مسودة قانون لتجنيد الحريديم في الجيش يثير الجدل بإسرائيل (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي - عضو مجلس السيادة الانتقالي في السودان (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 1 - عددالزوار : 31 )           »          مقال في "نيويورك تايمز": ترامب فوق القانون (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          الجنرال محمد إدريس ديبي - رئيس المجلس الانتقالي في تشاد (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 2434 )           »          الجيش الأحمر.. قصة منظمة زرعت الرعب في ألمانيا واغتالت شخصيات هامة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          البنتاغون: إسرائيل ستشارك في تأمين الميناء المؤقت بغزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          جرائم الحرب (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 54 )           »          جرائم ضد الإنسانية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          التطهير العرقي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          تنظيم الدولة يتبنى هجوم موسكو وسط إدانات دولية ونفي أوكراني بالضلوع فيه (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 70 )           »          احتكاك عسكري بين روسيا وأميركا في القطب الشمالي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          صحيفة روسية: الناتو مستعد للحرب ضد روسيا منذ 10 سنوات (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          ولاية ألاسكا.. تنازلت عنها الإمبراطورية الروسية واشترتها أميركا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 66 )           »          حزب الله يستهدف موقع رادار ومنصتين للقبة الحديدية الإسرائيلية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 54 )           »          بعد عامين من إنشائه.. ما هو حال قراصنة "جيش أوكرانيا الإلكتروني"؟ (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »         



 
العودة   ..[ البســـالة ].. > جناح المواضــــيع العســـــــــكرية العامة > قســــــم الجغرافيا السياســـــية والعســــــــكرية
التعليمـــات قائمة الأعضاء وسام التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة
 


حارة المغاربة.. وصية صلاح الدين الأيوبي الحيّة

قســــــم الجغرافيا السياســـــية والعســــــــكرية


إضافة رد
 
أدوات الموضوع

قديم 11-05-21, 02:31 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي حارة المغاربة.. وصية صلاح الدين الأيوبي الحيّة



 

حارة المغاربة.. وصية صلاح الدين الأيوبي الحيّة


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

"أسكنتُ هنا من يثبتون في البر ويبطشون في البحر، وخير من يُؤتـَمنون على المسجد الأقصى وعلى هذه المدينة"[i].
يعود الحديث هنا إلى صلاح الدين الأيوبي، القائد الإسلامي الذي استرجع القدس قبل أكثر من ثمانية قرون، وحررها من يد الاحتلال الصليبي، وضمير الجماعة في حديثه هذا يعود على المغاربة الذين طلب منهم الإقامة بشكل دائم في المدينة المقدسة، بعد أن شاركوا في تحريرها.
تفاصيل لا شك أنها غابت عن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، ورئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، حين جلسا بانتشاء كبير لإعلان صفقتهما التي لا تعني أكثر من "القدس مقابل المال".
كما أن عملاء إسرائيل الذين يضغطون في واشنطن لاستصدار نسخة مغربية من "صفقة القرن" من خلال اعتراف أمريكا بسيادة المغرب الكاملة على صحرائه الجنوبية المسكونة بمشروع انفصالي، مقابل تطبيع المملكة مع إسرائيل؛ لا يبدو أنهم قرأوا حرفا واحدا من هذا التاريخ.

أول أهداف الصهاينة
كانت المعركة وقتها على أشدها سياسيا وعسكريا وديمغرافيا حول القدس الشريف. أهلها حولوها إلى رباط للصمود والجهاد، وقادة المسلمين الحريصون على حمايتها وتحصينها ضد الغزو يبذلون المال والسلاح، ويستغيثون بمسلمي أقصى الأرض قصد نجدتها وزيارتها والاستقرار فيها لتعميرها والدفاع عنها لحظة المواجهة.
الحديث هنا يصف أوضاع المدينة الفلسطينية المقدسة قبل نحو 800 عام، وإن كان الحال شديد الشبه بما هي عليه اليوم، حينها كانت الجيوش الصليبية تصوّب سهامها نحو أولى قبلتي المسلمين، لاحتلالها وإخراجها من بلاد الإسلام.
كان القائد الكردي صلاح الدين الأيوبي يتصدّر المدافعين عنها، ويعبّئ لها الجيوش المحلية، ثم يضيف إليها جيوش أقصى المغرب الإسلامي، ثم يحوّل جزءا من هؤلاء المجاهدين المغاربة إلى مقدسيين، لما أبدوه من تعلّق بالمدينة وحرص عليها، ليخصّهم بحيّ كامل رابطوا فيه حراسا للمسجد الأقصى، فكان هو أول ما استهدفه جيش الاحتلال الصهيوني بعد هزيمة حزيران 1967، حيث قامت الجرافات الإسرائيلية بهدم منازل ومساجد حي المغاربة طمسا للهوية العربية الإسلامية للمدينة، واستحواذا على حائط البراق الذي تحول إلى "حائط مبكى" تحت الاحتلال.
فبمجرد استيلائهم على الضفة الغربية وضمنها القدس الشريف، جعل الإسرائيليون من أياّم 11و12و13 حزيران/يونيو من العام 1967م أيام شؤم على المدينة، فقد هدمت جرافات الاحتلال الإسرائيلي حارة المغاربة بأكملها وكانت عُرفت عبر التاريخ بأنها من أقدم حارات القدس الأثرية، وكان مجموع المباني التي جُرفت آنذاك 135 بناءً أثريا[ii].

خُمس جيش التحرير.. رجال القدس الأوائل
تتحدّث التقديرات عن أن المغاربة شكلوا ما بين 20-25% من الجيش الذي قاده صلاح الدين الأيوبي وانتصر به في معركة "حطين" التي استرجع فيها القدس من يد الصليبيين في يوليو/تموز سنة 1187.
وبعد نهاية الحرب وانتصار المسلمين في معركة القدس، تمسّك صلاح الدين الأيوبي بالمغاربة وطلب منهم الاستقرار بشكل دائم في المدينة، وأقطعهم الأرض التي ستصبح فيما بعد "حارة المغاربة".
بعد ذلك ارتقى الكثير من المغاربة إلى مناصب مرموقة في المدينة مثل القضاء والإفتاء والفقه والتدريس وغيرها، وتعطينا الكثير من المصادر التاريخية -مثل موسوعة مجير الدين العليمي "الأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل"- أسماء هؤلاء المغاربة ومراتبهم ووظائفهم وما تمتعوا به من مزايا في ذلك العصر.
وفي عصر المماليك توسعت هجرة المغاربة صوب الشرق والقدس في القلب منها، فقد انتصر المماليك على الصليبيين على المغول بصورة نهائية، وكان من أشهر المغاربة الذين زاروا القدس ومصر حينذاك الرحالة العظيم ابن بطوطة[iii].
احتفظ المغاربة بمكانة خاصة لدى العثمانيين الذين دخلوا المدينة سنة 1517م وضموها لدولتهم، وفي هذا العصر تشكّلت معالم المنطقة السكنية الخاصة بالمغاربة في القدس التي كانت تُسمى بحي المغاربة أو محلة المغاربة أو حارة المغاربة، وظل شيخ المغاربة ممثلا لطائفته وأهل بلده أمام السلطات العثمانية والقضائية، وكان أيضا ناظرا ومسؤولا عن أوقافهم التي تنوعت وازدهرت وكثرت في داخل القدس وفي القرى والبساتين المجاورة لها[iv].
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

خريطة تقسيمات الحارات التي سكنتها الجاليات المختلفة عبر تاريخ بيت المقدس وتظهر حارة المغاربة ملاصقة للمسجد

وقف الملك الأفضل.. رمز الإجماع الإسلامي
حارة المغاربة هي الجزء الذي يرمز إلى إجماع المسلمين حول المقدس، باعتبارها وقفا من الملك الأفضل بن السلطان صلاح الدين الأيوبي، تقرر لهم بعد تحرير المدينة من الصليبيين، حيث أوقفها على المجاهدين المغاربة الذين شاركوا في الفتح وبقيت باسمهم، لتتحول إلى مقصد دائم للحجاج المغاربة، يعرّجون عليهم في طريقهم نحو الحجاز، وانتشرت فيها في القرون اللاحقة مدارس وأبنية ومصليات وزوايا[v].
وتبلغ المساحة الإجمالية لما كان يعرف بحارة المغاربة، 45 ألف متر مربع، أي ما يعادل 5 بالمائة من المساحة الإجمالية لمدينة القدس القديمة. وقد شهدت هذه المساحة تقلصا وتمددا حسب المراحل التاريخية، حيث عرفت في فترة سابقة عن الوجود العثماني، تمددا كبيرا نحو منطقة ما وراء الأسوار، وكانت تعرف بحارة المغاربة "البرّانية"[vi].
وجرى هذا الوقف إبان بسط الملك الفضل لسلطته على دمشق بين عامي 1193 و1195 ميلادية، وذلك بهدف تشجيع مسلمي المغرب الإسلامي على الإقبال أكثر على الهجرة والاستقرار في المدينة المقدسة، وبالتالي ضمان حمايتها.


مبادرات المحسنين.. أوقاف المغاربة المقدسية
وتوالت بعد ذلك مبادرات المحسنين والمجاهدين، خاصة المنحدرين من بلاد المغرب الإسلامي ومنها الأندلس، لتوسيع الأوقاف الإسلامية وموارد إنفاق وعيش المغاربة المقيمين في القدس، ومن أشهر هؤلاء نجد الشيخ عمر بن عبد الله المصمودي الذي قام بوقف كبير لحساب الحارة. ثم وقف سيدة تدعى فاطمة بنت محمد بن علي المغربية المعروفة بأم سعود، ووقف الحاجة صافية بنت عبد الله الجزائرية، ووقف الحاج قاسم الشيباني المراكشي، ووقف الحاجة مريم بنت عبد القادر المغربية[vii].
تتمثل أهم أوقاف المغاربة في القدس الشريف، في حارة المغاربة التي أقرها صلاح الدين الأيوبي، فيما وثّقه بطريقة شرعية الملك الفضل نور الدين أبو الحسن، حيث شملت المساحة الأصلية لهذا الوقف الأراضي والمباني المحيطة بحائط البراق، وهو المجال الذي بات يحمل اسم "حارة المغاربة" منذ ذلك الحين.
ونسبة إلى الملك الفضل، أقيمت داخل الحارة مدرسة تدعى "المدرسة الأفضلية"، وكانت وقفا على فقهاء المالكية في القدس الشريف، وأطلق عليها كذلك مدرسة القبة لوجود قبة كبيرة كانت تُميّز بناء المدرسة من الأعلى، وهو ما جعل هذا الجزء من المدينة هدفا مبكرا للصهيونية، منذ فترة الانتداب البريطاني على فلسطين، ولم يتأخروا في الانقضاض عليها وتدميرها بمجرد احتلالهم للضفة الغربية عام 1967[viii].
ومن بين مرافق الحي المغربي متوضأ الحارة، وهو من الآثار التي أُنشئت قبل العصر العثماني بزمن طويل، ويحتمل أن إحداثه يعود إلى بداية القرن 14. كما كانت هذه الرقعة من القدس تعرف بمدخلها المتميز الذي يحمل اسم "باب المغاربة"، وهو المدخل الذي كان يعرف في مطلع الإسلام بالباب اليماني، لكونه الباب الذي دخل منه النبي محمد صلى الله عليه وسلم حين أُسري به إلى المسجد الأقصى. واستعمل باب المغاربة منذ إنشاء هذا الوقف الخاص ليكون مدخل ومخرج المغاربة المجاورين للأقصى والمقيمين في حارة المغاربة.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

صلاح الدين الأيوبي يطلب المدد من سلطان المغرب يعقوب المنصور عام 1190م الذي كان يقاتل على الجبهة الإسبانية

بين الناصر والمنصور.. قوات البحرية المغربية
يلف غموض كبير وتناقض في المعطيات موضوع مشاركة "المغاربة" بشكل رسمي -أي باسم دولتهم القائمة حينها وهي دولة الموحدين- في الحرب التي خاضها جيش صلاح الدين الأيوبي ضد الصليبيين. وترجّح أغلب المصادر أن يكون الكبرياء ورفض الخضوع لسلطة خليفة بغداد، قد أديا إلى امتناع السلطان الموحّدي يعقوب المنصور، وبالتالي رفضه تلبية النداء الذي بعثه إليه صلاح الدين الأيوبي لإرسال قوات بحرية لمواجهة الغزو الصليبي القادم عبر قوات بحرية على الخصوص.
بينما تقدّم بعض المصادر تفسيرات أخرى لهذا الامتناع، تتمثل في كون الدولة الموحّدية كانت تواجه بدورها حربا صليبية لا تقل ضراوة من خلال محاولتها حماية الوجود الإسلامي في الأندلس بعد سقوط الدولة الأموية هناك وقيام نظام إمارات المماليك المتفرقة التي لم يكن لها من سبيل للصمود أمام هجمات المسيحيين سوى الاستنجاد بالسلطان المغربي.
بل إن السفارة التي بعثها صلاح الدين الأيوبي إلى سلطان المغرب عام 1190 ميلادية، لطلب دعمه العسكري، صادفت وجود يعقوب المنصور في إشبيلية الأندلسية، حيث تلقى رسائل من ولاته في كل من إفريقية (تونس حاليا) وبجاية (الجزائر حاليا)، يخبرانه بوصول ابن منقد، سفير صلاح الدين الأيوبي الذي جاء حاملا الطلب الرسمي بابتعاث قوات بحرية لدعم الجيوش الإسلامية في فلسطين[ix].
وتذهب بعض المصادر إلى أن السلطان المغربي تأخر فقط في الاستجابة لطلب صلاح الدين الايوبي ولم يرفض ذلك، حيث يقول المؤرخ أحمد بن خالد الناصري في كتابه "الاستقصا": " جهّز المنصور 180 سفينة حربية وأرسلها لصدّ الهجوم الصليبي البحري على كل من فلسطين والشام". وتفسر مثل هذه المصادر هذا التأخير في الاستجابة بانشغال السلطان المغربي بحربه في الأندلس ضد المسيحيين الساعين لاسترداده[x].
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رسم تخيلي للسلطان صلاح الدين الأيوبي محرر المسجد الأقصى

أولوية افتكاك الأسرى.. حضور مغربي وازن
في مقابل تخلف السلطة الحاكمة في المغرب عن نصرة صلاح الدين، تجمع المصادر التاريخية على تأكيد المشاركة المغربية الكثيفة في الجهد العسكري الذي قاده صلاح الدين الأيوبي، وتوّج باسترجاعها من يد الصليبيين.
وتجد هذه المشاركة تفسيرها في عدد من العوامل، منها انعكاس سقوط الدولة الأموية على أوضاع المسلمين في الأندلس، مما دفع بعضهم إلى الهجرة منها إلى المشرق الإسلامي، كما كان تبدل العقائد المسيطرة سياسيا بعد تغير الدول الحاكمة في المغرب يؤدي إلى التضييق على بعض النخب والفئات ذات المعتقدات المذهبية المختلفة، مما جعلها تنزح إلى بلاد المشرق العربي، بينما سرّعت حروب الاسترداد التي قام بها المسيحيون ضد المسلمين في الأندلس، موجة الهجرة نحو مصر والشام وفلسطين[xi].
أما المغاربة الذين قدموا إلى فلسطين من خارج الأندلس، فكان دافعهم إلى ذلك ما خلّفه انتقال مركز الدولة الفاطمية من تونس إلى مصر من إهمال للمنطقة المغاربية، ثم دخول قبائل بني هلال وبني سليم إلى أفريقية (تونس)، وما نتج عن ذلك من خراب وتدمير أوقع البلاد في حالة من الفوضى والاضطراب الدائمين، ثم وصول الحملات المسيحية إلى سواحل المغرب وظهور بوادر تفوُّق أوروبا في الملاحة البحرية، علاوة على ما خلفه قيام دولة الموحّدين من تضييق وملاحقة لأنصار دولة المرابطين التي كانت قائمة في المغرب قبلها[xii].
وبانتقالهم نحو المشرق واستقرارهم فيه، حمل المغاربة معهم خبرتهم وتمرّسهم في مجال الجهاد البحري، وهو ما جعلهم في مقدمة المحاربين المسلمين الذين تصدوا للحملات الصليبية، لدرجة أن بعض المصادر تتحدث عن جعل أساطيل الفاطميين في مصر وقفا على المغاربة (الوافدين من أفريقية بالخصوص)، وهو الدور الذي تواصل على يد صلاح الدين الأيوبي.
ومما تستدل به المصادر لإثبات أهمية دور المغاربة في الجيش الإسلامي وقتها، أنه أثناء حصار الجيوش الإسلامية لمدينة عكا عام 1191 ميلادية، جاء رسول من قبل أحد قادة الصليبيين ومعه أسير مغربي، فقدمه إلى السلطان صلاح الدين على سبيل الهدية، مما يعني أهمية المقاتلين المغاربة[xiii].
كما أن من دلائل الحضور الكثيف للمقاتلين المغاربة في حرب استرداد القدس، ما كان سائدا وقتها من أعراف تقضي بإعطاء الأولوية في أعمال الإحسان لافتكاك الأسرى المغاربة من يد الصليبيين، باعتبارهم غرباء عن أوطانهم ولا أقارب لهم يفتدونهم.
يقول الرحلة الشهير "ابن جبير" في كتابه: ومن جميل صنع الله تعالى لأسرى المغاربة بهذه البلاد الشامية الإفرنجية، أن كل من يُخرج من ماله وصية من المسلمين بهذه الجهات الشامية وسواها، إنما يُعينها في افتكاك المغاربة خاصة، لبعدهم عن بلادهم، وأنهم لا مخلّص لهم سوى ذلك بعد الله عز وجل[xiv].
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

كان حجاج بيت الحرام "يقدّسون" حجهم بزيارة المسجد الأقصى في طريق ذهابهم أو عودتهم من الحجاز

ابن العربي.. أدب الرحلات المقدسية
دأب المغاربة على التعريج على القدس الشريف في طريق ذهابهم أو عودتهم من الحج، لدرجة أصبحت معها زيارة المدينة ضرورة ملحة بالنسبة للحجاج المغاربة، وعلاوة على دافع الزيارة للمكان الذي عرج منه الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة معجزة الإسراء والمعراج، تميّز المغاربة باختيار بعضهم مجاورة المسجد الأقصى والاستقرار فيه بشكل دائم، سواء بمناسبة حجهم، أو بعد مشاركتهم في واجب الجهاد وصد الصليبيين[xv].
وشكّل الأندلسيون قسما كبيرا من المغاربة الذين ترددوا على زيارة القدس الشريف ومجاورة مسجده الأقصى، لدرجة تعيين أحد الاندلسيين إماما فيها بعد استعادتها من يد الصليبيين، وهو علي بن محمد المعافري القادم من مدينة مالقة الأندلسية، ليستقر به المقام في القدس حيث توفي سنة 1208[xvi].
وأكثر ما أرخ للوجود المغربي في القدس الشريف، هو كتب الرحلات التي خلفها العديد من الرحالة والعلماء المغاربة. ومن أقدم هذه الرحلات أو الزيارات المغربية تلك التي تؤرخ لزيارة القاضي الإمام عبد الله بن العربي الذي رحل بطلب وسفارة السلطان المرابطي يوسف بن تاشفين، بصحبة ولده القاضي أبي بكر سنة 1092م، متوجها إلى الخليفة العباسي المستظهر بالله في بغداد، وذلك قبل احتلال القدس على يد الصليبيين بسبع سنوات[xvii].
ومما خلّفه ابن العربي وصفه لمشاهداته في القدس الشريف، من قبيل "المائدة" الصخرية التي قال إنه تناول طعامه عليها ليلا ونهارا، "وذكرتُ الله سبحانه وتعالى فيها سرا وجهارا، وكان ارتفاعها أشف من القامة بنحو الشبر، وكان لها درجتان قبليا وجنوبيا، وكانت صخرة صلودا لا تؤثر فيها المعاول، وكان الناس يقولون: مُسخت صخرة، والذي عندي أنها كانت صخرة في الأصل قطعت من الأرض محلا للمائدة النازلة من السماء"[xviii].
كما خلّف العالم الجغرافي المغربي الشهير الشريف الإدريسي السبتي بدوره مقارنة دقيقة بين المسجد الأقصى ومسجد قرطبة في الأندلس، وتفاصيل كنيسة القيامة التي أبدى إعجابه بضخامة معمارها، وكيف كان المسيحيون يحجون إليها من جميع أنحاء العالم، "وإذا خرجت من هذه الكنيسة العظمى وقصدت شرقا ألفيت البيت المقدّس الذي بناه سليمان بن داود عليه السلام، وكان مسجدا محجوجا إليه في أيام دولة اليهود ثم انتزع من أيديهم"[xix].
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

بعد احتلال المسجد الأقصى في عام 1967 قام الاحتلال فورا بهدم حارة المغاربة المحاذية لحائط البراق

هدم الآثار المغربية.. ثأر حديث
في المراحل الأولى لنشأة دولة الاحتلال الإسرائيلي فوق الأراضي الفلسطينية، كانت السلطات الرسمية المغربية وهي تحت الاستعمار الفرنسي، تتابع بشكل دقيق أحوال مغاربة القدس الشريف وأوقافهم. وتقول الوثائق الرسمية إن إحصاء شاملا لهذه الأوقاف والممتلكات كان في حوزة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية[xx].
وحتى سنوات السبعينيات من القرن الماضي، كانت السلطات المغربية تبعث إعانات مالية مباشرة إلى قرابة 3 آلاف مغربي يقيمون في القدس الشريف. وتشهد على ذلك رسالة توصل بها السفير المغربي في الأردن في شهر مارس/آذار 1977، من روحي الخطيب عمدة بلدية القدس الشريف المحتل، وتتضمن الرسالة بيانات ومعلومات وجداول حول الممتلكات المغربية التي يهددها الاحتلال الإسرائيلي[xxi]:
"أنقل إليكم وإلى المغرب الشقيق، أن زاوية المغفور له الشيخ أبو مدين الغوث وجامعها الواقعة في الحي المغربي داخل سور القدس، أصبحا مهددين في أي لحظة بالانهيار وبالهدم بسبب مواصلة سلطات العدو الإسرائيلي لعمليات هدم العقارات العربية المجاورة والملاصقة التي صادرتها تلك السلطات في الحي المغربي وفي خمسة أحياء عربية أخرى مجاورة بالقوة".
وناشد الخطيب في رسالته تلك السلطات المغربية أن تضيف قضية عقاراتها ومواطنيها إلى قائمة القضايا المتعلقة بالقدس وبالقضية الفلسطينية، "وأن توصوا حكومتكم الجليلة بما يخفف المصاب ويحافظ على إبقاء هذا الصرح الديني الخيري قائما وفي مكانه ليؤدي رسالته التي حافظ عليها الخيرون من أبناء المغرب والجزائر وتونس وليبيا وبالتعاون مع إخوانهم أهل القدس ومع الحكومات المتعاقبة التي حكمت القدس".
وفي الوقت الذي كانت دول المغرب العربي تتابع عن كثب مصير آثارها في القدس الشريف وتقاوم فيه الاستعمار الفرنسي المحتل لها، قامت الدولة الفرنسية -باعتبارها وصية على هذه الأقطار المغاربية- بمراسلة إسرائيل، مطالبة إياها بالاعتراف رسميا بأن قرية عين كريم والأراضي التابعة هي ممتلكات مغربية – جزائرية – تونسية. وبرفع الحجز عن هذه الممتلكات، ثم أداء تعويضات عن استغلال هذه الممتلكات منذ الاحتلال الإسرائيلي أي منذ شهر أيار/مايو 1948.


استغلال "عين كريم".. تأجيل إلى حين
بعد حصول المغرب على الاستقلال عام 1956، وصلت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية رسالة من وزارة الخارجية في أبريل/نيسان 1957، تخبرها أنها تواصلت مع نظيرتها الفرنسية برسالة تقول إن إسرائيل قبلت دفع تعويض سنوي عن استغلالها لأراضي قرية "عين كريم" قدره 3000 ليرة إسرائيلية، وذلك على أساس ما كان يدفعه من قبل المستغلون لهذه الأراضي، وهو عُشر إنتاجها. وذكرت الخارجية الفرنسية وقتها أن هذا الأمر لا يعتبر حلا نهائيا، بل تدبيرا مؤقتا في انتظار حل نهائي للنزاع.
رد وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية كان هو رفض التعامل مع إسرائيل بناء على هذا العرض، حتى لا يفهم من دلك أنها تعترف بالدولة الإسرائيلية، وهو الموقف نفسه الذي اتخذته تونس بعد توصلها إلى عرض مماثل بوساطة فرنسية.

المراجع
[i] shorturl.at/kBGI5[ii] shorturl.at/zIO14
[iii] shorturl.at/hwDS5
[iv] shorturl.at/qMWX7
[v] shorturl.at/uKVX4
[vi] shorturl.at/hOUVW
[vii] hshorturl.at/erBIS
[viii] http://www.moghrabi-jerusalem.com/al...lmgharebah.htm
[ix] http://www.andalusite.ma/?p=2294
[x] shorturl.at/hyS18
[xi] " أثر مهاجري المغرب الإسلامي في الحياة العامة بالمشرق خلال القرنين السادس والسابع الهجريين"،عبد المجيد بهيني، سلسلة منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بني ملال، 1999
[xii] " أثر مهاجري المغرب الإسلامي في الحياة العامة بالمشرق خلال القرنين السادس والسابع الهجريين"،عبد المجيد بهيني، سلسلة منشورات كلية الآداب والعلوم الإنساني بني ملال، 1999
[xiii] https://machahid24.com/etudes/104369.html
[xiv] "رحلة ابن جبير"، مطبعة السعادة بمصر، 1908 م، الصفحة 290
[xv] https://www.uop.edu.jo/download/Rese...ubaraklmin.pdf
[xvi] https://www.uop.edu.jo/download/Rese...ubaraklmin.pdf
[xvii] shorturl.at/bktE2]
[xviii] shorturl.at/givCN
[xix] "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق"، الشريف الإدريسي السبتي، الجزء الأول، الصفحة 359
[xx] http://www.habous.gov.ma/daouat-alhaq/item/5547
[xxi] http://www.habous.gov.ma/daouat-alhaq/item/5547
[xxii] http://www.habous.gov.ma/daouat-alhaq/item/5547

الشيخ المصمودي
المسجد الأقصى
باب المغاربة

المصدر : الجزيرة
الوثائقية

 

 


 

الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

إضافة رد

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:18 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
 

شبكـة الوان الويب لخدمات المـواقع