مسودة قانون لتجنيد الحريديم في الجيش يثير الجدل بإسرائيل (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي - عضو مجلس السيادة الانتقالي في السودان (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 1 - عددالزوار : 6 )           »          مقال في "نيويورك تايمز": ترامب فوق القانون (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الجنرال محمد إدريس ديبي - رئيس المجلس الانتقالي في تشاد (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 2404 )           »          الجيش الأحمر.. قصة منظمة زرعت الرعب في ألمانيا واغتالت شخصيات هامة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          البنتاغون: إسرائيل ستشارك في تأمين الميناء المؤقت بغزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          جرائم الحرب (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          جرائم ضد الإنسانية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          التطهير العرقي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          تنظيم الدولة يتبنى هجوم موسكو وسط إدانات دولية ونفي أوكراني بالضلوع فيه (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 63 )           »          احتكاك عسكري بين روسيا وأميركا في القطب الشمالي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          صحيفة روسية: الناتو مستعد للحرب ضد روسيا منذ 10 سنوات (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          ولاية ألاسكا.. تنازلت عنها الإمبراطورية الروسية واشترتها أميركا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 60 )           »          حزب الله يستهدف موقع رادار ومنصتين للقبة الحديدية الإسرائيلية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          بعد عامين من إنشائه.. ما هو حال قراصنة "جيش أوكرانيا الإلكتروني"؟ (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »         



 
العودة   ..[ البســـالة ].. > جـناح التــاريخ العسكــري و القيادة > قســـــم التــاريخ العـســــكــري
التعليمـــات قائمة الأعضاء وسام التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة
 


طرابلس في قبضة العثمانيين.. يوم استغاثت ليبيا بالسلطان سليمان القانوني لإنقاذها من الإسبان

قســـــم التــاريخ العـســــكــري


إضافة رد
 
أدوات الموضوع

قديم 01-09-22, 10:29 AM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي طرابلس في قبضة العثمانيين.. يوم استغاثت ليبيا بالسلطان سليمان القانوني لإنقاذها من الإسبان



 

طرابلس في قبضة العثمانيين.. يوم استغاثت ليبيا بالسلطان سليمان القانوني لإنقاذها من الإسبان

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


1/9/2022

في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي، كان كلٌّ من "فرديناند" ملك "أراغون" و"إيزابيلا" ملكة "قشتالة" يخطوان الخطوات النهائية في الطريق إلى إسبانيا الموحَّدة، ويُنهيان الوجود الإسلامي المستقر منذ ثمانية قرون في الأندلس، متطلعين إلى توسيع نفوذهما ومُلكهما خارج أوروبا، لا سيما في شمال أفريقيا أو المغرب الكبير الممتد من حدود مصر الغربية وحتى ساحل المحيط الأطلسي، واستغلوا في سبيل هدفهم عوامل ضعف وتشظي المناطق المتصارعة والخاضعة لمختلف الدول الإسلامية آنذاك.
كان الدافع الإسباني وراء الهجوم على مسلمي المغرب، كما هاجموا مسلمي غرناطة والأندلس طوال قرون، دافعا دينيا بالأساس، لا سيما أن ملوك إسبانيا الكاثوليك اعتبروا أنفسهم حماة للكنيسة ورعاة لها، وأشعلوا في سبيل ذلك حروبا ضخمة ضد المخالفين مذهبيا داخل القارة الأوروبية مثل الهولنديين والإنجليز، فضلا عن المسلمين. ولهذا السبب بدأ تحرُّكهم ضد الوجود الإسلامي في شمال أفريقيا منذ عام 1508م بقيادة "بدرو نافارا" الذي أغار على السواحل المغربية، وفي العام التالي هاجم مدينة "وهران" الجزائرية، ومنها توجَّه إلى "بجاية" ونهبها في عام 1510م.

طرابلس تحت رحمة الإسبان

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عمد الإسبان إلى نهب مدينة طرابلس وتهجير أهلها، حتى عمَّها الخراب والتدمير، وانتقل عشرات الآلاف من الناس إلى الموانئ الأخرى مثل "مصراتة" و"تاجوراء". (مواقع التواصل الاجتماعي)ومع توسُّع القوات الإسبانية في شمال أفريقيا، قرَّر الإسبان التمدد حتى السواحل الليبية واحتلال أهم مدنها "طرابلس الغرب". وبالفعل انطلق "نافارا" بقوة قدرها 8000 مقاتل و120 سفينة بحرية كبيرة وصغيرة، جاءت من إسبانيا و"صقلية" و"مالطا" و"نابولي". وفي يوليو/تموز 1510م/ربيع الآخر 916هـ بدأ حصار الأسطول الإسباني للمدينة، ودكَّ أسوارها عند منطقة تُسمى "سيد الشعاب"، ونتيجة للقصف الشديد تمكَّن الإسبان من اختراق السور، وفُتح أحد الأبواب خلال الساعات الأولى من النهار، وقبل انقضاء ذلك اليوم أتمَّ الإسبان احتلال القلعة وبعض النقاط الرئيسية في المدينة رغم الصمود الباسل الذي أبداه الطرابلسيون في المعركة[1].

يخبرنا المؤرخ المصري المملوكي "ابن إياس"، المعاصر لتلك الأحداث، في كتابه "بدائع الزهور" أن الأخبار جاءت إلى القاهرة بعد شهر تقريبا على هذه المعركة "بأن الفرنج قد ملكوا مدينة طرابلس الغرب، وهي مدينة عاصية، ولولا أن الفرنج تحايلوا على أخذها لما قدروا على ذلك، وقد أحاطوا بها برا وبحرا، فوقع بين الفريقين واقعة عظيمة، وقُتل من المسلمين من نحو أربعين ألف إنسان، وكانت هذه الحادثة من معظم الحوادث المهولة.. فلما بلغ السلطان (المملوكي "قنصوه الغوري") ذلك تنكَّد إلى الغاية، وكذلك الناس قاطبة"[2].
عمد الإسبان فيما بعد إلى نهب المدينة وتهجير أهلها، حتى عمَّها الخراب والتدمير، وانتقل عشرات الآلاف من الناس إلى الموانئ الأخرى مثل "مصراتة" و"تاجوراء"، وطوال أربعة أعوام تالية لم تهدأ مقاومة أهل طرابلس للإسبان، وفقدوا في سبيل ذلك الآلاف من خيرة رجالهم. وفي تلك الأثناء برزت تطورات مهمة، حيث تمكَّن العثمانيون من السيطرة على الجزائر بمساعدة الأخوين "بربروس"، كما استطاعوا إسقاط الدولة المملوكية في مصر والشام، وتزايد نفوذهم البحري حتى طردوا فرسان "القديس يوحنا" الصليبيين من جزيرة "رودس" القريبة من سواحل الأناضول، وشرع هؤلاء الفرسان الصليبيون يفاوضون الإمبراطور الإسباني "شارلكان" لعرض خدماتهم عليه بعد انسحابهم من "رودس" واستقرارهم في جزيرة "مالطا" القريبة من السواحل الليبية، التي منحها لهم الإمبراطور "شارلكان" بعد إلحاح من البابا في روما.


فرسان القديس يوحنا واستمرار المعاناة

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

(مواقع التواصل الاجتماعي)


تضمَّنت مفاوضات فرسان "القديس يوحنا" مع إمبراطور إسبانيا السيطرة على طرابلس الغرب بدلا من القوات الإسبانية وفق عدة شروط، أولها محاربة الإسلام والمسلمين وكسر شوكتهم، وثانيها الوقوف بجوار إمبراطور إسبانيا، وثالثها مواجهة أي خطر عثماني داهم. وقد قَبِل مرشد فرسان "القديس يوحنا" هذه الشروط، واتخذ من طرابلس الغرب مقرا عسكريا، وبدأ فرسانه يُنزلون بالأهالي سوء العذاب، كما عملوا على تغيير معالم مدينة طرابلس الإسلامية إلى الصبغة المسيحية، فسمّوا أكبر ميادينها ميدان "القديسة باربرا"، وأعادوا تسمية بعض أبراج المدينة بأسماء مماثلة مثل "القديس جورج" و"القديس جاكومو"[3].
وبعد مواجهات دامية ضد الإسبان، قرَّر وفد من أهالي ليبيا التوجُّه إلى إسطنبول لمقابلة السلطان "سليمان القانوني" وطلب المساعدة العاجلة منه، على غرار الوفد الذي أقامه وأرسله أهل الجزائر، ونتج عنه دعم الدولة العثمانية لـ"خير الدين بربروس" باشا. ولاقى النداء العاجل والمظالم التي حكاها أهل طرابلس الغرب للسلطان "سليمان" صداها، فأمر أحد قادته واسمه "أندروللي مراد أغا" بقيادة أسطول عسكري عثماني مُصغَّر وبعض الجنود الإنكشارية، وانتهى بهم المطاف عند مدينة "تاجوراء" القريبة من طرابلس الغرب، وبدأت المقاومة العثمانية الليبية منذ ذلك التاريخ تؤتي نتائجها[4].


ولئن استقرت منظمة فرسان "القديس يوحنا" في طرابلس الغرب عسكريا في حدود عام 1530م، فقد بدأت الظروف العسكرية في محيطهم الجغرافي تنقلب ضدهم، إذ استطاع "خير الدين بربروس" تحرير الجزائر وتونس من الهيمنة الإسبانية، وشرعت قوات "مراد أغا" طيلة سنواتها في "تاجوراء" وغيرها في المقاومة، ورغم استعادة الإمبراطور الإسباني "شارلكان" لتونس عام 1534م، فإنه قرَّر أن يستثمر النصر لاحتلال الجزائر سنة 1541م، وانطلق بقواته التي عُدَّت أضخم حملة عسكرية في القرن السادس عشر الميلادي، لكنها مُنيت بهزيمة ماحقة على يد "بربروس" ورجالاته.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

(مواقع التواصل الاجتماعي)


على الجانب الآخر، آتت مقاومة "مراد آغا" والليبيين ثمارها مع الوقت، فاستطاع أن يوسِّع دائرة إمارته، ففي عام 1543م استطاع ضم مدينتَيْ "مسلاطة" و"ترهونة"، وفي العام التالي ضم "غريان" و"بني الوليد". وفي الوقت نفسه تواصل مباشرة مع إسطنبول يُعلِمها آخر أوضاعه ومستجدات الاحتلال، ويحثّها على ضرورة الإسراع بإرسال الأسطول العثماني الكبير لتدمير الوجود الصليبي في ليبيا الذي أخذ يسرف في قتل وتشريد الليبيين بفضل المساعدات الإسبانية.
لحُسن الحظ وجد "مراد أغا" عونا دبلوماسيا في تلك الأثناء، ففي إسطنبول انضم أحد كبار القادة البحريين العثمانيين، واسمه "الريس طرغوت"، وهو من رجالات "بربروس"، إلى البحرية العثمانية مع سُفُنه، فأُرسل إلى فرنسا لتحريرها من الاحتلال الإسباني المدعوم من بعض القوى الأوروبية إثر استغاثة فرنسا بالدولة العثمانية. وبفضل مهارته وقدرته العسكرية والبحرية نال "طرغوت" إعجاب السلطان العثماني "سليمان القانوني" الذي منحه بعض الامتيازات المعنوية، حتى استطاع أن يتقلَّد منصب قبطان غرب البحر المتوسط. وكان "طرغوت" على اطلاع قريب بأحوال طرابلس الغرب، ومعاناة الأهالي من جرائم فرسان "القديس يوحنا".
ولهذا السبب توجَّه إلى إسطنبول وقدَّم شرحا وافيا للسلطان عما يحدث للمسلمين في طرابلس، وأنهم ينتظرون من الدولة العثمانية رفع الظلم وإنقاذهم من الاضطهاد. ولم يكتفِ "طرغوت" بحضِّ السلطان دينيا، بل وشرح له -مثل قائده "بربروس"- الأهمية السياسية والاقتصادية والعسكرية لمناطق الشمال الأفريقي، وأن سيطرة الدولة العثمانية عليها ستمنع العدو الإسباني وأذياله من موطئ قدم يُهدِّد مصالح الدولة العثمانية مستقبلا، وستحد من هجماتهم على المسلمين وتجارتهم في شرق وجنوب البحر المتوسط[5].
طرابلس الغرب في قبضة العثمانيين

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

لسلطان "سليمان القانوني" (مواقع التواصل الاجتماعي)


حين اقتنع السلطان "سليمان القانوني" بخطورة الأوضاع في طرابلس، أمر قائد البحرية العثمانية القبطان "سنان" باشا بتجهيز الأسطول والتوجُّه صوب طرابلس لتحريرها وطرد فرسان "مالطا" منها، بل والتوجُّه إلى "وهران" و"بجاية" و"تونس" لتأكيد السيادة العثمانية عليها. وبالفعل جهَّز "سنان" باشا أسطولا ضخما مُكوَّنا من 112 سفينة و52 مركبا و8000 جندي إنكشاري و400 محارب وصانع و600 فارس بخيولهم، مع كميات ضخمة من المؤن والمعدات اللازمة، وعُهد إلى "طرغوت" بقيادة بعض السفن الأخرى المعاونة للأسطول، وحين أدرك فرسان "مالطا" اقتراب الأسطول سارعوا يطلبون العتاد والعون من نائب الملك الإسباني في جزيرة "صقلية".
اقترب الأسطول العثماني من جزيرة "مالطا"، المقر الروحي لفرسان "القديس يوحنا" وقلاعهم الحصينة، وحاول "طرغوت" أن يُقنع "سنان" باشا بمهاجمة الجزيرة والقضاء على وجود الفرسان فيها، وضم الجزيرة لسيادة العثمانيين. بيد أن التعليمات التي أُعطيت لـ"سنان" باشا كانت التوجُّه مباشرة صوب ليبيا، فضلا عن أن ضخامة القلاع وحصانة الجزيرة جعلتا "سنان" باشا يُعرض عن مقترح "طرغوت" ويستمر في الإبحار حتى بلغ الأسطول الشواطئ الليبية في "تاجوراء" قُرب طرابلس الغرب وذلك في أغسطس/آب 1551م، ومن هناك وجَّه رسالة إلى حاكم القلعة وقائد الفرسان "جاسباري دي فاليير" طالبا منه الاستسلام ومنحه الأمان إذا استجاب للأوامر العثمانية بالانسحاب[6].
رفض حاكم فرسان "القديس يوحنا" العرض العثماني، وأعلمهم أنه مُصمِّم على الدفاع عن طرابلس الغرب واستمرار احتلالها، فقرَّر "سنان" باشا بمعاونة كلٍّ من "طرغوت" و"مراد أغا"، القائد المقاوم في "تاجوراء" منذ سنين، مهاجمة طرابلس وحصارها، وفي أثناء الحصار جاء السفير الفرنسي في المدينة "دارمونت" طالبا رفع الحصار، والتراجع عن ضم المدينة، لكن "سنان" باشا رفض الطلب الفرنسي. ومع رفض "سنان" باشا حاول السفير الفرنسي التوجُّه إلى إسطنبول للحصول على عفو لفرسان "القديس يوحنا"، مُستغِلًّا متانة العلاقات العثمانية الفرنسية في ذلك التوقيت، لكن "سنان" باشا منعه من مغادرة المدينة قبل الانتهاء من العملية العسكرية[7].
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

استطاع "طرغوت" إخضاع القبائل التي تمرَّدت على سلطان العثمانيين في المنطقة. (مواقع التواصل الاجتماعي)


وإزاء الحصار الخانق على طرابلس وحصونها العسكرية التي كان فرسان "القديس يوحنا" موجودين فيها، بدأ قسم كبير من هذه القوات بالانسحاب من القلعة بسبب قلة الماء، في حين نشر الأتراك مدافعهم باتجاهها حتى باتت على بُعد ثلاثين خطوة فقط. وفي غضون أيام اقتحم 4000 جندي عثماني الحصن، ورغم فشل الهجوم، فإنه أرعبَ جنود الفرسان، فصاروا يبحثون عن وسيلة تُمكِّنهم من الهرب إلى "مالطا" أو "صقلية". وقد حاول قائدهم "دي فاليير" إقناعهم بالعدول واستمرار المقاومة، لأن هروبهم وترك القتال عمل مُنافٍ للشرف العسكري، ولكن محاولاته باءت بالفشل، فوجد نفسه وحيدا بعد أن تخلَّى عنه جنوده، واضطر إلى رفع الراية البيضاء فوق الأسوار معلنا استسلامه. وفي هذه الأثناء جاء رسولان من قِبَل ملك إسبانيا يعرضان على "سنان" باشا تخلي قوات الفرسان عن المدينة شريطة المحافظة على أفراد الحامية والتعهد بنقلهم سالمين إلى "مالطا" أو "صقلية"[8].
وبعد مشاورات، وبناء على نصيحة المخضرم "طرغوت" الذي طالما واجه الإسبان في جنوب وغرب البحر المتوسط، قَبِل "سنان" باشا العرض، ولكن لأن قسما آخر من الفرسان بقيادة رجل فرنسي اسمه "دي روش" واصل مقاومته للقوات العثمانية قُرب ميناء المدينة عند أحد أبراجها المسمى "برج مندريق"، فقد أمر "سنان" باشا بقصف هذا البرج بالمدفعية الثقيلة، وإزاء الهجوم العنيف اضطر "دي روش" وجنوده للاستسلام، وغدا جميع أفراد الحامية بأيدي العثمانيين. ومن ثمَّ باتت طرابلس الغرب ولاية عثمانية، وقد أصدر "سنان" باشا قراره بتعيين "مراد أغا" أول بكلربك (حاكم عسكري) للمدينة، وبوفاته بعد أشهر تقلَّد "طرغوت" ولاية طرابلس الغرب مفوضا وتابعا للدولة العثمانية[9].
استطاع "طرغوت" أثناء ولايته على طرابلس الغرب أن يقضي على مشكلتين كبيرتين هدَّدتا الولاية العثمانية حينئذ؛ الأولى إعادة احتلال الإسبان لمنطقة "جربة" التونسية في حدود عام 1560م، ومن ثم اتخاذها منطلقا لإعادة احتلال طرابلس الغرب، والثانية انتفاضة بعض القبائل العربية ضد الحكم العثماني. وبفضل المساعدات العثمانية العاجلة انسحب الإسبان هاربين من "جربة"، في حين استطاع "طرغوت" إخضاع القبائل التي تمرَّدت على سلطان العثمانيين في المنطقة[10].
ومنذ ذلك التاريخ بقيت ولاية طرابلس الغرب تحت الراية العثمانية حتى الاحتلال الإيطالي في العصر الحديث عام 1911م، ومنذ ضم العثمانيين للمنطقة فإنها شكَّلت أهم قاعدة عسكرية وبحرية عثمانية في جنوب البحر المتوسط، ويؤكد العديد من المؤرخين الأتراك أن التفوق العسكري العثماني في البحر المتوسط إنما تحقَّق آنذاك جزئيا بسبب ضم ولاية طرابلس الغرب، التي حققت أهدافا تجارية وسياسية وعسكرية كبرى لصالح العثمانيين، لا سيما في تجارة الذهب وتأمين البحر المتوسط.
_______________________________________________
المصادر:

[1] محمود علي عامر ومحمد خير فارس: تاريخ المغرب الحديث ص149.
[2] ابن إياس: بدائع الزهور في وقائع الدهور 4/190، 191.
[3] إتوري روسي: ليبية منذ الفتح العربي حتى عام 1911، ص163.
[4] İdris Bostan, Osmanlılar ve Deniz, s15-20.
[5] Hüseyin Serdar Tabakoğlu, ‘’Akdeniz’de Osmanlı-İspanya Rekabeti
[6] عزيز سامح التبر: الأتراك العثمانيون في أفريقية الشمالية 2/51.
[7] تاريخ المغرب الحديث ص162.
[8] السابق.
[9] Hüseyin Serdar Tabakoğlu, ‘’Akdeniz’de Osmanlı-İspanya Rekabeti, s155.
[10] Hüseyin Serdar Tabakoğlu, Aynısı


المصدر : الجزيرة نت

 

 


 

الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

إضافة رد

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:23 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
 

شبكـة الوان الويب لخدمات المـواقع