لكن بالمقابل الرسول عليه الصلاة والسلام قال : إستعينوا على أموركم بالكتمان : كيف يجب أن نحقق بين النص الأول والنص الأخير
وعندما نقرأ الحديث الشريف : المؤمن إذا قال صدق وإذا قيل صدق :
لابد من أننا نتحرى الصدق بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى ...
الكل قد يقول أنني أذهب يمنة ويسرة وما ذكرته من أحاديث الكل منها ليس له علاقة بغيره , أقول بالفعل الحديث الأول والذي يليه والأخير علاقتهم ببعض غير منطقية لكنها عملية بشكل كبير دعونا نتأمل , شورى. صدق. كتمان
فالشورى علاقته بالصدق علاقة عملية فلولم يصدق المستشار لخاب وخسر من استشاره والعكس إذا لم يصدق من طلب الشورى في طلبه ولم يستطع تحديد مراده لخابوا وخسروا جميعا.
أما علاقة الشورى بالكتمان ليس هناك ثمة علاقة ولكن عندما نكون قادرين على إتخاذ القرار بعد أن نصلي صلاة كتبها الله لنا في هذا الخصوص وهي صلاة الإستخارة فلا داعي أن نستشير ونحن بمقدورنا فعل ما يتوجب فعله بعون الله وقوته ...
فالكتمان هنا واجب حتمي لكي نستعين على أمورنا
أما علاقة الصدق بالكتمان هي علاقة فعلية أي أننا عندما نصدق مع أنفسنا في إختيار ما تمليه علينا ضمائرنا نكون بذلك قد خطونا خطوة عملية الى الإستغناء عن الإستشارة والإستخارة , وكذلك عندما نأدي الواجب كالصلاة والصوم والوضوء والطهارة وصلة الأرحام هنا لا يتوجب علينا كلا الأمرين لأننا نكون بذلك قد سير الله لنا أمور وأمرنا أن نأتمر بها ونهانا الإنتهاء بما نهانا عنه
قد تكون الإستشارة أحياناً مغامرة محكوم عليها بالفشل من غير ما ذكرته آنفاً فعندما نستشير من كان عقيم في البصر والبصيرة يشيرك وهو ليس معني بأمرك لا من قريب ولا من بعيد هنا نكون مجازفين حكمنا على أنفسنا أما بالحيرة أو بالخسارة
فالحيرة إما أن يشيرك من استشرته بعدة حلول يجعلك متخبط بينها والخسارة قد نخسر الكثير عندما يشير الينا مستشارنا وهو لا يفهم ولا يهمه الأمر....
لكننا أحيانا نكون مجبرين أن نتعلق عند الغرق بقشة علها تسعفنا وتساعدنا ونستشير من وجدناه قريب
فكما أننا ندرك أهمية الإستشارة لا بد أن ندرك أيضاً كيفية ومن ومتى نستشير حتى نكون بذلك قد قطعنا النصف الأكبر من مهمتنا بعد توفيق الله لنا
لذا الذي يجعلنا نستشير هو الشرع الحكيم فلا بد لنا أن نحتكم بأسس ومعايير محددة يتوجب علينا العمل بها وهي كالتالي تماما مثل الوضوء للصلاة والطهارة للطواف في البيت العتيق فما لا يتم الواجب الا به فهو واجب ...
أولا : من هم الناس الذين يتوجب علينا إستشارتهم ؟
هناك الكثير منهم أصحاب التخصص المحدد
أ / أننا مقدمون على الدراسة في أحد الكليات الأمنية أو العسكرية أو غيرها فلابد لنا أن نستشير في ذلك ذوي الخبرة في هذا المجال والتخصص المحدد أو عندما نهم على أن نخطوا في طريق لا نعرف عنه شيئ لا القليل من ذلك ولا الكثير فعلينا بذلك إستشارة من لهه الخبرة بهذا الخصوص
ب / إستشارة أصحاب التقى والعفاف فهم إن لم يقدرون على نصحنا وإرشادنا فسوف يدلوننا على الطريق الصحيح المتوجب علينا اتباعه وسلوكه
ج / إستشارة الأهل والأقربون كالوالدين والإخوة ومن يليهم فهم بذلك خير من يهمه أمرنا وأكثر من يحرصون على نجاحنا وتفوقنا
د/ صديقك من صدقك وليس من صدّقك هذه مقالة دائماً أطرب لها لأن بصراحة وكما قال الإمام الشافعي آه على الدنيا إذا لم يكن فيها صديقاً صدوق صادق الوعد منصفا فالصديق الصادق أكثر الناس تفاعلاً لصديقه ويهمه أمر رفيقه لذا عندما نستشير الصديق الصادق يكون حالنا بخير وعلى خير ...
ثانياً : الأوقات التي يتحتم علينا أن نستشير فيها وهيا كثيرة
1 : عند الشدائد حتى نتمكن من الوقوف أمامها ومواجهتها
2 : عند الإنكسار والإنحسار هنا يتوجب علينا الإستشارة حتى لا تتفاقم مشكلتنا وتكبر ويصعب علينا حللها وحلحلتها
3 : عندما نقف عاجزين عن فعل ما يتوجب علينا فعله كمستقبل ينتظرنا أو مصيراً يتوعدنا هنا لابد من الإستشارة والإستخارة
4 : من أصعب الأمراض وأكثرها فتكاً لأصحابها هي التردد فالتردد من عوامل الفشل ليس هكذا فحسب بل من العوامل التي تمشي بنا عكس الطريق أي الى الخلف فلابد هنا عند شعورنا بالتردد من أن نستشير ويتحتم علينا ذلك بشدة
أسأل الله أن لا يخيب ظن من استخاره وأن يدلنا على أخير من يتوجب علينا إستشارته
أللهم يسر أمورنا واقضي حوائجنا
أللهم سدد خطواتنا وتقبل أعمالنا
أللهم الهمنا الفهم والدراية والحكمة والكفاية
اللهم أن هذا العمل خالص لوجهك الكريم أللهم فتقبله قبول حسن
ما خاب من الستشار ولا ندم من استخار
