الجيش الأحمر.. قصة منظمة زرعت الرعب في ألمانيا واغتالت شخصيات هامة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          البنتاغون: إسرائيل ستشارك في تأمين الميناء المؤقت بغزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          جرائم الحرب (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          جرائم ضد الإنسانية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          التطهير العرقي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          تنظيم الدولة يتبنى هجوم موسكو وسط إدانات دولية ونفي أوكراني بالضلوع فيه (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 63 )           »          احتكاك عسكري بين روسيا وأميركا في القطب الشمالي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          صحيفة روسية: الناتو مستعد للحرب ضد روسيا منذ 10 سنوات (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          ولاية ألاسكا.. تنازلت عنها الإمبراطورية الروسية واشترتها أميركا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 60 )           »          حزب الله يستهدف موقع رادار ومنصتين للقبة الحديدية الإسرائيلية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          بعد عامين من إنشائه.. ما هو حال قراصنة "جيش أوكرانيا الإلكتروني"؟ (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          أوكرانيا: روسيا تجهّز 100 ألف جندي لهجوم محتمل في الصيف (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          حل "المسألة الشرقية".. دور الكيان الاستيطاني ومصير السيطرة الاستعمارية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 47 )           »          بلينكن يلتقي مجلس الحرب الإسرائيلي ويحذر من الهجوم على رفح (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 44 )           »          مجلس الأمن يصوت اليوم على مشروع قرار أميركي بوقف إطلاق النار في غزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »         



 
العودة   ..[ البســـالة ].. > جـناح الدراســات والبـحوث والقانون > قســــــم الدراســـــات والتـقـاريــر
التعليمـــات قائمة الأعضاء وسام التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة
 


"إف – 35" في سماوات صواريخ الـ "إس – 400".. خيار أردوغان الصعب بين واشنطن وموسكو

قســــــم الدراســـــات والتـقـاريــر


إضافة رد
 
أدوات الموضوع

قديم 07-06-21, 09:16 AM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي "إف – 35" في سماوات صواريخ الـ "إس – 400".. خيار أردوغان الصعب بين واشنطن وموسكو



 

"إف – 35" في سماوات صواريخ الـ "إس – 400".. خيار أردوغان الصعب بين واشنطن وموسكو

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

6/6/2021

تقديم


كان حصول تركيا على منظومة الدفاع الصاروخي الروسية "إس-400" حدثا فارقا بالنسبة لدولة عضو في حلف الناتو، وبخلاف تعرض العلاقات بين واشنطن وأنقرة لتوتر غير مسبوق، دفعت تركيا ثمنا مباشرا لقرارها باستبعادها من برنامج إنتاج مقاتلة الجيل الخامس الأحدث "إف – 35″، في ظل إصرار الولايات المتحدة على استحالة الجمع بين النظام الروسي والطائرة الأمريكية في جيش واحد لأي دولة، وفي ظل تمسك الطرفين بموافقهما، يتعين على تركيا اتخاذ خيار صعب بين المنظومة الروسية والطائرة الأميركية، وهو خيار أعقد بكثير من مجرد مفاضلة مباشرة بين سلاحين استراتيجيين تحتاج أنقرة بشدة إلى كليهما.

نص التقرير


في الرابع من أبريل/نيسان 2019، وعلى بُعد كيلومترات إلى الغرب من مدينة فينيكس، عاصمة ولاية أريزونا الأميركية، حيث تقع قاعدة "لوك" الجوية، وصلت طائرتان حربيتان من طراز لوكهيد مارتن "إف 35" مطبوع على ذيلهما علم تركيا، لتصبحا ثالث ورابع طائرة من ذلك الطراز تحمل العلم التركي في "أريزونا" بانتظار استلام تركيا وقتها رسميا لتلك الدُّفعة الأولية من "إف 35" على أراضيها، كجزء من اتفاق أوسع يقضي بحصول تركيا على مئة طائرة على مدار السنوات المقبلة، باعتبارها واحدة من تسع دول فقط بالعالم شاركت منذ البداية في مشروع إنتاجها، إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأستراليا وهولندا وإيطاليا والدنمارك والنرويج.
لكن تركيا باتت واحدة من ثلاث دول مساهمة في مشروع "إف 35" لن يُسمح لها بحيازة الطائرات على أرضها، ولن تتسلمها في وقت قريب، رغم وصول الطائرة بالفعل إلى مشترين آخرين لم يساهموا في إنتاجها مثل إسرائيل واليابان، وتعاقد كوريا الجنوبية وبلجيكا وفنلندا كذلك على شرائها خلال الأعوام المقبلة، حيث أوصلت أجواء التوتر في العلاقات التركية الأميركية واشنطن لإخراج أنقرة من المشروع بعد استلامها الدفعة الأولى من منظومة الصواريخ الروسية.
لطالما بدا الأتراك دوما واثقين من قدرتهم على تسيير دفة العلاقات المعقدة والمتعارضة أحيانا مع قوى دولية وإقليمية كبرى، فهُم يقتربون بتسارع من موسكو بينما لا تزال عضويتهم راسخة في حلف الناتو، وينسقون مع طهران بينما يستمر دعمهم على الأرض لأعدائها في سوريا، ويدعمون حركة "حماس" في حين تستمر القنوات الرسمية المفتوحة بينهم وبين الإسرائيليين، بيد أن عالم السلاح الصلب والحساس في آن لا يسير بنفس تلك الانسيابية في عبور خطوط الصداقة والعداوة جيئة وذهابا كما احترفت الدبلوماسية التركية منذ عقود لا سيما العقد الأخير، إذ إن هنالك مفترق طرق قد أتى، مفترق حتم على أنقرة الاختيار بين الدفاع الجوي الروسي أو الطائرة الأميركية الأحدث، وهو اختيار مفصلي فيما يخص مستقبل التسليح التركي خصوصا، وموقعها الإستراتيجي بين الشرق والغرب عموما.

إف 35 لن تطير في سماء إس 400

عشر سنوات تقريبا احتاجت إليها شركة "لوكهيد مارتن" الأميركية قبل أن تخرج أول طائرة "إف 35" إلى النور، أُضيف إليها عشر سنوات أخرى ليبدأ الإنتاج والتطوير الموسع للطائرة بالتعاون مع حلفاء الناتو، ومن ثم تشرع الولايات المتحدة بالتدريج في تسليم إنتاجها إلى تلك الدول، وهي أعوام تجاوزت فيها تكلفة المشروع بأكمله التريليون دولار. وتحتوي طائرات "إف 35" على محرّك طُوِّر خصيصا من أجلها بإمكانه الوصول إلى سرعة ألفي كيلومتر في الساعة، وهي سرعة تتجاوزها بسهولة طائرات أخرى، لكن دون أن تمتلك قدرة الـ "إف 35" على المناورة بينما تحتفظ بسرعتها العالية. (1)
وتتميز الطائرة، بعيدا عن مواصفاتها الدينامية، بتطوّر ملحوظ في التقنيات التي تحوزها، والتي تتيح لها الإفلات من معظم أجهزة الرادار التي تلتقط الطائرات الأميركية الأقدم منها، علاوة على نظام استشعار عن بُعد مدمج في منظومة تغذي الطيارين بالمعلومات المباشرة، مما يتيح لهم رؤية حية لأرض المعركة بالتفصيل، وكلها إمكانات تقنية ترتكز على معالج بيانات متطور يستطيع القيام بأربعمائة مليار عملية في الثانية الواحدة.


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
على الناحية الأخرى من الأرض، وحيث يوجد الروس على نطاق جغرافي واسع ومتاخم لحلفاء الناتو، تحظى منظومات الدفاع الجوي وتطويرها باهتمام شديد، وقد كانت أشهرها خلال الحرب الباردة منظومة "إس 300" التي شهدت تحديثات عديدة حتى بدأ تطوير خليفتها "إس 400" خلال التسعينيات، وتتمتع الأخيرة بنظام رادار يغطي مسافة ستمائة كيلومتر، علاوة على نطاق عمل للصواريخ الخاصة بها يمتد لأربعمائة كيلومتر، بخلاف مرونتها وسرعتها في التنقل وإطلاق الصواريخ من أنواع مختلفة في الوقت نفسه، ومن ثم تصبح "إس 400" إضافة قوية لأي ترسانة دفاعية، لا سيّما لدولة بموقع تركيا الجغرافي، إلا أن هنالك إشكالية لدى الدول الرئيسة في التحالف الغربي تكمُن في التعارض بين تشغيل "إس 400" في أجوائها بالتوازي مع أحدث أنواع العتاد الغربي، وأهمها طائرة "إس 35". (3)
يكمُن التعارض الرئيسي في امتلاك تركيا -أو أي بلد- لطائرات "إف 35" جنبا إلى جنب مع "إس 400" في إمكانية كشف أجهزة الرادار الروسية للطائرات الأميركية، وتعقبها، والتعرّف على المواصفات القتالية لها بعد أن يستخدمها الجيش التركي لفترة طويلة في الوقت الذي يقوم فيه نظام "إس 400" بحماية الأجواء نفسها التي ستطير فيها، بالإضافة إلى احتمالية تضليلها من جانب الروس إذا ما تم التعرّف على الموجات المشفّرة التي تستخدمها للتواصل مع أنظمة السلاح "الصديقة" التي تملكها دول حلف الناتو، وهي كلها مخاطر قد تقلل من كفاءتها في أي مواجهة أميركية روسية محتملة في المستقبل؛ أو أي مواجهة بين حلفاء الولايات المتحدة من ناحية وأعدائها من ناحية، سواء تلك الأنظمة التي تدعمها روسيا مباشرة مثل سوريا أو بيلاروسيا، أو من يمتلكون السلاح الروسي مثل الصين وكوريا الشمالية، فضلا عن أي مواجهة بين تركيا نفسها وروسيا في أي منطقة قد ينشب فيها النزاع بينهما؛ وهي مناطق ليست بالقليلة وتمتد من سوريا حتى البحر الأسود.
علاوة على ذلك، تستخدم طائرات حلف الناتو منظومة إلكترونية دقيقة للتعرّف على الطائرات الصديقة من العدوة في أي مجال جوي تطير فيه تُعرَف بـ "IFF"، وهي منظومة يحتاج إلى تركيبها ودمجها بنظام الدفاع الصاروخي الروسي؛ لكي تتمكن طائرات "إف 35" التركية من الطيران في أجواء تركيا تحت حماية "إس – 400" دون أن يتم استهدافها كطائرة عدوّة؛ ما يمثل خطرا محتملا أيضا على نظام "IFF" وإمكانية اختراقه من جانب المشغلين الروس، لا سيّما وأن الاختراق المعلوماتي والأمني بات يُشكّل ركيزة من ركائز الإستراتيجية الروسية تجاه دول الناتو في السنوات الأخيرة.
لا يقتصر الأمر على الخطر الذي تشكله "إس 400" على الطائرات نفسها، بل ويمتد كذلك إلى منظومة البيانات الحساسة التي ستتصل بها "إف 35" لتكون جزءا من شبكة معلوماتية تتصل مع غيرها من الطائرات المملوكة لحلف الناتو، وكذلك السفن، وربما بعض المعدات البرية على الأرض، إذ إن كل ذلك سيكون متصلا ببعضه فيما يُعرف بـشبكة "لينك 16″، التي تمكن حلفاء الناتو من مشاركة المعلومات العسكرية معا بشكل مباشر أولا بأول. ومرة أخرى كان الأتراك سيضطرون إلى دمج نظام "لينك 16" بـ"إس 400″، مما يُشكّل خطرا معلوماتيا كبيرا بالنظر لإمكانية اختراق الروس لـلشبكة عن طريق زرع برنامج في نظام توجيه بطاريات الـ "إس 400″، مما يعني تعريض كم هائل من المعلومات العسكرية الحساسية لحلف الناتو لخطر اختراق إلكتروني روسي لا ينتهي. (4)

واشنطن - أنقره ... الضرر المتبادل



في يوليو/تموز 2017، قامت الولايات المتحدة بتمرير قانون "مواجهة الخصوم الأميركيين عبر العقوبات" المعروف اختصارا بـ"كاستا" (CAASTA)، والذي ينُص في أحد بنوده على فرض عقوبات اقتصادية على الدول، أو الشركات أو الأشخاص، التي تقوم بتعاقدات كبيرة مع كيانات مرتبطة بالقوات المسلحة الروسية، كما قام الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في أغسطس/آب 2019 باعتماد قانون إقرار الدفاع الوطني الذي وألزم وزارة الدفاع الأميركية بإصدار تقرير يقيّم الوجود الأميركي العسكري والسياسي في تركيا، وكذا تقييم لشراء تركيا "إس 400" وآثاره على أنظمة السلاح الأميركية الموجودة على أراضيها، وأيضا مشاركة تركيا في مشروع "إف 35" وماهية الخطوات الممكن اتخاذها للتخفيف من الآثار السلبية ومن ثم استبعادها إن استدعى الأمر، وأخيرا البدائل المطروحة لمنظومة "إس 400" والتي يمكن تقديمها لأنقرة من جانب واشنطن ودول حلف الناتو، وقد نص القانون على عدم تسليم تركيا طائرات "إف 35" قبل أن يصل للكونغرس ولجانه المعنية التقرير المذكور، وكانت تلك أول مرة تُطرح بوضوح نية البحث عن بديل لتركيا في مشروع "إف 35" واستبعادها منه. (5)
ستكون تركيا بالطبع متضررا رئيسا من القرار الأميركي باستبعادها من مشروع "إف 35،" ليس فقط لحرمانها من التمتع بالتكنولوجيا المتقدمة للطائرة، ومميزات التشغيل المشترك لها مع كبرى دول العالم والمعلومات العسكرية المهمة التي سيتم تداولها بينهم، بل ستكون هنالك خسارة اقتصادية أيضا، إذ إن تركيا تقوم بتوريد أكثر من 800 جزء من أجزاء الطائرة لصالح شركة "لوكهيد مارتن" بعقود مالية ضخمة، وهي عقود ستمنحها واشنطن لدول أخرى شريكة في البرنامج أو بديلة بعد استبعاد أنقرة، مما سيتسبب في خسارة مالية للأخيرة بالنظر لضلوع أكبر شركات التصنيع العسكري التركي في المشروع مقابل مليارات الدولارات؛ وهي ضربة ستكون مكلّفة لا سيما في ظل الوضع الاقتصادي التركي الصعب حاليا.

لكن الأتراك لن يتضرروا وحدهم، بل سيتضرر الأميركيون كذلك كما قال وزير الدفاع الأميركي الأسبق "جيمس ماتيس" في خطاب للجنة التسليح بالكونغرس الأميركي حيث أشار أنه إذا ما استُبعِدَت تركيا من المشروع فإن واشنطن ستتأخر في تسليم عدد 50 إلى 75 طائرة "إف 35" للحلفاء، علاوة على فقدان عام ونصف أو عامين سيتم فيهما إعادة هيكلة خطوط الإنتاج التي شاركت فيها تركيا لصالح شركاء آخرين قبل معاودة الإنتاج بشكله الطبيعي. وفي هذا الصدد، أشار السفير الأميركي السابق لدى تركيا "أريك إدلمان" إلى أن أردوغان يراهن على تراجع واشنطن عن استبعاد تركيا في نهاية المطاف، بالنظر للدور المهم الذي لعبته في إنتاج الطائرة، لكن فيما يبدو، فإن واشنطن عازمة على التمسك بموقفها للنهاية، وهو ما وضع على مفترق طرق بين الطائرة الأحدث في العالم، وبين إحدى أقوى منظومات الدفاع الجوي التي ابتكرها الإنسان في عالم ما بعد الحرب الباردة وحتى الآن.


مفترض الطرق ... ماذا بعد ؟



أتت الرسالة الأمريكية صريحة في أبريل/ نيسان 2019، وعلى مسمع ومرأى الجميع. رسالة وصلت للمسؤولين للأتراك على الأرجح بالوضوح نفسه، قبل أن يقرر الأميركيون نشرها أيضا في صحيفة نيويورك تايمز بمقال (8) عنوانه الصريح "إما الإف 35 أو الإس 400، وليس كلاهما معا"، في إشارة صريحة إلى حتمية اختيار أنقرة بين الاثنين. ولم يكن المقال مجرد مقال رأي كتبه أحد المحللين مثلا، وإنما اكتسب أهميته من أنه مقال خطّه أربعة من أعضاء الكونغرس المهمين وهم؛ "جون إينهوف" السيناتور الجمهوري الذي يرأس لجنة التسليح بالكونغرس، و"جاك ريد" السيناتور الديمقراطي العضو باللجنة نفسها، و"جيم ريش" السيناتور الجمهوري الذي يترأس لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس، و"بوب منِنديز" السيناتور الديمقراطي العضو باللجنة نفسها.

"بنهاية العام، ستكون تركيا قد حسمت خيارها بين حيازة الطائرة المقاتلة المتطورة إف 35 على أراضيها، أو نظام الدفاع الصاروخي أرض-جو إس 400 الروسي، لكنها لن تمتلك كليهما معا، وسيكون لخيار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تبعات هائلة على موقع بلاده من العالم، وعلى علاقتها بالولايات المتحدة، وما تمثله في حلف الناتو".
بتلك الفقرة، افتتح الأعضاء الأربعة مقالهم القصير، مشيرين بوضوح إلى أن تركيا ستخضع للعقوبات الاقتصادية التي يقررها القانون الأميركي "كاستا"، وهو ما "سيضرب اقتصادها بقوة" حد قولهم طاردا عنها استثمارات أجنبية ضخمة ومؤثرا بالسلب على صناعتها الدفاعية والجوية، إضافة إلى ذلك فلن تحصل تركيا بطبيعة الحال على أي طائرة "إف 35″، وسيتم استبعاد شركاتها كافة من خطوط الإنتاج لكافة أجزائها كما ذكرنا، وستذهب المليار وربع المليار التي استثمرتها في المشروع هباء، ومن ثم "ستتحطم آمال الرئيس أردوغان في تحوّل الصناعة العسكرية التركية إلى ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي في المستقبل" كما يقول المقال، والذي يبدو أنه أصاب في كل شيء تقريبًا إلا توقعه لموعد وقوف الأتراك أمام الاختيارين، فقد تحولت نبوءة "نهاية العام" إلى أقل من ثلاثة أشهر من كتابتهم للمقال.
ثم أتى تأكيد وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو على موقف بلاده، في تصريح أدلى به لعضو لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس حول استحالة تشغيل الطائرة "إف 35" في أجواء تعمل فيها منظومة الدفاع الروسية "إس 400،" مشيرا إلى أن الأميركيين أوضحوا لنظرائهم في أنقرة طبيعة تلك "الإشكالية التقنية" كما سماها عبر قنواتهم الدبلوماسية والعسكرية (9)، وهي تصريحات كلها تأتي أعقاب تمرير قانون بالكونغرس الأميركي يقضي بعدم تسليم تركيا أي طائرة "إف 35" حتى تتأكد واشنطن من عدم إتمام صفقة "إس 400". (10)
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
استمرت تركيا إذن في رهانها على قبول الأميركيين بنوع من التوفيق بين وجود "إس 400″ و"إف 35" داخل المجال الجوي نفسه، واستمر الأميركيون في الإصرار على أن ذلك مستحيل لأسباب تقنية وأمنية محضة حد تصريحاتهم قبل أن تنفذ الإدارة الأمريكية أمر استبعاد أنقرة من البرنامج بشكل فعلي، وتتسلم تركيا فعليا الدفعة الأولى من وحدات المنظومة الروسية، ورُغم إشارة مسؤولين أتراك إلى وجود منظومة "إس 300" الأقدم لدى اليونان وهي دولة عضو بحلف الناتو، فإن أميركا ظلت متمسكة بأن "إس 400" بالتحديد خط أحمر، وبالأخص في بلد مثل تركيا يُعَدّ مركزيا للعمليات العسكرية الأميركية بالشرق الأوسط، وقريبا جدا من دوائر تُشكّل فيها روسيا تهديدا لحلف الناتو، وللمفارقة، لتركيا أيضا.
كعادتهما، يأتي الافتراق بين الأتراك والأميركيين دوما حين يسير الأتراك خلف رؤيتهم الخاصة لأنفسهم كدولة مركزية في الإقليم، وليس مجرد دولة مفصلية في حزام جنوب أوروبا كما يحب المسؤولون الأميركيون أن يروهم دوما، وهو افتراق فتح الباب أمام صدامات عدة بينهما، كان أولها في السبعينيات حين اشتعل فتيل الحرب بين تركيا واليونان على عكس رغبة واشنطن، وثانيها حين غزا الأميركيون العراق ومنحوا الأكراد حماية جوية على عكس رغبة أنقرة، قبل أن تتكرر أزمة أكراد العراق عام 2003، وأخيرا أكراد سوريا الآن، بيد أن الطرفين وجدا دوما في نهاية المطاف طريقا دبلوماسيا لإعادة المياه لمجاريها لأسباب عديدة، أهمها استمرار النظر إلى روسيا كخطر وجودي لدى أنقرة، وكذلك حاجة تركيا إلى بنية التحالف الأميركي ومميزاته لمواجهة أعدائها، وهما سمتان مستمرتان حتى اليوم بالنظر للتوسعات الروسية الأخيرة في جورجيا وأوكرانيا وشبه جزيرة القرم وسوريا وهي كلها مناطق متاخمة لتركيا.

أما اليوم؛ تبدو الأزمة أشد تعقيدا، إذ إنها تتعلق بملف عسكري صِرف وشديد الحساسية في عصر تزداد فيه الحروب تطورا؛ وهي نقطة يدركها الأميركيون جيدا، ومن ثم كانت خطواتهم على ما يبدو لتأمين تقنياتهم العسكرية الأكثر تطورا على الإطلاق ولو على حساب الشراكة التركية المهمة في "إف 35″، أما أنقرة فيبدو أن السجال السياسي بينها وبين واشنطن بشكل عام، والذي طالما وجدت فيه مخرجا يرضي الجميع، قد خيّم على تصوراتها على الأرجح في تلك الأزمة.

واليوم تبلغ الأزمة فصلها الأخير على ما يبدو، بعد أن تسلمت تركيا منظومة "إس – 400" بالفعل وبعد رحيل دونالد ترامب وقدوم جو بايدن الذي يبدو أن سياسته في هذا الملف لن تختلف كثيرا عن سياسة سلفه. وفي حين تبدي أنقرة مرونة للتوصل إلى حلول وسط جديدة عبر تجميد تشغيل المنظومة الروسية، يبدو أن الولايات المتحدة متمسكة بدفع تركيا للتخلي عنها تماما وهو ما ترفضه أنقرة. وفي ظل التشبث المتبادل بالمواقف، يجد البلدان الحليفان نفسيهما على مسار تصادمي يعوق تعاونهما مجددا، لكن تركيا ستكون هي الطرف الذي عليه أن يتخذ القرار الأهم: فإما أن تمضي قدما في تشغيل المنظومة الروسية وتعرض تحالفها مع واشنطن لخرق لن يكون رتقه يسيرا، وإما أن تتخذ خطوة إلى الوراء وتتجنب تشغيل المنظومة الروسية على أمل أن يتوصل الطرفان إلى حل وسط مرضٍ للجميع في نهاية المطاف.



المصدر: الجزيرة الوثائقية

 

 


 

الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

إضافة رد

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:49 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
 

شبكـة الوان الويب لخدمات المـواقع