لوبوان: حدَّث عميل سابق بالاستخبارات السوفياتية عن لقاءاته ببوتين

[الباسل]

لوبوان: حدَّث عميل سابق بالاستخبارات السوفياتية عن لقاءاته ببوتين.. فقال

كان علينا أن نعطي أسماءنا من أجل الركوب في حافلة لـ "كيه جي بي" فسمعته يهمس: بوتين، فلاديمير.

بوتين في أحد المسارح بموسكو قبل 15 عاما (رويترز)


10/3/2022

عندما يصف سيرغي جيرنوف، العميل السابق في المخابرات السوفياتية "كيه جي بي" (KGB) المقيم حاليا في فرنسا، الرئيس الحالي فلاديمير بوتين أيام كان جاسوسا، يقول دون لفّ ولا دوران إنه "لم يكن مهما ولا يحس له بوجود. لقد أمضى حياته المهنية كلها في لينينغراد المدينة الإقليمية الهامشية".
بهذه العجالة تستبق مجلة لوبوان (Le Point) الفرنسية ما لخصه لها فرانسوا غيوم لورين من كتاب "الكشاف" (L’Éclaireur) لجيرنوف، الذي خدم في القسم الخارجي من "كيه جي بي" سنوات عدة، قبل أن يخرج من روسيا ويستقر في فرنسا عام 2001.
يقول جيرنوف، الذي درس في أعلى المدارس السوفياتية وتلقى تدريبا خاصا أوائل التسعينيات لتحديد الأهداف السهلة بين الطلاب الفرنسيين والأجانب، في كتابه "الكشاف" إن "الدليل على أن بوتين لم يكن ذا قيمة كبيرة هو أنه طُرد عام 1985 بعد عام قضاه في معهد أندروبوف، المسؤول عن تكوين نخبة الاستخبارات الخارجية بالكيه جي بي، مما جعله يحمل الضغينة لهذا القسم مدة طويلة"، لأنه قضى على آماله في العمل في البعثات إلى الغرب، فلم يكن من الممكن إرساله أبعد من دريسدن بألمانيا الشرقية "ولا حتى إلى برلين حيث تتخذ القرارات".
في كتابه، يصف جيرنوف بالتفصيل لقاءاته العرضية ببوتين الشاب في الثمانينيات، ويتحدث بنظرة المتمرس عمن سيصبح زعيم الكرملين الذي يترك انطباعا دائما بأنه كان جاسوسا رئيسيا، قبل أن يصطحبه أناتولي سوبتشاك عمدة لينينغراد إلى موسكو.

وقت سيئ

في أحد أيام أغسطس/آب 1980، كان جيرنوف لا يزال مجرد طالب لامع في موسكو عندما تعرف على عميل للكيه جي بي يرتدي نظارات داكنة، قدم له بطاقته، ليتم استدعاؤه إلى الطابق الرابع من المبنى، "دخلت -كما يقول- لأجد نفسي في مواجهة رجل صغير يرتدي بدلة رمادية اللون جالسًا خلف مكتب. لديه ابتسامة متوترة ونظرة ثابتة، سألني ببرودة: هل سارت الأمور على ما يرام؟ كان أمامه النقيب بوتين (28 عاما) الذي سيأخذه إلى لوبيانكا (مبنى الاستخبارات السوفياتية) ليقضي معه وقتا سيئا، في 3 ساعات من الاستجواب المحكم، سمعته ينطق بكلمات مزعجة جديدة بالنسبة لي، يصفني بالمكلف بالتجنيد والوكيل وحتى الخائن".
ويتابع بوتين التسجيل، في حين يطلب منه جيرنوف أن لا يخاطبه بضمير المفرد، مع أنه بدا أنه يفهم تدريجيا، فقد أخبره بوتين بنبرة لا تخلو من الحسد أن كونه يعيش مع والديه في زيلينوغراد، وهي مدينة مغلقة مكرسة لأحدث الأبحاث، هو ما يجعل منه مشتبها فيه، وأسوأ من ذلك أنه طالب في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية الذي يدرب الدبلوماسيين المستقبليين المستهدفين للخدمة الأجنبية.
وبعدها يعترف جيرنوف بأنه قد قرأ "أرخبيل الغولاغ"، مستفزا بوتين الذي يقول "هذا اعتراف بالذنب" يكلف السجن 7 سنوات وفق المادة 70 من قانون العقوبات، ليرد جيرنوف "لمحاربة العدو عليك أن تعرفه، أليس كذلك؟"، وأضاف أنه يستطيع أن يعطيه اسم الشخص الذي أعطاه هذا الكتاب.. إنه حفيد بريجنيف (الرئيس السوفياتي آنذاك ليونيد بريجنيف).. وعندها أوقف بوتين جهاز التسجيل على الفور وطلب منه التزام الصمت بشأن مقابلتهما.
وفي عام 1984، عندما التحق جيرنوف بمدرسة تدريب جواسيس "كيه جي بي" المستقبليين، وأثناء توزيع المجموعات لركوب الحافلات في ساحة انتظار السيارات، قال إنه رأى رجلا "صغيرا ممتلئ الجسم وغير مريح" يحدق فيه فسأله "هل تعرفني؟" فقال نعم. لقد تعاملت معي في أغسطس/آب 1980 في الألعاب الأولمبية، ليتذكر المقابلة قائلا "علينا أن نعطي أسماءنا من أجل الركوب. فسمعته يهمس بوتين، فلاديمير".

تدخل غبي

لم ينته الأمر عند هذا الحد، ففي عام 1986 كان على جيرنوف -الذي تختبره المخابرات السوفياتية- عبور بلدان غربية مختلفة بهويات مختلفة، وقد أنهى رحلته في دريسدن حيث اندمج في مجموعة من الطلاب الأجانب، وتمت دعوته إلى حفل استقبال نظمه شباب جمهورية ألمانيا الديمقراطية، وفجأة رأى وجها مألوفا. إنه بوتين الذي اكتسب بعض الوزن ولكنه لا يزال يبدو باهتا في بدلة الكيه جي بي الرمادية -كما يصفه الكاتب- ولكن عندما يتظاهر جيرنوف بعدم التعرف عليه ويبتعد يندفع إليه بوتين، ويبدأ في التحدث إليه بالروسية، منتهكا قاعدة أساسية من قواعد الكيه جي بي، ليرد عليه جيرنوف بالألمانية ويسحب جواز سفر بلجيكيا ويهرب بعيدا، وعند عودته إلى موسكو، كتب تقريرا لاذعا عن تدخل بوتين "الغبي" الذي كاد أن يعرقل عمليته.
يلتقي الرجلان مرة أخرى في لينينغراد في فبراير/شباط 1990، عندما كان جيرنوف يرافق "شركاءه" الفرنسيين في جولة هناك، وعند استدعائهم لحفل استقبال في مبنى بلدية لينينغراد، رأى بوتين، المتعاون مع رئيس البلدية رفقة أفضل صديق له، عازف التشيلو سيرغي رولدوغوين الذي سيُذكر اسمه في أوراق بنما للمشاركة في شركات.
في هذه المرة، توجه جيرنوف قائلا "بالتأكيد، الرائد بوتين! ليصحح له الجاسوس "المقدم" آمل ألا أكون عائقا لمهمتك، قال جيرنوف لبوتين الذي أخبره أنه يعيش الآن في لينينغراد، قبل أن يسأله "هل أنت الطالب البلجيكي قبل 4 سنوات في دريسدن؟ غير أن جيرنوف يتركه في شكه متمنيا له "متابعة سعيدة".

المصدر : لوبوان