى أي شرعية لفزاعة الإسلاميين في تونس حاضرا أو مستقبلا بأي حال، وكفانا أن هذه الفزاعة كانت أداة المستبد- سابقا وحاليا- في شرعنة استبداد وشرعنة وجود جماعات العنف الديني في مواجهته، التي تلح على عدم نجاعة السبل السلمية في تعيير الجماعات المعتدلة عن رؤاها.

ولعل التركيز على هذه الفزاعات أو تبادل الاتهامات بين قوى الثورة أو محاولة احتكار الشرعية الثورية والانحباس في لحظتها دون التحول للمعمار التوافقي لها الذي يقبل التعددية ويركز على قضايا الوطن دون قضايا الفصيل، فقد كان التحزب أكبر عائق أعاق ثورة مصر الكبرى سنة 1919 عن تحقيق هدفها في الاستقلال بل والحفاظ على الدستور لخلاف الرفقاء وسعى بعض قادتها لاحتكار زعامتها، رغم تجاوب كل الشعب معها حين انطلقت شرارتها الأولى.
النخبة التونسية ومعمار الثورة
لما سبق ووعيا بالمشاكل البنيوية التي أعاقت ثورات العرب السابقة، فأحالتها لأنظمة ثورية ولكن عسكرية وأحادية، تسئ لمنطق السلطة وفلسفة الأمر، والبقاء عقودا في لحظة الثورة وشرعيتها عقودا دون تشييد معمارها، الذي أعلنته أهدافا ومبررات لها، التي خرجت من رحم المجتمعات لتحقيقها، التي اجتاحت من الضروري التحول من منطق الثورة الملتهب إلى فلسفة العمران وبناء الدولة الهادئ والتوافقي! من لحظة بوعزيزي لمنطق ابن خلدون، وضرورة تحلى النخب المتصدرة للمشهد جميعا بالتجرد ونكران الذات، تقديم المجال العام على المجال الخاص، والتحلي بلغة جديدة تتجاوز لغتنا العتيقة في الحوار السياسي التي تشبه لغة المفاخرة والمنافرة في أدب المعارضات في العصر الجاهلي، حين تصر على الظن والاهتمام وترويج الإشاعات المتبادلة.

يقوم معمار الثورة على مبدأ أساس وهو الاتفاق على الأهداف الكلية وتجاوز التفاصيل الاختلافية، وضرورة اعتماد مرجعيات مفتوحة في سياقاتها لا تحتمل اختلافا ضيقا أو تختنق داخل منظور أيديولوجي ضيق، فالأحادية النظرية والمنظورية هي أساس التسلطية والشمولية السياسية.
ربما يكون صوابا القول أنه لا توجد ثورات ناجحة قدر ما توجد إخفاقات دول، ولكن الأصح أنه قد لا تنجح الثورة في تحقيق دولتها التي لا حملتها وعودها الثورية، وهذا هو التحدي البنيوي الذي يواجه القائمين عليها، ويستدعي الانتقال من لحظتها لفلسفتها ومعمارها وتحديد تحدياتها واستجابتها وإستراتيجيتها في إنفاذ ما تريد دون إغراق في التفاصيل أو في معارك فرعية، وهو ما يمثل العلامة الأبرز على جدارة النخبة التونسية الفاعلة الآن بهذا الشعب الذي سبقها واستطاع أن يجبر مضطهديه ونظام بن على الديكتاتوري على الفرار والاختفاء في زوايا النسيان.

ربما يمكننا القول أن النخبة التونسية كانت أصدق فعلا وأكثر قدرة على التغيير، وعدم إرباك حركة الشارع أو تعويقه، أكثر من سواها في مصر والجزائر، البلدان الأكثر ترشحا الآن لتمثل الحالة التونسية على المستوى الشعبي، خاصة وأن نظام بن على لم يستطع تدجين وتحريف كثير من عناصر هذه النخبة الفاعلة عن مساراته، بينما استطاعت الحكومات الأخرى تدجين وتشويه كثير من النخب وقوى المعارضة والإصلاح، فغدا معارضا كبيرا من لم ينل مغنما كان يسعى إليه على موالاته، وغدا مواليا كبيرا من نال ما أراد، وتوافق قوى معارضة ومعترضة سياسات تعود الناس معارضتها لها لمجرد بعض المكاسب العارضة، فضلا- وهو الأهم- صار السجال- وليس غير السجال- هو سمة الخطاب العام والمجال العام، اتهامات متبادلة وتحيزات واضحة تتوزع على كل الجوانب.. وفي هذه الحالة نقول هذه هي الحاجة الملحة لإنتاج نخب بديلة، وصارت عملة المثقف المستقل الذي يتماهى مع ضميره ورسالته في الإصلاح عملة نادرة، وكثيرا ما يكون بعيدا مقصى لأنه بعيد عن الولاءات والموالاة! وفي الحالة المصرية تاريخيا كان دور المثقف مهما في التغيير، وقراءة سير العديد من الفاعلين في التاريخ السياسي المصري يلاحظ علو ثقافتهم واتساع أفقهم المعرفي بشكل كبير، بدءا من مصطفى كامل مرورا بسعد زغلول حتى كثير من ضباط ثورة يوليو.

أما في الحالة الجزائرية فالملاحظ هو أن "سير الفاعلين السياسيين في الجزائر، مستوياتهم الثقافية بسيطة جدا، وأن المثقفين وأصحاب الشهادات دورهم محدود جدا. ومن ميزات التاريخ السياسي في الجزائر ضعف دور المتعلم والمثقف" وأنه تحول في الجدل السياسي إلى دور قطاعي، كما يقول عبد الناصر جابي فيحاور" المثقف المعرب جمهورا معينا والمثقف المفرنس يخاطب جمهورا آخر، وكل واحد يستعمل لغة محددة ومفاهيم محددة ولا يتوجه إلا إلى جزء من الأمة. وعندما نصل إلى المستويات السياسية يتحوّل الأمر إلى قطاعية. هناك جرائد تتوجه إلى جمهور معين. جريدة ''الوطن'' ذات تأثير كبير جدا لكن في قطاع معين، في الفئات الوسطى والإطارات وكبار السن. أما ''الشروق'' فلها تأثير لدى قطاع آخر الذي يمثله المتعلمون باللغة العربية. نحن في مستويين متباينين والنتيجة هي ضعف تأثير المثقف وعدم وجود مثقفين يقومون بعملية تجسير. ''المثقف الوطني'' غير موجود في الجزائر لكنه موجود في تونس وموجود أيضا في المغرب وفي مصر"(2).

ونحن نظن أن المثقف المصري الفاعل- الآن- هو مثقف سجالي خاصة المعتبرين اجتماعيا وقاعديا والأقرب للشهرة، في جزء كبير منه، ورغم دفع مشكل كالتوتر الطائفي له للعودة للدائرة الوطنية إلا أنه سريعا ما ينتقل لدوائر السجال المعروفة الأخرى، فضلا عن أن أغلب التأطيرات القائمة تمارس التوصيات والنصائح المنظمة أكثر منها تمارس نقدا جذريا وفعلا اجتماعيا تغييريا واضحا.
ونظن أن الحالة التونسية التي حفلت بمثقفين أكثر اتساعا وأكثر تسامحا سياسيا مع المختلفين معهم أيديولوجيا، وإصرار كثيرين منهم على الاحتفاظ باستقلالية المثقف، تماهت مع الحالة الاجتماعية الجديدة التي حركتها نخب وسيطة وجديدة ووسائط الاتصالات الحديثة، ويبقى الاختبار الأكبر لها هو في تحديدها إستراتيجية تونس- المستقبل من مرجعية توافقية وتعددية بشكل رئيس.
_______________

كاتب وباحث مصري

الإحالات:

1 – انظر جريدة الحياة في 21 يناير سنة2011 .
2 - انظر حوار أحميدة عياشي مع الدكتور عبد الناصر جابي، جريدة الجزائر نيوز في 17 يناير سنة 2011، على الرابط التالي: http:// w w w .djazairnews.info

المصدر: مركز الجزيرة للدراسات

 

 


البواسل

ليس القوي من يكسب الحرب دائما
وإنما الضعيف من يخسر السلام دائما

   

رد مع اقتباس

إضافة رد

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:38 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
 

شبكـة الوان الويب لخدمات المـواقع