مفاوضات فيينا.. كيف ستتأثر في حال بدأت الحرب بين روسيا والدول الغربية؟

[الباسل]

مفاوضات فيينا.. كيف ستتأثر في حال بدأت الحرب بين روسيا والدول الغربية؟

يرى باحثون أن الأزمة الأوكرانية ستسرع وتيرة المفاوضات النووية بفيينا، وأن الجولة الثامنة ستكون الأخيرة، غالبا، وأن الأطراف المنخرطة فيها سترى نفسها مضطرة للإعلان خلال الأسبوعين المقبلين عن نجاحها أو فشلها

مسؤولان من الوفدين الإيراني والروسي في محادثات فيينا (الجزيرة)


14/2/2022

طهران- بعد التفاؤل الذي ساد أجواء المفاوضات حول الملف النووي الإيراني عشية انطلاق الجولة الثامنة منها في العاصمة فيينا، عاد التشاؤم يخيّم من جديد على التصريحات الصادرة من إيران وروسيا والولايات المتحدة، بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق والفترة اللازمة لحسم المفاوضات.
ومع ارتفاع المخاوف العالمية من اندلاع حرب محتملة في أوكرانيا، توقّف العد العكسي للتوصل إلى اتفاق في مفاوضات فيينا، وعاد الحديث عن وجود شرخ كبير بين مطالب الطرفين؛ الإيراني والأميركي.

فبعد تصريح لافت لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قال فيه إن "الطريق ما زال طويلاً قبل إحياء الاتفاق النووي"، قطعت تصريحات الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الشك باليقين في كلمته بمناسبة ذكرى الثورة الإيرانية يوم الجمعة الماضي، والتي قال فيها إن "طهران لا تعوّل على مفاوضات فيينا والعلاقة مع واشنطن".
وتأتي هذه المواقف تزامنا مع إحاطة المبعوث الأميركي إلى إيران روبرت مالي، أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، بشأن مجريات مفاوضات فيينا، التي وصفها السيناتور الديمقراطي، كريس ميرفي، بأنها كانت "صادمة"، في حين تحدث البيت الأبيض عن إعداده سيناريوهات للطوارئ.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال إن الطريق ما زال طويلا قبل إحياء الاتفاق النووي (رويترز)


المصلحة الروسية

ويجمع المراقبون في إيران، على تأثير الأزمة الأوكرانية على مسار المفاوضات النووية في فيينا، إلا أن بعضهم يرى أن الحرب المحتملة على أوكرانيا ستصب في مصلحة الجانب الإيراني، في حين يعتقد آخرون أن الأزمة ستدفع بالجانب الروسي إلى وضع العصي في عجلة المفاوضات المستمرة مع الجانب الغربي لإطالة أمدها وإبقاء المعسكر الأميركي منخرطا فيها.من جانبه، توقّع السفير الإيراني السابق في النرويج وسريلانكا وهنغاريا، عبد الرضا فرجي راد، أن يُظهر الجانب الأميركي اهتماما أكبر للتوصل إلى اتفاق بشأن النووي الإيراني في ضوء تصاعد الأزمة الأوكرانية، موضحا أن الموقف الروسي الأخير بشأن وجود شرخ قبل التوصل إلى اتفاق نووي في فيينا يدل على أن موسكو ترى إطالة أمد المفاوضات في مصلحتها في الوقت الراهن.
وعبّر فرجي راد في حديث للجزيرة نت، عن اعتقاده بأن روسيا المنخرطة في الأزمة الأوكرانية ترى أن حسم المفاوضات في فيينا لا يصب في مصلحتها، مؤكدا أن التوصل إلى اتفاق بين إيران والجانب الغربي يشكل هاجسا لموسكو خشية أن يتفرغ المعسكر الغربي للحرب المحتملة على أوكرانيا.
وأضاف الدبلوماسي الإيراني: "حتى قبيل احتدام الأزمة الأوكرانية، كان المندوب الروسي الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا ميخائيل أوليانوف، أكثر حماسا بشأن اقتراب المفاوضات من الاتفاق، لكن تغيّرت لهجته مؤخرا بشأن التقدم الحاصل في المفاوضات".وخلص فرجي راد، إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يطمح إلى رفع شعبيته قبيل الانتخابات المقبلة في بلاده على غرار ضمه شبه جزيرة القرم عام 2014، مؤكدا أن الحرب على أوكرانيا ستصبح حتمية في حال فشلت الضغوط الغربية وعدم حصول موسكو على ضمانات بعدم توسع حلف الناتو إلى تخوم روسيا.

تعزّز مكانة الوفد الإيراني

في المقابل، يرى الباحث في الشؤون الدولية، مصطفى خوش جشم، أن الأزمة الأوكرانية تعزز مكانة الوفد الإيراني المفاوض في فيينا، مضيفا أن قوة الولايات المتحدة لم تعد كما كانت عليه في العقود الماضية، ولم يعد بإمكانها الحضور الفاعل في أكثر من جبهة؛ سواء كانت سياسية أو عسكرية، على حد قوله.
وقال خوش جشم للجزيرة نت، إن تصاعد التوتر بين روسيا والولايات المتحدة يعرّض واشنطن إلى ضغوط كبيرة ويقوّض مكانتها أمام الثالوث الإيراني الروسي الصيني في مفاوضات فيينا، موضحا أن الأزمة الأوكرانية ستنعكس على تقريب وجهات النظر بين إيران وروسيا للضغط على الجانب الغربي.وعزا خوش جشم، التصريحات المتشائمة بشأن مفاوضات فيينا إلى مماطلة الجانب الأميركي في تقديم ضمانات بعدم انسحابه مرة أخرى من الاتفاق النووي ورفع العقوبات كاملة عن طهران. لكنه أضاف أن السبب الرئيس وراء إطالة أمد المفاوضات يعود إلى الخلافات في الوفد الأميركي المفاوض في فيينا من جهة، وبين الأوساط الأميركية في واشنطن من جهة أخرى.
وأضاف "واشنطن أرادت زيادة ضغط الشارع الإيراني على حكومته، لتقديم تنازلات في مفاوضات فيينا وذلك من خلال إظهار انفراجة في الأسواق الإيرانية من شأنها تحسين معيشة المواطن الإيراني".
وختم بأن الأزمة الأوكرانية ستسرّع وتيرة المفاوضات النووية في فيينا، وأن الجولة الثامنة ستكون الأخيرة -على أغلب الظن- وأن الأطراف المنخرطة فيها سترى نفسها مضطرة للإعلان خلال الأسبوعين المقبلين عن نجاحها أو فشلها.

المصدر : الجزيرة نت