"النمر الطائر".. وحش الحرب الذي صنع تفوق سلاح الطيران الفرنسي
"النمر الطائر".. وحش الحرب الذي صنع تفوق سلاح الطيران الفرنسي
في أشد الحروب شراسة تكون الكلمة الفصل لسلاح الطيران، نظرا لتأثيره في رسم مسار المعركة على الأرض، ولذلك تولي الدول اهتماما خاصا بتطوير منظومتها المقاتلة في سلاح الجو، وتفاخر بامتلاكها طائرات نفاثة أو مروحية تتمتع بقدرات عالية على المناورة والتخفي والغزارة النارية.
وتملك فرنسا منظومة طيران عسكري مميزة، وتحظى بسمعة جيدة في عالم الجيوش والتسليح، ومن أبرز ما تنتجه في هذا المجال مروحية بمواصفات مميزة، يعرفنا عليها بالتفصيل فيلم وثائقي بثته قناة الجزيرة الوثائقية تحت اسم "النمر الطائر".
نتحدث هنا عن مروحية "النمر"، وهي مصممة للمهام الأكثر خطورة، حيث تساند القوات البرية وتحطم الأعداء، وتتمتع بقدرة هجومية فريدة طورتها فرنسا وألمانيا معا، وأصبحت من أبرز معالم سلاح الطيران الفرنسي. وقد شاركت هذه المروحية في عمليات خارجية منذ دخولها الخدمة عام 2009، وأمست وسيلة لا غنى عنها لتحقيق النصر.
بفضل الصور الحصرية التي يلتقطها الجيش أثناء العمليات القتالية، وبفضل تصميم الحاسوب وشهادات الطيارين سوف نصعد على متن واحدة من أكثر المروحيات تطورا. وسوف نتعرف على أسرار صناعة هذه الطائرة الفريدة ذات الرشاقة والتخفي والقوة النارية.
"هذه المروحية تؤمّن التفوق ضد مقاتلي طالبان".. نمر فرنسا الشرس
يقع معسكر "لا أوري" التابع لسلاح الطيران الفرنسي على بعد 50 كم من ستراسبورغ، وتحوي حظائر الطائرات فيه نوعا استثنائيا جديدا، إنه "إي سي 665" أو النمر، وتتمتع هذه المروحية بعدد من خصائص النمر المفترس، طولها 14 مترا، وارتفاعها أربعة أمتار، وتحوي قمرة القيادة مقعدين مترادفين: الأول للطيار، والثاني مرتفع قليلا ويجلس عليه الطيار المسؤول.
تمتلك الطائرة كاميرات للرؤية الليلية والنهارية، وأوسع نطاق للأسلحة في العالم، وتصل سرعتها إلى 275 كم/ساعة بفضل محركين قويين فوقها، إنها آلة حربية مذهلة.
تمتلك الطائرة أوسع نطاق للأسلحة في العالم، وتصل سرعتها إلى 275 كم/ساعة
يمكننا إضافة مزيد من الجوانب التكتيكية لإثراء التمرين، وسنطبق سيناريو مالي، ويصحبنا العقيد "بيير" رئيس قسم العمليات في هذا التمرين، ويرافقه المقدم "سيريل" قائد كتيبة المروحيات الاستطلاعية والقتالية في الفوج الأول. وقد بدأت المروحية أولى عملياتها عام 2009 في ولاية كبيسا بأفغانستان.
يقول "بيير": تولى سلاح الطيران الفرنسي تسليم هذه المروحية حين كان يملك اثنتين منها آنذاك، وأثبتت جدارتها بسرعة، وباتت مكونا أساسيا لا يمكن الاستغناء عنه في العمليات الحربية، بل إن بعض العمليات ألغيت لأن مروحية النمر لم تكن متاحة، فقادة الجيش يدركون أن هذه المروحية تؤمّن التفوق ضد مقاتلي طالبان.
"عندما تدخل ميدان المعركة يصبح وجودها لافتا"
أثبتت مروحية النمر قدرتها الاستثنائية على التخفي بين جبال أفغانستان الوعرة، ويقول عنها "سيريل": الميزة الأكثر أهمية لدى سلاح الطيران الفرنسي هي القدرة على التخفي، من المهم أن لا يتجاوز ارتفاع التحليق 10 أمتار عن الأرض، إلى جانب القدرة على المناورة والسماح لطاقم الطائرة بتوجيهها في المسار الأكثر ملاءمة لتحقيق أفضل النتائج.
يمكن للمروحية التحليق على ارتفاع ثابت والهبوط السريع والدوران بحرية
يمكن الانتقال بهذه المروحية من التحليق على ارتفاع ثابت إلى الهبوط السريع للمشاركة في العمليات الأرضية، وتستطيع حمل الأجسام والتنقل بحرية كاملة، وهذا يعني أننا نستطيع التركيز على الجوانب التكتيكية، لأننا نعلم أنها قادرة على عمل أي شيء، فمروحية النمر لا تفتقر إلى القوة.
وقد حلّقت هذه المروحية في أجواء أفغانستان وليبيا وأفريقيا الوسطى لترويع الأعداء، وتعاملت مع مختلف أشكال التهديدات، وعن ذلك يقول "بيير": نحن في صراع دائم مع الإرهابيين الذين يمارسون الاختباء، ويصعب القبض عليهم، ويهربون باستمرار، وينتشرون في مساحات شاسعة، فمروحية النمر تتمتع بالقدرة على رصد العدو والاقتراب منه.
ويتابع: عندما تدخل المروحية ميدان المعركة يصبح وجودها لافتا، لكنها تستطيع مغادرة الموقع بسرعة والابتعاد لمسافة كبيرة، إنها تشبه النمر في صعوبة تحديد موقعه، ولكن العدو يعرف أنها قريبة وتباغته في أي لحظة، وهذا الخوف هو الذي يسهم في تغيير موازين القوى لصالحنا، وعندما تشارك المروحية في العمليات، فإن العامل النفسي المتمثل في الخوف يغير كل شيء، إذ يصبح الناس حذرين للغاية.
"أردنا أن نصنع مروحية تمتاز بالرشاقة والخفة".. مرونة الالتواء
تتحرك مروحية النمر برشاقة عالية تتميز بها عن سواها في قدرتها على تنفيذ مناورات جوية دائرية، وهي مصممة لتتمتع بأكبر قدر من الخفة أثناء الطيران، وتصنع مروحية "إي سي 665" في بلدة مارينيان على بعد 20 كم من مدينة مرسيليا الفرنسية، هناك التقينا "كريستيان فانشيني"، رئيس قسم التسويق في مروحيات أيرباص، فتحدث عن مميزاتها قائلا: أردنا أن نصنع مروحية تمتاز بالرشاقة والخفة، ووقع اختيارنا على مواد مركبة أخف بكثير من المعادن، هي الكربون والكيفيلار والألياف الزجاجية.
يحتوي جناح المروحية على محطة للإطلاق الداخلي، ومحطة أخرى للإطلاق الخارجي
ويواصل حديثه عنها بقوله: إنها تشبه الشبكة، إذ نضع على الألياف الزجاجية عدة طبقات من الصمغ، لتجعلها أكثر صلابة ومقاومة من الهياكل المعدنية، وتوفر المواد المركبة المرونة التي تتميز بها مروحية النمر، لكي يتعامل الطيار مع قوى متعددة أثناء التحليق.
ويتعرض الجزء الأوسط من المروحية للالتواء أثناء الطيران، وهو عبارة عن شطيرة تتكون من هيكل شبيه بخلية النحل، محاطة من الجانبين بطبقتين تمنحانها المقاومة والقدرة على تطويع شكلها، وقد وقع الاختيار على وحدة كربونية للأجزاء العليا من المروحية كي تقاوم درجات الحرارة العالية، أما الشفرات فتتمتع بالقوة والمرونة بفضل مزيج من الألياف الزجاجية والكربونية على قاعدة من البوليمر.
أما المقاعد فمصنوعة من مادة الكيفيلار والبورون والكربون، وهي شديدة الصلابة تستطيع مقاومة هجوم بالرشاشات الثقيلة. هذه المواد المركبة جعلت وزن المروحية ينخفض إلى 6.5 طن، أي أنها أخف من نظيرتيها الأمريكية والروسية بـ 15% و30% على التوالي، غير أن الخفة ليست الميزة الوحيدة المسؤولة عن رشاقة هذه المروحية.
تصميم المحركات.. عصارة تكنولوجيا أيرباص خلال عشرين عاما
إن محركاتها المعدلة "إن تي آر" (NTR-390E) تناسب عمليات الاشتباك الجوي، وهي متينة وعالية الكثافة قياسا إلى وزنها، وتطلق كمية هائلة من الطاقة (1500 حصان لكل محرك) بالنسبة لحجمها، وتستطيع التحليق بمحرك واحد في حال تعطل الآخر، وتبقى قادرة على الطيران والخروج من ساحة المعركة بسلام، وتفصل بين المحركين مادة عازلة مقاومة للانفجار، بحيث تحمي أحدَهما في حال انفجار الآخر.
تمتلك الطائرة كاميرات للرؤية الليلية والنهارية متطورة جدا
وعلى مدى 20 عاما منذ بداية تصميمها وحتى وضعها في الخدمة، يعمل مئات الأفراد في مصانع أيرباص على تصنيع هذه المروحية المعقدة، وكل وحدة فيها مصنوعة بأيدي أمهر الفنيين، حيث يقوم كل عامل بدور مهم في التصنيع، وتتطلب كل مهمة مهارات معينة. إنها آلة متطورة تكنولوجيا، والعمل فيها يشبه صياغة الذهب، وتنتج بأعداد محدودة للغاية، وتحظى بعناية دقيقة في مراحل تصنيعها.
في مجموعة النقل الجوي "فالنس" تجري الاختبارات على أهم مكونات النمر، وهي الأسلحة، هذه حالة نادرة لتصميم الأسلحة أولا، ثم بناء الهيكل لاحقا، والهدف أن تشكل النمر نظاما متكاملا من الأسلحة، حيث وصفت بأنها المروحية المثالية، أي أن نظام الأسلحة يشمل كل شيء، ثم بنيت المروحية بناء عليه.
أسلحة النمر.. ذكاء مخالب المروحية الضاربة
قبل استخدام الأسلحة في العمليات الحربية لا بد من إجراء التجارب من قبل الطيارين، ومن مميزات مروحية النمر الأساسية قدرتها على تكييف أسلحتها وفقا للعملية التي تنفذها، ويترأس المقدم "جان ماثيو" اختبارات مروحية النمر في غامستات، ويقول: يحتوي جناح المروحية على محطة للإطلاق الداخلي، ومحطة أخرى للإطلاق الخارجي، ويمكن أن توضع كميات من المواد أسفل كل منهما.
ويتابع: لدينا رشاش ثقيل بسعة 22 قذيفة، ونستطيع أن نحمل عليه العديد من الأصناف من عيار 68 ملم، وفقا للحاجة في ساحة القتال، ويصل نطاقها إلى4 كم، ويمكنه إطلاق القنابل الدخانية أو القذائف المضادة للمركبات والأفراد. وهناك في أسفل وحدتي الإطلاق الخارجيتين صاروخان من فئة مسترال، وهما مصممان لتدمير المروحيات والطائرات المقاتلة والبطيئة، ويصل مداها إلى 6 كم، وتستخدم التتبع بالأشعة تحت الحمراء، وبمجرد رصد الهدف تنطلق القذائف وتنتهي مهمة الطيار، لأنها ذاتية الحركة والتوجيه.
يتقدم المروحية مدفع من عيار 30 ملم يستخدم ضد الأهداف القريبة، ويمكنه الحركة في عدة اتجاهات مع ثبات المروحية
على الجانب الآخر من المروحية يوجد سلاح جديد بدأ الجيش الفرنسي باستخدامه، وهو قذيفة نيران الجحيم التي هي قذيفة جو-أرض تستخدم للمركبات المصفحة والمباني المحصنة، ويصل مداها إلى 8 كم، ويجري توجيهها بأشعة الليزر المنطلقة من المروحية أو الأرض، ويجب مراعاة إطلاق القذائف من أبعد مسافة ممكنة خشية التأثر بنيران العدو.
إلى جانب كل ذلك تملك النمر سلاحا مهما في ساحة القتال، إنه مدفع عيار 30 ملم الذي يساند القوات الأرضية، ويستخدم ضد العدو عن قرب، ويمكنه الحركة في عدة اتجاهات مع ثبات المروحية، وتغذيه 4 مخازن ذخيرة يضم الواحد منها 90 قذيفة عيار 30 ملم، وتتبع مسارا داخل المروحية حتى فوهة المدفع، ويبلغ مداه 2.5 كم.
خوذة الطيار.. درع الحماية وسلاح المعلومات الثمين
تستخدم مروحية النمر بكامل عتادها في العمليات الخارجية، يقول "بيير": الحرب علم غامض يتضمن عددا من العناصر المجهولة، ونحن لا نعلم بمفاجآت العدو، والميزة الأساسية لمروحية النمر هي أن أنظمتها التسليحية تجعلها قادرة على التجاوب مع أي طارئ، ويحدد الطيار المسؤول نوع السلاح اللازم لإلحاق أقصى الضرر بالعدو، ومن أبعد مسافة ممكنة، بما يضمن حماية المروحية وطاقمها.
ويمكن تزويد المروحية بخزانات وقود إضافية، وهو ما يمنحها 5 ساعات إضافية، إذا كانت المهمة تتطلب زمن تحليق طويل ومسافات بعيدة، مما يضمن عودة المروحية إلى قواعدها دون اللجوء إلى التزود بالوقود من الجو ذي المخاطر المتعددة.
تبلغ تكلفة خوذة الطيار 150 ألف يورو، وتتألف من جزئين رئيسيين؛ الخوذة الأساسية ووحدة العرض
وفيما يتعلق برصد وتحديد الأهداف فالعنصر الرئيسي في هذا النظام هو خوذة الطيار "توب آويل"، وتبلغ تكلفتها 150 ألف يورو، وتتألف من جزئين رئيسيين؛ الأول الخوذة الأساسية وتحوي جزءا معدلا تتناسب تركيبته مع رأس الطيار، والثاني وحدة العرض وتثبت على الطبقة الخارجية من الخوذة، وتضم أقنعة واقية أحدها للشمس.
أما القناع الآخر الشفاف فتظهر عليه كل المعلومات الملاحية التي يحتاجها الطيار، دون النظر إلى القمرة الداخلية، وتتلاءم الخوذة مع رأس الطيار لتحقيق أكبر دقة ممكنة للإصابة، وتصلح للاستخدام النهاري والليلي، فمعظم عملياتها تنفذ ليلا، حيث تستخدم مكثفات الضوء، لتضخيم فوتونات الضوء الملتقَطة من الأرض مهما كانت ضعيفة.
وبمجرد جلوس الطيار في المروحية يصبح جزءا منها، ويقوم بتوصيل الخوذة بالنظام الإلكتروني، ويتحرك المدفع بحركة رأس الطيار، بحيث يمكنه بدء المعركة في أقل من ثانية.
مسؤول المروحية.. قائد المعركة الممسك بالمفاتيح التقنية في الخلف
إلى جانب نظام الرؤية في الخوذة تحتوي المروحية على تقنية بصرية متطورة تدعى "ستركس"، تحتوي على قنوات تلفزيونية، وأخرى للاستشعار الحراري، وجهاز رصد بالليزر، يساعد على تحديد المسافة واختيار الأسلحة المناسبة، وفي الليل تتمكن "ستركس" من رصد أي جسم يتحرك، مستفيدة من حرارته.
في مروحية النمر يجلس الطيار المسؤول في الخلف، ويتولى الإشراف على العملية، ويعرف باسم الرامي، وهو الذي يدير نظام الأسلحة في المروحية. وعندما يجلس في المقعد الخلفي يملك مفاتيح التحكم بالمروحية مثل الطيار تماما، وهذا يعني تولي القيادة عند حدوث طارئ، وتوجد أمامه شاشات تعرض بيانات الطيران، مع ما تعرضه الخوذة، وكذلك التحكم بالأسلحة عن طريق المقبضين المجاورين.
يجلس الطيار المسؤول في الخلف، ويتولى الإشراف على كامل العملية، ويعرف باسم الرامي
وهناك أيضا صندوق أزرار لاختيار الأسلحة، فحيز المقعد ضيق ويُشعر الطيار بالتمازج مع الآلة، ويتواصل الطياران باستمرار تواصلا لاسلكيا. والشاشات منخفضة حتى يستطيع النظر في المحيط والشاشات بنفس الوقت للتأكد مما يراه، ولتقديم صورة أوضح عند الضرورة، وفي جميع الأحوال لا ينظر الطياران إلى مكان واحد بنفس الوقت، بل أحدهما ينظر للشاشات، بينما ينظر الآخر للخارج.
ويركز الطيار المسؤول اهتمامه على الأسلحة، وأنظمة الطيران، وأجهزة اللاسلكي التي تحتاج للكثير من المدخلات، فهو يقضي وقتا أكثر من زميله في الداخل، وهو كذلك من يعطي الأوامر ويحدد الاتجاهات.
تغطية عمليات الانسحاب.. حماية الجنود في بؤرة الصراع
عند الوصول إلى ساحة القتال يستخدم الطياران كل إمكانيات المروحية لضمان التفوق، في البداية يطبّق مبدأ الحماية باختيار المكان المناسب للتخفي، ثم تمشيط البيئة المحيطة لرصد الأهداف، وتمييز الحلفاء من الأعداء على الأرض، واختيار الوقت المناسب لإطلاق النيران أو الانسحاب.
بالعودة إلى القاعدة في ستراسبورغ، يقوم طياران من الفوج الأول بالتحضير لتمرين حقيقي، المهمة هي مرافقة مروحية (NH-90) كيمان، أثناء سحب الكوماندوز من مناطق العدو، يراجعان خطة الطيران معا، ثم ارتداء الملابس الواقية من الرصاص، وإعداد الخوذة وخيارات الرؤية، والانطلاق إلى المدرج وتفقد المروحية.
تستطيع المروحية مسح المناطق بالأشعة المرئية وتحت الحمراء وتحديد مواضع العدو بسرعة فائقة
تنطلق المروحيتان كيمان والنمر، ويستمر التنسيق بينهما لحظة بلحظة، وعند الوصول إلى المكان تهبط الكيمان لتأمين صعود الكوماندوز، بينما تبقى النمر في الأجواء لحماية العملية من أي أعداء محتملين في الجوار، وبعد تأمين المنطقة وتمشيطها يسمح للكوماندوز بالتقدم لصعود الكيمان، وقد استمرت العملية أربع دقائق فقط، فهذا النوع من التمرين ضروري لتأمين الجنود في مناطق الصراعات.
وعند التعرض لهجوم مباغت يجب التصرف على الفور، وينفذ الطيار مناورة لتفادي الهجوم مستخدما الإمكانات الميكانيكية للمروحية، وبنفس الوقت مناورة إطلاق النار، حيث يستخدم خوذته في توجيه المدفع وإطلاق النار على منفذ الهجوم، إنها مسالة بقاء ويترتب عليها اتخاذ القرار في أجزاء من الثانية.
امتصاص الموجات.. خدعة التلاعب بالرادار الأعمى
جرى تصميم النمر لتفادي أكبر قدر من الخطر، فهي الأضيق في فئتها بسبب طريقة جلوس الطيارين بالأمام والخلف، وبذلك تقل مساحة الاستهداف، أما الميزة الأخرى فهي التخفي عن الرادارات، بسبب شكل الألواح الجانبية المستوية، وضيق مساحة المقدمة، وتحدب شكلها، بالإضافة إلى المادة الخاصة التي صنعت منها الألواح الخارجية.
تساعد هذه الألواح على امتصاص موجات الرادار وعدم ارتدادها، وكل هذه الأسباب تؤدي إلى تشتت الموجات الكهرومغناطيسية المنطلقة من الرادار بكل اتجاه، عدا مصدر الإرسال، وهذا يسبب عمى كاملا للرادار تجاه هذه المروحية الفريدة.
تقوم المروحية بتشتيت الموجات الكهرومغناطيسية المنطلقة من الرادار بكل اتجاه، مما يسبب عمى كاملا للرادار
رغم كل هذه الإمكانيات المتطورة فهنالك خطر يتهدد الطائرة، فعندما يسخن جسم الطائرة فإنها تصدر الأشعة تحت الحمراء، وهذه يمكن التقاطها من قبل العدو، وبالتالي مهاجمتها بقذائف يمكنها تتبع الأشعة تحت الحمراء، وقد عمل المهندسون على رصد الأجزاء الأكثر سخونة في الطائرة، وتصميم كاتمات تمنع انبعاث هذه الأشعة الضارة، والطريقة الثانية هي مواد طلاء خاصة تقلل انبعاث الأشعة تحت الحمراء.
كما جرى تزويد الطائرة بنظام الحماية الذاتية لمواجهة التهديدات، حيث تغطي أجهزة الرادار محيط المروحية في نطاق 360 درجة، وتستطيع أجهزة رصد الصواريخ المثبتة في الجزأين الأمامي والخلفي أن ترصد الانبعاثات فوق البنفسجية للصواريخ عند إطلاقها على مدى بضعة كيلومترات، وهي مزودة أيضا بأجهزة لرصد أشعة الليزر على جناحيها.
قنابل الضوء.. حيلة ذكية لتشتيت القذائف الليبية المعادية
تساعد أساليب المناورة المختلفة في الطائرة أن تكون لها اليد العليا في ساحة القتال في معظم المناسبات، وهي تتبع أساليب تكتيكية في تغيير مسار الهجوم أو الانسحاب والاختفاء، إذا ما كانت نيران العدو من الكثافة بحيث يتعذر تنفيذ الهجوم المخطط له مسبقا. وهي كذلك مزودة بنظام آخر للتحايل، فهي تطلق قنابل مضيئة عند اقتراب القذيفة المعادية، مما يجعلها تنجذب نحو الإضاءة وتبتعد عن الطائرة.
تقليلا لحرارة جسمها، تطلى المروحية بألوان باردة تقلل من انبعاثات الأشعة تحت الحمراء
وقد أثبت هذا النظام نجاعته في ثاني عمليات النمر في هرماتان بليبيا عام 2011، حيث العدو هذه المرة أكثر تجهيزا، ويملك مضادات طائرات كثيفة النيران.
اليوم تُستدعى مروحية النمر مع الجيش الفرنسي كلما حشد قواته لعملية عسكرية، وهي موجودة كذلك في الجيش الألماني مع بعض التعديلات، ويستعين بها الجيش الإسباني، وكذلك القوات الأسترالية، وتحظى باحترام الجيوش حول العالم، وهي تطور نفسها في ميادين القتال مثل الطيور الجارحة أو الحيوانات المفترسة، وتنقض على فرائسها بسيطرة واقتدار.
الجزيرة الوثائقية
الباسل
يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية