جمهورية بولندا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          جمهورية ليتوانيا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          كالينينغراد.. مقاطعة روسية وسط أوروبا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          بولندا تفتح الباب لنشر أسلحة نووية على أراضيها وروسيا ترد (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          الجيش الإسرائيلي يعلن حصيلة جديدة لإصابات جنوده في غزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          بايدن يلتقي مشرعين معارضين للحرب الإسرائيلية على غزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          مقتل 10 في تصادم مروحيتين عسكريتين في ماليزيا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          هل قرر المجلس العسكري في مالي البقاء في السلطة؟ (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          عبد المجيد الزنداني ...سياسي وداعية إسلامي يمني (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          حزب الله يهاجم مواقع عسكرية ويسقط مسيرة إسرائيلية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          ألم المستقيم.. الأسباب والعلاج (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          "الجزيرة 360" تروي قصة اختفاء أميركي يقاتل مع الروس في دونيتسك (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          جنود وتدريبات وقواعد عسكرية.. روسيا تثبت أقدامها في القارة السمراء (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          تعرف على أبرز الطائرات المسيرة الإيرانية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          القوة النارية الإيرانية.. بين العقيدة الهجومية ونقاط الانتشار (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 49 )           »         



 
العودة   ..[ البســـالة ].. > جـناح التــاريخ العسكــري و القيادة > قســـــم التــاريخ العـســــكــري
التعليمـــات قائمة الأعضاء وسام التقويم مشاركات اليوم
 


عمليات أكتوبر 1955.. شرارة تحرير وتوحيد المغرب العربي المنسية

قســـــم التــاريخ العـســــكــري


إضافة رد
 
أدوات الموضوع

قديم 09-10-22, 07:25 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي عمليات أكتوبر 1955.. شرارة تحرير وتوحيد المغرب العربي المنسية



 

عمليات أكتوبر 1955.. شرارة تحرير وتوحيد المغرب العربي المنسية


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
5 أكتوبر 2022


سلاح مصري يصل على متن باخرة تعود لزوجة ملك الأردن الراحل الحسين بن طلال، إلى ساحل المغرب الشمالي الخاضع للحماية الإسبانية، ليوزّع بين مقاتلين جزائريين ومغاربة تدربوا في معسكرات خاصة في العراق وسوريا ومصر وليبيا، لينفذوا بها عمليات عسكرية نوعية ضد مواقع الاستعمار الفرنسي شمال المغرب.
هذا ليس مشهدا متخيلا ولا أسطورة، بل مجرد مشهد من دينامية شاملة كانت تعشيها المنطقة العربية خلال خمسينيات القرن الماضي، ويجسّ واحدة من لحظات الأمل في النهوض والوحدة والتكامل في مواجهة التهديدات والأطماع الخارجية. ويتعلّق الأمر بعمليات 2 أكتوبر/تشرين الأول 1955 التي نفّذها جيش التحرير المغربي، ضمن خطة شاملة لتشكيل جيش تحرير مغاربي يطرد فرنسا من شمال أفريقيا.

عملية عسكرية خطّط لها وطنيو منطقة المغرب العربي قبل سنوات طويلة، ومهّدت لها مكاتب ولجان القادة المغاربيين في العاصمة المصرية القاهرة، ورسم معالمها الأولى واحد من أشهر قادة المقاومة، "الأمير" محمد بن عبد الكريم الخطابي الذي أفلت من قبضة الفرنسيين بعملية خاصة أنزلته من السفينة التي كانت تنقله من منفاه الغابر إلى فرنسا، لتحوّله إلى عقل مدبّر لاستعادة الأمل في العمل المسلح بعد عقود من المناورات السياسية والدبلوماسية الفرنسية.


"انطلق شعاع الضوء الأحمر، وسالت الدماء الحمراء"
توصف عملية 2 أكتوبر/تشرين الأول 1955 بالملحمة المنسية ولحظة الولادة الميدانية لجيش التحرير المغربي، ويميل بعض من أبناء المنطقة التي انطلقت منها شرارتها الأولى في مقدمة منطقة الريف شمال المغرب، إلى الاعتقاد بأن محاولات حثيثة لإقبارها ومحو آثارها من التاريخ قد جرت دون أن تفلح في مسعاها.
بشكل منسق ومفاجئ ومتزامن هاجم ما يناهز ألف مقاوم مسلح مراكز تابعة لسلطات الاحتلال الفرنسية في المنطقة الحدودية مع منطقة النفوذ الإسباني شمال المغرب الواقعة بين مدن تازة والحسيمة وبركان، مما تطلب إرسال قوات عسكرية فرنسية مكونة من جنود سنغاليين ومظليين، وتحركت القوات الجوية لقصف المناطق الثائرة.[1]
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

كتب من مذكرات جيش التحرير المغاربي

فبينما تعيد المصادر التاريخية نشأة جيش التحرير المغربي إلى بداية الخمسينيات، كان أول تحرك ميداني له كان في الساعة الواحدة من صباح يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول 1955، حين "ضغطت على زر المصباح الذي كنت أحمله، فانطلق شعاع الضوء الأحمر، وسالت الدماء الحمراء"، كما قال المقاوم ميمون أوعقا في مذكراته.[2]
استمرت المعارك ما لا يقل عن 45 يوما، أي من 2 أكتوبر/تشرين الأول إلى غاية منتصف شهر نوفمبر/تشرين الثاني، تاريخ الإعلان عن عودة السلطان محمد الخامس من المنفى، بل إن بعض العمليات تواصلت إلى غاية مستهل شهر ديسمبر/كانون الأول، لتكون الحصيلة النهائية لتلك العمليات حوالي 101 قتيل و173 جريحا في صفوف القوات الفرنسية.[3]
وبشكل متزامن مع هجمات "مثلث الموت" شمال المغرب، نفّذت المقاومة الجزائرية عمليات مماثلة في منطقة وهران غرب البلاد، وخاصة منطقة تلمسان المحاذية للحدود مع المغرب، تعبيرا عن وحدة المعركة وارتباط الشعوب المغاربية بعضها ببعض، تماما مثلما كانت الذكرى الأولى لنفي السلطان المغربي محمد الخامس، في 20 آب/أغسطس 1954، مناسبة لعمليات دامية للثوار الجزائريين ضد الاستعمار الفرنسي.[4]


"جبهة الدفاع".. وحدة منغرسة في التاريخ والجغرافيا
تتسم منطقة المغرب العربي بقواسم مشتركة تجعلها موحدة ثقافيا وجغرافيا وتاريخيا، إذ تتقاسم المنطقة اللغة نفسها (تحضر كل من العربية والأمازيغية في البلدان الخمسة)، ولم يكن توحيدها سياسيا صعبا، فقد كانت الدولة الموحدية أول من حقق هذه الوحدة السياسية لمنطقة المغرب العربي، وإن كان ذلك الوضع لم يستمر طويلا.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

تأسست "جبهة الدفاع عن أفريقيا الشمالية" في فبراير/شباط 1944، بقيادة التونسي الإمام محمد الخضر الحسين

وقد ساهم إخضاع القسم الأكبر من المنطقة المغاربية للاستعمار الفرنسي (شمل جل أرجاء المنطقة المغاربية باستثناء ليبيا وأجزاء في شمال وجنوب المغرب)، في إحياء تطلعات الوحدة بين شعوب المغرب العربي، فكانت هناك محاولات متكررة من جانب النخبة والطلبة والعلماء لبناء مشروع تحرر موحد لشعوب المغرب العربي، كما كانت هذه القوى القُطرية تتعاون وتنسق عملها في عواصم العالم سواء منها الأوروبية أو العاصمة المصرية القاهرة أو الأستانة (تركيا)، كما كان مشروع الوحدة هذا حاضرا في أدبيات جل التنظيمات السياسية في أقطار المغرب العربي في النصف الأول من القرن العشرين.
وشهد النشاط السياسي المغاربي المشترك ضد الاحتلال الفرنسي طفرة كبيرة بعد الحرب العالمية الثانية، أي بعد تأسيس منظمة الأمم المتحدة وانتشار الفكر التحرري عبر أرجاء العالم. وفي هذا السياق تأسست "جبهة الدفاع عن أفريقيا الشمالية" في فبراير/شباط 1944، بقيادة الإمام التونسي محمد الخضر الحسين، وقد تفرعت إلى ثلاثة لجان متفرقة بين أقطار المغرب والجزائر وتونس، كما ركّزت الجبهة نشاطها على جامعة الدول العربية التي أسست في تلك الفترة إلى جانب منظمة الأمم المتحدة.[5]


محمد بن عبد الكريم الخطابي.. زعيم المقاومة الريفية يحيي شعلة القتال
دخل العمل المغاربي الموحد مرحلة جديدة سنة 1947 مع تأسيس مكتب المغرب العربي بالعاصمة المصرية القاهرة في مؤتمر المغرب العربي الذي عقد في فبراير/شباط من تلك السنة، وكانت من بين أهم قرارات المؤتمر التنسيق بين الأقطار المغاربية الثلاثة (تونس والجزائر والمغرب) في نضالها ضد الاحتلالين الفرنسي والإسباني، ومساندة بعضها في المستويات الإقليمية والدولية.
وتعززت هذه الدينامية بحدث فارق يتمثل في حصول المقاوم المغربي محمد بن عبد الكريم الخطابي -الذي قاد مقاومة مسلحة باسلة ضد الاستعمار خلال العشرينيات، قبل أن تتمكن فرنسا من اعتقاله ونفيه- على اللجوء السياسي في مصر، مستغلا توقف السفينة التي كانت تنقله من منفاه البعيد في جزيرة "لاريونيون" الأفريقية (تقع في المحيط الهندي إلى الشرق من جزيرة مدغشقر) نحو فرنسا، ليغادر السفينة رفقة أسرته ويطلب اللجوء السياسي في مصر بتنسيق مسبق مع لجنة دعم ضمت شخصيات عربية وإسلامية عدة كانت تعمل منذ سنوات على تحريره.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

محمد بن عبد الكريم الخطابي.. زعيم المقاومة الريفية الذي أحيا شعلة القتال

ساهم وصول الخطابي إلى القاهرة في منح العمل المغاربي الموحد زخما جديدا، فقد كان صيته العالمي والاحترام الكبير الذي يتمتع به فعالا في تذويب الخلافات وتوحيد العمل، وكانت الإضافة الكبرى للخطابي هي الانعطافة المتمثلة في استحضار المقاومة المسلحة بدل الاقتصار على العمل الدعائي والترافعي بالطرق السلمية. وعمل الخطابي منذ البداية على تجديد الاتصال بالمقاومين الذين رافقوه في الكفاح المسلح خلال العشرينيات، ودعا بشكل صريح إلى طرح خيار العمل المسلح إذا كان العمل الدبلوماسي غير نافع. يقول الخطابي: فإما أن يخرج الفرنسيون من المغرب العربي، وإما أن يفصل بيننا السيف.[6]
انطلاقا من مكتب المغرب العربي، أسفرت جهود محمد بن عبد الكريم الخطابي الوحدوية عن تأسيس لجنة تحرير المغرب العربي تحت رئاسته في ديسمبر/كانون الأول 1947، وبينما أعلن رسميا عن تأسيس اللجنة في بداية 1948، تولى الحبيب بورقيبة مهمة الأمين العام للجنة. وكان أهم مبادئ اللجنة هو العمل الموحد على تحرير أقطار المغرب العربي، مع تأكيد الهوية الإسلامية العربية للمنطقة، وعدم توقف العمل المشترك وإن استقل أحد الأقطار قبل الآخرين.[7]


معسكرات المشرق.. جهود لوحدة أقطار الجسد العربي
وضع محمد بن عبد الكريم الخطابي تصورا شاملا لكيفية إطلاق الكفاح المسلح ضد الاستعمار في المنطقة المغاربية، ووضع وثيقة أسماها "خطة حرب التحرير" تتضمن الخطوات الواجب اتباعها لإطلاق مقاومة شاملة عبر تحفيز الشعوب، ونهج حرب العصابات، وتنفيذ العمليات خلال أيام العطل وأثناء الليل، وكسر الصورة الأسطورية لدى شعوب المنطقة عن قوة المستعمرين.. وقد استطاع الخطابي الحصول على فرصة لتكوين مقاتلين مغاربيين في أكاديميات عسكرية مثل الكلية العسكرية في بغداد.[8]
وبينما استفاد مقاومو المغرب العربي من معسكرات تدريب أخرى في سوريا وليبيا، أشرف الخطابي بنفسه على تدريبات عسكرية في معسكر وضعته السلطات المصرية رهن إشارته، وكان المستفيدون من التدريب (ومن بينهم الهواري بومدين الذي سيصبح رئيسا للجزائر في وقت لاحق)[9] يعودون إلى مناطقهم الأصلية في المغرب العربي لتحضير العمليات والتخطيط… كما جرى التنسيق مع الملك الليبي إدريس السنوسي لاستعمال قواعد خلفية للمقاومين المغاربيين في ليبيا.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

إنطلاق الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي في المنطقة المغاربية

وفد على الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي قادة ميدانيون مغاربيون ابتداء من 1952، من بينهم أحمد بن بلة من الجزائر. كما ساهمت الجهود التي قامت بها مصر في استعادة اللحمة بين الأقطار الثلاثة، وتجسد ذلك في تجديد ميثاق لجنة تحرير المغرب العربي سنة 1954، بينما كان العمل المسلح قد انطلق بالفعل في تونس والمغرب، بعد انسداد أفق العمل السلمي والتفاوض.
تولى أحمد بن بلة بعد توثيق صلته بلجنة تحرير المغرب العربي في القاهرة مهمة التواصل مع القادة الوطنيين في تونس والجزائر، كما وضع "الأمير" الخطابي البنية التحتية المقاومة التي نشرها في أرجاء المنطقة تحت تصرف بن بلة، وتوّج كل ذلك بالاتفاق على تأسيس جيش تحرير المغرب العربي، ووضع خطة لإيصال السلاح (الذي وفرته مصر بالخصوص) إلى المنطقة عبر الريف المغربي، بعدما كانت أولى الشحنات قد وصلت عبر طرابلس الليبية أواخر العام 1954.


نفي السلطان محمد الخامس.. فتيل الكفاح المسلح
تعود جذور العزم على حمل السلاح ضد الاستعمار بدل التعويل على المفاوضات إلى العام 1953، حين أقدمت فرنسا على نفي السلطان محمد الخامس (المتحالف مع الوطنيين) وتعويضه بسلطان صوري من بني قرابته. وكانت العقبة الكبرى أمام هذا الطموح هي كيفية الحصول على السلاح.
فقد تنوعت أشكال المقاومة الوطنية للاستعمار الفرنسي بعد تلك الخطوة، لتشمل مقاطعة المغاربة لاستهلاك السجائر الفرنسية، وعمد الفلاحون المغاربة إلى الكف عن استعمال الآلات الحديثة التي تأتي بها فرنسا، وقاموا بإحراق محاصيلهم الزراعية، وشمل الأمر أيضا محاصيل المستوطنين الفرنسيين.[10]
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

انطلاق الثورة الجزائرية عام 1954

كما تعيد بعض المصادر أولى محاولات توحيد الكفاح المغاربي المسلح أواسط الخمسينيات إلى الأيام الأولى لاندلاع الثورة الجزائرية، حين بحث الزعيم الجزائري أحمد بن بلة ونظيره المغربي علال الفاسي في العاصمة المصرية القاهرة[11] سبل تنسيق مقاومة الشعبين وتفجير انتفاضة مشتركة في الذكرى الأولى لنفي السلطان محمد الخامس، أي آب/أغسطس 1954، ثم طرح تاريخ الفاتح من نوفمبر/تشرين الثاني، إلا أن الافتقاد إلى السلاح وغياب الجاهزية حال دون ذلك.
استشعرت السلطات الاستعمارية الفرنسية هذا المد الوحدوي المغاربي وحاولت احتواءه، خاصة بعد انطلاق الثورة الجزائرية عام 1954، فقد كانت باريس تخشى بشدة تحول المغرب العربي إلى جبهة موحدة ضدها، وقد قامت بإغراء القادة الوطنيين في تونس والمغرب بتحقيق إنجازات عبر الالتزام بالمسار السلمي، وعملت بقوة على تحييدهم في المعركة عبر منحهم بعض التنازلات الصغيرة وإطلاق سراح القادة المعتدلين.[12]
وبدأت الخلية الأولى للمقاومة المسلحة عملها بالعمل على تدريب أعداد كبيرة من المقاومين على استعمال البنادق وخوض حرب العصابات، متفرقين على دفعات، متجنبة إظهار كمية كبيرة من السلاح كي لا تثير انتباه جواسيس الاستعمار. واستعان المقاومون ببعض المغاربة الذين تدربوا على القتال العسكري في صفوف الجيش الفرنسي، وكان الهدف عدد من المراكز الحضرية والقرى التي جرى الاتفاق على مباغتتها بهجوم متزامن، وهي وادي بوريد وتيزي ويسلي وإيموزار مرموشة.[13]


سفينة دينا.. يخت ملكة الأردن تحضر السلاح إلى السواحل المغربية
بداية ديسمبر/كانون الأول 1954، نجحت عملية إنزال شحنة أسلحة في ساحل طرابلس، ونقلت تلك الشحنة بنجاح إلى داخل الجزائر بتعاون مع المقاومين التونسيين.[14]
وكانت الوجهة الثانية لشحنات السلاح هي الساحل الشمالي للمغرب، إذ كانت منطقة الشمال المغربي الخاضع للحماية الإسبانية منفذا للمقاومة المغاربية بالنظر إلى الفجوة التي برزت بين إسبانيا وفرنسا، وهو ما سمح باستغلال المقاومين المغاربيين لهذا التناقض بين القوى الاستعمارية.

وقد قام المقاومون بشراء كميات من الرشاشات الآلية والقنابل اليدوية والذخيرة الحربية عبر وسطاء من إيطاليا، وأضيفت إلى كميات من الأسلحة من المخزون المصري.[15]
ثم جرى تحضير المسار البحري الآمن لنقل شحنة كبيرة من الأسلحة (21 طنا) من مصر إلى نقطة قريبة من مدينة الناضور المغربية، وهي منطقة "راس الما"[16] (شهدت تأسيس لجنة تنسيق ضمت قادة من المغرب والجزائر، أبرزهم المغربي عباس المساعدي والجزائري محمد بوضياف)، واستعملت سفينة تحمل اسم "دينا" نسبة إلى الملكة الأردنية "دينا" (الزوجة المصرية للملك الحسين) التي كانت تستعملها كيخت للتنزه، وقد وصلت إلى وجهتها نهاية شهر مارس/آذار 1955، على أن يوجه القسم الأكبر من السلاح نحو الجزائر.
وفي أواسط شهر يونيو/حزيران 1955، اجتمع مقاومو منطقة كزناية بنظرائهم اللاجئين من مناطق السيطرة الاستعمارية الفرنسية في المغرب إلى مدينتي تطوان والناضور الشماليتين الخاضعتين للحماية الإسبانية، فعلى الرغم من الحلف الفرنسي الإسباني فإن تناقضات مصالح البلدين كانت تسمح للمقاومين بهامش من المناورة.
كما شارك في هذا اللقاء مقاومون قادمون من وسط المغرب، وتحديدا مناطق بالأطلس المتوسط (مدن إموزار مرموشة وبركين..)، وكان محور هذه الاتصالات هو إطلاق المقاومة المسلحة ضد الاستعمار باستعمال شحنة السلاح التي وفّرتها سفينة "دينا".[17]
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

سفينة "دينا" التي استعملت لنقل شحنة الأسلحة الكبيرة (21 طنا) من مصر إلى مدينة الناضور المغربية

وضمن اتصالات أخرى جرت في عمق أوروبا، اجتمع القائد الميداني المغربي عبد الكريم الخطيب مع الملحق العسكري للسفارة المصرية بمدريد عبد المنعم النجار بتاريخ 10 سبتمبر/أيلول 1955، حيث تقرر موعد بدء عمليات جيش التحرير المغربي في 2 أكتوبر/تشرين الأول 1955. وكانت المخابرات المصرية ترى في السواحل المغربية منفذا لإيصال السلاح إلى الثوار، بعد الحصار الذي ضربته فرنسا على السواحل الجزائرية بعد انطلاق الثورة.[18]


عودة السلطان إلى العرش.. عمليات تضعضع رأس الاستعمار
كانت عمليات بداية أكتوبر 1955 فاتح خير على النضال المغاربي ضد الاستعمار الفرنسي، فلم تمر إلا 45 يوما على تلك الأحداث حتى كان السلطان المغربي المنفي محمد الخامس قد عاد إلى عرشه، حاملا بشائر التخلص من قيود معاهدة الحماية الفرنسية، ومعلنا الانتقال "من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر"[19]، أي من المقاومة والنضال ضد الاستعمار إلى السعي للنهوض والترقي.
وشكّلت عمليات 2 أكتوبر/تشرين الأول 1955 في المنطقة المعروفة بـ"مثلث الموت" (تقع بين مناطق "بورد" و"أكنول" و"تيزي سلي") ميلادا فعليا لجيش التحرير المغاربي، ولحظة تاريخية فارقة في المنطقة، فقد غيّرت مسار التطور السياسي فيها من التسويف والتماطل الاستعماريين إلى أخذ مطالب الشعوب على محمل الجد.
ورغم مسارعة فرنسا الاستعمارية إلى تقديم تنازلات وفتح مفاوضات مع القادة الوطنيين والموافقة على استقلال المغرب، فإن المقاومين الذين أشعلوا فتيل الثورة شمال البلاد رفضوا إلقاء السلاح وانتقلوا إلى الشطر الجنوبي من المغرب لمواصلة تحرير البلاد، إذ لم يشمل الاستقلال في البداية سوى الشطر الشمالي من المملكة.
مباشرة بعد اشتعال شرارة المقاومة المسلحة، بادر الزعيم الوطني المغربي علال الفاسي إلى نشر بلاغ عبر إذاعة "صوت العرب" التي تبث من القاهرة، أعلن فيه تكوين قيادة موحدة للحركتين المقاومتين في المغرب والجزائر، "تتولى الإشراف على حركة التحرير في كلا القطرين، وسينضوي جميع أفرادها في جيش يسمى جيش تحرير المغرب العربي".[20]

وفي الخامس من أكتوبر/تشرين الأول، انتقل المقيم العام الفرنسي في المغرب "دي لاتور" إلى المنطقة لمعاينة الأوضاع، وحضر زيارة وزير الدفاع الجنرال "بيير بيو" الذي حلّ بالمنطقة بعد يوم واحد من تعيينه، وبعد أقل من أسبوع من بداية الهجوم، مما يؤكد أن الضربة التي تلقتها فرنسا في "مثلث الموت" لم تكن منتظرة، وهو ما استدعى حضور وزير الدفاع شخصيا لرفع معنويات الجنود ومحاولة إظهار أن الأوضاع تحت السيطرة.[21]
وخلال تعليقه على تلك الأحداث، وجه وزير الدفاع الفرنسي انتقادات حادة إلى إسبانيا، متهما إياها بتسهيل مهمة المقاومين وتوفير الملاذ للفارين منهم، معتبرا أن المغاربة سيطالبون بالأراضي الممتدة إلى حدود السنغال، وفيما بعد سيطالبون بالأندلس.[22]


المصادر
[1] المقاومة وجيش التحرير – سلسلة أحداث ملحمة الاستقلال – الوثيقة الثالثة، من منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، طبع بمطبعة شالة بالرباط، يوليوز 1985.
[2] https://www.yabiladi.ma/articles/det...ربي-حيثيات.htm
[3] قادة دين، جيش تحرير المغرب العربي في المغرب: ظروف التأسيس والدور والمصير 1947-1960، مجلة العصور الجديدة، كلية العلوم الإنسانية والعلوم الإسلامية، جامعة وهران، المجلد 12، العدد 1، ماي 2022
[4] Mohamed LMKAMI: les hommes de l’ ombre Memoirs d’un officier du MALG ed .ANAP. 2004.
[5] خلايفية بشرى، جيش تحرير المغرب العربي النشأة-المسار-المآل (1955-1956)، مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر تخصص المغرب العربي المعاصر، جامعة العربي بن مهيدي-أبو البواقي، كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، قسم العلوم الإنسانية، السنة الجامعية 2018-2019.
[6] أكرم بوجمعة، محمد بن عبد الكريم الخطابي ودوره في تحرير أقطار المغرب العربي، أطروحة لنيل شهادة الدكوراة في تاريه المغرب العربي المعاصر، جامعة تلمسان، كلية العلوم الانسانية والاجتماعية، قسم التاريخ، 2016 – 2017.
[7] محمد علي داهش، دراسات في تاريخ المغرب العربي، الدار العربية للموسوعات، جامعة الموصل، كلية الآداب،
[8] مبارك زكي، عبد الكريم الخطابي وحركة التحرر المغاربية (1947-1954)، تصفية الاستعمار بتونس الأطوار والأبعاد (1952-1964، أعمال الملتقى الدولي التاسع من 8 إلى 10 ماي 1998، تنس 1999.
[9] رضا ميموني، عملية تحرير ولجوء الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي إلى مصر سنة 1947 ودوره في تكوين ضباط جيش تحرير المغرب العربي، مجلة المعارف للبحوث والدراسات التاريخية، جامعة الشهيد حمه لخضر، قسم العلوم الإنسانية.
[10] /تقارير/20-أغسطس-ثورة-على-فرنسا-انتصارا-لملك-الم/
[11] عبد الكريم غلاب، الزعيم علال الفاسي، مطبعة الرسالة، الرباط 1974.
[12] https://www.africa-press.net/morocco...6-الأوضاع-با-3
[13] https://www.riadinoureddine.com/2017/10/2-1955.html
[14] فتحي الديب، عبد الناصر وثورة الجزائر، دار المستقبل العربي، القاهرة 1984
[15] قادة دين، جيش تحرير المغرب العربي في المغرب: ظروف التأسيس والدور والمصير 1947-1960، مجلة العصور الجديدة، كلية العلوم الإنسانية والعلوم الإسلامية، جامعة وهران، المجلد 12، العدد 1، ماي 2022
[16] https://lematin.ma/journal/2019/lanc...nord-royaume-e
[17] https://www.riadinoureddine.com/2017/10/2-1955.html
[18] https://www.yabiladi.ma/articles/det...ربي-تحديد.html
[19] https://lematin.ma/journal/2019/lanc...nord-royaume-e
[20] بيان جيش تحرر المغرب العربين مؤسسة علال الفاسي، الزعيم علال الفاسي، رسائل تشهد على التاريخ، مطبعة الرسالة، الطبعة الثانية، الرباط 2006.
[21] https://www.yabiladi.ma/articles/det...غربي-(10).html
[22] https://www.yabiladi.ma/articles/det...غربي-(10).html



الجزيرة نت : يونس مسكين

 

 


 

الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:11 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
 

شبكـة الوان الويب لخدمات المـواقع