مسودة قانون لتجنيد الحريديم في الجيش يثير الجدل بإسرائيل (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي - عضو مجلس السيادة الانتقالي في السودان (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 1 - عددالزوار : 7 )           »          مقال في "نيويورك تايمز": ترامب فوق القانون (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الجنرال محمد إدريس ديبي - رئيس المجلس الانتقالي في تشاد (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 2404 )           »          الجيش الأحمر.. قصة منظمة زرعت الرعب في ألمانيا واغتالت شخصيات هامة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          البنتاغون: إسرائيل ستشارك في تأمين الميناء المؤقت بغزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          جرائم الحرب (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          جرائم ضد الإنسانية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          التطهير العرقي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          تنظيم الدولة يتبنى هجوم موسكو وسط إدانات دولية ونفي أوكراني بالضلوع فيه (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 63 )           »          احتكاك عسكري بين روسيا وأميركا في القطب الشمالي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          صحيفة روسية: الناتو مستعد للحرب ضد روسيا منذ 10 سنوات (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          ولاية ألاسكا.. تنازلت عنها الإمبراطورية الروسية واشترتها أميركا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 60 )           »          حزب الله يستهدف موقع رادار ومنصتين للقبة الحديدية الإسرائيلية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          بعد عامين من إنشائه.. ما هو حال قراصنة "جيش أوكرانيا الإلكتروني"؟ (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »         



 
العودة   ..[ البســـالة ].. > جـناح التــاريخ العسكــري و القيادة > قســـــم التــاريخ العـســــكــري
التعليمـــات قائمة الأعضاء وسام التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة
 


في ذكرى 23 يوليو.. ماذا بقي من الناصرية وثورة الضباط الأحرار بمصر؟

قســـــم التــاريخ العـســــكــري


إضافة رد
 
أدوات الموضوع

قديم 23-07-22, 06:24 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي في ذكرى 23 يوليو.. ماذا بقي من الناصرية وثورة الضباط الأحرار بمصر؟



 

في ذكرى 23 يوليو.. ماذا بقي من الناصرية وثورة الضباط الأحرار بمصر؟


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

أمين حبلّا - الجزيرة الوثائقية

في ضريحه ينام الزعيم المصري جمال عبد الناصر منذ أن غادر الدنيا سنة 1970 تاركا وراءه رزنامة من الأفكار والقيم والمشاريع والرفاق الذين ساروا معه في طريق الثورة التي أنهت الحكم الملكي في مصر في 23 يوليو/تموز 1952.
كان الضباط الأحرار بوابة أخرى لمصر إلى تاريخ متقلب كأمواج النيل، غامق الملامح مثل تجاعيد الصحراء والآمال المسكوبة على ضفاف الكنانة وأزقة القاهرة.
كانت الثورة إيذانا بانطلاق سلطة الشعب كما قررت ذلك بيانات وأدبيات الثورة وهي تنطلق من الثكنات العسكرية لتطيح بالملك فاروق وتلقي به في مملكة دستورية سرعان ما انتهت بإنهاء المملكة بشكل نهائي وتشكيل مجلس قيادة الثورة، ونفي الملك الذي حكمت أسرته مصر لأزيد من قرن لاجئا في نابولي بإيطاليا.
صعد أبناء الفلاحين وأبناء الفقراء إلى سدة الحكم، ولكن عبر أقصر الطرق إلى الحكم في العالم الثالث، وهو طريق الانقلابات والسير على ظهور الدبابات.
غنت مصر للثوار الجدد، خصوصا أنهم في الغالب مجموعة شبابية من أبناء مصر الحقيقية، أبناء النيل في زمجرته الغاضبة وفي انسيابه المتدفق وفي سقيه المزارع وفي جرفه لآمال الفلاحين عندما يفيض أكثر من اللازم.
قاد الثورة الضابط ذو الأصول السودانية محمد نجيب، وكان أكبر الضباط سنا قبل أن يتم عزله وإحالته لإقامة جبرية، وخلت الطريق للزعيم جمال عبد الناصر المولود سنة 1918 في إحدى قرى مصر الريفية وأحد قادة حرب 1948 ليكون وجه الثورة الأكثر بروزا ولسانها الأكثر تأثيرا في جماهير تناغمت مع الفكرة الناصرية من المحيط إلى الخليج.
حملت الثورة مطالب الجماهير العربية بشكل عام، إذ كانت الظروف العربية متشابهة، وفي مصر بشكل خاص كانت قضية الاستقلال التام والإقلاع الاقتصادي والعدالة والحريات العامة ومطالب الديمقراطية، وآمال وطموح فلسطين في الحرية بعد أن أطبق عليها الاحتلال إثر الهزيمة العربية المؤلمة في 1948.
تراكمت القضايا وتكثفت الدواعي: قضية الاستقلال الوطني، والنهوض الاقتصادي، والعدالة الاجتماعية، وأزمة فلسطين، وأزمة الديمقراطية، ولم يكن هناك من سبيل للخروج من هذه الأزمات المترابطة إلا بعملية تغيير سياسي تُحرك المياه الراكدة.
كانت مطالب الجلاء بشكل خاص الصوت الأكثر ترددا على الحناجر المصرية، خصوصا بعد أن عانت مصر لعقود من الانتداب الإنجليزي الذي تغول وتحكم في كل شرايين السلطة المصرية.
كانت الأوضاع الاقتصادية تتفاقم سوءا وإرباكا للمشهد بعد أن استولى أقل من 0.5% من السكان على غالبية الأراضي الزراعية وتحول الفقراء والفلاحون إلى أجراء في أرضهم التي نبتوا في ظلالها وسقوها بعرقهم الذي أراقوه مقابل أجور زهيدة، يكدح من أجلها أكثر من 10 ملايين من الفلاحين الفقراء.
وعلى الحدود كانت فلسطين تغلي دما دافقا وألما مترنحا على إيقاع الهزائم المتكررة في 1936 ثم 1948 والتي مرغت الأنف العربي في ركام الاحتلال الإسرائيلي الدموي.

الضباط الأحرار
كان الجيش المصري في نهاية الأربعينيات ومفتتح الخمسينيات قد شهد اندماج آلاف الشباب الوطني الحالم بمصر أخرى براقة الجبين ليست مصر المملوكة، ولا مصر الغارقة في وحل الانتداب والفقر والجوع.
وجاء حريق القاهرة المثير في يناير/كانون الثاني 1952 ليضيف إلى اللهب السياسي لهبا جديدا، وعبر دخان القاهرة دخل تنظيم الضباط الأحرار بسرعة إلى الواجهة واحتل سدة الحكم مستجيبا لتطلعات آلاف الجماهير.
يقول العديد من المتابعين إن الملكية المصرية سعت منذ بداية القرن إلى تقليم أظافر الجيش وإبعاده عن السياسة وتصفيته بشكل دائم من ضباطه الوطنيين، ولا يستبعدون أن يكون الدفع به نحو المشاركة في بعض الحروب جزء من خطة الإبعاد والإشغال.
وفي أربعينيات القرن المنصرم بدأت نخبة من الضباط الشباب التجمع والتخطيط للسيطرة على الحكم، وكان من بين هؤلاء جمال عبد الناصر وعبد اللطيف البغدادي والمشير عبد الحكيم عامر وآخرون من مختلف مناطق مصر.
كان مسار الضباط بعد تأسيس حركتهم السرية في الأربعينيات يقضي بتنفيذ ثورة/انقلاب في 1955 بعد أن تتشكل وتتحكم الخلايا السرية التي شرعوا في تأسيسها في مختلف مفاصل الجيش.
عجلت المواجهة الانتخابية في نادي ضباط الجيش بالانقلاب العسكري بعد أن استطاع الضباط الأحرار هزيمة مرشح الملك فاروق، ونال الضابط محمد نجيب رئاسة النادي، وبدأت المواجهة تأخذ بعدا آخر سرعان ما انتهى إلى الانقلاب العسكري بعد أن تمكن ضباط الملك فاروق من كشف اللائحة الدقيقة لأعضاء الهيئة العليا للضباط الأحرار.

نجيب في مواجهة نجيب
أجّل الضباط تنفيذ انقلابهم ليلة واحدة سعيا إلى كسب دعم الإخوان المسلمين وفق ما تقول بعض الروايات التاريخية، حيث كان للقائد الفعلي للانقلاب جمال عبد الناصر علاقة وطيدة بهم، وتمت مباركة الانقلاب وأطاح الضباط بحكومة الوزير أحمد نجيب الهلالي وأعلنوا عن مجلسهم القيادي برئاسة محمد نجيب.
وكان محمد نجيب قد انتخب رئيسا لمجلس إدارة نادي الضباط في 1 يناير/كانون الثاني 1952 بأغلبية الأصوات، ولكن الملك فاروق أمر بحل المجلس.
وقد اختاره الضباط الأحرار ليكون قائدا لثورة يوليو/تموز 1952 لما كان يتمتع به من شخصية صارمة في التعامل العسكري وطيبة وسماحة في التعامل المدني.
وكان اختياره سر نجاح تنظيم الضباط الأحرار داخل الجيش، فكانوا حينما يعرضون على باقي ضباط الجيش الانضمام إلى الحركة ويسألونهم عن قائد التنظيم يقولون لهم إنه اللواء محمد نجيب فيسارع المدعوون بالانضمام.
وكان عدد من المنضوين إلى الحركة في ساعاتها الأخيرة من أصحاب الثقة باللواء محمد نجيب الذي كان رجل ثقة للجيش ورجل رمزية نضالية لدى المدنيين، أما غالبية الجنود المشاركين في الانقلاب فقد تم إيهامهم بأنهم يقومون بعمل لحماية الدولة وليس الانقلاب على رأس الملكية.
شكّل نجيب أول وزارة بعد استقالة علي ماهر باشا وتوليه رئاسة الجمهورية عام 1953، وأعلن مبادئ الثورة الستة وحدد الملكية الزراعية، لكنه كان على خلاف مع ضباط مجلس قيادة الثورة بسبب رغبته في إرجاع الجيش لثكناته وعودة الحياة النيابية المدنية، ونتيجة لذلك قدم استقالته في فبراير/شباط 1954، ثم عاد مرة ثانية بعد أزمة مارس/آذار من العام نفسه.
وفي 14 نوفمبر/تشرين الثاني 1954 أجبره مجلس قيادة الثورة بزعامة جمال عبد الناصر على الاستقالة، ووضعه تحت الإقامة الجبرية مع أسرته في قصر زينب الوكيل بحي المرج بالقاهرة بعيدا عن الحياة السياسية، ومنع أي زيارات له طوال عهد حكم عبد الناصر. وفي 1971 قرر الرئيس أنور السادات إنهاء إقامته الجبرية، لكنه ظل ممنوعا من الظهور الإعلامي حتى وفاته.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

قانون الإصلاح الزراعي قفز بالثورة إلى قلوب القرويين والفلاحيين

ثورة الفلاحين
جعلت الثورة من الإصلاح الزراعي أول واجهة لها نحو العلاقة بالجماهير، وصدر قانون الإصلاح الزراعي مبكرا في التاسع من سبتمبر/أيلول 1952 في عهد الرئيس محمد نجيب، وهو القانون الذي قفز بالثورة إلى قلوب القرويين والفلاحين الذي نهضوا إلى الأرض ملّاكا من جديد بعد أن كانوا مجرد أجراء وعمال سخرة تحت نير الاستعباد العقاري.
ألغت الثورة أيضا الألقاب التي كانت تنساب على مناكب النبلاء والقادة وترفعهم إلى رتب اجتماعية مترفعة على بقية الشعب، ثم سرعان ما ألغت قانون التعددية السياسية وألغت الأحزاب وبدأ الجيش يقبض بكلتا يديه على مفاصل الحكم وفقرات الحياة السياسية والاجتماعية في مصر.
وأمام العقبات الدستورية التي كانت تعترض طريق الثورة؛ ما كان من السلطة الجديدة إلا أن ألغت دستور 1923 بشكل نهائي.
ومع منتصف العام 1953 وجد قادة الثورة أن الوقت بات مناسبا لإحكام السيطرة، فألغوا النظام الملكي في 18 يونيو/حزيران 1953 وتحولوا إلى نظام جمهوري برئاسة اللواء محمد نجيب وترفيع الرائد عبد الحكيم عامر إلى رتبة لواء وتعيينه قائدا للجيش، فيما بقي عبد الناصر رجل الظل ينتظر الفرصة المناسبة ليتسلم قمرة القيادة.

ثورات في المهد
لم تمض أشهر قليلة على قيام الثورة حتى هبت رياح الخلاف بين أعضاء الهيئة القيادية، وبدأت الثقة تتزعزع مع بقية عناصر الجيش، وجرى حديث واسع عن ضرورة توسيع دائرة القيادة، بل أكثر من ذلك بدأ حراك ثوري ضد قيادة الثورة انتهى باعتقالات واسعة شملت عسكريين ومدنيين. وكانت تلك الأحداث الطريق السريعة إلى حل الأحزاب السياسية ثم حل تنظيم الضباط الأحرار لاحقا سعيا إلى القضاء على الاحتقان في مهده، قبل أن تتأسس لاحقا حركة أخرى في مارس/آذار 1954 ضد الثورة وتنشط بقوة في قطاع سلاح الفرسان بالجيش المصري.
أعادت الثورة تشكيل بنائها الهيكلي من جديد بمجلس من 11 عضوا برئاسة اللواء محمد نجيب، فيما كان عبد الناصر يتحكم شيئا فشيئا في السلطة بحكم موقعه رئيسا للهيئة التأسيسية للضباط الأحرار. كان محمد نجيب الرئيس الثوري والوجه الناصع للثورة تجاه الشعب، فيما كان عبد الناصر رجل الثقة والصلة الأساسية بالمؤسسة العسكرية التي نفذت الانقلاب وحمته.
بدأ عبد الناصر يضيّق الخناق على نجيب الذي أصبح رئيسا من دون صلاحيات قبل أن يقدم استقالته إلى مجلس قيادة الثورة في فبراير/شباط 1954، وخرجت الجماهير هاتفة باسمه وساعية إلى إعادته للسلطة، وكان للإخوان المسلمين دور أساسي في إعادة نجيب بضغط الشارع إلى السلطة. عاد نجيب مرة ثانية بعد أزمة مارس/آذار من نفس العام، وأعلن عن مسار انتقالي تعود به السلطة إلى المدنيين، وفي تلك الأثناء بدأ عبد الناصر معركة لتصفية أنصار الرئيس نجيب.
تحركت جماهير أخرى غاضبة ضد الحكم الديمقراطي الموعود ظهيرة يوم 28 مارس/آذار عام 1954، وهاتفة بحياة الجيش وعبد الناصر، ومنادية بسقوط الأحزاب والنقابات "الرجعية" وسقوط الدستور والحرية والديمقراطية. وفي اليوم التالي قبل ظهر يوم 29 مارس/آذار 1954، تم الاعتداء على مجلس الدولة ورئيسه الفقيه الدستوري عبد الرزاق باشا السنهوري، حيث كانوا ينعتونه بالجاهل والخائن ويهتفون بسقوطه وموته.
وأخيرا أُجبر نجيب في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 1954 على الاستقالة وخرج من السلطة ولزم بيته والصمت فترة طويلة، وانفتحت بوابة من السلطة والتحكم والظهور التاريخي أمام جمال عبد الناصر.
بقي نجيب تحت الإقامة الجبرية مع أسرته في قصر زينب الوكيل بحي المرج بالقاهرة بعيدا عن الحياة السياسية، ومنع أي زيارات له طوال عهد حكم عبد الناصر، وفي 1971 قرر الرئيس أنور السادات إنهاء إقامته الجبرية، لكنه ظل ممنوعا من الظهور الإعلامي حتى وفاته.
وعلى الرغم من الدور السياسي والتاريخي البارز لمحمد نجيب فإنه بعد الإطاحة به من الرئاسة شطب اسمه من الوثائق وكافة السجلات والكتب، ومنع ظهوره أو ظهور اسمه تماما طوال ثلاثين عاما حتى اعتقد الكثير من المصريين أنه قد مات.

جلاء القوات البريطانية
تمكنت الثورة من الوصول إلى اتفاق مع بريطانيا عُرفت إعلاميا باتفاقية الجلاء، في إشارة إلى خروج الفوج الأخير من القوات البريطانية من مصر في 18 يونيو/حزيران 1956 من القاعدة البريطانية بقناة السويس، تنفيذا لاتفاقية الجلاء الموقعة بين الطرفين في 19 أكتوبر/تشرين الأول 1954.
وبدأت مصر الناصرية إثر ذلك تفتح عينيها على العالم وعلى تصدير الثورة، فدعمت أغلب الحركات التحررية في العالم العربي بالسلاح والمال والاحتضان والإعلام.
نقلت الثورة مصر إلى درجة كبيرة من العالمية خصوصا مع توالي استقلال دول عربية عديدة، وكان لمصر دور في دعمها. ومع المواجهة المفتوحة مع الاحتلال الإسرائيلي والهزائم المتكررة التي نالتها مصر في العدوان الثلاثي والنكسة؛ كانت مصر أيضا تحتل واجهة الإعلام، كما كان عبد الناصر أحد أبرز دعاة القطب الثالث أو قطب عدم الانحياز الذي شمل عددا كبيرا من قادة العالم الثالث.
انتصرت الثورة للجمهورية المصرية وللفلاحين وسحقت تحت أحذية الجيش التوجهات الديمقراطية والتعددية الحزبية، وكشفت الوثائق والمذكرات السياسية وأجساد المعتقلين السياسيين خرائط مختلفة من تاريخ الفظاعة والقسوة التي عاشتها سجون مصر الناصرية.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الرئيس المصري جمال عبد الناصر يخطب أمام الشعب المصري في بورسعيد ديسمبر 1961

رحيل عبد الناصر
في الإسكندرية 15 يناير/كانون الثاني 1918 تنسم جمال عبد الناصر أريج الحياة، وفي القاهرة يوم 28 سبتمبر/أيول 1970 خرج من الدنيا تاركا وراءه حزنا عربيا واسعا وعريضا امتزجت فيه دموع قطاعات واسعة من الجماهير العربية.
بكى نزار قباني على جمال عبد الناصر وخلد أيقونته الشعرية التي تحولت إلى نشيد ثوري لكل الحركات السياسية:
زمانك ميمون وعصرك أخضر
وعهدك عصفور من الروض ينقر
وعلى ضفاف المحيط الأطلسي وقف العالم الموريتاني محمد سالم ولد عدود يؤبن عبد الناصر ويردد للآفاق:
ومدلّة بالحسن قلت لها اقصري
إن الجمال جمال عبد الناصر
وخلافا لهؤلاء؛ كانت هناك قطاعات واسعة أيضا لا ترى في الأمر غير رحيل دكتاتور مستبد، أقام نظاما شموليا كمم الأفواه ونشر الظلم بين العباد.
ينتمي عبد الناصر إلى أسرة فقيرة من أبناء حي باكوس بالإسكندرية، دخل الجيش في سنة 1937، ولم تخل فترته في التدريب العسكري من مشادات وصدامات مع الضباط البريطانيين.
عمل ابن الإسكندرية ضابطا في السلاح المصري، ثم عسكريا محاربا في السودان، وآمن في تجربته الفكرية بالقومية العربية وضرورة الوحدة بين مختلف أقطار العالم العربي معتبرا أن العرب أمة تملك مقومات النهوض وعليها العودة إلى جذورها والتوجه إلى قيادة ذاتها. كانت قومية عبد الناصر مشوبة بنفَس اشتراكي قريب من الشيوعية، وقد غرس ذلك المد حبا واسعا لعبد الناصر ومد ظلال الناصرية في أقطار كثيرة من العالم العربي وأصبح التنظيم الناصري أحد أبرز القوى السياسية في مختلف الدول العربية.
ارتبط عبد الناصر بالثورة المصرية وارتبطت به غالبية قراراتها التاريخية وخصوصا تأميم قناة السويس سنة 1956، وما انجر عنها من عدوان ثلاثي بعد ذلك رفع صيت عبد الناصر في مصر والعالم العربي.
تمكن عبد الناصر أيضا من أن يحجز لنفسه مكانا سميّاً في ذاكرة الفلاح المصري، وارتبطت به الإصلاحات الزراعية التي درت على الاقتصاد المصري منافع اقتصادية كبيرة وقضت على عهود كبيرة من الغبن الاجتماعي وسيطرة الباشوات.
ولكن الوجه الآخر لعبد الناصر كان حاضرا أيضا وبقوة، فقد تحولت مصر في عهده إلى سجن كبير، وضاق ذرعا بالمخالفين وزج بهم في السجون والمنافي، وعلى نحو خاص استباح دماء خصومه من الإخوان المسلمين، فتدلت أجساء العديد منهم –ومن قادتهم ورموزهم بشكل خاص- على حبال المشانق، ومات آخرون في أقبية السجون وتحت سياط القهر والتعذيب.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

صحيفة الأهرام تنشر خبر تأميم قناة السويس الذي قام به الرئيس المصري جمال عبد الناصر عام 1956

ماذا بقي من الناصرية؟
تآكلت القيم والأفكار والمشاريع الناصرية مع الزمن وتوجهت إلى المشروع الناصري السهام من كل حدب وصوب، ولم يكد ثرى قبر عبد الناصر يجف حتى بدأ خليفته أنور السادات يخط لنفسه طريقا جديدة غير طريق عبد الناصر، حيث بدأ بالانفتاح على خصوم عبد الناصر وتكسير الأغلال السياسية والأمنية التي فرضها عليهم.
وسرعان ما وسع دائرة انفتاحه بعد أن حقق النصر الذي لم يستطع عبد الناصر تحقيقه، فتوجه إلى تطبيع العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي، مستفزا بذلك الجماهير وغالبية الأنظمة العربية، وهكذا وجدت مصر العربية نفسها خارج الجامعة العربية ونقل مقرها من مصر إلى بغداد.
ومع مبارك أخذت الناصرية في التضاؤل، وتحول الاتحاد العربي الاشتراكي إلى حزب وحدوي صغير جدا، قبل أن يتم إلغاؤه في أواخر الثمانينيات.
أما خارج مصر فقد خرجت الناصرية من دائرة التأثير وخصوصا بعد أن أعاد الراحل الليبي معمر القذافي بناءها من جديد وأضاف إليها بهارات سياسية مثيرة وغير متجانسة.
وفي عهد مبارك عادت الأوضاع إلى ما قبل الثورة، فلم يعد للفلاحين والفقراء من ملاذ غير الجوع وتأزم الأوضاع، وزادت العلاقة بين مصر وإسرائيل التي ناصبها عبد الناصر العداء، وأصبحت القاهرة كنظام؛ العنوان الأبرز للسيطرة والطغيان وتدمير القضايا العربية المختلفة في نظر العديدين.
ومع السيسي عاد عبد الناصر إلى الواجهة من جديد عبر الإشادات المتكررة التي أطلقها عبد الفتاح السيسي بالزعيم الخالد.
ورغم القواسم المشتركة بين الرجلين باعتبارهما ابني الحارة المصرية وبحكم عدائهما الشديد للديمقراطية والحريات الفردية والعامة وفق ما يرى كثيرون؛ فإن مساحة التباين بينهما واسعة جدا رغم سعي السيسي إلى إظهار نفسه كزعيم امتدادا للزعيم عبد الناصر.
لقد أنجبت المؤسسة العسكرية ومطالب الجماهير المصرية ثورة 23 يوليو، وكان عبد الناصر الممثل الأبرز لأغلب مبادئ وقيم وقرارات الثورة.
كان عبد الناصر نصير حركات التحرر العربية وخصوصا قضية فلسطين، فيما تحترق فلسطين اليوم على يد السيسي ضمن ما يعرف إعلاميا بصفقة القرن وما قبلها.
عبد الناصر المثقف والقارئ النهم لم يستطع أيضا الحلول في جسد السيسي الذي لا يُعرف عنه أي اهتمام بالثقافة والفكر والأدب، كما أن خطاباته مثلت مادة للإعلام الساخر في مختلف دول العالم، بينما كانت خطابات عبد الناصر تخترق الفضاء العربي وتحرك الأمواج العربية من المحيط إلى الخليج.
ورغم مرور قرابة نصف قرن على وفاته لا يزال عبد الناصر أحد أبرز الأسماء الخالدة -تمجيدا أو تبكيتا- في الذاكرة العربية، كما أن انقلاب أو ثورة 23 يوليو -بكل ما لها وما عليها- ستبقى إحدى أهم المنعطفات السياسية في تاريخ مصر المعاصر.

 

 


 

الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

إضافة رد

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:51 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
 

شبكـة الوان الويب لخدمات المـواقع