ماذا تعرف عن ألقاب "الباشا" و"البيه"؟ يستخدمها المصريون رغم إلغائها رسميا منذ 70 عاما
شيخ الأزهر انتقد استخدام الألقاب والتصنيف الزائف للناس على أساس المال والجاه
اللواء محمد نجيب (يمين) يتحدث إلى علي ماهر باشا رئيس الحكومة التي ألغت الألقاب المدنية وعلى رأسها الباشوية (الصحافة العربية)
4/8/2022
القاهرة- "معالي الباشا، سعادة البيه، معاليك، سيادتك" ألقاب كثيرة لا يتوقف المصريون عن ترديدها في الشارع بشكل عام، وفي المصالح الحكومية ولدى مخاطبة أصحاب النفوذ والمال بشكل خاص. فماذا تعرف عنها؟
بعض من يسرفون في استخدام هذه الكلمات وغيرها لا يعرفون أن هذه الألقاب المدنية ممنوعة بنص الدستور والقانون المصري منذ 70 عاما.
ففي الثاني من أغسطس/آب 1952، في ثاني اجتماع لوزارة على ماهر باشا (أول وزارة بعد ثورة 23 يوليو/تموز 1952)، صدر أمر رسمي يحمل رقم 68 لسنة 1952 بإلغاء الرتب والألقاب المدنية الرسمية وعلى رأسها الباشا والبك (البيه كما يسميه المصريون).
كان القرار الذي صدر عن وزارة أغلب أعضائها من حملة الرتب والألقاب المدنية يهدف -وفق المسؤولين وقتها- إلى القضاء على الطبقية وإقامة عدالة اجتماعية، وتم الاكتفاء بلقب "المحترم" في المكاتبات الرسمية كافة.وفي وقت لاحق، تم حظر الألقاب في دستور عام 1956، وتكرر هذا الحظر في الدساتير المصرية بما فيها الدستور الحالي الصادر عام 2014 الذي نصت مادته 26 على حظر إنشاء الرتب المدنية.
قرار الحكومة المصرية عام 1952 بإلغاء الرتب المدنية (الصحافة المصرية)
تاريخ الألقاب المدنية
كانت الألقاب المدنية قبل عام 1952 جزءا أساسيا من الحياة السياسية في مصر، ومنذ عهد محمد علي باشا وحتى عام 1914 كان منح الرتب والنياشين للمصريين من حق السلطان العثماني وحده، أو ما أطلق عليه المصريون وقتها "الباب العالي".
لكن بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى ووضع مصر تحت الحماية البريطانية، أصبح الإنعام بالرتب والألقاب حقًا لسلطان مصر أو الملك (بعد التحول للملكية).
ويوم 14 أبريل/نيسان 1915، أصدر السلطان حسين كامل أمرا بإنشاء الرتب المدنية، ولاحقا أصدر الملك فؤاد الأول الأمر الملكي رقم 3 لسنة 1923 لتحديد وتنظيم منح الرتب المدنية. وكان القانون رقم 55 لسنة 1931 يحظر استخدام الألقاب المدنية لغير الحاصلين عليها رسميا ويضع عقوبات بين الغرامة والحبس لمن يصف نفسه بأحد الألقاب من دون وجه حق.
تقسيم الرتب المدنية
وتم تقسيم الرتب المدنية إلى 5 رتب هي: الرياسة: تمنح لرؤساء الحكومة في المنصب أو خارجه ، ويلقب صاحبها بلقب "حضرة صاحب الدولة".
الامتياز: تمنح للوزراء أو لمن في مقامهم بصفة استثنائية، ويلقب حاملها بلقب "حضرة صاحب المعالي".
الباشوية: تمنح لكبار الموظفين الذين لا تقل رواتبهم عن 1800 جنيه، ولكبار الأعيان الذين قدموا خدمات للبلاد، وتمنح بصفة استثنائية للمحافظين والمديرين الذين يبلغ أقصى مرتب درجتهم 1600 جنيه في السنة.
البكوية من الدرجة الأولى: تمنح للموظفين الذين لا تقل راتبهم عن 1200 جنيه في السنة.
البكوية من الدرجة الثانية: تمنح للموظفين الذين لا تقل راتبهم عن 800 جنيه في السنة. ويجوز منح البكوية بدرجتيها للأعيان المصريين الذين قاموا بخدمات للبلاد.
الطريق إلى الباشوية
يوضح حسن يوسف، رئيس الديوان الملكي بالإنابة في عهد الملك فاروق، أن طلبات الحصول على الرتب والنياشين كانت تأتي للديوان الملكي طوال العام، لكن الأعداد الكبيرة منها كانت تقدم في مناسبة عيد ميلاد الملك (11 فبراير/شباط) ثم في عيد الجلوس على العرش (السادس من مايو/أيار) من كل عام.
وفي مذكراته التي نشرت بعنوان "القصر ودوره في السياسة المصرية 1922-1952″، أضاف يوسف أن الخدمات التي كان يقدمها الأعيان للحصول على هذه الرتب، كانت تشمل التبرع بالأموال لأوجه العمل الخيري، مثل إنشاء مستشفى أو مسجد أو مدرسة أو التبرع لأحد المستشفيات أو جمعية الهلال الأحمر. وأوضح أنه خلال الفترة بين 1942 إلى 1952، جرى العرف على تقييم الخدمات بنحو 20 إلى 30 ألف جنيه للحصول على رتبة الباشوية ومن 5 إلى 10 آلاف جنيه لرتبة البكوية.
ويشير كتّاب ومؤرخون إلى وجود عمليات فساد شابت منح هذه الرتب والألقاب، وحصول بعض رجال البلاط الملكي على رشاوى لتسهيل منح هذه الرتب، وطالت هذه الاتهامات الملك نفسه، ويعترف يوسف في مذكراته بوجود شفاعات وتجاوزات، ولكنها -حسب قوله- لم تصل إلى حد الاتجار أو إساءة استعمال السلطة.
إلغاء الألقاب المدنية
ومع قيام حركة الضباط الأحرار بالإطاحة بالملك فاروق في 23 يوليو/تموز 1952، التي كان أهم شعاراتها المعلنة إلغاء الفوارق الطبقية، تم إعلان إلغاء الرتب المدنية وحظر استخدامها، باعتبار أن أغلب من يحملونها يمثلون النظام الملكي و"فساده"، حسب وصف قيادات الحركة.
ولعبت أفلام السينما والمسلسلات المصرية دورا في ترسيخ ألقاب بعينها ارتبطت بفئات اجتماعية أو رسمية، ومنها تسمية ضابط الشرطة بلقب "باشا"، ومن أشهر الأمثلة فيلم "الباشا تلميذ" لكريم عبد العزيز الذي يجسد فيه شخصية ضابط شرطة ينتحل صفة طالب في إحدى الجامعات، ولا تتم مخاطبته بصفته الرسمية إلا باقتران ذلك بلقب باشا.كما اشتهر لقب "باشا مصر" الذي كان يلقب به الضابط "سليم الأنصاري" (أمير كرارة) في مسلسل "كلبش".
مواطنون ومسؤولون
ولا يتوقف استخدام الألقاب على المواطنين فقط، وإنما يمتد إلى المسؤولين في أعلى درجات السلطة.
وكثيرا ما استخدم الرئيس عبد الفتاح السيسي لقب "دولة رئيس الوزراء"، و"معالي الوزير" في أحاديثه العامة الموجهة لرئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي أو بعض الوزراء.
وأكتوبر/تشرين الأول 2018 في أثناء مناقشة مجلس النواب تجديد حالة الطوارئ، وجه رئيس مجلس النواب وقتها علي عبد العال حديثه إلى رئيس الوزراء بلقب "يا حضرة صاحب الدولة"، وهو اللقب الذي كان يقترن قديما مع منصب رئاسة الوزراء.كما اعتاد كثير من المسؤولين على مخاطبة مقدمي البرامج التلفزيونية بلقب "بيه".
مسؤول حكومي يحظر استخدام الألقاب داخل المؤسسات الرسمية (الصحافة المصرية)
المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة نت - عبد الرحمن أحمد