فيتو أميركي ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 1 - عددالزوار : 15 )           »          انفجارات بأصفهان.. إيران تنفي وقوع هجوم خارجي وإسرائيل ترفض التعليق (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          لماذا كشفت إسرائيل إصابة مواقع عسكرية حساسة بعد أسبوع من هجوم إيران؟ (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          حينما كشفت “إسرائيل” عن خسائرها الحقيقية بالصواريخ العراقية بعد 30 عاما (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          مقتل قائد الجيش الكيني و9 ضباط كبار بتحطم مروحية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          بولندا تعتقل "عميلا" لروسيا يشتبه بأنه تواصل مع أجهزة الاستخبارات الروسية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          الحرب التقليدية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الحرب غير النظامية في العقيدة العسكرية الأميركية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الحرب غير المتكافئة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          طائرات إيران المسيرة.. سلاح الضرورة الذي تحول إلى ورقة رابحة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الكيبوتسات.. رأس الحربة السابقة للصهيونية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          تقارير إسرائيلية وأميركية: إسرائيل هاجمت أهدافا في إيران (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          ضابط أميركي كبير يحذر واشنطن من تحدي النيجر (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          إليك الطريقة المثلى لتمرين المشي المفيد (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          ألمانيا تستدعي السفير الروسي بعد توقيفها شخصين بتهمة التجسس (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         



 
العودة   ..[ البســـالة ].. > جـناح التــاريخ العسكــري و القيادة > قســـــم التــاريخ العـســــكــري
التعليمـــات قائمة الأعضاء وسام التقويم مشاركات اليوم
 


أسطورة "قلم ستالين".. هل كانت خريطة آسيا الوسطى مؤامرة سوفياتية؟

قســـــم التــاريخ العـســــكــري


إضافة رد
 
أدوات الموضوع

قديم 15-10-22, 07:00 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي أسطورة "قلم ستالين".. هل كانت خريطة آسيا الوسطى مؤامرة سوفياتية؟



 

أسطورة "قلم ستالين".. هل كانت خريطة آسيا الوسطى مؤامرة سوفياتية؟

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
Eurasianet

15/10/2022

مقدمة الترجمة

عادة ما يُرجِع الباحثون والدارسون لتاريخ آسيا الوسطى وثقافتها السبب في معظم نزاعاتها العرقية والدينية إلى الطريقة التي قسَّم بها قائد الاتحاد السوفياتي السابق "جوزيف ستالين" المنطقة، وكيف جعل عدم الاستقرار مصيرها المحتوم في حال انفصلت عن موسكو، وهو ما حدث بالفعل عام 1991 حين انهار الاتحاد وتفكك إلى جمهوريات مستقلة. في هذا الصدد، طرح "ألكسندر موريسون"، الباحث وأستاذ التاريخ في كلية التاريخ بجامعة أوكسفورد، رؤية مختلفة للأوضاع في المنطقة عبر مقاله المنشور في موقع "أوراسيا نت"، حيث يدحض الفرضية القائلة بأن التقسيم الذي أجراه ستالين هو سبب كل الشرور التي تعاني منها.

نص الترجمة

تتعرض آسيا الوسطى إلى تجاهل صحافي مستمر، ولا يضاهيها في ذلك سوى مناطق قليلة حول العالم، إذ إن أخبار تلك الدول نادرا ما تجد طريقها إلى كبرى وكالات الأنباء، إلا في حال ارتبط ذكرها بالتطرف الإسلامي أو الاستبداد أو التوترات العرقية والدينية. ورغم معاناة آسيا الوسطى بالفعل من هذه المشكلات الثلاث، فقد جرَّد الخطاب القائم على "التحذير من الأخطار" الكثير من التحليلات الإخبارية (الإستراتيجية كما يُفترَض) من أي وضوح أو منظور مختلف يساعد على فهم آسيا الوسطى. ولو كانت السنوات القليلة الماضية قد علمتنا شيئا واحدا، فهو أن "مولِنبَيك" بالعاصمة البلجيكية "بروكسل" مصدر محتمل للمتطرفين المسلمين أكثر من أوزبكستان. ومع ذلك، في أعقاب وفاة "إسلام كريموف"، رئيس أوزبكستان السابق، في سبتمبر/أيلول 2016، لم يكفّ المعلقون عن ذكر عبارات مبتذلة لا أساس لها عن التهديد الإسلامي المتنامي.
بالطبع يُعَد الاستبداد لعنة في آسيا الوسطى، بيد أن هناك فروقات مهمة بين نظام تركمَنستان المنغلق ذي الطابع الستاليني الجديد، وبين طاجيكستان الكلِبتوقراطية (وهو حكم اللصوص والفاسدين)، وبين الليبرالية البرلمانية الهشة في قرغيزستان، وبين ديكتاتورية كازاخستان القائمة على التكنوقراطيين (أصحاب الكفاءات). وفيما يخص التوتر العرقي والديني، فإن الأعجوبة الحقيقية هي الاحتواء النسبي لهذا التوتر بالنظر إلى التنوُّع في المنطقة؛ فلم تشهد آسيا الوسطى قطّ أحداثا تُناظر التطهير العرقي في دارفور، أو العنف بين المسيحيين والمسلمين في نيجيريا، أو حرب تركيا ضد الأكراد، أو النزاع الشيعي-السني في باكستان واضطهاد المسيحيين فيها، أو حروب البلقان في التسعينيات. ومع ذلك، وفي واحدة من المرات النادرة التي اكتسب فيها العنف السياسي طابعا عرقيا في آسيا الوسطى -لا سيَّما أحداث مدينة "أوش" في قرغيزستان عام 2010- انهالت علينا مجموعة من الافتراضات المُعلَّبة حول "الكراهية العرقية الأزلية العصية على الاستئصال"، وهو ما يُذكرنا بتفسير الكاتب الأميركي "روبرت كَابلان" للانهيار اليوغوسلافي العنيف في كتابه "أشباح البلقان".


شبح ستالين الوهمي

هناك تشبيه بعينه ما زال رائجا حتى اليوم يُشبِّه المنطقة ببرميل بارود خطر بسبب إرث الحدود السوفياتية. فحسبما ذكر الإذاعي البريطاني "إدوارد ستورتون" في مقال له بصحيفة "الغارديان" أثناء أحداث العنف في مدينة "أوش" عام 2010: "تعد إجابة السؤال الكامن فعلا وراء مشكلات قرغيزستان سهلة واقعيا، إذ إن الطريقة التي صمم بها ستالين المنطقة تكفلت بزعزعة دائمة للمنطقة بواسطة العنف العرقي. وحينما وضع ستالين خطوطا على خريطة لتشكيل الجمهوريات السوفياتية الجديدة في عشرينيات القرن الماضي، فإنه بذلك أوجد أقليات قُدِّر لها أن تزعزع استقرار تلك الجمهوريات".
كتب المحلل الجيوسياسي الأميركي "بيتر زَيهان" لمركز "ستراتفور" كلاما مشابها حول أحداث "أوش" قائلا إن "ستالين أتقن رسم خطوطه"، بينما خرج تحليل مجلة "الإيكونوميست" للعنف حينها بكل بساطة بعنوان "حصاد ستالين". وتبدو صورة ستالين جالسا في الكرملين وبيده قلم رصاص ضخم، وعلى وجهه نظرة خبيثة وهو يرسم خطوطا على خريطة آسيا الوسطى لضمان عدم استقرار المنطقة في حال خرجت يوما ما عن الاتحاد السوفياتي؛ صورة لا يمكن محوها. ورغم النقد القوي آنذاك (2010)، الذي صدر أبرزه عن "شون غِلوري"، المحلل السياسي الأميركي اليساري، و"مادلين ريفز"، الباحثة السياسية البريطانية؛ فإن هذا التفسير المُعلَّب وغير التاريخي لويلات آسيا الوسطى حاز استمرارية مذهلة.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

كتاب عن منطقة وادي "فرغانة" بعنوان "وادٍ لا يهدأ" (مواقع التواصل الاجتماعي)

بدوره، ألقى الكاتب الصحافي "فيليب شيشكين" باللوم في معظم مشكلات المنطقة على سياسات "فرِّق تَسُد" التي افتُرِض أن ستالين اتبعها، وذلك في كتابه عن منطقة وادي "فرغانة" بعنوان "وادٍ لا يهدأ" (Restless Valley). وقد أشار تحليل أمني صدر عام 2017 إلى "الإدارة السياسية العرقية الميكيافيللية التي انتهجها ستالين" في رسم حدود وادي فِرغانة "دونما أي اعتبار للتصنيف العرقي". كما زعم ملف تاريخي عن أوزبكستان أعده مركز "ستراتفور" في العام ذاته أن "ستالين حرص على أن تهدف الحدود المرسومة إلى زيادة الخلط بين الجماعات السكانية والإبقاء على التوتر العرقي". وفي المقابل، شدَّد"شون ووكر"، مراسل صحيفة "الغارديان" البريطانية في وسط أوروبا وشرقها، في ملف رصين في معظمه نُشِر في ديسمبر/كانون الأول 2016 حول جمهوريات آسيا الوسطى بعد 25 عاما من الاستقلال، على أن "الحدود المُمَوَّجة المتداخلة لقرغيزستان وأوزبكستان وطاجيكستان هي بقايا تائهة من الحدود السوفياتية، وغالبا ما تظهر وكأنها رُسمت عشوائيا بيد سِكِّير يمسك قلم رصاص". ولكن في هذه الحالة على الأقل يبدو أن اللوم لا يقع على عاتق ستالين.
تنطوي هذه الفرضية الرائجة على عدة إشكاليات. أولا، هي ترجح أن سكان آسيا الوسطى أسرى ماضيهم، مع عدم وجود كيان يمثلهم قد يسمح لهم بالانعتاق من ذلك الماضي. ثانيا، تسيء هذه التحليلات تمثيل ذلك الماضي إساءة بالغة، فقد تكون حدود آسيا الوسطى معقدة، وربما إشكالية، بيد أنها لم تُرسم اعتباطا، أو دون مرجعية عرقية، والأهم قبل كل ذلك أن موسكو لم تفرضها من جانب واحد.


مسلمو آسيا الوسطى لم يكونوا مفعولا به

منذ إتاحة المحفوظات السوفياتية بعد عام 1991، ظهرت سلسلة من الدراسات المتعمقة للسياسات السوفياتية المتعلقة بالقوميات في المناطق غير الروسية، ولا سيما في آسيا الوسطى. وقد كشفت أعمال المؤرخَيْن الأميركيَّيْن "يوري زلِسكين" و"رونالد سوني"، وأستاذ الدراسات الروسية "تِري مارتن"، والكاتب النرويجي "آرني هوغِن"، والمؤرخة "فرانسين هيرش"، والمؤرخ الروسي "سيرغي يأباشن"، وغيرهم الكثيرين؛ أن ستالين كان بعيدا كل البعد عن كونه "مُحطِّم الأمم"، بحسب وصف المؤرخ البريطاني "روبرت كونكويست"، بل كان مسؤولا عن منحهم بناء إقليميا ومؤسسيا حين شغل منصب مفوض الشعب لشؤون الجنسيات في عشرينيات القرن الماضي. لم يكن ذلك من منطلق سياسة "فرق تسد" الخبيثة، بل استجابة لقوة الحركات القومية التي ظهرت في مناطق كثيرة من الإمبراطورية الروسية خلال فترة الثورة والحرب الأهلية. وقد أدى ذلك إلى محاولة صادقة، لعلها مُضلَّلَة، لتأسيس دول قومية في منطقة لم تتأسس فيها دول على هذه الشاكلة من قبل، وذلك لأن لينين وستالين اعتقدا أن "الشعوب المُتخلفة" لا يمكنها تحقيق الاشتراكية إلا إذا جاءت في إطار قومي.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

جوزيف ستالين (يمين) وفلاديمير لينين. (غيتي إيميجز)


لم تبدأ تلك العملية من الأعلى بقيادة التنظيم المركزي للحزب في موسكو. ففي العشرينيات كان النظام السوفياتي في آسيا الوسطى هشّا وفي أشد الحاجة لحلفاء في الداخل. وقد وُلِدَت الوحدات الوطنية الجديدة من رحم تحالف سياسي -لم يكُن سَلِسَا في معظم الأحيان- بين المثقفين القوميين في الداخل والدولة السوفياتية، وأبرزها ما يُطلَق عليها حركة المُجدِّدين المعروفة بـ"الجديديَّة" التي عُرِف المنتسب لها بالـ"جديد" (Jadid) في أوزبكستان، وكذلك حركة "آلاش أوردا" في كازاخستان، وذلك بحسب ما أثبتته المؤرخة "أدريان إدغار" في حالة تركمَنستان، والسفير البريطاني السابق "بول بيرن" في حالة طاجيكستان، وأستاذ التاريخ المتخصص في منطقة آسيا الوسطى "علي إغمَن" في حالة قرغيزستان، وأستاذ التاريخ "أديب خالد" في حالة أوزبكستان أيضا، وأستاذة التاريخ "دينا أمانزولوفا" وأستاذ الإنسانيات "توموهيكو أوياما" في حالة كازاخستان.
لعبت التنظيمات الشيوعية المحلية، التي كان لها كوادر محلية بأعداد كبيرة، دورا رئيسيا في مفاوضات الحدود الوطنية مع موسكو، ومع بعضها بعضا. وعلى عكس ما حدث لإفريقيا في برلمان برلين عام 1884 حينما رسمت القوى الاستعمارية الأوروبية فعليا مجرد خطوط على الخريطة، أو ما حدث للشرق الأوسط حينما لم تُعِر اتفاقية سايكس-بيكو اهتماما للرغبات السياسية المحلية؛ فإن الحدود في آسيا الوسطى لم تُرسم اعتباطا، حتى إن بدا أحيانا أنها تنافي المنطق الجغرافي. لقد كانت حدود آسيا الوسطى نتيجة بيانات من فترة نهاية العصر القيصري وبداية العصر السوفياتي للإحصاء السكاني والدراسات الإثنوغرافية والاستشراقية، ونتيجة وجزئية كذلك لعملية "الهيكلة الإقليمية" التي جرت آنذاك، أي تحديد الوحدات الاقتصادية التي من المفترض أنها منطقية وقابلة للاستمرار، والتأكد من أن كل دولة جديدة تستوفي حدا أدنى من المعايير يجعلها تُشكِّل جمهورية سوفيتية اشتراكية شاملة، وهي معايير تضمَّنت أن يكون تعداد الدولة مليون نسمة على الأقل، ولها مدينة كبرى تصلها سكة حديدية.
نشأت -بالضرورة- عيوب كثيرة نتيجة عملية ترسيم الحدود الوطنية في منطقة لم توجد فيها مثل هذه الحدود من قبل، وتنتشر فيها ازدواجية اللغة والهويات المتداخلة والمُركَّبة، وغالبا ما تصاحب التقسيمات اللغوية والعرقية فيها تقسيم الريفي والحضري؛ ما خلق أوجه خلل عديدة. ففي صفوف السكان المستقرين، صُنِّف طيف واسع من الهويات الأقدم، مثل السارماتية والخوارزمية والفِرغانية والسمرقندية والبخارية، تحت مسمى "الأوزبك"، الهوية التي لم تكن تشير قبل عام 1921 سوى إلى جماعات قَبَلية معينة. وقد ضمَّت مدينتا "طشقند" و"شيمكنت" (شيمقند) تركيبة سكانية مختلطة من الأوروبيين والأوزبك، وأحاطت بها مناطق نائية سكن الكازاخيون (القازاق) معظمها. وانتهى المطاف بالمدينة الأولى ضمن أوزبكستان، والأخرى ضمن كازاخستان. أما المناطق الناطقة بالطاجيكية في كل من "بخارى" و"سمرقند"، والمحاطة بضواحي ناطقة بلغات تركية-مغولية، فانتهى بها الأمر ضمن أوزبكستان، وهو قرار لا يزال يثير حفيظة طاجيكستان حتى اليوم.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
بما أن الكازاخيين (القازاق) والقرغز كانوا في معظمهم شعوبا بدوية (ترتحل دون نقطة استقرار دائمة)، فقد شكلوا نسبة ضئيلة من سكان المدن في جمهورياتهم، حيث شكَّل الأوروبيون والأوزبك معظم التركيبة السكانية. أما "أوش" و"جلال آباد"، المدينتان اللتان شهدتا أسوأ أعمال عنف عام 2010، فجرى ضمهما ضمن قرغيزستان رغم أن معظم سكانهما من الأوزبك، ويعود السبب في ذلك إلى أن المدينتين كانتا ستفقدان باحتهما الخلفية الاقتصادية المتاخمة لهما، التي سكن معظمها القرغز، كما أن جنوب قرغيزستان بدونهما لم تكن لتشمل أي مدن ذات حجم مُعتبر.


استمرت عملية مراجعة الحدود لزمن طويل بعد موت ستالين، وأدخلت بعض التعديلات كان آخرها في ثمانينات القرن الماضي. وبحسب ما أثبتته الباحثة السياسية البريطانية "مادلين ريفز"، فإن هذه التغييرات غالبا ما اتبعت منطقا جغرافيا وسياسيا عرقيا شديد الاختلاف عن عملية "الهيكلة الإقليمية" التي تمت في العشرينيات، كما أنها كانت نتاج مساومات شديدة المحلية على حيازة الماء والأراضي الزراعية. ولم تكن شبكة الحدود والجيوب المعقدة حول وادي "فرغانة" إذن جزءا من مؤامرة ميكيافيللية ستالينية لزرع الفتنة العرقية، بل كانت محاولة لاستيعاب واقع التنوع السكاني شديد التعقيد، وتلبية مطالب قومية محلية في الوقت نفسه.


المثقفون المسلمون.. صُنَّاع للقومية

بادعاء الحكمة بأثر رجعي، يمكننا القول إن أي محاولة لتقديم مبدأ القومية إلى منطقة لطالما اختلفت طريقة تنظيم سكانها وحدودها السياسية، ستقترن بحدوث مشكلات، ينطبق ذلك على آسيا الوسطى بالقدر نفسه الذي ينطبق على بقية دول العالم. ومع ذلك، لم يكن ستالين، ولا الاتحاد السوفياتي، هم من أجبروا آسيا الوسطى على أن تصبح قومية. وبحسب "أديب خالد"، كان لمشروع بناء الدولة القومية السوفياتي في آسيا الوسطى جذور محلية، وقد جاء نتاج أفكار وحركات نشأت بين المثقفين المسلمين في المنطقة، وهي أفكار وحركات يعود تاريخها إلى ما قبل الحكم السوفياتي، ولم يقم المفوضون السوفيت بأكثر من استمالتهم في العشرينيات.
بينما جرى التخلُّص من معظم هذا الجيل الأول من مثقفي آسيا الوسطى في الثلاثينيات، إلا أن مشاريع بناء الدولة استمرت. وقد كان أولئك المثقفون في توتر دائم بشأن الهدف الأشمل من تأسيس هوية سوفيتية مشتركة، لكن فكرة القومية أثبتت صمودا مذهلا. ولم تكن الدول القومية المستقلة التي ظهرت على مضض نتيجة الانهيار السوفياتي عام 1991 مضطرة للبدء من الصفر لخلق هويات وطنية، فقد استطاعت البناء على الأسس السوفياتية الموجودة مسبقا. ويعد شدة ارتباط معظم سكان آسيا الوسطى اليوم بالدول التي يعيشون فيها مؤشرا واضحا على التشرب التام لفكرة القومية واستيعابها وتوطينها.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

إن الحدود المتشابكة في آسيا الوسطى تمثل تحديات كبيرة، لا سيَّما في وادي "فرغانة".

منذ 25 عاما، لم يسْعَ "روبرت كابلان" إلى فهم الظروف السياسية والاقتصادية التي تسبَّبت في انهيار العلاقات الاجتماعية بين الجماعات العرقية المختلفة؛ ما أدى إلى اندلاع العنف في يوغوسلافيا آنذاك، بل عوضا عن ذلك، عزا "كابلان" الأمر إلى الكراهية "الأزلية العصية على الاستئصال" بين الصرب والكرواتيين تارة، والمسيحيين والمسلمين تارة أخرى، قائلا إنها كراهية لم يُسيطَر عليها سوى في ظل الحكم الاستبدادي الوحشي بقيادة "جوزيف تيتو". وقد نسف الصحافي البريطاني "نويل مالكوم" هذا الرأي تماما في مقاله الذي راجع فيه كتاب "كابلان". ولا يأخذ اليوم سوى قلة من الناس هذه الأفكار على محمل الجد، فيما يخص يوغوسلافيا أو أي مكان آخر في أوروبا. ومع ذلك، لا تزال آسيا الوسطى تُعرَّف على أنها أسيرة ماضيها السوفياتي، تلك المنطقة التي لا تزال التوترات العرقية تحوم فيها قاب قوسين من الانفجار، والتي أصبح لا مفر منها نتيجة مخطط ستالين الشرير لترسيم الحدود فيها.


لا تُشكِّل الدول القومية وحدات سياسية طبيعية أبدا، إذ يجب أن تؤسَّس وتُصنَع، ويجب تعديل الواقع لتوليد ذلك التوافق التام الوهمي بين الحدود والهوية التي هي هدف كل ناشط أو زعيم قومي. وقد أدى ذلك إلى التطهير العرقي ونقل السكان والدمج الإجباري، ليس في المستعمرات الأوروبية السابقة فحسب، بل في جميع أنحاء أوروبا نفسها، أرض الفكرة القومية كما يُفترَض. وبالمقارنة مع التبادل السكاني بين اليونان وتركيا الذي حدث في العشرينيات من القرن الماضي، أو طرد الألمان من معظم أوروبا الشرقية بعد عام 1945، أو رحيل المستعمرين الأوروبيين عن الجزائر بعد عام 1962، أو التطهير العرقي والإبادة الجماعية التي صاحبت حروب البلقان في التسعينيات، فإن عواقب القومية في آسيا الوسطى حتى الآن تعتبر هادئة نسبيا، ويعود السبب في ذلك جزئيا إلى أنه حينما تأسست الدول السوفياتية للمرة الأولى، كانت ضمن إطار الاتحاد السوفياتي المتجاوز للحدود الوطنية، ولم تكن هناك حدود "متماسكة" بين بعضها بعضا، ولم تكن هناك أي نية لتدشين دول مستقلة أو حدود دولية، ولا توقُّع لحدوث ذلك من الأصل.
وحتى بعد الاستقلال وتشديد هذه الحدود، أتت عمليات نقل السكان تدريجية وطوعية، إذ غادر ملايين الروس من المنطقة (وبقي ملايين آخرون)، وانتقل الكازاخيون (أو القازاقيون) تدريجيا إلى كازاخستان قادمين من الجمهوريات المجاورة، ومنجذبين نحو اقتصادها المنتعش نسبيا. ولكن لا تزال جميع الجمهوريات في آسيا الوسطى تضم أقليات عرقية ودينية كثيرة، ولربما تُهدِّد القومية العرقية العنيفة هذا التوازن، لكنها أقل على نحو ملحوظ من نظيرتها في روسيا، وبالتأكيد أقل مما هي عليه في كثير من بلدان غرب أوروبا. إن الحدود المتشابكة في آسيا الوسطى تمثل تحديات كبيرة، لا سيَّما في وادي "فرغانة"، ولكن بحسب ما أثبتت "مادلين ريفز"، ابتكر السكان الذين يعيشون في نطاق هذه الحدود على مر الأيام إستراتيجيات عبقرية للتكيُّف معها وحتى استغلالها. والمشكلة الحقيقية التي تحتاج حلا هي الافتقار إلى التكامل الإقليمي في آسيا الوسطى، أما الطرح الذي يجب رفضه للأبد فهو ذلك القائل بأنه يستحيل حل هذه المشكلة بسبب طريقة ترسيم الحدود، أو أن شبح ستالين الخبيث لا يزال يطارد آسيا الوسطى ويحاصر شعوبها.
____________________________________
ترجمة: هدير عبد العظيم
هذا التقرير مترجم عن Eurasianet

المصدر : الجزيرة نت

 

 


 

الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:14 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
 

شبكـة الوان الويب لخدمات المـواقع