لفهم تعقيدات هذه المعركة المُفترضة، لنتعرف بداية إلى الطبيعة الخاصة جدا لهذه النوعية من الطائرات، فالقاذفة نوع من الطائرات المصممة خصيصًا لمهاجمة الأهداف البرية والبحرية بإسقاط القنابل أو إطلاق الصواريخ، وتتخصص بشكل أساسي في مهام القصف الاستراتيجي (ضمن مهام أخرى)، أي استهداف البنية التحتية، أو المراكز الصناعية، أو خطوط الإمداد، أو الأصول الأخرى ذات القيمة العالية بهدف إضعاف قوة العدو وتقويض قدراته الأساسية.
وبشكل خاص، فإن بعض القاذفات مصممة لحمل وضرب الأسلحة النووية كجزء من الردع الاستراتيجي. ويفهم مما سبق أن هذه النوعية من العمليات غالبًا ما تنطوي على مهام بعيدة المدى في عمق أراضي العدو أو الخصم المستهدف، ولتحقيق هذا الغرض يجب أن تكون هذه القاذفات قادرة على السفر لمسافات طويلة دون رصدها تحت أي ظرف.
وبسبب ما سبق فإن القاذفات كانت دائما من سمات التفوق العسكري للدول الكبرى، وواحدة من أساسيات الردع، وقد لعبت عبر تاريخها دورا مفصليا، ففي
الحرب العالمية الثانية كانت حملات القصف الاستراتيجي، مثل قصف الحلفاء لألمانيا، أو القصف الذري لهيروشيما وناغازاكي، ذات أهمية كبيرة في حسم نتائج المعارك.
ولاحقا في الحرب الباردة كانت القاذفات، مثل "
بي-52″ الأميركية، جزءا رئيسيا من استراتيجيات الردع النووي، إلا أن الولايات المتحدة احتاجت إلى قاذفة قادرة على اختراق الدفاعات الجوية السوفياتية دون أن يتم كشفها بسبب التقدم الكبير في تقنيات الرادار، مما جعل القاذفات التقليدية أكثر عرضة للخطر.
بحلول منتصف السبعينيات، ابتكر مصممو الطائرات العسكرية طريقة جديدة لتجنب الصواريخ الاعتراضية، والمعروفة اليوم باسم "التخفي". وفي عام 1974، طلبت وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة "داربا" معلومات من شركات الطيران الأميركية حول أكبر مقطع عرضي لطائرة تكون غير مرئية فعليًا للرادارات.
وإثر ذلك في عام 1979، أطلقت القوات الجوية الأميركية برنامجا لقاذفة متطورة تكنولوجيا يتركز على قدرات التخفي، وفي عام 1981 فازت شركتا نورثروب وبوينغ بعقد تطوير القاذفة الشبحية الجديدة بموجب "مشروع سي جي سينيور"، وبحلول عام 1988 كشف النقاب رسميًا عن القاذفة "بي-2 سبيريت" (B-2 Spirit) للجمهور.
في الأصل، خططت الولايات المتحدة للحصول على 132 قاذفة من طراز "بي 2″، ولكن بسبب التكاليف المرتفعة، تم تخفيض العدد إلى 21 طائرة فقط، حيث قُدِّرت التكلفة الإجمالية لكل طائرة -بما يشمل الصيانة والتطوير- بنحو 2.1 مليار دولار، مما يجعلها واحدة من أغلى الطائرات العسكرية التي تم بناؤها على الإطلاق.