مسودة قانون لتجنيد الحريديم في الجيش يثير الجدل بإسرائيل (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي - عضو مجلس السيادة الانتقالي في السودان (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 1 - عددالزوار : 19 )           »          مقال في "نيويورك تايمز": ترامب فوق القانون (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الجنرال محمد إدريس ديبي - رئيس المجلس الانتقالي في تشاد (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 2409 )           »          الجيش الأحمر.. قصة منظمة زرعت الرعب في ألمانيا واغتالت شخصيات هامة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          البنتاغون: إسرائيل ستشارك في تأمين الميناء المؤقت بغزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          جرائم الحرب (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          جرائم ضد الإنسانية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          التطهير العرقي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          تنظيم الدولة يتبنى هجوم موسكو وسط إدانات دولية ونفي أوكراني بالضلوع فيه (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 63 )           »          احتكاك عسكري بين روسيا وأميركا في القطب الشمالي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          صحيفة روسية: الناتو مستعد للحرب ضد روسيا منذ 10 سنوات (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          ولاية ألاسكا.. تنازلت عنها الإمبراطورية الروسية واشترتها أميركا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 60 )           »          حزب الله يستهدف موقع رادار ومنصتين للقبة الحديدية الإسرائيلية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          بعد عامين من إنشائه.. ما هو حال قراصنة "جيش أوكرانيا الإلكتروني"؟ (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »         



 
العودة   ..[ البســـالة ].. > جـناح الدراســات والبـحوث والقانون > قســــــم الدراســـــات والتـقـاريــر
التعليمـــات قائمة الأعضاء وسام التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة
 


دور الجيوش في الصراع ضد الارهاب

قســــــم الدراســـــات والتـقـاريــر


إضافة رد
 
أدوات الموضوع

قديم 17-07-09, 08:07 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي دور الجيوش في الصراع ضد الارهاب



 

دور الجيوش في الصراع ضد الارهاب

د. صلاح نيوف

عندما نتحدث عن دور الجيوش في الصراع ضد الإرهاب، فهذا يشير إلى أدوار أخرى يمكن أن تقوم بها جهات عسكرية متعددة ، ولكنها لا تخضع لأسلوب عمل ووظيفة الجيش النظامي، إذن فالحديث عن الجيوش يهدف من جهة تحليل الأعمال التي تؤديها ضمن سياق خاص بها، وتكون مضطرة لاحترام دورها في عملية الصراع ضد الإرهاب؛ ومن جهة أخرى، فإن هذه الطريقة في التحليل تمكننا من وضع معايير نوعية أخرى غير معروفة تتعلق بعمل الجيوش في الحالات الخاصة. بالإضافة إلى ذلك، بالتعرف على وظيفة الجيش أثناء الصراع ضد الإرهاب، نحن نتعرف على علاقته بالأجسام العسكرية الأخرى داخل الدولة، مثل: الشرطة بكل أنواعها، وأجهزة الأمن، والمخابرات.

يسمح لنا المدخل السابق بفهم أفضل لدور الجيوش ضمن بيئة استراتيجية متغيرة، ثم وضع هذا الدور وتقويمه بالعلاقة مع باقي الأجهزة الأمنية. وسنستند في هذه الدراسة التحليلية إلى قراءة منعكسات أو مضاعفات خطابات ولغة الحرب على الإرهاب، وأثرها على تحولات وظائف وعمل الجيوش، ومن أجل هذا لابد من محاولة مراقبة الانشقاق أو الانقسام بين مجموعة الفاعلين في هذا المضمار، والذين يحاولون الارتقاء بفكرة الدور الأكبر للجيش في الصراع ضد الإرهاب، وأولئك الذين يرفضون أو يقاومون لعب الجيش لهذا الدور ويصفونه ب (الخطر) بالنسبة له.
عملياً، هناك انقسام واضح يمكن ملاحظته بين المواقف التي

يتخذها محترفو السياسة والذين يبررون وضع جميع القوات في الصراع ضد الإرهاب، وبين العسكر أنفسهم الذين يبدون انزعاجهم من هذه المهمات التي يرون أنها خارج اختصاصهم، ويمكن أن نرى هذا الانقسام على سبيل المثال في بريطانيا وفرنسا رغم أن الأسباب تختلف من بلد لآخر، وبشكل أقل في الولايات المتحدة، حيث هناك حلف مضمر أو ضمني بين السياسيين في البيت الأبيض، ومجلس الأمن القومي من جهة، وجزء من الجيش لاسيما أولئك الذين يضعون في قلب مذهبهم التهديدات غير المتماثلة أو غير المتناسقة (أي الحرب غير النظامية) في معارضة للقراءات الأكثر تقليدية للتهديد الذي تقدمه كل من روسيا والصين على سبيل المثال، أو قوى إقليمية مثل إيران من جهة أخرى(1).
أيضاً في تحليل دور الجيوش في الصراع ضد الإرهاب، يمكننا الاستناد إلى الأطر المؤسساتية والقانونية التي تتفاعل مع عملية الصراع هذه، وإذا اقتضت الحاجة فبالإمكان اللجوء للدور العسكري من أجل وضعه في علاقة حبكة حول الطابع المتغير والاستثنائي للتهدد الإرهابي، هذه الحبكة تحاول إعطاء دليل وحجج لحضور نوعي للتهدد الإرهابي، من أجل الاستشهاد بضرورة تبني خطوات، أو أنظمة قانونية تمكّن من الإجابة بشكل فعّال على الإرهاب. وفي رأي المتخصصين في قضايا الإرهاب العالمي، فإن هذه العملية في الربط أو الحبك هي أكثر سهولة من الحديث عن (الإرهاب العابر للقارات) الذي يخلط في الفصل بين الأمن الداخلي والأمن الخارجي، بين عدو وبين مجرم، بين عمليات يقوم بها البوليس المتخصص بالجرائم والأعمال التي تقوم بها أجهزة الأمن والمخابرات. إذن الحديث عن "الاستثناء"، أو الحالة الخاصة يسمح بفتح ثغرة في الحدود التي تضعها الأطر القانونية والمؤسساتية.

هذه الطريقة في التحليل تؤكد ضرورة فهم الممارسات المعاصرة، ليست فقط المتعلقة بالأنظمة القانونية التي تسمح بالفعل واتخاذ القرارات، ولكن أيضاً من وجهة نظر سيسيولوجية؛ فخطاب الحرب على الإرهاب من جهة، واستحضار التهديد العالمي والإقليمي من جهة أخرى، يثبتان بشكل قاطع قِدَم القراءات التقليدية المبنية على أساس التمييز داخلي-خارجي، ويقودان إلى إعادة تشكيل الأجهزة الأمنية، لاسيما العسكرية من أجل الإجابة على متطلبات الصراع ضد الإرهاب.

بالاستناد على ما سبق، يمكن القول مع بعض المجازفة، إن مسألة دور الجيوش في الصراع ضد الإرهاب لا يمكن أن تكون، وأنها لم تعالج بشكل مستقل؛ وهذا بدوره يطرح أسئلة أخرى، مثل: ما هو دور الأجهزة الأمنية الأخرى؟ وما هي التصرفات المتوقعة من العدو ضد وظيفة الجيوش أو الأجهزة الأمنية؟

هنا لابد من القول إن أية دراسة تتعلق بدور الجيوش في الصراع ضد الإرهاب يجب أن تأخذ بعين الاعتبار وبرؤية استشرافية التغيرات والتحوّلات في الأجهزة الأمنية التي حصلت في آخر عقدين من الزمن، والتي لا يمكن فهمها لوحدها، بل في وضعها بعلاقة أو ارتباط بتطورات أحدثتها التهديدات الإرهابية أو يمكن أن تحدثها. وفي الحقيقة فإن هذه التغيرات لا تعود جنينياً إلى ما بعد اعتداءات 11 سبتمير في نيويورك كما يتوهم البعض، فالاعتداءات وما تلاها في المناخات السياسية الديمقراطية الغربية جاءت لتثبت التغيرات، ثم تسرّعها، وفيما بعد تعمّقها ضمن منطقها الأساسي القائم على نزعات متشددة وقديمة. إن التغيرات في الأجهزة الأمنية وفي الأدوار والوظائف المسندة إلى الجيوش بشكل متدرج، يبدو أنها لن تتوقف عن الاستمرار.
أولاً: في تحديد دور الأجهزة الأمنية

تُعتبر مفردة الإرهاب من أكثر المفردات إحداثاً للجدل والاختلاف عبر العالم، لذلك لابد من الحديث عنها ولو بشكل مختصر قبل محاولة قراءة دور الأجهزة الأمنية في مكافحة الإرهاب؛ فعندما نتحدث عن (الإرهاب) سيكون من المفيد أن نحدد ماذا نعني بهذه الكلمة؟ إن عملية التحديد لا تتم بشكل سطحي أو بسيط، بل من خلال رؤية ترابطية للمفاهيم. بمعنى آخر، يتوجب علينا فهم معنى (الإرهاب)، وفهم خطاب الآخرين عندما يتحدثون عن الإرهاب، أي فهم الإرهاب كما يصلنا أو ينقل إلينا العاملون أو الناشطون ضد الإرهاب. وهذا الإدراك لخطاب الآخرين هو في غاية الأهمية، لأنه يبين لنا كيف بدأت المجتمعات الغربية بالحديث عن الإرهاب، وكيف عمدت إلى تطبيق خطابها المضاد له من خلال الدور النوعي للجيوش في مهمة الدفاع والحماية؟

1. خطاب الإرهاب كعنف سياسي عالمي

ينطلق بعض علماء الاجتماع الغربيين من القول إن (الإرهاب) بداية وقبل كل شيء هو "عملية خاصة في تصنيف أو ترميز العنف السياسي العابر للقوميات، وهذه العملية تم وضعها من خلال سلسلة من الخطابات"(2). ويمكن أن نضيف على هذه الخطابات السياسية والإعلامية مصادر أخرى، مثل: "الكتاب الأبيض الذي وضعته الحكومة الفرنسية حول الأمن الداخلي في مواجهة الإرهاب"(3)، وملف "الدفاع في مواجهة الإرهاب"(4)، أو (Patterns of Global Terrorism) الصادر عن وزارة الدفاع الأمريكية، وفي التقرير السنوي الذي تضعه FBI Terrorism in the US، وهي جميعها تشكّل أمثلة حول الخطابات الرسمية عن الإرهاب. وتقوم هذه المصادر بتوصيف (الفضاءات) التي يوجد فيها إرهاب: أشكاله وأهدافه، وتهدف من ذلك إلى تحديد الأشكال ورسم الظروف الخاصة التي تسمح بإقامة نموذجها في رد الفعل وتنظيم عمليات "ضد التهديد" قبل وقوعه.
وتعتبر حالة الولايات المتحدة حالة له أعراضها الخاصة إذا انطلقنا من التعريف السابق، ومن مصادر الخطاب حول الإرهاب، فمنذ سنوات السبعينيات كان هناك رؤية للعنف السياسي العابر للقوميات تقوم على النظرة إليه كعنف استثنائي، متفرّد ومميز عن أكبر شكلين من أشكال ممارسة العنف الذي عرفه العالم الغربي حتى ذلك الوقت، وهما: الجريمة المنظّمة، والحرب، ولم يقارن العنف السياسي لا مع الجريمة المنظمة ولا مع الحرب، وهذا ما يسمح اليوم بفهم الأسئلة الكبيرة التي رأت النور فيما يتعلق بالشكل الذي يجب أن تكون عليه الإجابة عن أحداث 11 سبتمبر 2001م: هل الإرهاب فعل حرب، علينا أن نرد عليه بالحرب، وبالتالي استخدام قوى الجيش النظامية، أو أن الإرهاب هو جريمة نكتفي بالرد عليها من خلال عمل ووظيفة البوليس والقضاء؟(5). إنها أسئلة كبيرة كما يقول (فيليب بونديتي) من مركز الأبحاث السياسية في باريس: "تبلورت بشكل خاص في معسكر الاعتقالات الشهير (جوانتانامو)، ومن حالة المعتقلين أنفسهم في هذا المعسكر، والذين اعتبروا (محاربين غير شرعيين)"(6).


إن الحديث عن الإرهاب كحالة من العنف السياسي العابر للقوميات لا يعني أن ممارسة العنف غير موجودة، فهناك أمثلة كثيرة على ذلك، ليس آخرها أعمال الاعتداء على السفارات، أو المصانع، أو الأفراد الأبرياء، ولكن عندما يُقال عن الإرهاب إنه خطاب، فهذا يشير إلى محاولة لرؤية كيف أن أفعال العنف المبعثرة عبر الزمان والمكان من غير رابط حقيقي يجمعها، توجد اليوم تحت شكل أو في مجموعة واحدة جنباً إلى جنب، وبمسمى واحد هو: (الإرهاب)، فهل من تعريف لهذا الإرهاب؟

 

 


 

الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 17-07-09, 08:07 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

2. الإرهاب

للإرهاب وتحليله تيارات ومواقف متعددة، لكن هذا التعدد لا يضير في فهم الظاهرة، بل يساعد في إدراكها بعمق أكبر، ثم معرفة مختلف المقاربات التي يجب الأخذ بها من أجل مجابهة هذا النوع من العنف بشكل متحرك ومستمر. وهنا لابد من طرح السؤال التالي: لماذا كان الصراع ضد الإرهاب ومازال حتى اليوم من المهمات الخاصة لوزارات الداخلية، وكل ما يتعلق بالبوليس وأجهزة الأمن والمخابرات على الأقل في البلدان التي حاولنا قراءة تعاملها مع هذه الظاهرة، مثل: ألمانيا، وأسبانيا، وفرنسا، وبريطانيا، والولايات المتحدة، علماً أنه كان في الماضي لاسيما في الولايات المتحدة عبارة عن مجال محتكر وبشكل كبير من قبل مجلس الأمن القومي، والمخابرات الأمريكية، وأحياناً بشكل هامشي من قِبَل وزارة العدل و FBI؟

تم تعريف الإرهاب في فرنسا من قِبل "الكتاب الأبيض" المُقدّم من الحكومة الفرنسية على أنه: "كل فعل يهدف للقتل أو لإحداث إصابة بالغة ضد المدنيين أو غير المقاتلين. وبالنظر لطبيعته أو للسياق الذي يُرتكب فيه هذا الفعل أيضاً، هو كل ما يؤدي لخوف السكان، أو إجبار الحكومة، أو منظمة دولية على التصرّف أو رفض التصرّف بشكل ما أو وفق هيئة معينة"(7). وبالاستناد إلى هذا التعريف تتخذ المواقف السياسية فيما يتعلق بالعنف السياسي العابر للقوميات، وهو في الواقع تعريف يتميز عن ذلك التعريف الذي يأخذ به القانون الجزائي، وفيه يعيد اتخاذ القرارات إلى العدالة(8)، فقد جاء في القانون الجزائي الفرنسي عن الإرهاب أنه: "تعدٍّ فردي أو جماعي (مقصود) يهدف لزعزعة النظام العام من خلال نشر الخوف والإرهاب"(9).

ورغم بعض التشابهات بين هذه التعريفات ونظيرتها في المملكة المتحدة، إلاّ أن التعريفات الفرنسية تختلف عن البريطانية التي صدرت في عام 1973م، وعرَّفت الإرهاب بأنه: "استخدام العنف بهدف بثِّ الرعب والخوف في جزء من الحياة العامة أو في كليتها"(10)، وأيضاً هذا التعريف البريطاني يتميز عن التعريف الذي جاء في Terrorism Act 2000، والذي يعتبر الإرهاب كفعل ينتج عن الأعمال التالية:

1. استخدام العنف، أو التهديد باستخدامه.
2. ضد كل شخص، أو ممارسة ضرر حقيقي ضد الأملاك، أو وضع حياة في خطر، أو خلق خطر حقيقي ضد الصحة العامة، أو تدمير نظام إلكتروني.
3. استخدام السلاح الناري، أو المتفجرات، حيث الهدف هو التأثير على الحكومة، أو إحداث خوف بين العامة أو في جزء منها.
4. أو فعل عنف يهدف إلى عرض قضية سياسية، أو دينية، أو أيديولجية(11).
ويعتقد الكثير من المراقبين من وجهة نظر تعريفية أن حالة الولايات المتحدة مهمة أيضاً ضمن هذا المجال؛ فالخطاب الرسمي لم يأخذ ولفترة طويلة سوى بتعريف واحد للإرهاب، وهو تعريف عالمي جاء تحت الرقم 22 (F 265) من القانون المدني في الولايات المتحدة، والذي يصرّح بأن: "مصطلح (الإرهاب الدولي) يعني الإرهاب الواقع على المواطنين أو إقليم في أكثر من بلد"، وهذا التعريف يختلف عن ذلك التعريف الذي جاء تحت الرقم 50 من القانون المدني نفسه، والذي يصرّح بأن الإرهاب الدولي يجمع النشاطات التي:


تؤدي إلى أفعال عنفية، أوخطرة ضد الحياة الإنسانية، في عملية انتهاك لقوانين الجريمة في الولايات المتحدة، أو بلدان أخرى، أو تلك التي ستكون انتهاكاً لقوانين الجريمة إذا ارتكبت تحت حكم السلطة القضائية للولايات المتحدة أو في بلد آخر.
أو يظهر أنها ارتكبت بهدف: خلق الخوف والرعب بين السكان المدنيين، والتأثير على سياسة الحكومة بواسطة الخوف والإجبار، أو التأثير على عمل الحكومة من خلال الاغتيال أو أخذ الرهائن.
التي تقع كليَّاً خارج الولايات المتحدة، أو تجتاز الحدود الوطنية، وفق الوسائل التي يتم ارتكاب هذه الأفعال من خلالها(12).
ويختلف هذا التعريف بطبيعة الحال عن التعريف الذي جاء في الرقم (18 الفصل 231) من القانون المدني نفسه، ويرى في النقطة (3) أن الإرهاب الدولي يأتي (بشكل أساسي)، وليس (كلياً) كما في الرقم (50) خارج الولايات المتحدة. ويبيّن التحليل الأكثر عمقاً لاستخدام مصطلح (الإرهاب) من قِبل مختلف وكالات الإدارة الأمريكية بالإضافة إلى ما سبق وجود العديد من التعاريف، حيث أن CIA, FBI، ووزارة الدفاع، لا يستخدمون التعريف نفسه للإرهاب، فكل منهم لديه معاييره المختلفة، والتي تسمح له منذ عام 1979م بتبرير سياساته في التعامل بقضايا ضد الإرهاب؛ فمثلاً FBI، أو البوليس الفيدرالي يتحدث عن معيار الأهداف الاجتماعية، وليس فقط السياسية، أما CIA، ووزارة الدفاع فيتحدثان عن معيار الإصرار والترصّد، أو التخطيط المسبق، وهذا بعكس معيار FBI.


في الواقع، إن معيار CIA يسمح لها باستخدام جميع نشاطاتها ومصادرها من المعلومات من أعلى الهرم، وفيما يتعلق بأفعال العنف، ويسمح لوزارة الدفاع بتبرير العديد من المقاييس المستخدمة لديها على الصعيد الدولي، وذلك من أجل تخويف الدول التي (تدعم الإرهاب). ونضيف أن وزارة الدفاع تستند إلى معاييرها منذ عام 1984م، أي الدوافع الدينية التي تقف وراء مرتكبي العنف. وقد تم وضع هذه التعاريف في الولايات المتحدة وبشكل عام وما تزال تقيم اليوم سلسلة من التمييز بين (نظام العنف الإجرامي)، و (نظام ما يسمى العنف الإرهابي)، وبين (الإرهاب الداخلي)، و (الإرهاب الدولي)، وأخيراً بين (الاستخدام الحقيقي للعنف)، و (التهديد باستخدام العنف).

ويسمح التمييز الأول بفهم هذا الفعل في الولايات المتحدة بعكس الحالة الفرنسية، والأسبانية، والبريطانية، والألمانية أن الإرهاب لم يتم إنجازه أو إدخاله بشكل جزائي إلاّ في عام 1996م، وبفضل قانون (Antiterrorism and Effective Death Penalty). أما التمييز الثاني بين (الداخلي) و (الدولي)، فيشير إلى محاولة إعادة دمج العنف العابر للقارات ضمن المعايير التقليدية للأمن. والتمييز الثالث بين القيام بالفعل أو التهديد بقيامه وهذا ما يوجد أساساً في التعريف البريطاني للفعل الإرهابي الصادر عام 2000م يهدف إلى ربط الدور المركزي المعطى لأجهزة المخابرات مع الخطوة الاستباقية التي طالما رغبت فيها الولايات المتحدة.

وفق المعطيات السابقة، يظهر اليوم أنه من المهم العودة إلى عرض وتوضيح التهديد قبل وضع وتنظيم الرد على الإرهاب، ثم تحديد الدور الاستثنائي أو الخاص الذي يمكن إسناده إلى الجيش. وبالنظر إلى شكل وماهية التهديد الإرهابي في عالمنا اليوم، والحالة التي يصنّف ويرتّب ضمنها، فإن الأجهزة الأمنية المسؤولة عن الصراع ضد الإرهاب ليست متشابهة أو واحدة، بل متعددة ومختلفة في المهام والوظائف؛ فمثلاً في الحالات التي يمكن تتبعها في فرنسا، وأسبانيا، وألمانيا، وبريطانيا، نجد الإرهاب، وقبل كل شيء، هو إشكالية تابعة للأمن الداخلي ألقت أو أعادت هذا العنف إلى فئة الجريمة، وإلى أحضان البوليس، بينما في الولايات المتحدة، فإن الإرهاب، وقبل كل شيء، استُفيد منه كسلاح في السياسة الخارجية، لا بل تقنية خاصة في الصراع أو نموذج جديد في قيادة وإعلان الحرب. وقد تم إعطاء دور مركزي للأجهزة الأمنية على الصعيد العالمي من قِبل واشنطن ضمن هذه الحالة ، فيمكن رؤيته ومنذ عام 1984م أنه أصبح جزءاً من الإجابة والرد على الإرهاب ولأسباب انتقامية، أو ثأرية(13).

وكان الاختيار في فرنسا، وأسبانيا، وألمانيا إعطاء دور كبير للبوليس والأجهزة الأمنية مع دور هامشي للجيش. وفي بريطانيا كان الوضع مختلفاً بعض الشيء، فقد تمت مقارنة الإرهاب بأعمال إجرامية، بمعنى أنها من اختصاص القانون الجزائي، ولكن رغم ذلك تم استخدام الجيش، وبشكل خاص جيش المشاة، في لعب دور هام في مكافحة الإرهاب، وتوقيف الأفراد في أيرلندا الشمالية. وهذه الاختلافات التي يمكن مراقبتها من جانب بين فرنسا، وأسبانيا، وألمانيا، و بشكل أقل في بريطانيا، وبين الولايات المتحدة، تعود لعلاقة مختلفة مع العنف السياسي العابر للقوميات، وهو عنف تمت تسميته في أواسط التسعينيات ب "الإرهاب المعولم"، وفيما بعد وبشكل فيه الكثير من الخطأ سُمّي ب "الإرهاب الإسلامي".

ثانياً: الاختلاف والاتفاق حول (الإرهاب المعولم)

لفهم هذا الوضع ما بين اختلاف واتفاق، لابد من العودة قليلاً إلى الوراء؛ فالحديث عن "الإرهاب المعولم" لم يأت بشكل مفاجئ ضمن خطاب الإرهاب، فقد تم قطع طريق طويلة للوصول إليه، هذه الطريق قسّمها المتابعون لقضايا الإرهاب إلى زمنين في الولايات المتحدة، وأوروبا رغم الاختلاف القائم في الظروف على ضفتي المحيط الأطلسي :

في الزمن الأول: ارتسم الخطاب فوق قاعدة أيديولوجية مع ربط قوي بين أفعال العنف التي تقوم بها المنظمات والحركات الاستقلالية-الانفصالية (وهو إرهاب له طابع إقليمي)، والمجموعة اليسارية المتطرفة ومعها الاتحاد السوفيتي وحلفاؤه، ففي الحالة الأولى هناك مطالب تتعلق بالاستقلال، وفي الثانية معارضة أيديولوجية تقوم بها مجموعات لجأت إلى خطاب ماركسي وجدت هذه الحالة أثناء الصراع الأيديولوجي السوفيتي-الأمريكي الكبير . أما الأمثلة عليها فهي كثيرة منها: مجموعات IRA, ETA، وهي مجموعات معارضة للرأسمالية، ومعارضة لمجتمع الاستهلاك، ومجموعة Bande Baader في ألمانيا، والكتائب الحمراء في إيطاليا، هؤلاء جميعهم اتهموا بتلقي المساندة من الاتحاد السوفيتي، وبخاصة في المرحلة ما بين 1970، و 1980م.

في الزمن الثاني: وقد بدأ مع سنوات الثمانينيات وتعمّق بعد سقوط جدار برلين، فإن التحليلات حول الإرهاب تضع النشاطات التي تقوم بها مجموعات متطرفة مستخدمة الإسلام كغطاء لها، ضمن خانة النشاطات ذات الأهداف السياسية، كما هو حال تنظيم (القاعدة)، مع العلم أنه في أوروبا وفي فرنسا بشكل خاص وجدت مجموعات صغيرة تقوم بالنشاط نفسه قبل (القاعدة).

1. الإرهاب مشكلة أمنية داخلية

عرفت فرنسا وألمانيا العنف السياسي على أرضيهما، وكان الرد على هذا العنف يستند إلى القوى البوليسية، حيث تم وضع التنظيمات والمجموعات الممارسة للعنف تحت المراقبة الصارمة، وقد لعبت الأجهزة الأمنية دوراً كبيراً في هذه القضايا. إذن كان هناك أولوية للأجهزة الأمنية والبوليسية على قوات الجيش، ومن هذا المنطلق طلبت فرنسا وألمانيا تعاوناً بوليسياً دولياً، وتطويراً لتقنيات الصراع ضد العنف السياسي، وقد استفادت إدارة الرئيس (بوش الابن) كثيراً من هذا التعريف بعد أحداث 11 سبتمبر. إذن باستطاعتنا أن نقول بغياب دور الجيش في ألمانيا، وبتهميشه في فرنسا في حالات الصراع ضد العنف السياسي.

وفي أسبانيا وبريطانيا لعب الجيش دوراً مهماً في الصراع ضد العنف السياسي، ففي الثمانينيات تعرّضت البلدان لتجارب (الإرهاب الانفصالي) الذي يدعو لتمزيق التراب الوطني؛ وفي أسبانيا ربما يكون الجيش ابتعد قليلاً عن الدخول في الصراع القوي ضد الإرهاب، وهذا يعود لأسباب تاريخية، حيث توجد نظرة ارتياب تجاه الجيش منذ عهد الدكتاتور (فرانكو)، ولكن (الحرس المدني) وهو قوة بوليسية لها طابع الجيش لعب دوراً مهماً في هذا الصراع، وبالتعاون مع القوة البوليسية المستقلة في مكافحة العنف السياسي، علماً أن البوليس المستقل هو تحت إمرة وزير الداخلية.

وفي بريطانيا، دخل جيش المشاة بشكل قوي في الصراع ضد العنف في أيرلندا الشمالية، وقد أُعطيت له سلطات كبيرة وبخاصة فيما يتعلق بتوقيف الجماعات والأفراد، ولكن تم الحدّ منها فيما بعد، كما أنها لم تكن موجودة على الأراضي البريطانية الأخرى. ومن يعرف بريطانيا جيداً يعرف أن هذه الصلاحيات التي أُعطيت للجيش تتناقض بشكل كبير مع التقليد السياسي الليبرالي البريطاني، والذي ينظر دائماً بعين الريبة لأي دور للجيش وتدخله في الأرض الوطنية. بشكل عام، فإن الإرهاب في الدول التي ذكرناها سابقا: فرنسا، وأسبانيا، وبريطانيا، وألمانيا تم إدراكه والتعامل معه ضمن مفهوم الإشكالية الأمنية الداخلية، مع مراعاة العمل على مراقبة منابعه ومصادره من قِبل الأجهزة الأمنية، ولكن مع أحداث 11 سبتمبر 2001م توقّف التعامل مع الإرهاب على أنه مشكلة أمنية داخلية، وهذا ما سنراه من موقف الولايات المتحدة الأمريكية.

تعامل الأمريكيون منذ زمن طويل مع الإرهاب على أنه مشكلة خارجية، وقد رأينا سابقاً تمييزهم (الإرهاب الداخلي) عن (الإرهاب الدولي)، ثم إعطاءهم الأولوية للإرهاب الدولي، وبقي هذا الوضع قائماً حتى منتصف التسعينيات. وأيضاً كانت الولايات المتحدة ترى في الإرهاب أنه ظاهرة من العنف تتطور بشكل أساسي في أوروبا، وأمريكا اللاتينية، والشرق الأوسط، حتى أنها ربطت بين الإرهاب وبين دول بعينها، بالإضافة إلى ذلك تم التفكير بالإرهاب مبكراً ضمن المفاهيم والعمل الاستراتيجي، ولكن من غير إعطاء دور محوري أو هام للجيش. إذن سوف ننتظر حتى التسعينيات وحتى تصل الاعتداءات إلى الأرض الأمريكية، وهنا ستبدأ مقاربة جديدة لهذه الظاهرة، والتي سيتم ربطها هذه المرة بمجموعات (إرهابية) تأخذ صفة أو وضعية الشبكات، ومع مطلع عام 1996م ضمّت الولايات المتحدة على قائمة الإرهاب التي تصدرها بحق دول داعمة له قائمة المنظمات الإرهابية، وفي الوقت نفسه بدأ دور الجيش يكبر ضمن مفهوم إعطاء دور حماية الأراضي الوطنية، خصوصاً بعد الاعتداء في عام 1993م على (مركز التجارة العالمي)، وفي 1995م على مبنى فيدرالي في ولاية (أوكلاهوما)، وأكثر من ذلك بعد الاعتداء بالغاز داخل نفق المترو في طوكيو عام 1996م.

المصدر : مجلة كلية الملك خالد العسكرية

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الارهاب, الجيوش, الصراع

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:01 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
 

شبكـة الوان الويب لخدمات المـواقع